الحكومة الألمانية تتعهّد كشف ملابسات هجوم ماغدبورغ

بعد انتقادات حادّة لـ«تجاهلها» تحذيرات متكررة

سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الألمانية تتعهّد كشف ملابسات هجوم ماغدبورغ

سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)
سيدة تضع زهوراً تكريماً لأرواح ضحايا هجوم الدهس بسيارة في سوق الميلاد بألمانيا (أ.ف.ب)

تعهّدت الحكومة الألمانية فتح تحقيق لكشف ما إذا كان بإمكان أجهزة الاستخبارات منع وقوع الهجوم الذي تعرّضت له سوق الميلاد في ماغدبورغ، مساء الجمعة، وأسفر عن مقتل 5 أشخاص، وجرح أكثر من 200. وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر، في تصريحات لـ«بيلد أم زونتاغ»، إن «السلطات المكلّفة التحقيق ستوضح ملابسات الحادثة كلّها»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وتواجه السلطات الألمانية سيل انتقادات بـ«تجاهل» تحذيرات، خصوصاً بعدما تبيّن أن السلطات السعودية نبّهتها من تطرّف الجاني، المدعو طالب العبد المحسن، أكثر من مرّة.

وكان مصدر سعودي قد قال لوكالة «رويترز»، السبت، إن السعودية حذرت السلطات الألمانية من المشتبه به بعد أن عبّر عن آراء متطرفة على منصة «إكس» تهدد السلام والأمن. بينما قال مصدر أمني ألماني للوكالة نفسها إن السلطات السعودية أرسلت تنبيهات عدة بخصوص عبد المحسن في عامي 2023 و2024، وتم نقلها إلى الجهات الأمنية المختصة.

مؤشرات خطرة

وأمر قاضٍ، الأحد، بالحبس الاحتياطي للمشتبه به لحين المحاكمة، بعد أن وجَّه إليه الادعاء اتهامات بقتل 5 أشخاص، وعدة تهم بالشروع في القتل والإيذاء الجسدي الخطير.

ومنذ مساء الجمعة، تُوجّه تساؤلات من كلّ حدب وصوب حول الدوافع التي دفعت المشتبه به، وهو طبيب هارب من السعودية حيث كان مطلوباً على ذمة قضايا جنائية، ويقيم في ألمانيا منذ عقدين، إلى ارتكاب الهجوم، في ظلّ تجاهل مؤشّرات خطرة كثيرة بدرت منه خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا. وسألت صحيفة «بيلد» الأكثر رواجاً في البلد في افتتاحية نُشرت، الأحد، «لماذا؟». بينما أفادت مجلّة «دير شبيغل» بأن الاستخبارات السعودية وجّهت قبل سنة تنبيهاً إلى نظرائها الألمان بشأن العبد المحسن، على خلفية تغريدات هدّد فيها ألمانيا. وبقي ذاك التنبيه حبراً على ورق، في حين كان الرجل يكثّف الخطابات المشحونة بنظريات المؤامرة، والمعبّرة عن كراهيته للإسلام، وإعجابه بحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرّف.

أثار هجوم الدهس في ماغدبورغ صدمة في ألمانيا قبل أيام من أعياد الميلاد (رويترز)

وفي أغسطس (آب) الماضي، كتب على حسابه في «إكس»: «هل من سبيل إلى العدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائياً؟ أبحث عن هذا السبيل السلمي منذ يناير (كانون الثاني) 2019، ولم أجده بعد». وفي عام 2013، فُرضت عليه غرامة في روستوك «للإخلال بالأمن العام» و«التهديد بارتكاب جرائم». والعام الماضي، قيّمت الشرطة الألمانية «الخطر» الذي قد يشكّله، وخلصت إلى أنه لا يمثّل «خطراً معيّناً»، بحسب ما أوردت صحيفة «دي فيلت»، الأحد. وعشيّة الهجوم، تجاهل الطبيب النفسي السعودي استدعاءً قضائياً في برلين على خلفية تنديد صاخب في مركز للشرطة رفض تسجيل شكواه، وفق وسائل إعلام ألمانية.

«حاول التوصل لمكان السفير السعودي»

موظفو الإطفاء ينضمّون لتكريم أرواح ضحايا الهجوم (أ.ف.ب)

وكشف مصدر للزميلة «إندبندنت عربية» أن منفِّذ هجوم ماغدبورغ عرض مكافأة للحصول على معلومات عن مكان السفير السعودي لدى ألمانيا. وأضاف المصدر أن العبد المحسن سبق أن عرض «مكافأة وقدرها 10 آلاف ريال سعودي (نحو 2662 يورو) لمن يدلي بمعلومات عن إقامة السفير السعودي لدى ألمانيا». وأشار المصدر إلى أن المتهم «طلب تحديد موقع السفير ووقت وجوده، فما كان من السفارة السعودية إلا أن أبلغت السلطات الألمانية التي لم تتعامل بجدية مع الأمر»، حسب قوله.

وأدانت السعودية حادث الدهس معبِّرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأُسَر الضحايا. وبينما قال مصدر سعودي لوكالة «رويترز»، إنَّ السعودية حذَّرت السلطات الألمانية من المشتبه به، بعد أن نشر آراءً متطرفة في حسابه على «إكس»، أكَّد مصدر أمني ألماني أنَّ السلطات السعودية أرسلت تحذيرات عدة في عامي 2023 و2024.

«عجز الحكومة»

في مؤشّر إضافي يدل على الضغوط التي تتعرّض لها حكومة المستشار أولاف شولتس قبل شهرين من انتخابات تشريعية مبكرة، في أواخر فبراير (شباط)، تواجه وزيرة الداخلية جلسة استجواب تبدأ في 30 ديسمبر (كانون الأول) حول أوجه الخلل التي يحتمل أن تكون قد تسببت في وقوع الهجوم. وستستجوبها مع مسؤولين رفيعي المستوى، لجنة الرقابة البرلمانية ولجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب الألماني (بوندستاغ)، وفق ما أفاد به مصدر برلماني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويدعم المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية تحقيقات تجريها سلطات ولاية ساكسونيا - أنهالت، وعاصمتها ماغدبورغ في شرق ألمانيا، بحسب وزيرة الداخلية.

من جهتها، قالت أليس فايدل، زعيمة اليمين المتطرّف في ألمانيا، إن «عجز الإدارة الذي سمح بواقعة ماغدبورغ يتركنا في حالة صدمة». وطالب حزبها «البديل من أجل ألمانيا» بجلسة استثنائية في مجلس النواب حول الوضع الأمني «الكارثي» في البلد. والأمر سيان بالنسبة إلى اليسار الراديكالي، الذي طالبت زعيمته ساره فاغنكنشت بتفسيرات بعد «تجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات». وفي نهاية الأسبوع، تقاطر المسؤولون الألمان إلى موقع الحادثة في ماغدبورغ، حيث قضى في الهجوم صبيّ في التاسعة و4 نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 سنة، وأصيب أكثر من مئتي شخص بجروح.وحصيلة الضحايا مرشّحة للارتفاع، إذ إن حوالي أربعين شخصاً يعانون إصابات خطرة.


مقالات ذات صلة

نيجيريا تنقذ 100 طفل اختطفوا من مدرسة كاثوليكية

أفريقيا حافلة مدرسية تقف أمام فصول دراسية فارغة في مدرسة بولاية النيجر في نيجيريا (رويترز) play-circle

نيجيريا تنقذ 100 طفل اختطفوا من مدرسة كاثوليكية

قالت جماعة مسيحية، الاثنين، إن الحكومة النيجيرية أنقذت 100 تلميذ جرى اختطافهم الشهر الماضي من مدرسة كاثوليكية، في واحدة من أكبر عمليات الاختطاف الجماعي بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الولايات المتحدة​ صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

ألقت سلطات الهجرة الأميركية القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
العالم المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية في البيرو رافايل بيلاوندي (أ.ب)

نجاة مرشح للانتخابات الرئاسية في البيرو من إطلاق نار استهدفة سيارته

نجا المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية في البيرو، رافايل بيلاوندي، اليوم الثلاثاء، من إطلاق نار استهدف سيارته في منطقة سيرو أزول في جنوب ليما.

«الشرق الأوسط» (ليما)
أوروبا عنصر من الشرطة البريطانية (رويترز)

بريطانيا: إطلاق سراح 12 سجيناً إضافياً «عن طريق الخطأ»

صرح وزير العدل البريطاني ديفيد لامي، بأنه تم إطلاق سراح 12 سجيناً عن طريق الخطأ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لا يزال اثنان منهم طليقين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

في تحدٍّ للاتحاد الأوروبي... المجر لن تقبل «مهاجراً واحداً»

العلم المجري يظهر إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
العلم المجري يظهر إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

في تحدٍّ للاتحاد الأوروبي... المجر لن تقبل «مهاجراً واحداً»

العلم المجري يظهر إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
العلم المجري يظهر إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

كشف جيرجيلي جولياس، مدير مكتب رئيس وزراء المجر، الأربعاء، عن أن المجر لن تنفّذ آلية التضامن المتعلقة بالهجرة المتفق عليها داخل الاتحاد الأوروبي، ولن تقبل «مهاجراً واحداً»، وفق ما ذكرته وسائل إعلام مجرية.

وأدلى جيرجيلي جولياس بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحافي في بودابست، مؤكداً من جديد معارضة الحكومة اليمينية طويلة الأمد، لسياسات الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة.

كان وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي قد توصلوا، الاثنين، إلى اتفاق بشأن ما تُعرف بآلية التضامن، والتي تشمل نظاماً لتوزيع المهاجرين بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وبموجب هذه الآلية، بإمكان الدول التي لا ترغب في استقبال اللاجئين أن تقدم بدلاً من ذلك مساهمات مالية أو دعماً مادياً.

ومن المتوقع أن تدخل هذه الآلية حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) 2026. وقال جولياس: «لن ننفذ آلية الهجرة».

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي «ليس لديه سلطة لتقرير مع من يجب أن يعيش المجريون»، مشيراً إلى استفتاء عام 2016 الذي رفض خلاله الناخبون ما وصفتها الحكومة بإعادة التوطين القسري للمهاجرين من قبل الاتحاد الأوروبي.

وجرى هذا الاستفتاء بعد عام من ذروة أزمة اللاجئين في 2015، التي أقامت خلالها المجر أسواراً من الأسلاك الشائكة على حدودها مع صربيا وكرواتيا لمنع الهجرة عبر طريق البلقان.


زيلينسكي مستعد لتنظيم انتخابات في أوكرانيا بعد انتقادات ترمب له

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي مستعد لتنظيم انتخابات في أوكرانيا بعد انتقادات ترمب له

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)
قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)

رحَّب الكرملين باستعداد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإجراء انتخابات في أوكرانيا، ووصف الناطق باسمه، ديمتري بيسكوف، ذلك بـ«الأمر الجديد»، مضيفاً أنه يتماشى مع الدعوات المتكررة من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال بيسكوف تعقيباً على إعلان زيلينسكي: «سنرى كيف تتطور الأحداث».

وأبدى زيلينسكي، الثلاثاء، استعداده لتنظيم انتخابات في أوكرانيا إن توافرت الظروف الأمنية، عقب توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداً له بهذا الشأن. وقال ترمب: «يتحدثون عن ديمقراطية، لكن الأمور بلغت حداً لم يعد فيه النظام ديمقراطياً».

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني قبل انطلاق اجتماعهم في «10 داوننغ ستريت» بلندن أمس (أ.ف.ب)

وقال زيلينسكي إنه مستعد لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يوماً، حتى في ظل استمرار الحرب مع روسيا، إذا تمكنت الولايات المتحدة وأوروبا من ضمان الأمن اللازم لإجراء التصويت، وفقاً لوكالة الأنباء الأوكرانية (إنترفاكس-أوكرانيا).

وكان بوتين قد أعرب منذ العام الماضي عن رأيه بأن ولاية زيلينسكي انتهت، وأنه لم يعد الرئيس الشرعي لأوكرانيا. وأشار ترمب إلى ذلك في مقابلة أجراها معه موقع «بوليتيكو»، كما دعا لإجراء انتخابات في أوكرانيا. وأرجعت كييف إرجاء الانتخابات إلى تطبيق الأحكام العرفية التي تحظر التصويت خلال وقت الحرب.

وأشار زيلينسكي الآن إلى استعداده لطرح تعديل أمام البرلمان الأوكراني من شأنه السماح بإجراء الانتخابات بشرط ضمان الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين للأمن طوال فترة الانتخابات. وقال زيلينسكي لصحافيين: «لدي الإرادة والاستعداد الشخصي لذلك». وأضاف أن إجراء الانتخابات سيتطلب تعديل قانون الانتخابات الأوكراني، وطلب من نواب كتلته البرلمانية إعداد التعديلات اللازمة.

ويحظر قانون الأحكام العسكرية في أوكرانيا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية. وبينما يمكن تعديل القانون نفسه، يسمح الدستور بإجراء الانتخابات البرلمانية فقط بعد رفع الأحكام العسكرية، كما يمنع تعديل الدستور أثناء الحرب.

جانب من اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع قادة أوروبا حول حرب أوكرانيا يوم 15 أغسطس (إ.ب.أ)

ولم تجرِ أي انتخابات في أوكرانيا منذ بداية الحرب الروسية في فبراير (شباط) 2022، وانتهت فترة ولاية زيلينسكي العادية في مايو (أيار) 2024، بينما انتهت ولاية البرلمان في أغسطس (آب) 2024، وكان من المقرر إجراء الانتخابات المحلية في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2025. ويعتبر عدم إمكانية إجراء الانتخابات أثناء الأحكام العسكرية أمراً طبيعياً في العديد من الدول.

رأى الكرملين، الأربعاء، أن تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة بشأن أوكرانيا التي قال فيها إن موسكو ستنتصر في الحرب المتواصلة منذ نحو أربع سنوات، وإنه سيتعيّن على كييف التخلي عن أراضٍ، تتوافق مع رؤية روسيا. وأفاد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «بطرق كثيرة، فيما يتعلق بمسألة عضوية الناتو (حلف شمال الأطلسي) ومسألة الأراضي وكيفية خسارة أوكرانيا لأراضٍ، فإنها (تصريحات ترمب) متوافقة مع فهمنا» للوضع، معتبراً أن ما قاله ترمب في المقابلة مع «بوليتيكو» مهم للغاية. وأشار ترمب إلى أن روسيا في موقع تفاوضي أقوى في المباحثات الرامية لوضع حد للحرب بسبب حجم البلاد، وأكد أن أوكرانيا لن تنضم إلى الناتو.

الرئيسان الأميركي والأوكراني خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

كثّفت الولايات المتحدة محادثاتها مع كل من روسيا وأوكرانيا لوضع حد لأسوأ نزاع شهدته أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفي مقابلته مع «بوليتيكو»، قال ترمب إن التوصل إلى اتفاق هو أمر «صعب» وإن «أحد أسباب ذلك هو حجم الكراهية الهائل بين بوتين وزيلينسكي».

وأجرى زيلينسكي، الذي جال في الأيام الأخيرة على عواصم أوروبية لصياغة رد على الخطة الأميركية، الاثنين، محادثات مع قادة أوروبيين في لندن وبروكسل. والثلاثاء، توجّه إلى إيطاليا للقاء بابا الفاتيكان ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. وهناك، صرح زيلينسكي بأنه سيتم تسليم نسخة منقحة من خطة ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا إلى الأميركيين. وكتب زيلينسكي على «إكس»، الثلاثاء: «المكونات الأوكرانية والأوروبية أصبحت الآن أكثر تقدماً، ونحن مستعدون لعرضها على شركائنا الأميركيين».

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمناسبة زيارة الأخير لباريس في بداية الشهر الحالي (أ.ف.ب)

وتسعى كييف مع حلفائها الأوروبيين لإدخال تعديلات على الخطة الأميركية لإنهاء الحرب التي اعتبروا أن مسودتها الأولى تتبنى جلّ مطالب روسيا. وانتقد ترمب نظيره الأوكراني، الأحد، مؤكداً أنه «لم يطلع» على الخطة الأميركية.

ونقلت هيئة الإذاعة العامة الأوكرانية (ساسبيلني) عن زيلينسكي قوله للصحافيين: «نحن نعمل على مستوى مستشارينا، اليوم وغداً. أعتقد أننا سنسلمها غداً». وقال زيلينسكي إن الاقتراح يتكون من إطار عمل من 20 نقطة «يتم تعديله باستمرار»، ونص منفصل حول الضمانات الأمنية، ووثيقة ثالثة تركز على إعادة الإعمار. وأضاف: «سيدخل هذا حيز التنفيذ عندما تنتهي الحرب أو يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار». وقال زيلينسكي أيضاً إن روسيا لم تظهر أي استعداد لمتابعة السلام، مستشهداً بالهجمات المستمرة على البنية التحتية الأوكرانية.

قال ميكولا كوليسنيك، نائب وزير الطاقة الأوكراني، الأربعاء، إن طائرات روسية مسيَّرة قصفت منظومة نقل الغاز في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا. وأضاف كوليسنيك للتلفزيون الأوكراني: «خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية وحدها، رأينا العدو يشن هجمات محددة الأهداف، لا سيما في منطقة أوديسا، بما في ذلك على منظومة نقل الغاز ومنشآتها».

أعلنت الحكومة الفرنسية، الأربعاء، كما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «تحالف الراغبين» الذي يضم دولاً داعمة لأوكرانيا سيبحث الخميس «الضمانات الأمنية» لكييف. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، مود بريغون: «سيتيح اجتماع غداً للتحالف الذي تترأسه فرنسا والمملكة المتحدة، إحراز تقدم بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا والمساهمة الأميركية الكبيرة». وأوضح قصر الإليزيه بعد ذلك أن الاجتماع سيُعقد بعد ظهر الخميس عبر الفيديو. وأعلن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الاثنين، في لندن تضامنهم مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت يواجه فضيحة فساد تطال مدير مكتبه السابق وانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس مع الرئيس الأوكراني (أ.ف.ب)

من جانب آخر توقع معهد كيل الألماني للأبحاث، الأربعاء، أن تصل المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا إلى أدنى مستوياتها في عام 2025، في ظل عدم قدرة الدول الأوروبية التي تُقدّم الجزء الأكبر منها حالياً على تعويض توقف المساعدات الأميركية.

وأشار رئيس فريق معهد كيل، كريستوف تريبيش، في بيان، إلى أنه «وفقاً للبيانات المتاحة حتى أكتوبر، لم تتمكن أوروبا من إرسال المساعدات بالزخم نفسه كما في النصف الأول من عام 2025». ومعهد كيل معني بتتبع المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية التي تم التعهد بتقديمها لأوكرانيا.

قبل قرار ترمب بوقف المساعدات عند عودته إلى البيت الأبيض في مطلع 2025، كانت الولايات المتحدة تُقدّم أكثر من نصف تلك المساعدات العسكرية. وقال المعهد إنه في حين نجحت الدول الأوروبية بالبداية في تعويض ذلك، فإن مساعداتها تراجعت منذ بداية الصيف.

زيلينسكي في روما مع جورجيا ميلوني (إ.ب.أ)

وقال تريبيش: «إذا استمر هذا التباطؤ في الشهرين المقبلين، فسيكون عام 2025 هو العام الذي يشهد أدنى مستوى من المساعدات الجديدة لأوكرانيا» منذ 2022.

في الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، خُصصت مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 32.5 مليار يورو، معظمها قدمتها أوروبا. وخلال شهرين فقط، سيحتاج حلفاء أوكرانيا إلى تخصيص أكثر من 5 مليارات يورو للوصول إلى أدنى مستوى سنوي تم تخصيصه في عام 2022 (37.6 مليار يورو)، وأكثر من 9 مليارات يورو للوصول إلى المتوسط السنوي البالغ 41.6 مليار يورو بين عامي 2022 و2024.

مع ذلك، لم يُخصص سوى ملياري يورو شهرياً في المتوسط خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر.

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ب)

قال باحثون في المعهد، كما نقلت عنهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ضاعفت مساهماتها، بل وربما زادتها بثلاث مرات، بينما انخفض دعم إيطاليا بنسبة 15 في المائة، ولم تُخصص إسبانيا أي مساعدات عسكرية جديدة لعام 2025.

وتسعى المفوضية الأوروبية حالياً إلى استخدام مبالغ من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في الاتحاد الأوروبي والتي تُقدر بنحو 200 مليار يورو، لتمويل قرض لأوكرانيا.

والهدف هو الإفراج عن 90 مليار يورو مبدئياً خلال قمة رؤساء الدول والحكومات المقرر عقدها في 18 ديسمبر (كانون الأول) في بروكسل. إلا أن هذه الخطة المعقدة، التي بموجبها تُقرض مؤسسة يوروكلير المالية الأموال للاتحاد الأوروبي ليُقرضها بدوره لكييف، تواجه معارضة شديدة من بلجيكا التي تخشى ردود فعل انتقامية من روسيا.


باريس: إطلاق سراح آخر متهم في قضية تمويل حملة ساركوزي مع قيود قضائية صارمة

رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري (أ.ف.ب)
TT

باريس: إطلاق سراح آخر متهم في قضية تمويل حملة ساركوزي مع قيود قضائية صارمة

رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر جوهري (أ.ف.ب)

وافقت محكمة الاستئناف في باريس، اليوم (الأربعاء)، على إطلاق سراح الوسيط ألكسندر جوهري، ووضعه تحت إشراف قضائي، بعد أن كان آخر متهم في قضية التمويل الليبي، حيث لا يزال خلف القضبان، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسيُمنع رجل الأعمال الفرنسي الجزائري، البالغ 66 عاماً، الذي حُكم عليه في 25 سبتمبر (أيلول)، بالسجن 6 سنوات في قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2007، من مغادرة منطقة العاصمة الفرنسية، ومن الوجود خارج منزله بين الثامنة صباحاً والثامنة مساء، ومن الاتصال ببقية المشمولين بالقضية.

كما منعته المحكمة من ممارسة أنشطة الوساطة الاقتصادية، وسيتعين عليه تسليم جوازي سفره الفرنسي والجزائري إلى السلطات، والمثول أمام الدرك مرة واحدة في الأسبوع.

وقد عارضت النيابة العامة إطلاق سراحه، مشيرة خصوصاً إلى جنسيته المزدوجة وخطر مغادرته إلى الجزائر، في ظل صعوبات التعاون القضائي بين البلدين.

وتوقع محاميه بيار هنري بوفيس إطلاق سراحه من سجن لاسانتيه في باريس «في الساعات القليلة المقبلة».

وحُكم في هذه القضية على شخصين آخرين بالسجن، مع إصدار أوامر توقيف الرئيس الأسبق للجمهورية نيكولا ساركوزي، الذي حُكم عليه بالسجن 5 سنوات، والمصرفي وهيب ناصر.

وسُجن رئيس الدولة السابق 20 يوماً في سجن لاسانتيه، قبل الإفراج عنه بقرار من محكمة الاستئناف. كما أُفرج عن ناصر الذي كان قد حُكم عليه بالسجن 4 سنوات، مع صدور مذكرة توقيف فورية بحقّه.

وسيمثل ألكسندر جوهري أمام المحكمة، مثل بقية المتهمين، في جلسة الاستئناف المقرر عقدها في الفترة من 16 مارس (آذار) إلى 3 يونيو (حزيران).

وفي المجمل، ستعاد محاكمة 10 أشخاص في هذه القضية، منهم ساركوزي واثنان من المقربين منه، هما كلود غيان وبريس هورتفو.