بوتين يؤكد على «إيجاد حل» ينهي الصراع الأوكراني - الروسي على المدى الطويل

يبدي استعداده للقاء زيلينسكي في «المرحلة الأخيرة» ويحذر ألمانيا من تسليم كييف صواريخ تاوروس ولا يعتبر تسليح الناتو «تهديداً» لموسكو

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
TT

بوتين يؤكد على «إيجاد حل» ينهي الصراع الأوكراني - الروسي على المدى الطويل

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، أن أي تسوية لإنهاء الصراع الحالي في أوكرانيا يجب أن تكون قادرة على منع نشوب نزاعات جديدة «على المدى الطويل». وقال بوتين: «يجب إيجاد حل لا يضع حداً للنزاع الحالي فحسب، بل ينشئ أيضاً الظروف اللازمة لمنع تكرار صراعات مماثلة على المدى الطويل»، فيما أبدى استعداده للقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن فقط في «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات بين موسكو وكييف.

مشاركون في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي يتابعون كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 7 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

كما حذر ألمانيا من تسليم صواريخ تاوروس إلى أوكرانيا، معتبراً إرسالها إلى كييف سيدمر العلاقات «تماماً» مع برلين، مضيفاً: «الجميع يعلم أن هذا الأمر إذا حدث لن يؤثر على سير القتال (...)، لكنه سيدمر علاقاتنا تماماً» مع ألمانيا. وتشهد العلاقات الألمانية الروسية تدهوراً غير مسبوق، حيث يواجه ميرتس على وجه الخصوص انتقادات شديدة في موسكو بسبب موقفه المتشدد تجاه روسيا.

وقال إنه منفتح على التحدث إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس إذا بادر الأخير بالاتصال. وأوضح بوتين، في حديث مع الصحافة العالمية في سان بطرسبرغ، أنه إذا اتصل ميرتس وأبدى رغبته في الحديث، فسيتلقى المكالمة. وأضاف: «نحن دائماً منفتحون على ذلك». ومع ذلك، أشار بوتين إلى أنه لا يعتبر ألمانيا دولة محايدة فيما يتعلق بالحرب الروسية في أوكرانيا. وقال إن ألمانيا تقف إلى جانب أوكرانيا، حيث تزودها بالدبابات، وبالتالي فهي تشارك في الأعمال العدائية ولا يمكن اعتبارها وسيطاً.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة صحافية على هامش المنتدى الاقتصادي في سان بطرسبرغ 18 يونيو (إ.ب.أ)

ومنذ توليه المنصب، لم يتواصل ميرتس مع بوتين، لكنه دعا مراراً الرئيس الروسي، سواء في خطاباته أو خلال زيارته إلى كييف، إلى الموافقة على وقف إطلاق النار في حرب روسيا ضد أوكرانيا، دون أن يحقق ذلك أي نتائج حتى الآن.

وقال بوتين إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان محقاً عندما قال إن الصراع الروسي في أوكرانيا لم يكن ليحدث لو كان ترمب في البيت الأبيض في ذلك الوقت، فيما دعا بوتين أيضاً إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين موسكو وكييف. وأشار إلى أن المحادثات التي أجريت مرتين هذا العام في إسطنبول بوساطة تركية يجب أن تستأنف بعد 22 يونيو.

وأوضح أن الاجتماعات الأخيرة حققت بعض النتائج في المجال الإنساني، بما في ذلك تبادل الأسرى وجثامين القتلى.

أعرب بوتين عن استعداده للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكنه شكك في شرعيته بصفته رئيساً لأوكرانيا. وقال بوتين خلال لقائه مع ممثلي وكالات أنباء كبرى، في مدينة سانت بطرسبرغ: «أنا مستعد للقاء أي شخص، بمن فيهم زيلينسكي». لكنه تساءل عن الجهة التي ستوقع اتفاق السلام في النهاية، وأعاد طرح تساؤلاته السابقة حول شرعية زيلينسكي، مؤكداً أن ولايته البالغة خمس سنوات انتهت العام الماضي.

زيلينسكي وميرتس خلال مؤتمر صحافي في برلين يوم 28 مايو (أ.ف.ب)

في المقابل، تؤكد القيادة الأوكرانية أن الانتخابات لا يمكن إجراؤها في ظل الأحكام العرفية المفروضة نتيجة الهجوم الروسي، وتشدد على أن زيلينسكي لا يزال يتمتع بكامل الصلاحيات.

وفشلت جولتان من المحادثات بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول في تحقيق أي اختراق نحو اتفاق لوقف إطلاق النار. وتطالب موسكو كييف بسحب قواتها من أربع مناطق أعلنت روسيا ضمّها وأن تتخلى عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأن تقلص حجم جيشها، وكلها مطالب ترفضها أوكرانيا.

بوتين مترئساً اجتماعاً اقتصادياً في سان بطرسبورغ 18 يونيو (أ.ف.ب)

كما أكد بوتين في الوقت نفسه أن إعادة تسلح حلف شمال الأطلسي (ناتو) لا تشكل «تهديداً» لروسيا. ومن المقرر أن يعقد «الناتو» اجتماعاً حاسماً لمناقشة زيادة الإنفاق الدفاعي إلى خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء، تحت ضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويصف بوتين الهجوم الذي شنّته بلاده على أوكرانيا عام 2022 بأنه جزء من صراع أوسع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، الذي يعتبره تهديداً «وجودياً». وقال: «نحن لا نعتبر إعادة تسلّح حلف شمال الأطلسي تهديداً لروسيا الاتحادية؛ لأننا مكتفون ذاتياً من حيث ضمان أمننا». وأضاف أن روسيا كانت «تعمل باستمرار على تحديث قواتها المسلحة وقدراتها الدفاعية». ومع إقراره بأن زيادة الإنفاق الدفاعي من جانب الحلف من شأنها أن توجد «تحديات معينة» لروسيا، قال بوتين إن هذا الأمر «لن تكون له جدوى». وأضاف: «سنتصدى لكل التهديدات التي قد تظهر، وليس هناك أي شك في ذلك».

وفي هذا الصدد يعتزم زيلينسكي حضور قمة الحلف يومي 24 و25 يونيو (حزيران) في لاهاي، بحسب مصدر في الرئاسة الأوكرانية، في محاولة جديدة لتحقيق وقف لإطلاق النار ترفضه موسكو حتى الآن. وقال هذا المسؤول الأوكراني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يعتزم الرئيس الحضور»، مضيفاً أن القرار النهائي سيُتخذ «عشية القمة». واعتبر المصدر نفسه أن حضور الرئيس الأوكراني المحتمل في هولندا هو فرصة جديدة «للترويج لفكرة وقف إطلاق النار» مع روسيا.

زيلينسكي متحدّثاً خلال إحاطة صحافية في كييف يوم 4 يونيو (إ.ب.أ)

ستبدأ قمة «الناتو» في 24 يونيو بعشاء رسمي بدعوة من ملك هولندا. وبحسب دبلوماسي في الحلف، من المرجح جداً أن يُدعى فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب مسؤولين آخرين.

مع ذلك، لن يشارك زيلينسكي في اجتماعات العمل المقررة في لاهاي، وفق المصدر. وأوضح هذا الدبلوماسي ومسؤول في الناتو أن اجتماعاً بين حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا سيُعقد بالفعل، لكن على المستوى الوزاري.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

أوروبا  الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام») play-circle

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف اقترحت على موسكو جولة جديدة من محادثات السلام الأسبوع المقبل، بعد تعثر المفاوضات في بداية يونيو.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا نظام صواريخ «باتريوت» في موقع غير محدّد في أوكرانيا يوم 4 أغسطس 2024 (رويترز)

إدارة ترمب تعيد جدولة تسليم الأسلحة الدفاعية للحلفاء دعماً لكييف

منحت إدارة ترمب ألمانيا الأولوية على سويسرا للحصول على أنظمة «باتريوت»، لإفساح المجال أمام برلين لدعم كييف بنظامين اثنين على الأقل.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جنديان أوكرانيان يشغّلان مسيّرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

روسيا: إسقاط مسيّرتين أوكرانيتين كانتا تتجهان إلى موسكو

قال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، اليوم (السبت)، إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت طائرتين مسيّرتين كانتا في طريقهما إلى العاصمة الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا تصور فني لطائرة سلاح الجو الملكي البريطاني تيمبست المقرر أن تدخل الخدمة بحلول عام 2035 (تلغراف)

«ستكون ضخمة»... لماذا يجب أن يخشى بوتين من الطائرة المقاتلة البريطانية القادمة؟

تشير الدلائل الأولية إلى أن الطائرة المقاتلة البريطانية الجديدة «تيمبست» مصممة لمهام في عمق أراضي العدو، فماذا نعرف عنها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوضية في العاصمة البلجيكية بروكسل (رويترز)

تحليل إخباري سَعيٌ أوروبي مكلف إلى إنشاء كتلة جيوسياسية - عسكرية متراصّة

يرى القادة الأوروبيون أن تغيّر لهجة الرئيس دونالد ترمب لن يحل «المشكلة الأمنية الروسية» التي تهدد القارة.

أنطوان الحاج

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

 الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
TT

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

 الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، أن كييف اقترحت على موسكو جولة جديدة من محادثات السلام الأسبوع المقبل، بعد تعثر المفاوضات في بداية يونيو (حزيران).

وفشلت جولتان من المحادثات في إسطنبول بين موسكو وكييف في تحقيق أي تقدم نحو وقف إطلاق النار، وأسفرت فقط عن اتفاق لعمليات تبادل كبيرة للأسرى وجثث العسكريين القتلى.

وقال زيلينسكي في خطابه المسائي: «أفاد سكرتير مجلس الأمن (رستم) عمروف أيضاً بأنه اقترح عقد الاجتماع المقبل مع الجانب الروسي الأسبوع المقبل»، مضيفاً أنه «يجب تعزيز زخم المفاوضات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

كما أكد الرئيس الأوكراني مجدداً استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين وجهاً لوجه، قائلاً: «لا بد من لقاء على مستوى القيادة لضمان سلام حقيقي - سلام دائم».

خلال المحادثات التي جرت الشهر الماضي، حددت روسيا قائمة من المطالب الصارمة، من بينها تنازل أوكرانيا عن مزيد من الأراضي ورفض جميع أشكال الدعم العسكري الغربي لها.

ورفضت كييف المقترحات عادّة أنها غير مقبولة، وتساءلت في ذلك الوقت عن جدوى إجراء مزيد من المفاوضات إذا لم تكن موسكو مستعدة لتقديم تنازلات.

وقال الكرملين، في وقت سابق من هذا الشهر، إنه مستعد لمواصلة المحادثات مع أوكرانيا بعد أن أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب روسيا 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق سلام أو مواجهة مزيد من العقوبات.

وتعهّد ترمب أيضاً تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية جديدة، برعاية شركاء من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فيما تتعرض مدنها لهجمات جوية روسية متزايدة.

وصعّدت روسيا هجماتها الجوية البعيدة المدى على المدن الأوكرانية، فضلا عن الهجمات والقصف على الخطوط الأمامية خلال الأشهر الأخيرة، متجاهلة تحذيرات ترمب.

والسبت، شنّت روسيا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في أوكرانيا.

ولقي شخصان حتفهما بعد أن سقط صاروخ روسي على منطقة دنيبروبيتروفسك بوسط أوكرانيا، وهي مركز صناعي مهم تقدمت باتجاهه القوات الروسية مؤخرا.

وأدى هجوم روسي سابق بعشرين طائرة مسيّرة على مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية إلى مقتل شخص واحد على الأقل خلال الليل.

اضطرت روسيا إلى تعليق حركة القطارات لنحو أربع ساعات خلال الليل، مما تسبب في تأخيرات واسعة النطاق في منطقة روستوف الجنوبية، بعد هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية أدى إلى إصابة أحد عمال السكك الحديد.

وتستعمل موسكو وكييف أسرابا من الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة لإغراق الدفاعات الجوية لكل منهما، وأعلن الطرفان المتحاربان السبت اعتراض مئات من المسيّرات التي يتم إطلاقها بأعداد كبيرة بشكل شبه يومي.

وفي إطار اتفاقات إسطنبول، تسلمت كييف جثث ألف عسكري الخميس، فيما قالت روسيا إنها تسلمت 19 جثة من أوكرانيا.

وفرض الاتحاد الأوروبي الجمعة الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات على موسكو، مستهدفا البنوك روسية وخفض سقف أسعار صادرات النفط الروسي، في محاولة للحد من قدرتها على تمويل الحرب.