ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار شولتس وافق على تقريب موعد الانتخابات أمام ضغوط المعارضة ويستعد لطرح الثقة في حكومته الشهر المقبل

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
TT

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)

بعد أيام من الضوضاء التي عاشتها ألمانيا إثر الانهيار المفاجئ لحكومتها الائتلافية، وإصرار المستشار أولاف شولتس على الاستمرار بقيادة حكومة أقلية حتى نهاية مارس (آذار)، خضع أخيراً لضغوط المعارضة، ووافق على انتخابات مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

ويستعد شولتس لطرح الثقة في حكومته في 16 ديسمبر (كانون الأول)، وهي خطوة ضرورية قانونياً تمهد للدعوة لانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخسر التصويت، بعد أن خسرت الحكومة أكثريتها إثر طرد المستشار لوزير ماليته كريستيان ليندنر، وانسحاب وزراء آخرين منتمين جميعاً للحزب «الليبرالي»، الذي يُشكّل مع الحزب «الاشتراكي» بزعامة شولتس، وحزب «الخضر» الائتلاف الحاكم.

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)

وكشف فريدريش ميرتس زعيم الحزب «الديمقراطي المسيحي»، الذي يستعد لخلافة شولتس ليصبح مستشار ألمانيا المقبل، عن استعداد حزبه لخوض الانتخابات المبكرة التي كانت مجدولة أصلاً لنهاية سبتمبر (أيلول). وقال: «نحن مستعدون، وفي أفضل حال». وتحدث خلال ظهور له في منتدى في برلين، عن خطط يعد لها حزبه، من بينها تخفيض الإعانات المالية عن العاطلين عن العمل، وهي إعانات رفعتها حكومة شولتس، وعرضتها لكثير من الانتقادات.

وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر (أ.ب)

ورغم أن السنوات الثلاث الماضية من عمر الحكومة الائتلافية شابتها خلافات كثيرة بين الأحزاب المشاركة في الحكومة، فإن هذه المرة كان الخلاف كبيراً، وتسبب في انهيار الائتلاف الهش. واختلف المستشار مع وزير ماليته حول ميزانية العام المقبل التي لم تتمكن الأحزاب الثلاثة من الاتفاق عليها. وفيها يتفق حزب شولتس «الاشتراكي»، مع حزب «الخضر» حول السياسات الضريبية والاجتماعية لقيادة البلاد، وكان الحزب «الليبرالي» وهو حزب يميني وسطي، غالباً ما يصطدم مع الحزبين الآخرين حول السياسات المالية.

ورفض ليندنر مساعي شولتس، وحزب «الخضر» لزيادة النفقات الاجتماعية مقابل رفع الضرائب على الشركات، وسعى لتخفيض تلك الضرائب، وحتى تخفيض المعاشات التقاعدية تجنباً لزيادة الديْن العام.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتس (رويترز)

ويحظر الدستور الألماني الاستدانة إلا في الحالات الطارئة. وقد ارتفع سقف الديْن العام في ألمانيا منذ تسلم حكومة شولتس مهامها نهاية عام 2021، أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها وباء «كورونا»، وثانياً بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، والتضخم والغلاء اللذين ضربا ألمانيا. وأراد ليندنر تخفيض المعاشات التقاعدية لتمويل الحرب في أوكرانيا، ولكن شولتس عدّ ذلك خطاً أحمر وطرد وزير ماليته. وعدّ البعض الخلاف الذي حدث بين ليندنر وشولتس متعمداً، بسبب تدني شعبية حزبه بشكل كبير منذ دخوله الحكومة.

البرلمان الألماني - البوندستاغ (أ.ف.ب)

وتشير استطلاعات رأي إلى أن الحزب «الليبرالي» لن يدخل حتى البرلمان في الانتخابات المقبلة، بسبب انخفاض نسبة التأييد له إلى ما دون 5 في المائة، وهي عتبة الدخول للبرلمان. ولكن هذا الانسحاب الذي وصفه البعض بـ«التكتيكي» من الحكومة، قد يرفع حظوظ الحزب «الليبرالي» مرة جديدة، خصوصاً أن مستوى الرضا عن حكومة شولتس منخفض إلى درجات قياسية.

وليندنر نفسه عبّر عن استعداده للعودة للحكومة بعد الانتخابات المقبلة ضمن حكومة يديرها الحزب «المسيحي الديمقراطي» وزعيمه ميرتس الذي يحل في الطليعة بحسب الاستطلاعات، ويحصل على نسبة تزيد على الـ32 في المائة. وحتى ميرتس عبّر عن انفتاحه للتحالف مع الليبراليين، وإعادة ليندنر نفسه وزيراً للمالية. وتعد السياسة المالية للحزبين «الليبرالي»، و«المسيحي الديمقراطي» قريبة من بعضها، وهي سياسة محافظة تعتمدها الأحزاب اليمينية الوسطية.

زعيم حزب المعارضة «المسيحي الديمقراطي» فريدريش ميرتس الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات المقبلة (إ.ب.أ)

وقال ليندنر بُعيد إعلان الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إن هدف حزبه تحقيق 10 في المائة من نسبة الأصوات في الانتخابات المقبلة، مضيفاً خلال مشاركته في منتدى ببرلين، أن «السباق لمنصب المستشار انتهى، ومن شبه المؤكد أن فريدريش ميرتس هو المستشار المقبل».

وبالفعل، حتى الآن تشير الاستطلاعات إلى أن الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابق أنجيلا ميركل، وكان قد خرج من السلطة معها قبل ثلاث سنوات، هو الحزب الأول وبفارق كبير. وفي المرتبة الثانية يحل حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بنسبة تأييد تصل إلى 18 في المائة، وبعده الحزب «الاشتراكي» بنسبة تأييد تصل إلى 16 في المائة. وفي الماضي، قادت ميركل ثلاث حكومات ائتلافية من أصل أربع كان الحزب «الاشتراكي» شريكها فيها. ولكن هذه المرة يبدو أن ميرتس يخطط للتحالف مع الليبراليين، ولكن سيتعين أولاً الحصول على أصوات كافية لدخول البرلمان.

المستشار الألماني أولاف شولتس في مكتبه يتحدث عبر الجوال قبيل إقالته وزير ماليته (أ.ف.ب)

ويرفض ميرتس وكل الأحزاب السياسية الأخرى، التحالف مع «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف رغم حلوله ثانياً في استطلاعات الرأي، ما يعني أنه قد يصبح حزب المعارضة الأكبر داخل البرلمان في الانتخابات المقبلة.

وانهارت حكومة شولتس في اليوم الذي صدرت فيه نتائج الانتخابات الأميركية، وأُعلن فوز دونالد ترمب بالرئاسة. ورغم أن التسريبات من داخل حزب شولتس كانت تشير إلى أن فوز ترمب قد يوحد الحكومة ويدفعها لتخطي خلافات بهدف الاستعداد لولاية ترمب، فإن العكس حدث. وشجع الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير المنتمي للحزب «الاشتراكي» على السرعة لتخطي الأزمة السياسية، وإعادة الاستقرار لألمانيا، وهو يجري مشاورات لا تتوقف مع الأحزاب منذ انهيار الحكومة. ويتعين عليه الآن تأييد تاريخ 23 فبراير موعداً للانتخابات المقبلة، ولكن ذلك يعد خطوة شكلية.

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

ويرى محللون أن تقليص فترة عدم اليقين في ألمانيا ضرورية لكي تتيح للحكومة المقبلة أن تستعد للتعامل مع إدارة ترمب، خصوصاً في الملفات الشائكة، وتحديداً ملف أوكرانيا. ويؤيد حزب ميرتس دعماً أكبر لأوكرانيا من شولتس، وهو يؤيد كذلك انضمامها لحلف الناتو، على عكس شولتس الذي يرى أن الأفضل أن تبقى حيادية.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.