تحولات الأزمة السياسية في فرنسا واحتمال العثور على مخرج منها

الحزب الاشتراكي مستعد لترك تحالف اليسار والخضر والانتقادات بدأت تنهال عليه من شركاء الأمس

الرئيس إيمانويل ماكرون متوجهاً بكلمة إلى الفرنسيين مساء الخميس مؤكداً أنه باق في منصبه حتى آخر يوم لولايته (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون متوجهاً بكلمة إلى الفرنسيين مساء الخميس مؤكداً أنه باق في منصبه حتى آخر يوم لولايته (أ.ف.ب)
TT

تحولات الأزمة السياسية في فرنسا واحتمال العثور على مخرج منها

الرئيس إيمانويل ماكرون متوجهاً بكلمة إلى الفرنسيين مساء الخميس مؤكداً أنه باق في منصبه حتى آخر يوم لولايته (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون متوجهاً بكلمة إلى الفرنسيين مساء الخميس مؤكداً أنه باق في منصبه حتى آخر يوم لولايته (أ.ف.ب)

ستتحول باريس يومي السبت والأحد إلى «عاصمة العالم» مع حضور ما لا يقل عن 50 ملكاً ورئيس دولة وحكومة للاحتفال بتدشين كاتدرائية نوتردام بعد انتهاء أعمال الترميم التي استغرقت 5 سنوات عقب الحريق الكبير الذي ألتهم عدداً من أقسامها.

ورغم الطابع الديني للمناسبة، فإن الرئاسة الفرنسية أرادت أن يكون أيضاً «حدثاً عالمياً»، وفق ما قالته مصادرها. ولأن الحدث أصبح كذلك، فإنه سيتم في ظل إجراءات أمنية بالغة التشدد في محيط الكاتدرائية التي تقع في قلب باريس وتطل على نهر السين، وهي، منذ ما قبل الترميم، أحد المواقع التي تجتذب العدد الأكبر من الأجانب، إذ كان يزورها ما لا يقل عن 12 مليون شخص سنوياً.

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً بمناسبة انتهاء أعمال ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس (إ.ب.أ)

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيكون على رأس قادة الدول الحاضرين، فيما سيغيب الرئيس الحالي جو بايدن وستمثله عقيلته جيل بايدن. ومن الحاضرين من العالم العربي، ملكا المغرب والأردن اللذان سيكونان جنباً إلى جنب مع ألمانيا وإيطاليا وبولندا وبلغاريا وإستونيا وفنلندا وجورجيا ورئيسة المفوضية الأوروبية وعدد من القادة الأفارقة... لكن الغائب الأكبر سيكون البابا فرنسيس الذي سيكتفي بإرسال كلمة مسجلة.

رئيس الوزراء المستقيل ميشال بارنييه في البرلمان مساء الأربعاء لدى التصويت على الثقة بحكومته (أ.ف.ب)

كذلك، فإن وجود هذا العدد الكبير من قادة الدول ليومين في باريس سيوفر الفرصة لمشاورات سياسية عديدة خصوصاً مع حضور ترمب. وحتى عصر أمس، لم يكن قد تأكد حضور الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي. ورجحت مصادر فرنسية حضوره لحاجته إلى لقاء الرئيس الأميركي المنتخب نظراً للمخاوف التي تثيرها عودة الأخير إلى البيت الأبيض، والسياسة المرجح انتهاجها والمختلفة جذرياً عن سياسة بايدن وإدارته.

بطبيعة الحال، ستكون الكلمة الأولى للرئيس ماكرون بصفته رئيساً للبلاد، ولأن الكاتدرائية ملك للدولة الفرنسية. فضلاً عن أنه كان «المحرك» الذي واكب عملية الترميم عن قرب، حيث زارها 7 مرات خلال الأشغال. وقالت «أوساط الإليزيه» إن كلمته التي سيلقيها في ساحة الكاتدرائية ستدوم 15 دقيقة، وسط حضور الرسميين، ومظاهر الاحتفاء الشعبي، وسيعقب ذلك الاحتفال الديني.

ماكرون والبحث عن صيغة حكومية جديدة

وجاء تدشين «نوتردام» ليغطي، نوعاً ما، على الأزمة متعددة الأشكال التي تعيشها البلاد وعنوانها إسقاط حكومة ميشال بارنييه في البرلمان. وفي كلمته المتلفزة، مساء الأحد، التي اجتذبت 17.5 مليون مشاهد، أشاد ماكرون بقدرة الفرنسيين على التعبئة من أجل «هدف سامٍ»، منوهاً بالإنجاز الكبير الذي حققوه خلال فترة قياسية، وأكد أنه ماضٍ في ولايته حتى النهاية، وحمَّل رئيس الجمهورية الأحزاب التي أسقطت الحكومة مسؤولية الأزمة الراهنة، وهاجمها، مخرجاً إياها من «القوس الجمهوري»، أي القوى العاملة من أجل مصلحة البلاد، في إشارة إلى اليمين المتطرف ممثلاً في «التجمع الوطني» بقيادة المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان، وإلى تحالف اليسار والخضر. ووعد ماكرون بالإسراع في تعيين رئيس جديد للحكومة. واللافت أنه لم يتردد في تأكيد أن الفرنسيين «لم يفهموا» بعدُ الأسباب التي دفعته الربيع الماضي إلى حل مجلس النواب الذي كان في أساس الأزمة الراهنة.

ماكرون يخاطب الأمة (إ.ب.أ)

فرط تحالف اليسار

إذا كانت احتفالية «نوتردام» ستعيد الرئيس الفرنسي إلى الواجهة، فإنها لن تكشف المنازلة السياسية التي تشهدها الساحة الفرنسية حالياً. وكثف ماكرون، الجمعة، مشاوراته؛ فاستقبل قادة الأحزاب الثلاثة (معاً من أجل الجمهورية، الحركة الديمقراطية، وهورايزون) الداعمة له، وكذلك وفداً من الحزب الاشتراكي، وآخر من حزب اليمين التقليدي (اليمين الجمهوري) للنظر في الصيغة الممكنة للحكومة المرتقبة.

همَّ الرئيس الفرنسي أن يصل إلى حكومة ثابتة توفر الاستقرار السياسي في الداخل، وترمم الثقة بفرنسا في الخارج، بما في ذلك للمستثمرين، وتتحمل مسؤولية الحكم أقله حتى الصيف المقبل؛ حيث ستتاح له مجدداً إمكانية حل المجلس النيابي للوصول إلى مشهد سياسي مختلف.

مجلس النواب الفرنسي مساء الأربعاء خلال جلسة التصويت على الثقة بالحكومة ورئيسها التي أفضت إلى إسقاطه (د.ب.أ)

ولتبسيط الصورة المعقدة، تتعين الإشارة إلى أن ماكرون كلف بارنييه تشكيل الحكومة المستقيلة متكئاً إلى دعامتين: الأحزاب الثلاثة الداعمة له، وحزب اليمين الجمهوري الذي وافق على الدخول في الحكومة لأن رئيسها (ميشال بارنييه) ينتمي إلى صفوفه، ولأنه حظي بعدد غير مسبوق من الوزارات رغم أن نوابه يقل عددهم عن الخمسين. وأكثر من ذلك، حصل ماكرون على «الضوء الأخضر» من مارين لوبان لتسهيل مهمة بارنييه مقابل «ضمانات» بأن يأخذ بعين الاعتبار عدداً من مطالبها الاجتماعية.

أمين عام الحزب الاشتراكي أوليفيه فور أبدى استعداد حزبه للمساهمة في الخروج من المأزق السياسي (أ.ف.ب)

الحال أن هذه الصيغة فشلت، وسقوط الحكومة لم يكن متوفراً من غير تصويت نواب اليمين المتطرف وتحالف اليسار لسحب الثقة منها، لذلك يبدو أن ماكرون بدل مقاربته بعد المؤشرات التي ظهرت من الحزب الاشتراكي حول استعداده للدخول في تحالف حول برنامج حكومي محدد ولفترة محددة.

وأكد أمين عام الحزب الاشتراكي، أوليفيه فور، الذي استقبله ماكرون، صباح الخميس، أن حزبه مستعد للدخول في حكومة تضم الكتلة المركزية «الماكرونية»، وحتى اليمين التقليدي، قائلاً: «علينا أن نجد حلاً لأنه لا يمكننا أن نصل بالبلاد إلى طريق مسدود لأشهر طويلة»، وربط انفتاحه بأن تعمد كل الأطراف إلى تقديم «تنازلات متبادلة».

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف والساعية للوصول إلى رئاسة الجمهورية في البرلمان مساء الأربعاء (أ.ف.ب)

نار اليمين واليسار

ما قاله أولفيه فور، تترتب عليه تبعة جذرية، إذ يعني تفكيك تحالف اليسار والخضر، وهو ما كان يسعى إليه ماكرون منذ البداية، ويشكل بحد ذاته تحولاً بالغ الأهمية من شأنه إراحة ماكرون. ووفق الاشتراكيين، لا يمكن لعرض كهذا أن يتحقق إذا لم يسمِ رئيس الجمهورية شخصية يسارية لتشكيل الحكومة. بيد أن انفتاح الحزب الاشتراكي فتح عليه نار جهنم، إذ هاجمه طرفان من تحالف اليسار؛ أحدهما حزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد الذي يرأسه جان لوك ميلونشون المصرّ على دعوة ماكرون للاستقالة والاحتكام للشعب في انتخابات رئاسية جديدة للخروج من الأزمة الراهنة. وجاءت الانتقادات من جانب ميلونشون شخصياً ومن مانويل بومبار، «منسقه» ومن مانون أوبري، رئيسة مجموعة نوابه في البرلمان الأوروبي، وتوجه الأول إلى الاشتراكيين داعياً إياهم إلى أن «يستفيقوا وأن يحترموا ناخبيهم»، ومندداً بإمكانية أن يجلسوا إلى جانب وزراء عنصريين مثل وزير الداخلية اليمين المستقبل برونو روتايو.

مارين توندوليه أمينة عام حزب الخضر انتقدت بشدة مقترحات الاشتراكيين (أ.ف.ب)

واتهمت الثانية الاشتراكيين بـ«خيانة» تحالف اليسار والخضر و«ملايين الناخبين الذين تعبأوا لمواجهة اليمين المتطرف»، ونبهته من «عزلة» الحزب الاشتراكي؛ لأنه «يدخل في لعبة ماكرون». أما مارين توندوليه، رئيسة حزب الخضر، فقد دعت فور إلى «التنبه من الفخ المنصوب له»، ومن الدخول في حلقة من المفاوضات التي ستقضي على كل مطالب الطبقة الشعبية التي يدعي اليسار الدفاع عنها.

قطعاً، لن تكون استدارة الاشتراكيين سهلة رغم أنها تشكل المخرج الأفضل للرئيس الفرنسي في الوضع الحالي، وهو قد سعى إليها لاحقاً. فالجمع بين نوابهم ونواب الكتلة الوسطية واليمين التقليدي يمكن أن توفر الأكثرية اللازمة لحكومة مستقرة. ولكن دون ذلك عقبات إضافية. فوزير الداخلية المستقيل حذر من التعامل والاتفاق مع اليسار شريك «فرنسا الأبية». ويعد برون روتايو من «صقور» اليمين، ويقترب في طروحاته من طروحات اليمين المتطرف، ومن مارين لوبان. وبالتوازي، نبهت عضو مجلس الشيوخ، أنياس أيفرن، اليمين إلى مخاطر تولي شخصية من اليسار رئاسة الحكومة العتيدة ما يستتبع ذلك من نتائج.

كتلة اليسار في البرلمان (رويترز)

واضح أن اللعبة معقدة تحتاج إلى مفاوضات عسيرة في بلد لم يعتد على قيام حكومات ائتلافية، كما هو الحال لدول مجاورة لفرنسا مثل ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا... ولكن ثمة فرصة لماكرون بالانفتاح على اليسار بعد أن كان الانفتاح على اليمين المتطرف قد أفضى إلى حكومة نقص عملها عن ثلاثة أشهر.


مقالات ذات صلة

كيف يتسلل النفوذ الروسي إلى المؤسسات الأوروبية؟

أوروبا أعلام دول الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا... 12 يونيو 2023 (رويترز)

كيف يتسلل النفوذ الروسي إلى المؤسسات الأوروبية؟

تشهد المؤسسات الأوروبية ازدياداً في النفوذ الروسي من خلال صعود أحزاب وسياسيين موالين لموسكو، ما يُشكِّل تهديداً لوحدة الاتحاد الأوروبي، وفق صحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ وزيرة العدل الأميركية بام بوندي (أ.ف.ب)

إدارة ترمب تلغي وحدة مكافحة التدخل الأجنبي في الانتخابات

في أول يوم لها في منصبها، حلّت وزيرة العدل الأميركية وحدة تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي مخصصة لمكافحة التدخل الأجنبي في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا إيلون ماسك خلال ظهوره عبر دائرة الفيديو أمام تجمع انتخابي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» قبل أيام (د.ب.أ)

قلق في ألمانيا مع تزايد حظوظ «البديل» قبل أقل من شهر على الانتخابات

وصف المستشار الألماني أولاف شولتس دعم مالك منصة «إكس» إيلون ماسك لحزب «البديل لألمانيا» بأنه «مقرف»، في وقت تتزايد حظوظ الحزب مع اقتراب الانتخابات العامة.

راغدة بهنام (برلين)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات تحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

​تحضيرات مبكرة للانتخابات التشريعية في العراق

في وقت صوّت البرلمان العراقي على التمديد لمفوضية الانتخابات فإن القوى السياسية العراقية بدأت تعيد حساباتها استعداداً للاستحقاق الانتخابي لعام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
الولايات المتحدة​ رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية الحالي جايمي هاريسون في 2 نوفمبر 2024 في شارلوت بولاية كارولاينا الشمالية الأميركية (أ.ب)

الحزب الديمقراطي الأميركي الذي يمر بأزمة ينتخب رئيسه الجديد السبت

ستنتخب اللجنة الوطنية الديمقراطية رئيساً جديداً، السبت، بينما يسعى الحزب إلى قيادة جديدة لتوجيه الديمقراطيين خلال رئاسة دونالد ترمب الثانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

آلاف المعارضين الإيرانيين يطالبون من باريس بموقف دولي ضد طهران (صور)

داعمات للمعارضة الإيرانية يلوحن بالأعلام خلال مظاهرة في باريس (إ.ب.أ)
داعمات للمعارضة الإيرانية يلوحن بالأعلام خلال مظاهرة في باريس (إ.ب.أ)
TT

آلاف المعارضين الإيرانيين يطالبون من باريس بموقف دولي ضد طهران (صور)

داعمات للمعارضة الإيرانية يلوحن بالأعلام خلال مظاهرة في باريس (إ.ب.أ)
داعمات للمعارضة الإيرانية يلوحن بالأعلام خلال مظاهرة في باريس (إ.ب.أ)

تظاهر آلاف المعارضين الإيرانيين من جميع أنحاء أوروبا في باريس، السبت، لمطالبة المجتمع الدولي بموقف حازم حيال السلطات الإيرانية بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، حليف طهران السابق، حسبما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت مريم رجوي رئيسة «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، إحدى منظمات المعارضة الرئيسية خارج إيران، حسب الترجمة الرسمية لخطابها الذي ألقته بالفارسية: «بدلاً من استرضاء الملالي، عليهم (القادة الدوليون) الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني».

و«المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» هو الواجهة السياسية لمنظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية، التي تعتبرها طهران «إرهابية».

متظاهرون إيرانيون يرفعون علم «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» في باريس (رويترز)

وعلق العديد من المتحدثين آمالهم على الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، الداعم لممارسة «أقصى الضغوط» على إيران، بالنسبة إلى برنامجها النووي حتى لو أكد أنه يؤيد «اتفاق سلام» مع طهران.

وحث المرشد الإيراني علي خامنئي الحكومة الإيرانية، الجمعة، على «عدم التفاوض» مع الولايات المتحدة، واصفاً مثل هذه الخطوة بأنها «متهورة».

وقالت رجوي: «منذ بعض الوقت، وفي ظل الانتكاسات المتتالية، كان هناك خلاف بين الفصائل الداخلية للنظام بشأن مسألة التفاوض من عدمه مع الولايات المتحدة».

مؤيدون لـ«المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» يتظاهرون في باريس (رويترز)

وأورد رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتات: «كما فعلت سوريا مع بشار الأسد، سيتحرر الشعب الإيراني من الملالي، وسيحصل ذلك عام 2025».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى تغيير استراتيجية الاسترضاء. كانت هذه الاستراتيجية خطأ لعقود لكنني لا أعتقد أن هذا ما سيحدث مع الإدارة الأميركية هذه المرة».

وتوقع المعارض السوري السابق رياض الأسعد، عبر تقنية الفيديو، «سقوط النظام الإيراني تماماً كما سقط النظام السوري بسرعة لم يتوقعها أحد».

متظاهرون يرفعون صور مريم رجوي رئيسة «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» (رويترز)

وقبل سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) كانت سوريا لعقود حليفاً وثيقاً لطهران.

ورفعت في باريس أعلام «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» إلى جانب بعض الأعلام الأوكرانية، عندما انضم مئات الأوكرانيين إلى الاحتجاج، متهمين طهران بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على بلدهم.

وأوضحت لارا الأوكرانية التي تعيش في كاسل (ألمانيا)، وجاءت في إحدى الحافلات التي استأجرها «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، أن «الكثير من الأسلحة التي تقتل أطفالنا في أوكرانيا تأتي من إيران».

مؤيدون للمعارضة الإيرانية يتظاهرون في باريس لمطالبة المجتمع الدولي بموقف حازم حيال طهران (رويترز)

وقالت إيرينا سيرديوك (37 عاماً) إنها جاءت إلى باريس للتعبير عن تضامنها مع المحتجين في مواجهة عدو مشترك. وسيرديوك بالأساس من منطقة دونباس الأوكرانية لكنها تعيش الآن بألمانيا، وكانت ممرضة لكنها تعمل الآن مترجمة.

وأضافت، وفقاً لوكالة «رويترز»: «أنا سعيدة برؤية هؤلاء الإيرانيين لأنهم معارضون. إنهم يدعمون أوكرانيا وليس الحكومة الإيرانية التي تمد روسيا بالأسلحة. نحن متحدون ويوماً ما سيكون النصر حليفاً لأوكرانيا وإيران أيضاً».

الدعم داخل إيران

بينما يشكك منتقدون في الدعم الذي يحظى به المجلس داخل إيران وطريقة عمله، فإنه يظل ضمن عدد قليل من جماعات المعارضة القادرة على حشد المؤيدين.

آلاف المعارضين الإيرانيين من جميع أنحاء أوروبا يتظاهرون ضد طهران في باريس (رويترز)

ورفض محمد ثابت رفتار (63 عاماً)، وهو إيراني يعيش في الخارج منذ 40 عاماً، ويدير الآن شركة لسيارات الأجرة في المملكة المتحدة، الانتقادات الموجهة إلى «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» وقال إنه البديل الوحيد القادر على تحقيق الديمقراطية في إيران.

وأضاف: «ما نتوقعه من السيد ترمب أو أي سياسي غربي هو عدم دعم هذه الحكومة. لا نحتاج إلى المال، ولا نحتاج إلى أسلحة، نحن نعتمد على الشعب. لا تقيموا علاقات مع النظام ولا تتواصلوا معه ومارسوا أقصى قدر ممكن من الضغوط على هذه الحكومة».

ودعت طهران كثيراً إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» في باريس والرياض وواشنطن. ويتعرض المجلس لانتقادات في وسائل الإعلام الرسمية.

داعمات للمعارضة الإيرانية يلوحن بالأعلام خلال مظاهرة في باريس (إ.ب.أ)

وفي يناير (كانون الثاني)، شارك مبعوث ترمب لأوكرانيا في مؤتمر نظمه المجلس في باريس. وفي ذلك الوقت، أوضح المبعوث عزم ترمب معاودة فرض سياسة «أقصى الضغوط» على إيران، التي تهدف إلى تدمير اقتصادها وإجبار طهران على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجها النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية فضلاً عن أنشطتها في المنطقة.

وقالت هما ثابت رفتار (16 عاماً) التي تدرس في بريطانيا، إنها شعرت بأن من واجبها المشاركة في هذه الفعالية لتمثيل الشباب الإيراني.

وأضافت: «بعض الأشخاص في إيران لا يمتلكون تلك القدرة على التعبير ولا يستطيعون التحدث بحرية كما نفعل هنا. يجب علينا أن نعمل من أجل مستقبل أفضل».