«حلفاء أوكرانيا» يبحثون في باريس ضمانات أمنية دعماً لكييف

مصادر فرنسية: 31 مسؤولاً رفيع المستوى سيتداولون 4 ملفات رئيسية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
TT

«حلفاء أوكرانيا» يبحثون في باريس ضمانات أمنية دعماً لكييف

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في باريس يوم 17 فبراير 2025 (رويترز)

يشارك 31 رئيس دولة وحكومة في «قمة السلام والأمن لأوكرانيا»، التي تستضيفها باريس الخميس، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتفاهم والتضامن والتنسيق مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. فالثنائي الفرنسي - البريطاني يعمل يداً بيد في الأشهر الأخيرة ومنذ بدأت تظهر ملامح سياسة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إزاء الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقبل قمة الخميس، استضافت كل من العاصمتين اجتماعاً بالصيغة نفسها، كما استضافتا اجتماعين عسكريين للاتفاق على التدابير «العملية» الضرورية لدعم أوكرانيا لتمكينها من أن تكون في موقع قوي خلال المفاوضات الجارية برعاية أميركية، من جهة؛ ومن جهة ثانية، بالنظر إلى أنها خط الدفاع الأول في وجه أي أطماع روسية مستقبلية...

تحالف واسع

وتندرج القمة في إطار ما يسمى «تحالف الراغبين» في دعم أوكرانيا. والملاحظ أن دائرة المشاركين لم تعد محصورة في الدول الأوروبية الأطلسية، بل امتدت لتشمل أستراليا ونيوزيلندا وتركيا. وفيما تحضر كندا، فإن الولايات المتحدة تُعَدّ الغائب الأكبر. بيد أن مصادر قصر «الإليزيه»، في معرض تقديمها القمة، تؤكد أن باريس ولندن تُطلعان واشنطن بالتفصيل على مجريات تقدم المحادثات بين دول التحالف.

وما تسعى إليه العاصمتان هو الإسراع في التفاهم على التدابير العملية التي ترغب كل دولة من الدول المشاركة في تقديمها، ووفق إمكاناتها. ومن المنتظر أن تركز القمة على 4 مسائل رئيسية؛ أولاها تحديد أنواع وأشكال الدعم «الفوري» الذي تحتاج إليه أوكرانيا في المرحلة الحالية من الحرب المستمرة مع روسيا، ومعرفة مساهمة كل طرف «بانسجام تام مع الآخرين». وكان مرتقباً وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى باريس، مساء الأربعاء، للتحضير للقمة مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

صورة جماعية لحلفاء أوكرانيا بعد اجتماعهم في لندن يوم 2 مارس 2025 (رويترز)

وتتمثل المسألة الثانية في وقف إطلاق النار الذي يريده التحالف «وقفاً كاملاً» من روسيا، على غرار ما التزمت به أوكرانيا. وعدّ «الإليزيه» أن «الكرة في الملعب الروسي»، وأن ثمة حاجة لاتفاق معروفة تفاصيله والشروط التي سيجري بموجبها العمل به، فضلاً عن آليات التحقق من تنفيذه ميدانياً، وتعيين الجهة التي قد تنتهكه، والتدابير الواجب اتخاذها في حال وقوع ذلك.

أما المسألة الثالثة، فتريد عبرها دول التحالف التفاهم على طبيعة ونوعية المساعدة الجماعية وطويلة الأمد لأوكرانيا. لذا؛ فإن هذه المسألة تحديداً تبدو أساسية؛ نظراً إلى الشكوك الكثيرة إزاء النيات الروسية المستقبلية، والتخوف مما تريده موسكو لاحقاً. ويعدّ التحالف، وفق مصادر «الإليزيه»، أن الجيش الأوكراني هو «خطّ الدفاع الأول في أوكرانيا، ولكن أيضاً عن أوروبا».

ولذا؛ فإن التوجه اليوم يقوم على اعتبار أن أفضل ضمان للأمن يمر عبر توفير الوسائل كافة للجيش الأوكراني «لتجنب مزيد من العدوان الروسي». وعليه؛ يريد «التحالف» مناقشة ملف حجم الجيش الأوكراني المستقبلي وهيكلته وكيفية استخدامه.

الضمانات الأميركية الغائبة

تبقى المسألة الرابعة هي الأكبر صعوبة؛ لأنها تتناول الضمانات التي تحتاجها أوكرانيا لأي اتفاق سلام مع روسيا. ويريد التحالف تشكيل قوة مشتركة تكون قوامها باريس ولندن، وبمساهمة كثير من الدول الأوروبية، لضمان أمن أوكرانيا المستقبلي ولمنع روسيا من معاودة مغامراتها في أوكرانيا. ووفق «الإليزيه»، فإن هناك «حاجة لتشكيل القوة العسكرية الضامنة، وتحديد شروطها وأحكامها ومهامها»، كما أن ثمة حاجة إلى أن «تُبنى بشكل متماسك». وتفضي هذه الإشكالية إلى موضوع «الأمن الأوروبي» بالمعنى الواسع. ودأب ماكرون على تأكيد أن «أمن أوكرانيا من أمن أوروبا، وأن ما يجري العمل به لمصلحة أمن أوكرانيا إنما هو أيضاً لمصلحة أوروبا».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متحدّثاً في كييف مساء الاثنين (أ.ف.ب)

ومن المتوقّع أن يناقش المجتمعون في باريس التدابير التي تحتاج إليها أوروبا مستقبلاً لضمان أمنها؛ مما يفتح الباب أمام الاستثمارات الأوروبية في الصناعات الدفاعية، والعلاقة بين ضفتَي المحيط الأطلسي، وحتى مصير «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». وحقيقة الأمر أن ملف الضمانات الأمنية يبدو الأكبر صعوبة، وذلك لأسباب ثلاثة رئيسية؛ أولها: الغموض الذي ما زال يلف طبيعة هذه القوة المرتقب تشكيلها لتكون مهمتها ضمان أي اتفاق سلام يجري التوصل إليه بين روسيا وأوكرانيا؛ فلا عديدها معروف، ولا الدول المساهمة فيها محددة، ولا المهمة المنوطة بها واضحة، ولا زمنيتها.

ورغم أن الفكرة العامة عنوانها «طمأنة» كييف عبر نشر قوة أوروبية، فإن الصعوبة تكمن في «ترجمة» التوجه العام إلى عمل منظم. وثمّة عائق أساسي عنوانه رفض موسكو نشر أي قوة ينتمي أفرادها إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». والحال أن الأغلبية الساحقة من الدول الأوروبية أعضاء في النادي العسكري الغربي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستقبلاً نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير 2025 (د.ب.أ)

ولم يُعرف بعد ما إذا كان موقف روسيا سببه الرغبة في الحصول على تنازلات مقابل السير بقوة أوروبية أو مطعّمة، أم إنه موقف قاطع ونهائي. ثم إن أكثرية الدول الأوربية لا تخفي ربط مشاركتها في القوة الموعودة بوجود «شبكة أمان» أميركية تضمن عدم تعرض القوة لاستهدافات روسية، والالتزام بالتحرك في حال وقوع ذلك. بيد أن واشنطن رفضت حتى اليوم تقديم أي التزام بهذا المعنى؛ مما يعني أن الأمور معلقة. فمن جهة؛ ما زال التقدم الذي تحقق جزئياً وهشاً ومشروطاً، ولا هدنة حتى اليوم ولا اتفاق سلام. ومن جهة ثانية؛ يرفض الجانب الأميركي تقديم تعهد بالتدخل الذي سيجعله في مواجهة مع القوات الروسية، وهو ما ترفضه واشنطن قطعياً.

يبقى أن باريس ولندن متحمستان. إلا إنهما تشكوان من استبعاد الأوروبيين عن المحادثات؛ مما يجعل حراكهما مرهوناً بما يحدث بعيداً عنهما.


مقالات ذات صلة

«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا

أوروبا مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)

«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا

تبنَّى الاتحاد الأوروبي، أمس (الثلاثاء)، عقوبات جديدة ضد روسيا لعدم موافقة موسكو على هدنة في أوكرانيا. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ (أ.ف.ب)

روبيو يتوقع أن تعرض روسيا «خلال أيام» شروطها لوقف النار مع أوكرانيا

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الثلاثاء أنّه يتوقع أن تعرض روسيا «خلال أيام» شروطها لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحافي في كييف، 19 مايو 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي يرحّب بعقوبات بريطانيا والاتحاد الأوروبي على روسيا... ويريد مشاركة أميركية

رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، بالعقوبات الجديدة التي فرضتها بريطانيا والاتحاد الأوروبي على روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مجندون روس تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية يصطفون قبل مغادرتهم إلى الحاميات في باتايسك في منطقة روستوف 10 أبريل 2025 (رويترز)

روسيا ترسل 20 ألف مهاجر حصلوا على الجنسية إلى الجبهة في أوكرانيا

قالت السلطات الروسية إنها أرسلت نحو 20 ألف مهاجر للقتال في الحرب ضد أوكرانيا بعد منحهم المواطنة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس (أ.ف.ب) play-circle

ترمب يبدد آمال الأوكرانيين والأوروبيين بتغيير موقفه من بوتين

ترمب يبدِّد آمال الأوكرانيين والأوروبيين بتغيير موقفه من بوتين، ويصفه بـ«الرجل اللطيف»، ويعدُّ الحرب «قضية أوروبية» ما كان لأميركا التدخل فيها.

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (بروكسل)

«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)
مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)
TT

«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)
مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتحدث إلى الصحافيين في كوبنهاغن (رويترز)

تبنَّى الاتحاد الأوروبي، أمس (الثلاثاء)، عقوبات جديدة ضد روسيا لعدم موافقة موسكو على هدنة في أوكرانيا. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، إن «الحزمة السابعة عشرة من العقوبات تستهدف نحو 200 من سفن أسطول الظل». ولوحت بمزيد من العقوبات، قائلة: «كلما أطالت روسيا أمد الحرب، ازداد ردُّنا صرامةً».

بدورها، أعلنت بريطانيا هي الأخرى، أمس، فرض عقوبات واسعة النطاق على قطاعات الجيش والطاقة والمالية في روسيا. وتأتي هذه العقوبات بعد شن موسكو هجمات بالمسيّرات في مطلع الأسبوع على مدن أوكرانية.

إلى ذلك، بدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب آمال الأوكرانيين والأوروبيين بتغيير موقفه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إنه كان ينبغي أن يظلَّ هذا النزاع «قضية أوروبا وحدها»، مكرراً التلويح بوقف وساطته في حال فشل الطرفين في التوصُّل إلى اتفاق.