ما شروط ترمب لمواصلة «التورط» في حرب أوكرانيا؟

ترمب يعدّ أن أوكرانيا «قد تصبح روسية يوماً ما» والكرملين يقول هذا خيار «جزء كبير» من مناطق تم ضمها


الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ب)
TT

ما شروط ترمب لمواصلة «التورط» في حرب أوكرانيا؟


الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ب)

قبيل انعقاد مؤتمر الأمن السنوي في ميونيخ بألمانيا، تسارعت المواقف والمناقشات المباشرة وغير المباشرة، بين الولايات المتحدة وحلفائها، حول الملف الأبرز الذي يقلق الأوروبيين، «حرب روسيا ضد أوكرانيا». وبدا واضحاً أن شروط «التورط» الأميركي المستقبلي في هذه الحرب، كما يراها الرئيس دونالد ترمب وفريقه، تقوم على نقاط عدة: تحميل مسؤولية أمن القارة الأوروبية للأوروبيين، وحضهم على شراء الأسلحة الأميركية لتأمين الحماية لأوكرانيا ولأنفسهم أيضاً، وتقليص الإنفاق، والحصول على حصة من الموارد الطبيعية الهائلة في أوكرانيا.

كيث كيلوغ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص إلى أوكرانيا وروسيا في 26 أغسطس 2020 (رويترز)

ورغم تعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا، لا يزال من غير الواضح كيف يمكنه القيام بذلك، فيما الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، يعتقد أنه يفوز فيها. ولكن بأسلوبه المباشر، أعرب ترمب عن إمكانية إجراء نوع من المفاوضات لوقف إطلاق النار، على أن يبدأ بلقاء مع بوتين، وهو ما لم يحدد أي موعد رسمي له حتى الآن.

وأكد الرئيس الروسي أنه مستعد لإجراء محادثات مباشرة مع ترمب بشأن اتفاق محتمل، بينما ذكرت صحيفة «نيويورك بوست» خلال عطلة نهاية الأسبوع أن ترمب أفاد الصحيفة بأنه تحدث بالفعل مع بوتين على انفراد بشأن هذه القضية. ورفض الكرملين تأكيد أو نفي المكالمة.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث في طاولة مستديرة حول أوكرانيا مع سفراء الدول الأجنبية في موسكو 5 فبراير 2025 (أ.ب)

أوروبا مسؤولة عن أمنها وأمن أوكرانيا

يقول العديد من المحللين إن التوصل إلى أي اتفاق، سيكون على عاتق أوروبا أن تنفذه وتحمل المسؤولية عن أوكرانيا، في الوقت الذي يوضح فيه ترمب أنه يصرّ على خفض الالتزام الأميركي بأمن القارة.

ويوم الأحد، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتس، في مقابلة مع شبكة «إن بي سي نيوز»: «أعتقد أن المبدأ الأساسي هنا هو أن الأوروبيين يجب أن يتحملوا مسؤولية هذا الصراع من الآن فصاعداً».

وبحسب تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز»، لقد أدى احتمال التوصل إلى اتفاق، إلى تسريع النقاش حول ما يسمى القوات الأوروبية على الأرض للحفاظ على السلام، ومراقبة وقف إطلاق النار والمساعدة في ردع روسيا عن العدوان في المستقبل. لكن السؤال المطروح هو من سيتولى هذه المهمة، وكم عدد الجنود، وما إذا كان بوتين سيوافق على ذلك على الإطلاق.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيويورك 27 سبتمبر 2024 قبل عودته إلى البيت الأبيض (أ.ب)

ويعتقد على نطاق واسع أن هذا الموضوع سيشكل محوراً رئيسياً للمناقشة في مؤتمر ميونيخ الأمني، الذي من المقرر أن يحضره نائب الرئيس جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو.

ويبقى سؤال رئيسي: كيف يمكن تأمين ما تبقى من أوكرانيا ومنع بوتين من إعادة إشعال الحرب، حتى بعد عدة سنوات من الآن، من دون غطاء أميركي واضح؟ وفي غياب تدخل أميركي، بما فيه الغطاء الجوي والدفاعات الجوية والاستخبارات، فإن القوات الأوروبية سوف تكون معرضة لخطر شديد من المراقبة الروسية وحتى الهجمات، في قارة تعاني من بطء النمو الاقتصادي ونقص القوات والحاجة إلى زيادة الإنفاق العسكري لحماية نفسها. ومع ذلك، فإن «استعداد الأوروبيين للقيام بشيء مفيد» لأوكرانيا من دون الأميركيين، سيكون مهماً لضمان حصول أوروبا على مقعد على الطاولة عندما تبدأ المفاوضات أخيراً، كما قال أنتوني برينتون، السفير البريطاني السابق لدى روسيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى اجتماعه مع القائد المنصَّب في دونيتسك دينيس بوشيلين في موسكو أمس (رويترز)

المعادن مقابل المساعدات لكييف

وفي مقابلته مع محطة «فوكس نيوز» تم بثها في وقت متأخر من يوم الاثنين، قال ترمب إن الولايات المتحدة يجب أن تحصل على حصة من الموارد الطبيعية الهائلة في أوكرانيا كتعويض عن مئات المليارات التي أنفقتها على مساعدة كييف في مقاومة الغزو الروسي الكامل. لكن ترمب قال إنّ أوكرانيا قد تصبح «روسية يوماً ما»، مضيفاً: «أريد أن تكون أموالنا مؤمّنة، لأنّنا ننفق مئات مليارات الدولارات. ربّما يتوصّلون (الأوكرانيون) إلى اتّفاق وربّما لا يتوصّلون إليه. ربّما يصبحون روساً يوماً ما، وربّما لا يصبحون روساً يوماً ما».

وردد الكرملين، الثلاثاء، كلاماً مشابهاً، قائلاً إن «جزءاً كبيراً» من أوكرانيا «يريد أن يكون روسيّا»، وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحافيين، إن الوضع في أوكرانيا «يتوافق إلى حد كبير مع كلمات الرئيس ترمب». وأضاف: «إنه لأمر واقع أن جزءاً كبيراً من أوكرانيا يريد أن يكون روسيّاً، وقد صار كذلك بالفعل»، في إشارة إلى ضم موسكو أربع مناطق أوكرانية في عام 2022. وقال بيسكوف: «أي ظاهرة يمكن أن تحدث بنسبة 50 في المائة، إما نعم أو لا».

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً عن استعداده للتفاوض، شرط أن تلتزم أوكرانيا مطالبه، وهي التنازل عن أربع مناطق في جنوب البلاد وشرقها، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، والتخلي عن فكرة الانضمام إلى الناتو. لكنها شروط عدّتها كييف غير مقبولة.

وقال ترمب: «أخبرتهم (أوكرانيا) أنني أريد ما يعادل 500 مليار دولار من المعادن النادرة. وقد وافقوا بشكل أساسي على القيام بذلك حتى لا نشعر بالغباء على الأقل». وأضاف: «وإلا، فنحن أغبياء. قلت لهم يجب أن نحصل على شيء. لا يمكننا الاستمرار في دفع هذه الأموال».

وتحتفظ أوكرانيا برواسب ضخمة من العناصر والمعادن الأساسية، من الليثيوم إلى التيتانيوم، التي تعد حيوية لتصنيع التقنيات الحديثة. كما تمتلك احتياطات هائلة من الفحم، فضلاً عن النفط والغاز واليورانيوم، يقع الكثير منها الآن في أراضٍ تحت السيطرة الروسية.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لجنودها خلال تحضير طائرة مسيّرة لإطلاقها على المواقع الأوكرانية (أ.ب)

وسبق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التلويح بالسماح للولايات المتحدة بتطوير الموارد الطبيعية لبلاده كتكتيك لإبقاء ترمب في صفه. وكانت جزءاً من «خطة النصر» لأوكرانيا، التي أعلنها في خريف العام الماضي، التي تقوم على سياسات اقتصادية وأمنية تهدف إلى تأمين سلام عادل مع روسيا. وقال زيلينسكي يوم الجمعة في مقابلة مع «رويترز»: «لقد ساعدنا الأميركيون أكثر من غيرهم، ومن ثمّ يجب أن يكسب الأميركيون أكثر من غيرهم. وأود أيضاً التحدث عن هذا مع الرئيس ترمب».

ولطالما أعرب ترمب، الذي يأمل في التفوق على الصين في السباق العالمي على تلك الموارد، عن رغبته في استغلال هذه المعادن في أوكرانيا. وكان ترمب أكّد في وقت سابق، الاثنين، أنّ كيث كيلوغ، مبعوثه الخاص المكلّف السعي لوقف الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، سيزور كييف قريباً. وبحسب مصدر في الرئاسة الأوكرانية، فإنّ كيلوغ سيصل إلى كييف في 20 فبراير (شباط). ولم يؤكّد ترمب موعد هذه الزيارة، مكتفياً بالقول: «أجل»، ردّاً على سؤال بشأن ما إذا كان كيلوغ سيزور كييف قريباً.

شراء الأسلحة الأميركية

من جهة ثانية، قال مصدران مطلعان إن إدارة ترمب تخطط لدفع حلفائها الأوروبيين لشراء المزيد من الأسلحة الأميركية لأوكرانيا قبل محادثات السلام المحتملة مع موسكو، وهي خطوة قد تحسن موقف كييف في المفاوضات. ومن شأن هذه الخطة أن توفر بعض الطمأنينة لقادة أوكرانيا الذين ساورهم القلق من أن ترمب قد يحجب المزيد من المساعدات عن البلاد، التي يفقد جيشها الأراضي ببطء من جراء هجوم روسي عنيف في الشرق. وكانت الدول الأوروبية قد اشترت أسلحة أميركية لأوكرانيا في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وقال المصدران إن مسؤولين أميركيين، بمن فيهم كيث كيلوغ مبعوث ترمب الخاص إلى أوكرانيا وروسيا، سيبحثون عمليات شراء الأسلحة المحتملة مع الحلفاء الأوروبيين هذا الأسبوع خلال مؤتمر ميونيخ. وأضافا أن هذه واحدة من عدة أفكار تناقشها إدارة ترمب لمواصلة تدفق الأسلحة الأميركية إلى كييف دون إهدار قدر كبير من رأس المال الأميركي.

آثار دخان في السماء فيما يطلق جنود أوكرانيون النار على طائرة من دون طيار خلال غارة روسية على كييف (رويترز)

وخلال مقابلة مع «رويترز»، الاثنين، أحجم كيلوغ عن تأكيد الخطة، لكنه قال: «الولايات المتحدة تحب دائماً بيع الأسلحة المصنعة في أميركا لأنها تعزز اقتصادنا». وتابع: «هناك الكثير من الخيارات المتاحة. كل شيء مطروح الآن»، مضيفاً أن الشحنات التي وافق عليها الرئيس السابق جو بايدن لا تزال تتدفق إلى أوكرانيا. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لمطالبة الدول الأوروبية بشراء الأسلحة الأميركية من خلال عقود تجارية أو مباشرة من المخزون الأميركي. وقد يستغرق إتمام بعض العقود التجارية سنوات. وكان ترمب قد تعهد خلال حملته للانتخابات الرئاسية بقطع كل المساعدات عن أوكرانيا. لكن كان رأي بعض مستشاريه خلف الكواليس أنه يجب على واشنطن أن تستمر في دعم كييف عسكرياً، خصوصاً إذا تأخرت محادثات السلام حتى وقت لاحق من هذا العام.

تبادُل استهداف مواقع الطاقة

تبادلت كييف وموسكو الهجمات بعيدة الأمد على البنى التحتية المرتبطة بالطاقة، بحسب ما أفاد مسؤولون في البلدين، الثلاثاء، ما يشتبه في أنه أدى إلى اندلاع حريق في مصفاة روسية للنفط ودفع أوكرانيا لفرض قيود جديدة على استهلاك الطاقة. وأكدت شركة الغاز الوطنية الأوكرانية «نافتوغاز» أن إحدى منشآتها في منطقة بولتافا شرقاً تضررت من جراء الهجوم الروسي «الضخم» الذي وقع خلال الليل. وأضافت أنها «تتخذ كل الإجراءات اللازمة لإعادة الاستقرار إلى وضع إمدادات الغاز في منطقة بولتافا». ونفذت أوكرانيا هجمات بدورها على منشآت طاقة ومنشآت عسكرية روسية، فيما اتهمتها موسكو باستخدام صواريخ زودتها بها الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب عمق الأراضي الروسية. ويحاول الطرفان ضمان الهيمنة عسكرياً قبيل مفاوضات متوقعة في بدايات ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثانية.

جندي أوكراني يستعد لإطلاق قذيفة «هاون» في موقع غير محدد بإقليم دونيتسك السبت (أ.ف.ب)

زودت كوريا الشمالية روسيا بـ200 قطعة مدفعية بعيدة المدى، وفق ما أفاد مسؤول في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء. وقال المسؤول إن بيونغ يانغ زوّدت موسكو بنحو 11 ألف جندي وصواريخ و200 قطعة مدفعية بعيدة المدى وكمية كبيرة من الذخيرة، ورجح أن «تزودها بالمزيد من القوات والأسلحة والذخائر في المستقبل».

قال الجيش الأوكراني، الثلاثاء، إن روسيا أطلقت 124 طائرة مسيّرة وما يصل إلى 19 صاروخاً في هجمات ليلاً في منطقة بولتافا الأوكرانية. وأضاف الجيش أن قواته الجوية أسقطت 57 طائرة مسيّرة فيما لم تصل 66 طائرة إلى أهدافها، على الأرجح بسبب التشويش عليها إلكترونياً.


مقالات ذات صلة

كندا تريد تعزيز علاقاتها مع أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب

أوروبا الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي الجديد في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)

كندا تريد تعزيز علاقاتها مع أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب

دعا رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني من باريس إلى تعزيز العلاقات مع «الحلفاء الموثوق بهم» في أوروبا، مجدداً دعمه إلى جانب الرئيس الفرنسي، لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع افتراضي مع زعماء دوليين بشأن دعم أوكرانيا في لندن 15 مارس 2025 (إ.ب.أ)

استعداد «عدد كبير» من الدول لإرسال جنود لضمان وقف النار في أوكرانيا

أعلنت الحكومة البريطانية، الاثنين، أن «عدداً كبيراً» من البلدان أعرب عن استعداده لإرسال قوّات بغية ضمان وقف محتمل لإطلاق النار في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حضوره اجتماعاً مع قادة أركان جيوش الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في باريس في 11 مارس (أ.ف.ب)

تساؤلات حول نشر قوة سلام في حال إبرام هدنة بأوكرانيا

تتقاسم باريس ولندن الدور الريادي لجهة الدفع باتجاه تشكيل قوة مشتركة يمكن أن تنضم إليها دول أخرى للإشراف على هدنة محتملة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

بريطانيا: «عدد كبير» من الدول على استعداد لإرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا

 قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن «عدداً كبيراً» من الدول على استعداد لتوفير قوات حفظ سلام لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل (د.ب.أ) play-circle

ألمانيا تناشد ترمب عدم تقديم تنازلات لبوتين على حساب أوكرانيا

ناشدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عدم تقديم أي تنازلات غير منسَّقة على حساب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )

كندا تريد تعزيز علاقاتها مع أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب

الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي الجديد في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي الجديد في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)
TT

كندا تريد تعزيز علاقاتها مع أوروبا في مواجهة تهديدات ترمب

الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي الجديد في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي الجديد في الإليزيه الاثنين (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، الاثنين، من باريس إلى تعزيز العلاقات مع «الحلفاء الموثوق بهم» في أوروبا، مجدّداً دعمه، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لأوكرانيا، في حين تتعرّض بلاده لتهديدات غير مسبوقة من الولايات المتحدة.

وأكد، خلال مؤتمر صحافي في الإليزيه، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «بات تعزيز كندا علاقاتها مع حلفاء يمكن الاعتماد عليهم مثل فرنسا، أمراً يكتسي أهمية أكثر من أي وقت مضى». وتشمل جولة كارني الأوروبية زيارة لندن أيضاً.

وعادة ما يخصص رؤساء وزراء كندا زيارتهم الخارجية الأولى للجارة الجنوبية، لكن البلاد التي لديها 41 مليون نسمة تواجه أزمة غير مسبوقة منذ أن شنّ ترمب حرباً تجارية ضدها، وهدّد بجعلها «الولاية الأميركية الـ51». وأكد كارني: «علينا تعزيز التعاون» بين فرنسا وكندا؛ «لضمان أمننا وأمن حلفائنا والعالم أجمع». وأضاف: «يتعيّن علينا تعزيز علاقاتنا الدبلوماسية، لنواجه معاً هذا العالم الذي أصبح غير مستقر وخطير بشكل متزايد»، بالإضافة إلى خلق «فرص جديدة لرواد الأعمال».

ورأى ماكرون أن التجارة الدولية «العادلة» هي «بالتأكيد أكثر فاعلية من الرسوم (الجمركية) التي تؤدي إلى التضخم وتضر بسلاسل الإنتاج وتكامل اقتصاداتنا».

«رفيق جيد»

وأكد الزعيمان رغبتهما المشتركة بمواصلة دعم أوكرانيا والأمن الأوروبي في وقت تهدّد فيه الولايات المتحدة بالتخلي عن القارة العجوز والتفاوض مع روسيا بزعامة فلاديمير بوتين مباشرة من أجل وقف إطلاق النار.

وقال رئيس الوزراء الكندي: «ندافع كلانا عن السيادة والأمن الذي أظهره دعمنا الثابت لأوكرانيا». وأضاف أن «كندا ستكون دائماً موجودة لضمان أمن أوروبا»، مؤكداً «التصميم» المشترك في سبيل إقامة علاقات «إيجابية بأكبر قدر ممكن» مع الولايات المتحدة.

وعشية محادثة هاتفية جديدة بين الرئيسَيْن الأميركي والروسي، أكد ماكرون أن فرنسا وكندا تريدان «سلاماً متيناً ودائماً، مرفقاً بضمانات قوية تحمي أوكرانيا من أي عدوان روسي جديد وتضمن أمن أوروبا بأكملها». وفي هذا السياق، أعلنت كندا التي ترأس مجموعة السبع هذا العام، أنها وجّهت دعوة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، للمشاركة في القمة المقبلة التي ستُعقد في يونيو (حزيران) في غرب كندا. وأكد ماكرون أن رئيس الوزراء الكندي «رجل يحب بلاده»، و«يعتقد أن المرء يستطيع خدمة مصالح بلاده كونه رفيقاً جيداً على الساحة الدولية»، في هجوم غير مباشر على الرئيس الأميركي.

«تنويع العلاقات التجارية»

وكارني الذي كان أول اجنبي يتمّ تعيينه حاكماً لـ«بنك إنجلترا» في 2013، سيُجري محادثات مع نظيره البريطاني كير ستارمر، المنخرط للغاية على غرار ماكرون، بدعم كييف. وسيناقش مع ستارمر «تعزيز الأمن عبر الأطلسي، ونمو قطاع الذكاء الاصطناعي، والعلاقات التجارية الثنائية الوثيقة»، وفق البيان الصادر عن مكتبه.

وتحتل المملكة المتحدة المرتبة الثالثة بين أكبر شركاء كندا التجاريين في مجال السلع والخدمات، فقد بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما 61 مليار دولار كندي (40 مليار يورو).

كما سيلتقي الملك تشارلز الثالث، وهو أيضاً رئيس الدولة في كندا.

أعلن كارني (60 عاماً)، وهو حديث العهد بالسياسة، في أول خطاب رسمي له، أن «تنويع علاقاتنا التجارية» سيكون أولوية، مؤكداً أن كندا «لن تكون بأي شكل من الأشكال جزءاً من الولايات المتحدة». وأثار فرض ترمب للرسوم الجمركية صدمة في البلاد التي ترسل 75 في المائة من صادراتها إلى الولايات المتحدة، وتهدّد حرب الرسوم الجمركية مع الجارة الجنوبية القوية بالتسبب بأضرار جسيمة للاقتصاد الكندي.

في طريق عودته، سيتوقف كارني الثلاثاء في إيكالويت بمنطقة نونافوت الكندية القريبة من غرينلاند؛ «لتأكيد سيادة كندا وأمنها في القطب الشمالي»، كما ورد في بيانه.

وكان دونالد ترمب قد أعرب مراراً أيضاً عن رغبته في ضم غرينلاند.