بايدن يستقبل رئيس الوزراء الهندي في البيت الأبيض بحفاوة

بايدن ومودي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

بايدن يستقبل رئيس الوزراء الهندي في البيت الأبيض بحفاوة

بايدن ومودي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
بايدن ومودي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)

استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن بحفاوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في اليوم الأول من زيارة الدولة التي يجريها في الولايات المتحدة، بينما تحاول بلاده استمالة هذا البلد رغم الخلافات الكبيرة بشأن روسيا وحقوق الإنسان.

وأقام بايدن وزوجته جيل عشاء لمودي اقتصر على عدد قليل من الأشخاص في البيت الأبيض مساء أمس (الأربعاء). وقد شارك في العشاء مستشارا الأمن القومي في البلدين، بينما يسعى الرئيس الأميركي إلى رصّ الصفوف مع الهند في وجه الصين.

ينطلق برنامج زيارة مودي في واشنطن عملياً، اليوم، مع مراسم عسكرية وخطاب أمام الكونغرس الأميركي وعشاء رسمي سيكون نباتياً بامتياز؛ احتراماً لمودي الذي يتبع حمية نباتية. ومن المقرر في خطوة نادرة لمسؤول هندي، أن يرد الرجلان على أسئلة الصحافيين.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «العلاقة الثنائية التي ستكون من الأهم لمستقبل العالم، واعدة جداً». وسمح ذلك بتجاوز البروتوكول؛ إذ يقوم قادة الدول فقط وليس الحكومات بزيارات «دولة» مع كل ما يرافق ذلك من محطات ومراسم. منذ توليه السلطة استقبل بايدن فقط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك في إطار زيارة دولة.

ويصف البيت الأبيض زيارة ناريندرا مودي رئيس وزراء أكثر دول العالم تعداداً للسكان، بأنها «زيارة دولة رسمية».

مودي متوسطاً بايدن وزوجته جيل في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

ووعد كيربي بسلسلة «إعلانات» في مجال التعاون، من التكنولوجيا إلى الانتقال في مجال الطاقة مروراً بأشباه الموصلات.

وسيتابع المراقبون من كثب التصريحات في مجال الدفاع في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى احتواء الصين، في حين تقلق الهند من طموحات جارتها الكبيرة.

مطاردات

ويفيد دبلوماسيون بأن بايدن ومودي سيعلنان على الأرجح أن مجموعة «جنرال إلكتريك» الأميركية ستسلم محركات أولى الطائرات المقاتلة المصنوعة في الهند في إطار عقد غير مسبوق.

ويصب ذلك في اتجاه مساعي رئيس الوزراء الهندي لتطوير الصناعة الوطنية وعزم بايدن على توثيق الروابط مع بلد لطالما تزود بأسلحة من روسيا.

وقال ريتشارد روسوف المحلل في مركز الأبحاث الاستراتيجية والدولية: «تقدم الهند نفسها على أنها من دول عدم الانحياز»، وترفض الانضمام إلى تحالفات عسكرية مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو).

لكن الخبير أضاف أن نيودلهي مستعدة في مواجهة الصين أن «تنخرط في مستوى تعاون دفاعي أكثر عمقاً» مع الولايات المتحدة.

وأكد كيربي أن زيارة الدولة هذه «لا تهدف إلى توجيه رسالة إلى الصين»، مضيفاً أن واشنطن تريد تشجيع عزم الهند على لعب دور دولي كبير.

ورأت تانفي مادان، الخبيرة في مركز بروكينغز للأبحاث، أن مودي «وعد بأن تُحترم الهند على الساحة الدولية» و«لا شك أنه سيستغل زيارته لواشنطن في حملته» قبل الانتخابات المقررة في عام 2024.

 

حقوق الإنسان

وعلى غرار زيارات الدولة الأخرى، سيسعى بايدن إلى كبت الاختلافات علنا حتى لو اضطر إلى عدم التطرق كثيرا إلى موضوعين يقلقان واشنطن وهما حقوق الإنسان وعلاقة الهند بروسيا.

وانتقدت جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان، الاستقبال الحافل المخصص لرئيس الوزراء القومي الهندوسي المسؤول برأيها عن عمليات اضطهاد لمسلمي كشمير وضغوط على المعارضة السياسية فضلا عن الصحافة.

واكتفى كيربي بالقول إن الرئيس الأميركي «اعتاد التطرق إلى المسائل التي تثير قلقنا» مع مدعويه و«حقوق الإنسان مسألة تثير قلقنا».

في ما يتعلق بروسيا، جدد كيربي التأكيد مرات عدة أن الهند دولة «تتمتع بالسيادة».

وأكد أن الأميركيين «ممتنون» للمساعدة الإنسانية التي توفرها الهند لأوكرانيا وأنهم «لحظوا» القلق الذي عبر عنه مودي بشأن النزاع و«يأملون» أن يواصل هذا البلد احترام السقف الذي حددته الدول الغربية لسعر النفط الروسي.

ورأت تانفي أن الهند والولايات المتحدة قررتا على صعيد روسيا «قبول اختلافاتهما».



واشنطن ترسل 11 من سجناء غوانتانامو لعمان

سجين في مركز الاحتجاز رقم 6 بخليج غوانتانامو في عام 2019 - يوجد الآن 15 رجلاً متبقين في السجن (نيويورك تايمز)
سجين في مركز الاحتجاز رقم 6 بخليج غوانتانامو في عام 2019 - يوجد الآن 15 رجلاً متبقين في السجن (نيويورك تايمز)
TT

واشنطن ترسل 11 من سجناء غوانتانامو لعمان

سجين في مركز الاحتجاز رقم 6 بخليج غوانتانامو في عام 2019 - يوجد الآن 15 رجلاً متبقين في السجن (نيويورك تايمز)
سجين في مركز الاحتجاز رقم 6 بخليج غوانتانامو في عام 2019 - يوجد الآن 15 رجلاً متبقين في السجن (نيويورك تايمز)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين، أن الجيش أرسل 11 سجيناً يمنياً من سجن غوانتانامو إلى عمان، كي يبدأوا حياة جديدة، ليتبقى بذلك 15 رجلاً فقط في السجن. ويعد هذا القرار خطوة جريئة تأتي في نهاية إدارة بايدن، أثمرت تقليص عدد السجناء في غوانتانامو إلى أقل من أي وقت مضى، على امتداد تاريخ السجن الذي يتجاوز 20 عاماً.

لم يجرِ توجيه اتهامات إلى أي من الرجال المفرَج عنهم على امتداد عقدين من الاحتجاز. والآن، يجري توجيه اتهامات أو إدانة جميع السجناء المتبقين، باستثناء 6 منهم، بارتكاب جرائم حرب.

العاصمة العمانية مسقط في عام 2023 - تتمتع عمان بسجل قوي في إعادة تأهيل المعتقلين السابقين في غوانتانامو (نيويورك تايمز)

جدير بالذكر أنه عند تولي الرئيس بايدن منصبه، كان السجن يضم 40 معتقلاً. وقد عمد الرئيس إلى إحياء جهود إدارة أوباما لإغلاق السجن.

من جهته، نفذ «البنتاغون» عملية سرية في الساعات الأولى من صباح الاثنين، قبل أيام من الموعد المقرر لاعتراف خالد شيخ محمد، سجين غوانتانامو الأشهر، بالذنب في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، التي خلَّفت وراءها نحو 3000 قتيل، مقابل صدور حكم بالسجن مدى الحياة بحقه، بدلاً عن عقوبة الإعدام.

خطة التسليم

منذ 3 سنوات

جرى العمل على صياغة خطة التسليم منذ نحو 3 سنوات، لكن الخطة الأولية لتنفيذ نقل السجناء في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فشلت بسبب معارضة الكونغرس.

ومن بين الـ11 الذين جرى إطلاق سراحهم معاذ العلوي، أحد المُضْربين عن الطعام فترة طويلة، والذي جذب الأنظار إليه في عالم الفن لبنائه نماذج قوارب من أشياء عثر عليها داخل سجن غوانتانامو، وعبد السلام الحلة، الذي طلب محامو الدفاع شهادته في قضية تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول»، وحسن بن عطاش، الأخ الأصغر لأحد المتهمين في قضية هجمات سبتمبر.

وصدرت الموافقة على نقل جميع السجناء من خلال لجان مراجعة فيدرالية معنية بالأمن الوطني.

من ناحيتهم، رفض مسؤولون أميركيون الإفصاح عما قدمته الولايات المتحدة لسلطنة عمان، أحد أكثر حلفاء واشنطن استقراراً في الشرق الأوسط، وما الضمانات التي تلقتها في المقابل. وبموجب القانون، لا يجوز للجيش إرسال سجناء غوانتانامو إلى اليمن بوصفه دولة تعاني ويلات حرب أهلية وحشية، ومن ثم يكون الوضع غير مستقر على نحو لا يسمح بمراقبة وإعادة تأهيل العائدين.

وعادة ما قدمت واشنطن أموالاً للدول المضيفة لتغطية تكاليف السكن والتعليم وإعادة التأهيل ومراقبة أنشطة المفرَج عنهم. كما طلبت واشنطن من الدول المضيفة منع المعتقلين السابقين في غوانتانامو من السفر إلى الخارج، لمدة لا تقل عن عامين.

برنامج عمان «متكامل»

وصف مسؤولون أميركيون برنامج عمان بأنه «متكامل»، ومصمَّم لمساعدة اليمنيين على العودة إلى المجتمع، وهم يعملون بوظائف ويملكون منازل ولديهم أسر، بينما عاد كثير منهم إلى المجتمع من خلال زيجات مرتبة.

يُذْكر أن إدارة أوباما أرسلت 30 معتقلاً إلى عمان بين عامي 2015 و2017. وتُوُفِّيَ رجل واحد منهم هناك، بينما أعيد البقية إلى أوطانهم - وهم 27 إلى اليمن واثنان إلى أفغانستان، بحسب مسؤول في وزارة الخارجية، تَحَدَّثَ بشرط عدم الكشف عن هويته، بسبب حساسية المفاوضات الدبلوماسية.

تزوجوا وأنجبوا أطفالاً

وتزوج كثير من اليمنيين، وأنجبوا أطفالاً في عمان، وأُعيدوا إلى وطنهم برفقة عائلاتهم.

في هذا السياق، قال جورج إم. كلارك، محامي اثنين من الرجال الذين نُقلوا هذا الأسبوع، إن أنباء النجاحات التي حققها المفرَج عنهم وصلت إلى السجناء اليمنيين في غوانتانامو، وجعلت عمان دولة إعادة توطين مرغوبة.

وأضاف: «الأمر لا يتعلق فقط بالتوافق الثقافي، بل كذلك بحصولهم على قدر معقول من الحرية اللائقة، ويجري دمجهم بشكل صحيح وناجح في المجتمع، وهذا ما يجعل إعادة التوطين ناجحة».

أسوار معسكر غوانتانامو بكوبا (متداولة)

تجدر الإشارة إلى أن الرجال الذين جرى إرسالهم إلى عمان، ألقي القبض عليهم من قِبل حلفاء واشنطن، أو جرى الزج بهم في السجن الأميركي بين عامي 2001 و2003. وقال المحامي كلارك إن المفرَج عنهم كانوا حريصين على العودة إلى عالم الهواتف المحمولة والإنترنت.

وأكد كلارك، الذي يمثل توفيق البيهاني وبن عطاش: «إنهم يريدون أن يعيشوا حياتهم. يريدون الزواج، وإنجاب الأطفال. يريدون الحصول على وظيفة وعيش حياة طبيعية».

في أكتوبر 2023، كانت هناك طائرة شحن عسكرية وفريق أمني موجودون بالفعل في خليج غوانتانامو، لنقل المعتقلين الـ11 إلى عمان، إلا أن اعتراضات الكونغرس دفعت إدارة بايدن إلى إلغاء المهمة التي تمت أخيراً هذا الأسبوع.

في ذلك الوقت، كان السجناء الذين غادروا، هذا الأسبوع، قد خضعوا بالفعل لمقابلات، تمهيداً لخروجهم من السجن، مع ممثلي اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر». كما جرى إطلاق سراح 3 سجناء آخرين في غوانتانامو، كانوا مؤهَّلين للانتقال لبلد آخر، وهم أحد أبناء الروهينجا دون جنسية، وليبي وصومالي.

بالإضافة إلى ذلك، سعت وزارة الخارجية لإيجاد دولة لاستقبال وتوفير الرعاية الصحية لرجل عراقي، من أصحاب الاحتياجات الخاصة، أَقَرَّ بالذنب في قيادة قوات غير نظامية في أفغانستان في زمن الحرب. ولدى المسؤولين الأميركيين خطة لإرساله إلى سجن في بغداد، لكنه يقاضي إدارة بايدن لإحباط هذا النقل، على أساس أنه سيكون عُرضة للخطر في وطنه.

واليوم، أصبحت منطقة الاحتجاز داخل غوانتانامو أكثر فراغاً وهدوءاً مما كانت عليه في السابق.

ويجري احتجاز المعتقلين الـ15 المتبقين في مبنيين بالسجن، داخل مساحة زنزانات تتسع لنحو 250 سجيناً.

غوانتانامو افتُتح عام 2002

يُذْكر أن سجن غوانتانامو افتُتح في 11 يناير (كانون الثاني) 2002، مع وصول أول 20 معتقلاً من أفغانستان. وفي ذروته عام 2003، ضم السجن نحو 660 سجيناً، وأكثر من 2000 جندي ومدني تحت قيادة جنرال من ذوي النجمتين. وكان المعتقلون محتجزين في الغالب في زنازين مفتوحة على تلة تُطِل على المياه، في أثناء بناء السجن.

اليوم، يضم السجن 800 جندي ومتعاقد مدني ـ بمعدل 53 حارساً وموظفاً آخر لكل معتقل ـ ويتولى إدارته ضابط أقل رتبة، وهو العقيد ستيفن كين. وجرى نقل معظم المفرَج عنهم إلى بلدان تضمنت أفغانستان والجزائر وكينيا وماليزيا والمغرب وباكستان وتونس والمملكة العربية السعودية.

«علامة فارقة»

من ناحيته، وصف كليف سلون، المحامي الذي عمل مبعوثاً لإغلاق غوانتانامو أثناء إدارة أوباما، عملية النقل بأنها «علامة فارقة» تحوِّل التوازن داخل صفوف المحتجزين في السجن إلى أغلبية من الرجال الذين اتُّهموا أو أدينوا بارتكاب جرائم حرب، إلا أنه استطرد قائلاً: «لكن لا يزال هناك كثير يجب القيام به».

أما الرجال السبعة الآخرون الذين أُرْسِلوا إلى عمان هذا الأسبوع فهم: خالد أحمد قاسم، وعثمان عبد الرحيم عثمان، وزهيل عبده الشرابي، وهاني صالح عبد الله، وعمر محمد علي الرماح، وسند يسلم الكاظمي، والشرقاوي عبده علي الحاج. وقد أمضى 4 منهم ما بين 120 إلى 590 يوماً في برنامج السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في الخارج، قبل نقلهم إلى خليج غوانتانامو عام 2004 بوصفهم «مقاتلين أعداءً».