لماذا انتشرت فجأة كل هذه الأخبار الكاذبة عن المستشار الألماني ميرتس؟

«اشتدت حملات التضليل» منذ توليه منصبه وإشارته إلى استمرار دعمه لأوكرانيا

ميرتس وزوجته شارلوته قبل توجّههما من براندنبورغ إلى كندا 15 يونيو (د.ب.أ)
ميرتس وزوجته شارلوته قبل توجّههما من براندنبورغ إلى كندا 15 يونيو (د.ب.أ)
TT

لماذا انتشرت فجأة كل هذه الأخبار الكاذبة عن المستشار الألماني ميرتس؟

ميرتس وزوجته شارلوته قبل توجّههما من براندنبورغ إلى كندا 15 يونيو (د.ب.أ)
ميرتس وزوجته شارلوته قبل توجّههما من براندنبورغ إلى كندا 15 يونيو (د.ب.أ)

انتشرت فجأة على وسائل التواصل الاجتماعي أكاذيب ملفقة عن المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس. فمن يمكن أن يكون وراءها؟ وما الأكاذيب التي تركز عليها حالياً هذه الأخبار؟

الحكومة الألمانية سجلت بصورة مبدئية «تدفقاً قوياً للغاية من المنشورات» منذ أداء ميرتس اليمين الدستورية مستشاراً. وبحسب المتحدث باسمها، تصاعدت حدة الأكاذيب مقارنة بالفترة التشريعية الماضية.

زيلينسكي وميرتس خلال مؤتمر صحافي في برلين يوم 28 مايو (أ.ف.ب)

وقال المتحدث: «نرصد تضليلاً وتشويهاً للسمعة الشخصية ودعاية موجهة على العديد من القنوات». وتنتشر على الإنترنت بشكل شبه يومي مبادرات سياسية مزعومة للمستشار، ويبدو أن الهدف منها تشويه سمعته وسمعة حزبه «المسيحي الديمقراطي» في السلطة الجديدة. وتدور أحدث الادعاءات الكاذبة حول خطط لفرض ضريبة مدرسية، وزيادة ساعات العمل الأسبوعية، وزيارات منزلية من جهة العمل؛ للتحقق من صحة الإجازات المرضية للموظفين، وتطبيق مبكر لفترة الهدوء في أثناء الليل. وقد تثير هذه الأخبار مشاعر سلبية، رغم أنها جميعها ملفقة تماماً.

ومن بين تلك المنشورات مقطع فيديو مزيف يظهر ميرتس وهو يروج لمنتجات مالية مشبوهة. ويظهر الفيديو كما لو كان مدرجاً في مقالة منشورة على الإنترنت في إحدى الصحف اليومية، لكن الفيديو والمقال مزيفان، ولم يظهرا مطلقاً على موقع الصحيفة الإلكتروني.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس في ضيافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كما رصد خبراء في معهد الحوار الاستراتيجي (ISD) أخباراً كاذبة تركز على ميرتس. والمعهد منظمة مستقلة معنية - من بين أمور أخرى - بمكافحة التضليل الإعلامي. وقال المحلل لدى المعهد، بابلو ماريستاني دي لاس كاساس، إن ميرتس بوصفه مرشحاً للحزب «المسيحي الديمقراطي» كان هدفاً للأخبار الكاذبة بعد انهيار الحكومة الألمانية السابقة نهاية العام الماضي. ومنذ توليه منصبه وإشارته إلى استمرار دعمه لأوكرانيا، «اشتدت حملات التضليل».

وعقب أيام قليلة من تعيين ميرتس مستشاراً، انتشر فيديو على الإنترنت يروج لشائعة مفادها أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال توجهه إلى كييف رفقة ميرتس قد أخذ كيساً من الكوكايين من على طاولة مقصورة القطار ليخفيه عندما انضم إليه صحافيون لالتقاط صورة، بينما أخفى ميرتس بدوره ملعقة لتعاطي الكوكايين.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس (وقوفاً) ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (يسار) في القطار المتجه إلى كييف مساء 9 مايو 2025 (أ.ب)

وانتشرت الشائعة كالنار في الهشيم. ومع ذلك، فإن المادة المخدرة المزعومة في المقطع لم تكن سوى منديل ورقي. وحتى قصر الإليزيه أوضح ذلك على منصة «إكس»، وحذر من التلاعب المتعمد بالفيديو. وأظهرت صور عالية الدقة أن الشيء الموجود أمام ميرتس كانت عصا صغيرة لتقليب مشروب أو سيخاً صغيراً للمقبلات، وليس ملعقة.

ويرى المحلل ماريستاني دي لاس كاساس، كما جاء في تحقيق «الوكالة الألمانية»، أن هذه الشائعة لافتة للانتباه، «فرغم أن الادعاء لم يبد مقنعاً للوهلة الأولى، فإنه انتشر بسرعة وكثافة». وأشار الخبير إلى منشور تضمن الفيديو على منصة «إكس» حصد 30 مليون مشاهدة، موضحاً أن هذا يثبت أن حتى الادعاءات السخيفة قد تلقى صدى.

ولا يستبعد ماريستاني دي لاس كاساس أن تكون جهات تابعة للكرملين مصدراً محتملاً لهذه الأخبار الكاذبة، موضحاً أن تلك الجهات قد ترى في دعوة ميرتس القوية لمزيد من الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا تهديداً مباشراً.

جانب من زيارة ماكرون وستارمر وتاسك وميرتس للعاصمة الأوكرانية يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ومن ناحية أخرى، أشار الخبير إلى أن هناك حسابات إلكترونية يمينية متطرفة تستهدف ميرتس أيضاً، وذلك فيما يتعلق بدور الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي يتزعمه ميرتس في قضية الهجرة، ورفض ميرتس الدخول في ائتلاف حاكم مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي.

كما تراقب الحكومة الألمانية حملات تضليل موجهة من الخارج. وقال المتحدث باسم الحكومة إن هذه الحملات تعمل على تقويض الثقة بهيئات رسمية، وتعميق صراعات اجتماعية، ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات المنفتحة والديمقراطية. ويتفق معه محلل معهد الحوار الاستراتيجي، ماريستاني دي لاس كاساس، قائلاً: «يهدف مروجو هذه الحملات إلى تأجيج واستغلال انقسامات داخلية قائمة بالفعل أو اختلاقها من أجل تقويض الثقة في المؤسسات والعمليات الديمقراطية».

استقبال عسكري رسمي لزيلينسكي في برلين (إ.ب.أ)

ووفقاً للمتحدث باسم الحكومة، يأخذ المستشار نفسه التضليل المتداول «على محمل الجد». ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح من يقف بالضبط وراء هذه الحملات الجديدة.

ومنذ انتخابه مستشاراً، أصبح ميرتس هدفاً رئيسياً للأخبار الكاذبة، حسبما لاحظ ماريستاني دي لاس كاساس، موضحا أن هناك حسابات كاملة على منصة «تيك توك» مخصصة لنشر معلومات مضللة عن سياساته باستخدام محتوى من إنتاج الذكاء الاصطناعي في أغلب الأحيان، مشيراً إلى أن تلك هذه الحسابات تحصد بسهولة آلاف الإعجابات والمتابعين.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس بعد نزوله من طائرة تابعة لسلاح الجو الألماني في مطار واشنطن (د.ب.أ)

ونظرا لرحيلهم عن الحكومة، يبدو أن قادة الحكومة الألمانية السابقة أصبحوا أقل عرضة لاستهداف مروجي المعلومات المضللة. كما تغيرت استراتيجية نشر الادعاءات الكاذبة. وحتى الآن يتعرض ميرتس لحملات تشويه على المستوى السياسي إلى حد كبير. في المقابل تعرض ساسة بارزون من حزب «الخضر» في الحكومة السابقة، مثل نائب المستشار ووزير الاقتصاد السابق روبرت هابيك ووزيرة الخارجية السابقة أنالينا بيربوك، لحملات تشويه على المستوى الشخصي أكثر.

ووفقاً لمحلل معهد الحوار الاستراتيجي، اختلف تركيز حملات التضليل الموجهة ضد بيربوك ونساء أخريات اختلافاً كبيراً عن تلك الموجهة ضد رجال مثل ميرتس أو هابيك، موضحاً أنها استهدفت بشكل متزايد جوانب متعلقة بالجنس لدى النساء، مثل «المظهر، أو الجنس، أو الحياة الخاصة».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد الحي المالي في فرانكفورت (رويترز)

ألمانيا تدرس إعادة النظر في السياسة التجارية مع الصين

تعتزم الحكومة الائتلافية في ألمانيا مراجعة سياساتها التجارية تجاه الصين، التي تتضمن الطاقة وواردات المواد الخام والاستثمارات الصينية في البنية التحتية الحيوية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية ماكسيميليان أرنولد قائد فريق فولفسبورغ الألماني (الدوري الألماني لكرة القدم)

أرنولد يجدد عقده مع فولفسبورغ حتى 2028

مدّد ماكسيميليان أرنولد، قائد فريق فولفسبورغ الألماني وصاحب الرقم القياسي في عدد المباريات مع النادي، عقده لمدة عامين إضافيين ليستمر مع الفريق حتى عام 2028.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد مدينة لواندا العاصمة في أنغولا (رويترز)

قطاع الأعمال الألماني يدعو الحكومة إلى تعزيز اهتمامها بأفريقيا

طالب قطاع الأعمال في ألمانيا الحكومة الألمانية بمزيد من الاهتمام بالقارة الأفريقية، وقال مسؤول: «يجب أن تحظى الدبلوماسية الاقتصادية في هذه القارة بمكانة أعلى».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أشخاص يسيرون بشارع كورفورستيندام للتسوق في برلين (رويترز)

وزير مالية ألمانيا يسعى لتنفيذ خطة توفر 39 مليار دولار بنهاية العام

قال وزير المالية الألماني إنه يهدف إلى التوصل إلى اتفاق سريع بين قادة الائتلاف الحاكم في ألمانيا بشأن خطة لتوفير مليارات اليورو اللازمة للموازنة العامة.

«الشرق الأوسط» (برلين)

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يبحث هاتفياً مع ويتكوف وكوشنر «تفاصيل» خطة السلام مع روسيا

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنه تحدّث هاتفياً مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، بعدما كشف، في اليوم السابق، عن تفاصيل الخطة الأميركية الجديدة لإنهاء الحرب مع روسيا.

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

وقال زيلينسكي، عبر «فيسبوك»: «لقد ناقشنا بعض التفاصيل المهمة للعمل الجاري. هناك أفكار جيدة يمكن أن تسهم في التوصل إلى نتيجة مشتركة وسلام دائم».


الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)
TT

الملك تشارلز يثمن «وحدة التنوع المجتمعي» في بريطانيا خلال رسالة أعياد الميلاد

الملك تشارلز الثالث (رويترز)
الملك تشارلز الثالث (رويترز)

أكد الملك تشارلز، ملك بريطانيا، الخميس، على أهمية «الوحدة في التنوع»، وذلك خلال رسالته السنوية بمناسبة أعياد الميلاد، في ظل تصاعد التوترات والحروب التي وضعت المجتمعات في جميع أنحاء العالم تحت ضغوط كبيرة.

وقال الملك تشارلز (​77 عاماً)، في خطابه السنوي الرابع منذ توليه العرش: «بالتنوع الكبير في مجتمعاتنا، يمكننا أن نجد القوة لضمان انتصار الحق على الباطل». وتابع: «عندما ألتقي أشخاصاً من مختلف الأديان، أجد أن من المشجع للغاية أن أتعرف على مدى ما يجمعنا؛ شوق مشترك للسلام، واحترام عميق لجميع أشكال الحياة».

الملك البريطاني تشارلز (أ.ب)

وتحدث الملك تشارلز عن «الترحال» وأهمية إظهار اللطف للأشخاص المتنقلين... وهي موضوعات تلقى صدى في وقت يسود فيه قلق عام شديد بشأن الهجرة في جميع أنحاء العالم.

وجاءت رسالته، التي أُلقيت في «كنيسة ‌ويستمنستر» حيث يجري ‌تتويج الملوك منذ عهد «ويليام الفاتح» عام 1066، ‌في ⁠نهاية ​عام اتسم بالتوترات ‌داخل العائلة المالكة.

جوقة أوكرانية تبرز دعم الملك لكييف

أعقب كلمات الملك أداء من جوقة أوكرانية، مرتدية قمصان «فيشيفانكا» الأوكرانية التقليدية المطرزة، وجوقة الأوبرا الملكية التي تتخذ من لندن مقراً.

ويعبر الملك تشارلز باستمرار عن دعمه أوكرانيا، واستضاف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في «قلعة ويندسور» 3 مرات في عام 2025 وحده، كانت الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول).

ورغم أن الدستور يلزمه أن ينأى بنفسه عن السياسة، فإن الملك تحدث مراراً عن الأزمات العالمية، معبراً ⁠عن قلقه بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في غزة، ومعبراً عن حزنه بعد أعمال العنف التي استهدفت جاليات يهودية، ‌ومنها الهجوم على كنيس يهودي في شمال إنجلترا خلال أكتوبر الماضي، وإطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني بأستراليا هذا الشهر.

وأشاد الملك تشارلز بالمحاربين القدامى وعمال الإغاثة في خطابه بمناسبة أعياد الميلاد، وهو تقليد يعود تاريخه إلى عام 1932؛ لشجاعتهم في مواجهة الشدائد، قائلاً إنهم منحوه الأمل.

وفي خطاب حافل بالإشارات إلى قصة الميلاد في الكتاب المقدس، استرجع أيضاً ذكرى زيارته الرسمية إلى الفاتيكان في أكتوبر، حيث صلى مع البابا ليو في أول ​صلاة مشتركة بين ملك بريطاني وبابا كاثوليكي منذ انفصال إنجلترا عن «كنيسة روما» عام 1534. وملك بريطانيا هو الحاكم الأعلى لـ«كنيسة إنجلترا».

التحديات ⁠الصحية والعائلية

بعد مرور نحو عامين على إعلان تشخيص إصابته بنوع غير محدد من السرطان، قال الملك تشارلز هذا الشهر إن من الممكن تخفيف علاجه في العام الجديد.

وأعلنت زوجة ابنه؛ الأميرة كيت أميرة ويلز، في يناير (كانون الثاني) الماضي أنها تعافت بعد إكمالها العلاج الكيميائي في سبتمبر (أيلول) من العام السابق، وهي إفصاحات نادرة من عائلة تحافظ عادة على خصوصيتها.

لم تكن الصحة التحدي الوحيد الذي يواجه النظام الملكي، فقد جرد الملك تشارلز شقيقه الأصغر آندرو من ألقابه بصفته «دوق يورك» و«أمير» بعد تجدد التدقيق في علاقته بجيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية.

وشهد العام أيضاً لحظة مصالحة نادرة عندما اجتمع الأمير هاري، الابن الأصغر للملك تشارلز، مع والده لتناول الشاي في سبتمبر، في أول لقاء بينهما منذ أقل ‌بقليل من عامين.

وصرح الأمير هاري، المقيم في الولايات المتحدة، في وقت لاحق بأنه يأمل التعافي للجميع، واصفاً الحياة بأنها «ثمينة»، ومقراً بضيق الوقت لإصلاح العلاقات.


روسيا تدين المحاولات الأوروبية لـ«نسف» تقدم محادثات السلام

طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

روسيا تدين المحاولات الأوروبية لـ«نسف» تقدم محادثات السلام

طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)
طفل يشارك في احتفالات عيد الميلاد ويبدو قرب دبابة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

بعد ساعات من كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطة محدثة من 20 بنداً لإنهاء الحرب مع روسيا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن ‌بلادها ترى ‌تقدماً ‌«بطيئاً ⁠ولكنه ​ثابت» ‌في محادثات السلام مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا.

وأضافت: «في عملية التفاوض ⁠حول تسوية ‌النزاع الأوكراني، أعني ‍في عملية التفاوض ‍مع الولايات المتحدة، هناك تقدم بطيء ولكنه ​ثابت».

وتابعت أن القوى الأوروبية الغربية ⁠تحاول نسف هذا التقدم، واقترحت أن تتصدى الولايات المتحدة لمثل هذه التحركات.

من جهته، قال المتحدث ‌باسم الكرملين، ‌ديمتري ‌بيسكوف، الخميس، ‌إن الكرملين يدرس الوثائق المتعلقة بإنهاء ⁠الحرب ‌في أوكرانيا ‍التي أحضرها المبعوث الروسي الخاص كيريل ​دميترييف إلى موسكو من ⁠الولايات المتحدة.

هجمات متبادلة

تزامنت المحادثات لإنهاء الحرب الروسية - لأوكرانية مع تبادل الجانبين هجمات عشية عيد الميلاد.

جانب من احتفالات الأوكرانيين بعيد الميلاد في كييف (إ.ب.أ)

وأفادت السلطات في عدة مناطق أوكرانية، الخميس، بوقوع هجمات جوية روسية أسفرت عن سقوط قتلى ودمار في أنحاء البلاد، في حين أعلنت السلطات الروسية عن هجمات أوكرانية مماثلة استهدفت أراضيها. وأعلنت السلطات الإقليمية مقتل شخص واحد وإصابة اثنين آخرين من جراء هجوم بطائرات مسيّرة روسية في منطقة أوديسا جنوب غربي أوكرانيا على البحر الأسود، إضافة إلى أضرار لحقت بالبنية التحتية للمواني والطاقة.

وفي منطقة خاركيف المتاخمة لروسيا شمال شرقي أوكرانيا، لقي شخص حتفه وأصيب 15 آخرون من جراء الهجمات.

وفي منطقة تشيرنيهيف شمال العاصمة كييف، لقي شخصان حتفهما من جراء هجوم بطائرات مسيّرة وقع الأربعاء. وقالت السلطات: «احتفلت منطقة تشيرنيهيف بعيد الميلاد تحت وطأة القصف. وللأسف، لقي شخصان حتفهما وأصيب اثنان آخران».

كما أعلنت وزارة الطاقة الأوكرانية عن انقطاعات وإغلاقات طارئة للكهرباء في أنحاء البلاد عقب الهجمات الروسية.

صواريخ «ستورم شادو»

في المقابل، قال مسؤولون عسكريون وأمنيون أوكرانيون، الخميس، إن أوكرانيا أطلقت صواريخ «ستورم شادو» البريطانية الصنع وطائرات مسيّرة بعيدة المدى من إنتاجها المحلي لاستهداف عدد من منشآت النفط والغاز الروسية.

سيدة تشارك في احتفالات عيد الميلاد قرب مسيّرة روسية مدمرة في كييف يوم 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

وكانت أوكرانيا قد استخدمت في السابق الصواريخ البريطانية الصنع لمهاجمة أهداف صناعية روسية، تقول إنها تدعم مجهود موسكو الحربي. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، وفق «رويترز»، إن سلاح الجو استخدم صواريخ «ستورم شادو» المجنحة لضرب مصفاة نوفوشاختينسك للنفط في منطقة روستوف الروسية. وأضافت الهيئة في بيان عبر تطبيق «تلغرام» الخميس: «تم تسجيل عدة انفجارات. تمت إصابة الهدف».

وأوضحت أن المصفاة تُعد واحدة من أكبر موردي المنتجات النفطية في جنوب روسيا، وكانت تزوّد القوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا بوقود الديزل ووقود الطائرات.

من جهته، قال جهاز الأمن الأوكراني (SBU) إن الطائرات المسيّرة البعيدة المدى المصنّعة محلياً أصابت خزانات لمنتجات نفطية في ميناء تمريوك الروسي في إقليم كراسنودار، إضافة إلى مصنع لمعالجة الغاز في أورينبورغ بجنوب غربي روسيا.

ويقع مصنع أورينبورغ لمعالجة الغاز، وهو أكبر منشأة من نوعها في العالم، على بُعد نحو 1400 كيلومتر (نحو 870 ميلاً) من الحدود الأوكرانية.

مواطن أوكراني يتفقد الدمار الذي خلفته ضربة روسية في زابوريجيا يوم 19 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وفي إقليم كراسنودار، قالت السلطات الإقليمية الروسية إن خزانين لمنتجات نفطية اشتعلا في ميناء تمريوك الجنوبي عقب هجوم بالطائرات المسيّرة. وأفادت السلطات في مقر العمليات بإقليم كراسنودار عبر تطبيق «تلغرام» بأن النيران امتدت على مساحة تُقدّر بنحو 2000 متر مربع.

ومع اقتراب الحرب الروسية على أوكرانيا من دخول عامها الرابع، وفشل الجهود الدبلوماسية حتى الآن في تحقيق أي نتائج ملموسة لإنهائها، تكثّف كل من كييف وموسكو هجماتهما بالطائرات المسيّرة والصواريخ على منشآت الطاقة. وقد زادت كييف من ضرباتها على مصافي النفط الروسية وغيرها من البنى التحتية للطاقة منذ أغسطس (آب)، في مسعى لخفض عائدات النفط الروسية، التي تُعد مصدراً رئيسياً لتمويل مجهودها الحربي.

كما قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الأوكرانية استهدفت أيضاً مطاراً عسكرياً في مدينة مايكوب الروسية في جمهورية أديغيا بمنطقة شمال القوقاز.

قضية الباحث الفرنسي

في سياق متصل، أعلنت موسكو، الخميس، أنها قدمت لباريس «اقتراحاً» بشأن الباحث الفرنسي، لوران فيناتييه، المسجون في روسيا منذ يونيو (حزيران) 2024، الذي يواجه احتمال المحاكمة بتهمة التجسس.

الباحث الفرنسي لوران فيناتييه خلال جلسة استماع في محكمة بموسكو يوم 16 سبتمبر (أ.ف.ب)

ويأتي الإعلان بشأن فيناتييه في وقت تتبادل روسيا وفرنسا تصريحات علنية بشأن الحاجة إلى حوار مباشر بين الرئيسين فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون، بعدما بلغت العلاقة بين البلدين أدنى مستوياتها عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في مؤتمره الصحافي: «جرت اتصالات ملائمة بيننا وبين الفرنسيين». وأضاف: «قدمنا لهم اقتراحاً بشأن فيناتييه... الكرة الآن في ملعب فرنسا»، ممتنعاً عن تقديم تفاصيل إضافية لأن «هذا مجال شديد الحساسية».

من جهتها، أعربت عائلة الباحث على لسان محاميها، عن أملها أن يُفرج عنه خلال فترة الأعياد التي تنتهي في السابع من يناير (كانون الثاني)، يوم تحيي الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي عيد الميلاد.

وقال المحامي فريدريك بولو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن العائلة «متفائلة بحذر»، مضيفاً: «لدينا ملء الثقة بالدبلوماسية الفرنسية التي تقوم بكل ما في وسعها». وأمل أن يُبحث مصير فيناتييه في أي اتصال قد يجري بين بوتين وماكرون.

تأمل أسرة الباحث الفرنسي لوران فيناتييه أن ينجح ماكرون في إعادته إلى فرنسا (أ.ف.ب)

وكان بوتين قال خلال مؤتمره الصحافي السنوي الأسبوع الماضي، إنه ليس مُطّلعاً على القضية ويسمع بها للمرة الأولى، وذلك رداً على سؤال من مراسل فرنسي. وأضاف: «أعدكم بأنني سأستوضح الأمر. وإذا توافرت أدنى فرصة لحل هذه المسألة إيجاباً، وإذا أجازت القوانين الروسية ذلك، فسنفعل ما في وسعنا».

وقضت محكمة روسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بسجن فيناتييه ثلاثة أعوام لعدم تسجيل نفسه بوصفه «عميلاً أجنبياً»، بينما كان يجمع «معلومات عسكرية» قد تستخدم ضد «أمن» روسيا. وأقر المتهم بالوقائع، لكنه دفع بجهله بما كان يتوجب عليه القيام به.

وفي أغسطس (آب)، مثل فيناتييه أمام محكمة روسية ليواجه تهم «تجسس» قد تؤدي في حال إدانته، إلى تشديد عقوبته. وقال في حينه إنه لا يتوقع «أي أمر جيد، لا، أي أمر إيجابي». وقال والداه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حينه إن نجلهما «سجين سياسي» تستخدمه روسيا بمثابة «بيدق» من أجل «الضغط».

وألقت روسيا القبض على عدد من الرعايا الأجانب لأسباب شتى منذ بدأت الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022، وأجرت خلال الأشهر الماضية عمليات تبادل أسرى مع الولايات المتحدة.

وفيناتييه البالغ 49 عاماً، باحث متخصص في ملف الفضاء ما بعد الحقبة السوفياتية، وكان يعمل على الأراضي الروسية مع مركز الحوار الإنساني، المنظمة السويسرية غير الحكومية التي تتوسط في النزاعات خارج الدوائر الدبلوماسية الرسمية.