لافروف: التعاون العسكري والأمني مع كوريا الشمالية يضمن «حل مشكلات الطرفين»

كشف عن توقيع قريب على اتفاق تعاون شامل مع إيران يشمل النواحي الدفاعية

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هي في موسكو الجمعة (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هي في موسكو الجمعة (إ.ب.أ)
TT

لافروف: التعاون العسكري والأمني مع كوريا الشمالية يضمن «حل مشكلات الطرفين»

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هي في موسكو الجمعة (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سونغ هي في موسكو الجمعة (إ.ب.أ)

عكس توقيت زيارة وزيرة كوريا الشمالية، تشوي سونغ هي، إلى موسكو وأجندة محادثاتها مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، تَعَمُّد الطرفين توجيه رسالة مباشرة إلى الغرب، على خلفية ازدياد التقارير حول نشر قوات من كوريا الشمالية في روسيا تمهيداً لزجها على خطوط التماس في أوكرانيا.

وكان لافتاً أن محادثات الوزيرين ركزت بشكل أساسي على ملف التعاون العسكري والأمني بين البلدين، ورأى الوزير الروسي في مستهل اللقاء أن تعاون جيشي البلدين والأجهزة الأمنية لدى موسكو وبيونغ يانغ يشكل الضمانة الأساسية لحماية مصالح الطرفين و«حل المشكلات التي تواجهها روسيا وكوريا الديمقراطية».

محادثات موسعة بين وفدي روسيا وكوريا الشمالية في موسكو الجمعة (إ.ب.أ)

وقال لافروف إن «اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وكوريا الديمقراطية تهدف لتحقيق الاستقرار في منطقة شمال شرقي آسيا... لقد أرست اتفاقية الشراكة الاستراتيجية أساساً متيناً لمواصلة تعميق علاقاتنا في جميع مجالات جدول الأعمال الثنائي، وهي تهدف أيضاً إلى لعب دور في استقرار منطقة شمال شرقي آسيا، وعلى نطاق أوسع في قارتنا بأكملها».

ورأى وزير الخارجية الروسي أن العلاقات بين موسكو وبيونغ يانغ وصلت إلى مستوى «عالٍ غير مسبوق» خلال السنوات الأخيرة. وخاطب نظيرته قائلاً: «تم تطوير اتصالات وثيقة بين الجيشين وأجهزة المخابرات في البلدين؛ ما يجعل من الممكن حل المشكلات المهمة لأمننا وأمن بلادكم».

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، وقَّعا في يونيو (حزيران) الماضي، خلال زيارة بوتين إلى بيونغ يانغ، اتفاقية شراكة شاملة حلت مكان المعاهدة الأساسية للصداقة وحسن الجوار والتعاون بين روسيا وكوريا الشمالية الموقَّعة في عام 2000.

فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون يزوران قاعدة «فوستوشني» بمنطقة آمور في أقصى شرق روسيا (أرشيفية - رويترز)

ونصت المادة الرابعة من المعاهدة على أنه إذا تَعَرَّضَ أحد الطرفين لهجوم مسلح من قبل دولة أخرى، أو دول عدة، ووجد نفسه في حالة حرب، فسيقوم الطرف الآخر على الفور بتقديم المساعدة العسكرية وغيرها من المساعدات بجميع الوسائل المتاحة.

بالإضافة إلى ذلك، ووفق المادة الثامنة، ينشئ الطرفان آليات للأنشطة المشتركة من أجل تعزيز القدرات الدفاعية بما يخدم منع الحرب، فضلاً عن ضمان السلام والأمن الإقليميين والدوليين.

وكانت موسكو قد نفت في البداية صحة تقارير غربية عن نشر قوات كورية شمالية في روسيا، كما نفت صحة معطيات ترددت قبل ذلك، عن تزويد كوريا الشمالية لروسيا بتقنيات صاروخية وكميات كبرى من ذخائر المدفعية، لكن الكرملين عاد في وقت لاحق ليؤكد بشكل غير مباشر توسيع التعاون العسكري بشكل غير مسبوق. وقال الرئيس فلاديمير بوتين قبل يومين إن «قضية تقديم المساعدات العسكرية المتبادلة مع كوريا الديمقراطية هي مسألة سيادية، والبلدان وحدهما يقرران ما إذا كان ذلك يقتصر على تبادل الخبرات والتدريبات المشتركة أم تطبيق شيء ما آخر». بدورها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا إن «التفاعل في المجال العسكري مع بيونغ يانغ لا ينتهك القانون الدولي»، ووصفت الانتقادات الغربية بهذا الشأن بأنها «حشو وضجيج فارغ».

تُظهر هذه الصورة الملتقطة في 17 أكتوبر 2024 زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (وسط) يزور قيادة الفيلق الثاني للجيش الشعبي الكوري (أ.ف.ب)

في المقابل، أشارت تقارير صدرت عن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى، إلى أن كوريا الشمالية نشرت ما يقرب من 10 آلاف عسكري في روسيا، تم إرسالهم إلى منطقة كورسك التي تسيطر القوات الأوكرانية على أجزاء منها. وأعلنت أوكرانيا، الجمعة، أن لديها معطيات مؤكدة عن هوية قائد تلك القوات.

وجاء حديث لافروف ليؤكد من جانب آخر أن موسكو وبيونغ يانغ تتجهان نحو الكشف أكثر عن حجم ومستويات التعاون العسكري والأمني بين البلدين.

وزيرة خارجية كوريا الشمالية أكدت خلال اللقاء أن بلادها «ليس لديها أدنى شك في حتمية انتصار روسيا في الصراع في أوكرانيا، ونقف بثبات إلى جانب رفاقنا الروس».

وقالت الوزيرة إن روسيا «في ظل القيادة الحكيمة للرئيس المحترم فلاديمير بوتين، ستحقق بالتأكيد نصراً كبيراً في كفاحها المقدس لحماية الحقوق السيادية وحماية أمن البلاد».

وجددت تشوي سونغ هي، اتهام واشنطن بتأجيج الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وقالت إن «الوضع في المنطقة وصل إلى حالة خطيرة للغاية وغير مستقرة، وبات يهدد أمن شبه الجزيرة ومنطقة شمال شرقي آسيا برمتها بسبب تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

اللافت أن الإقرار الروسي بتوسيع حجم التعاون العسكري والاستخباراتي مع كوريا الشمالية، تَزَامَنَ مع الكشف للمرة الأولى عن جوانب تتعلق بالشق العسكري للتعاون مع إيران الحليف الثاني المهم لروسيا في الحرب الأوكرانية.

وقبل المحادثات مع نظيرته الكورية الشمالية، كان لافروف قد تَطَرَّقَ إلى هذا الموضوع خلال مداخلة أمام مؤتمر أمني.

وقال الوزير الروسي إن بلاده سوف توقِّع في القريب العاجل اتفاقية شراكة شاملة مع إيران. وأضاف: «يتم الآن إعداد الاتفاقية للتوقيع عليها في المستقبل القريب». وقال لافروف: «هناك سيتم تأكيد رغبة الأطراف في تعاون أوثق في مجال الدفاع، والتفاعل لصالح السلام والأمن على المستويين الإقليمي والعالمي».

وأعلنت موسكو منذ أكثر من شهرين أن التحضيرات جارية لتوقيع الاتفاقية الجديدة مع طهران، ووصفتها بأنها «تضع أساساً لتعاون وثيق لعقود طويلة مقبلة». لكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها الكشف بشكل مباشر عن تضمين الاتفاقية بنوداً حول الدفاع المشترك، وتطوير التعاون في المجالات العسكرية والأمنية، على غرار الاتفاقية الموقَّعة مع كوريا الشمالية.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان وروبيو يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية

الخليج ولي العهد السعودي لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي الاثنين في جدة (واس) play-circle 00:17

محمد بن سلمان وروبيو يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية

استقبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة مساء الاثنين، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا (رويترز) play-circle 02:52

روسيا تقول إنها تنسق مع أميركا بشأن سوريا

نقلت وكالة «تاس» للأنباء، اليوم الاثنين، عن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قوله إن روسيا تنسق مع الولايات المتحدة بشأن أعمال عنف في سوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
خاص مقاتلون تابعون للقيادة السورية الجديدة في نقطة تفتيش عند مدخل قاعدة حميميم العسكرية بمحافظة اللاذقية 29 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

خاص مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط»: لا علاقة لموسكو بأحداث الساحل والتنسيق مع دمشق متواصل

أكد مصدر دبلوماسي روسي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، أن موسكو لا علاقة لها بتطورات الأحداث في الساحل السوري.

رائد جبر (دمشق)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة يونيو 2024 (واس)

السعودية ترسِّخ مكانتها وسيطاً موثوقاً في الدبلوماسية العالمية

تعيد المملكة العربية السعودية رسم ملامح دورها في الدبلوماسية العالمية، وسيطاً موثوقاً ومنصةً رئيسيةً للمفاوضات الحساسة بين القوى الإقليمية والدولية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

الكرملين: الطريق أمام استعادة العلاقات الروسية الأميركية صعب

قال الكرملين اليوم (الاثنين) إن روسيا ترى أن استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة مهمة طويلة وشاقة لكنها تعتقد أن هناك إرادة سياسية لدى الجانبين للمضي قدما.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روسيا تطرد دبلوماسيَين بريطانيَين بسبب التجسس

رجل يسير أمام مدخل السفارة البريطانية في موسكو الاثنين (إ.ب.أ)
رجل يسير أمام مدخل السفارة البريطانية في موسكو الاثنين (إ.ب.أ)
TT

روسيا تطرد دبلوماسيَين بريطانيَين بسبب التجسس

رجل يسير أمام مدخل السفارة البريطانية في موسكو الاثنين (إ.ب.أ)
رجل يسير أمام مدخل السفارة البريطانية في موسكو الاثنين (إ.ب.أ)

أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، الاثنين، سحب اعتماد اثنين من الدبلوماسيين البريطانيين، في خطوة عدّت لندن أنها تستند إلى اتهامات «خبيثة ولا أساس لها».

وأكدت موسكو طرد ألكش أوديدرا، مشيرةً إلى أنه السكرتير الثاني في السفارة، ومايكل سكينر التي أفادت بأنه زوج السكرتيرة الأولى للبعثة الدبلوماسية.

وأوضح الجهاز أن نشاط مكافحة التجسس الذي قام به «كشف عن وجود استخباري بريطاني غير معلن تحت ستار السفارة». وأكد أنه توصل إلى «مؤشرات تدل على أن هذين الدبلوماسيين يقومان بنشاط تخريب واستعلام يهدد أمن الاتحاد الروسي»، مشيراً إلى أنهما «قاما عمداً بتوفير معلومات خاطئة عند الحصول على إذن لدخول بلادنا، وبالتالي خالفا القوانين الروسية».

وفي تعليق على الإجراء الروسي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: «هذه ليست المرة الأولى توجه فيها روسيا اتهامات خبيثة ولا أساس لها بحق موظفينا».

وقامت وزارة الخارجية الروسية بسحب اعتماد الدبلوماسيين المذكورين، وأمرتهما بمغادرة الأراضي الروسية خلال أسبوعين حداً أقصى، حسب جهاز الأمن. وأكدت الوزارة بدورها على «تلغرام» أنها استدعت ممثلاً عن السفارة على خلفية هذه المسألة.

وشهدت العلاقات بين موسكو ولندن توترات بسبب قضايا أمنية وتجسسية منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين زمام الأمور في روسيا قبل ربع قرن. واتهمت المملكة المتحدة موسكو بقتل العميل الروسي السابق المناهض للكرملين ألكسندر ليتفيننكو عبر تسميمه في لندن عام 2016. وفي 2018، قامت لندن وحلفاؤها بطرد عشرات الدبلوماسيين الروس على خلفية اتهامهم بالتجسس، إثر محاولة قتل العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال عبر تسميمه في بريطانيا. والجمعة الماضي، دانت هيئة محلفين في محكمة بريطانية ثلاثة بلغاريين لضلوعهم في شبكة تجسس في المملكة المتحدة استهدفت صحافيين ومررت معلومات حساسة إلى روسيا على مدى ثلاثة أعوام.

ويأتي الإعلان الروسي عن طرد الدبلوماسيَين في وقت تشهد الديناميات المرتبطة بحرب أوكرانيا تحولات عميقة. وركزت موسكو خلال الأسابيع الماضية انتقاداتها على الدول الأوروبية عوضاً عن الولايات المتحدة، بعدما بدأت واشنطن تقارباً مع موسكو تخلله إطلاق مباحثات مباشرة معها سعياً للتوصل إلى تسوية للحرب التي بدأت مطلع 2022.