جورجيا تتأرجح بين ولاءين... أحدهما لموسكو والآخر لبروكسل

تخوض انتخابات تشريعية حاسمة لمستقبلها الأوروبي... ومتخوّفة من النموذج الأوكراني

متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
TT

جورجيا تتأرجح بين ولاءين... أحدهما لموسكو والآخر لبروكسل

متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)
متظاهرون أمام البرلمان (رويترز)

يصوّت الناخبون بجورجيا، السبت، في انتخابات تشريعية تحدّد مستقبل البلاد، المنقسمة بين معارضة مؤيّدة لأوروبا، وحزب حاكم مُوالٍ لروسيا، وشدّدت بروكسل على أن نتيجة الاقتراع ستحدّد فرص دخول هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، الواقعة في منطقة القوقاز، ويبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، إلى الاتحاد الأوروبي، وكانت تبليسي أدرجت هذا الطموح في دستورها.

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تشارك في مسيرة لدعم عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي (رويترز)

وقالت الرئيسة الجورجية الموالية للغرب، سالومي زورابيشفيلي، التي تنتهج سياسة مخالفة لتلك التي تتّبعها حكومة حزب «الحلم الجورجي» الموالي لموسكو، إن هذه «الليلة، ستشهد انتصاراً لجورجيا برُمّتها»، وأضافت بعدما أدلت بصوتها: «هذا اليوم سيحدّد مستقبل البلاد... إنها انتخابات وجودية».

ووصفت زورابيشفيلي المشهد في بداية أكتوبر (تشرين الأول) خلال مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» قائلة: «لدينا شبه استفتاء حول الاختيار بين أوروبا، أو العودة إلى ماضٍ روسي غامض».

اندلعت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تبليسي 1 مايو (رويترز)

وفتحت مراكز الاقتراع في الصباح أبوابها، ويُتوقَّع نشر أولى نتائج استطلاع آراء الناخبين بعد إغلاقها في العاشرة مساءً.

أما رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه، فقال إنه يتوقع فوزاً صريحاً لحزب «الحلم الجورجي» الحاكم الموالي لموسكو . وقال لوكالة أنباء «إنتربرس نيوز» المحلية، السبت: «توقعاتنا متفائلة، نتوقع 60 في المائة من أصوات السكان»، بينما كان يُدلي بصوته.

وأكّد مجدّداً أهمية الانتخابات للاتجاه المستقبلي للبلاد، وقال إن الانتخابات سوف تحدِّد مزيداً من التنمية مثلما كان الحال في 2012، عندما تسلَّم الحزب زمام الأمور في البلاد.

وذكرت وكالة «أسوشيتيد برس» (أ.ب)، السبت، أن الحملة الانتخابية تهيمن عليها السياسة الخارجية، واتسمت بصراعٍ مرير على الأصوات، واتهامات بشنّ حملة تشويه.

ويفضِّل حزب «الحلم الجورجي» الحاكم تعاوناً اقتصادياً أوثق مع روسيا، بينما تريد المعارضة الموالية للغرب دفع البلاد نحو عضوية الاتحاد الأوروبي.

وجورجيا مرشّحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن العملية متوقفة حالياً بسبب القوانين المثيرة للجدل التي فرضتها الإدارة الحالية.

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وتسلَّم «الحلم الجورجي» الحكم من «الحركة الوطنية المتحدة» الموالية للغرب، في عهد الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي. ووصف كوباخيدزه الانتخابات بأنها «استفتاء حول الحرب والسلام بين الدعاية غير الأخلاقية والقيم التقليدية، واستفتاء بشأن الماضي المظلم والمستقبل المشرق للبلاد».

ويتبنّى «الحلم الجورجي» خَطّاً محافِظاً قومياً على نحو متزايد، ويسعى للتقارب مع الصين. وفي حال فاز بأغلبية الثلثين يريد مؤسّس الحزب، الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، الذي يتحكّم منذ حوالى 10 سنوات بزمام السلطة في الكواليس، حظرَ «الحركة الوطنية المتحدة»، حزب الرئيس السابق المسجون ميخائيل شاكاشفيلي العدو اللدود لإيفانيشفيلي.

وقبل الانتخابات البرلمانية، تعهّد إيفانيشفيلي، الملياردير الغامض، الذي أسّس حزب الحلم الجورجي، وجمع ثروته في روسيا، مرة أخرى بحظر أحزاب المعارضة حال فوز حزبه. وقال إيفانيشفيلي، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، في تجمّع مؤيد للحكومة في العاصمة تبليسي، إن حزب «الحلم الجورجي» سيحمّل أحزاب المعارضة «المسؤولية الكاملة، بموجب القانون، عن جرائم الحرب» التي ارتُكِبت ضد شعب جورجيا. ولم يوضح الجرائم التي يعتقد أن المعارضة ارتكبتها.

ويعتقد الكثيرون أن هذه الانتخابات ربما تكون الأكثر أهميةً، منذ أن حصلت جورجيا على استقلالها في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991.

وسينتخب الجورجيون 150 نائباً من 18 حزباً، وإذا لم يحصل أي حزب على 76 مقعداً، وهو العدد المطلوب لتشكيل حكومة لمدة 4 سنوات، فسوف تدعو الرئيسة الحزب الأكبر لتشكيل حكومة ائتلافية.

أثار قانون «التأثير الأجنبي» غضب داعمي انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

وشهدت جورجيا في مايو (أيار) مظاهرات حاشدة في الشوارع على مدى أسابيع؛ احتجاجاً على إقرار «قانون التأثير الأجنبي» المثير للجدل، بوصفه مستوحًى من قانون روسي لإسكات المعارضة. وعليه، جمّدت بروكسل ملف انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفرضت واشنطن عقوبات على عشرات المسؤولين الجورجيين بتهمة ممارسة «قمع عنيف» في حق المتظاهرين.

من جانبه، ندّد الكرملين، الجمعة، بمحاولات «تدخل» دول غربية في الانتخابات التشريعية الجورجية.

واشتكى بعض الجورجيين من الترهيب والضغوط التي تم ممارستها عليهم لحملهم على التصويت لصالح الحزب الحاكم «الحلم الجورجي»، بينما اتهمت المعارضة الحزب بشنّ «حرب هجينة» ضد مواطنيها.

وكانت استطلاعات للرأي في الفترة الأخيرة أشارت إلى أن تحالفاً غير مسبوق بين أحزاب معارِضة قد يهزم حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وبين الأحزاب الأربعة المعارضة المعنية: «الحركة الوطنية الموحَّدة». إلا أنه يصعب جداً توقُّع نتيجة الاقتراع؛ إذ قال الكثير من الذين استُطلِعت آراؤهم إنهم لا يزالون متردّدين، أو أنهم رفضوا الإفصاح عن الطرف الذين سيُصوّتون له.

وتُجرى الانتخابات بالاقتراع النسبي تحت إشراف مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وفي حال فوزه وعد تحالُف المعارضة بإجراء إصلاحات انتخابية وقضائية، وإلغاء قوانين أُقِرّت مؤخراً وتعرضت لانتقادات. كذلك، يهدف تحالُف المعارضة إلى تشكيل حكومة ائتلافية، ثم تنظيم انتخابات جديدة في غضون عام تعكس إرادة الناخبين بشكل أفضل.

وترجّح استطلاعات للرأي حصول أحزاب المعارضة على ما يكفي من الأصوات في انتخابات السبت، لتشكيل حكومة ائتلافية بدلاً من حزب «الحلم الجورجي» الحاكم الذي يديره الملياردير النافذ بيدزينا إيفانيشفيلي.

رئيس بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي في جورجيا ديميتريوس كاراباليس (د.ب.أ)

وفي مركز اقتراع بالعاصمة تبليسي، رأى غيورغي كيبتشيدزه (48 عاماً)، وهو موسيقي، أن المعارضة ستنتصر. وقال هذا الناخب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «معظم الجورجيين يدركون أن الحكومة الحالية تُعِيدنا إلى المستنقع الروسي، وتُبعدنا عن أوروبا».

وأكّد رئيس بلدية تبليسي كاخا كالادزي، الأمين العام لحزب «الحلم الجورجي»، أن المعارضة ستحاول «إثارة توترات»، وحذّر غيلا فاسادزي، الخبير بمركز التحليل الاستراتيجي في جورجيا، من خطر حدوث «اضطرابات بعد الانتخابات» إذا «حاول الحزب الحاكم التمسك بالسلطة مهما كانت النتيجة».

سفينة تابعة للبحرية الروسية في البحر الأسود بالقرب من سوخومي عاصمة منطقة أبخازيا الانفصالية في جورجيا (أ.ف.ب)

تجمّع عشرات آلاف المتظاهرين المؤيدين لأوروبا، الأحد، في تبليسي، قبل أسبوع من الانتخابات، واحتشد المتظاهرون في شوارع بوسط العاصمة الجورجية، وحمل بعضهم أعلام بلادهم والاتحاد الأوروبي، بينما رفع آخرون لافتات كُتب عليها: «جورجيا تختار الاتحاد الأوروبي»، حسبما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسارت الحشود نحو ساحة الحرية في وسط العاصمة، ودعت منظمات غير حكومية عدة إلى المسيرة، بهدف «إظهار التصميم على مواصلة الطريق نحو الانضمام» إلى الاتحاد الأوروبي.

درّاجون يرفعون علم أبخازيا خلال «العيد الوطني» في العاصمة سوخومي في 23 يوليو الماضي (إ.ب.أ)

ويكرّس الدستور الجورجي طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو توجّه يؤيده نحو 80 في المائة من الجورجيين، وفقاً لاستطلاعات رأي عدّة أجرتها جهات، بينها المعهد الديمقراطي الوطني، والمعهد الجمهوري الدولي.

وما زالت هذه الجمهورية السوفياتية السابقة المُطِلّة على البحر الأسود تحت تأثير حرب خاطفة خاضتها مع الجيش الروسي في عام 2008، وعقب هذه الحرب أنشأت روسيا قواعد عسكرية دائمة في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين المدعومتين من موسكو في جورجيا، واعترفت بهما روسيا دولتين مستقلتين.

المتظاهرون تجمّعوا في احتجاج خلال الليل عند البرلمان (إ.ب.أ)

وفي هذا السياق، قدّم الحزب الحاكم نفسه خلال حملته الانتخابية بأنه الوحيد القادر على منع تحوّل جورجيا إلى «أوكرانيا جديدة».

وأكّدت الحكومة أنها تريد الحصول على ثلاثة أرباع المقاعد في البرلمان، ما يسمح لها بتعديل الدستور، وحظر أحزاب المعارضة الموالية للغرب.

وحذّر محلّلون من خطر حدوث اضطرابات إذا حاول حزب «الحلم الجورجي» التمسك بالسلطة في حال خسر الانتخابات، بينما تحدث آخرون عن إمكان حدوث تزوير.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
TT

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)
وزير الدفاع الأميركي مستقبلاً نظيره الكوري الجنوبي في البنتاغون (رويترز)

كل المؤشرات تؤكد أن الأوضاع على جبهات القتال لا تميل لمصلحة أوكرانيا. وفي تقييم للوضع الميداني قالت الاستخبارات البريطانية العسكرية إن خط المواجهة كان أكثر «اضطراباً» من أي وقت مضى منذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، في تعبير ملطف عمّا تعانيه قوات كييف، على الرغم من كونها من المدافعين عنها.

وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أقرّ مصدر رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة الأوكرانية (الجمعة) بأن القوات الروسية تتقدَّم مسافة بين «200 و300 متر يومياً» قرب كوراخوف، وهي من المواقع المهمة التي قد تسقط قريباً. وفي علامة على هذا التقدم، أعلن الجيش الروسي (الجمعة) سيطرته على بلدة نوفودميتريفكا شمال كوراخوف. وتحتوي هذه المنطقة خصوصاً على رواسب كبيرة من الليثيوم.

واليوم (السبت) أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أنه يتوقع أن يبدأ الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا، المشارَكة الفعلية في القتال قريباً، ضد القوات الأوكرانية، خصوصاً في منطقة كروسك الروسية.

تصعيد مدروس أو متهور؟

وأتت تلك التحذيرات بعد الضجة التي أحدثتها روسيا، جراء الضربة «المدروسة» تداعياتها بدقة، التي نفَّذتها بصاروخ تجريبي فرط صوتي، أرادت من خلالها توجيه رسائل متعددة الاتجاهات. وشهد الأسبوع الماضي، تغييراً جذرياً للصراع في أوكرانيا، خلال سعي طرفَي النزاع المحموم للاستعداد لعودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للسلطة.

وخلال هذا الأسبوع، تقاذفت واشنطن وموسكو المسؤولية عن التصعيد. وقالت إدارة بايدن إن سماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» لضرب العمق الروسي، جاء رداً على استقدام نحو 11 ألف جندي كوري شمالي، حيث ترجح تقييمات استخباراتية أميركية وكورية جنوبية، أن يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

في المقابل، قالت موسكو إن ضربتها الصاروخية، كانت رداً على السماح باستهداف أراضيها بالصواريخ الغربية. وفي حين وصف كل من الجانبين الآخر بأنه «متهور»، يخشى البعض من أن يتحوَّل هذا التصعيد بسرعة إلى حرب. فواشنطن تحاول بشكل يائس تغيير الوضع الميداني المتراجع لأوكرانيا على الخطوط الأمامية، قبل مغادرة بايدن الرئاسة. وروسيا تتجه نحو مسارات أكثر خطورة لاستعادة قيمة الردع التي فقدتها في السنوات الثلاث الماضية. ورغم أن الطرفين لن ينخرطا في صراع مباشر، بدليل حرص موسكو على إبلاغ واشنطن قبل 30 دقيقة عن ضربتها الصاروخية، فإنهما سينخرطان بشكل أوسع في المواجهة التي أصبحت «عالمية» في أوكرانيا.

وطلبت أوكرانيا من حلفائها الغربيين تزويدها بأحدث جيل من أنظمة الدفاع الجوي لحماية نفسها. وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي عن أن «وزير الدفاع الأوكراني تَواصَل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه حماية الأرواح بمواجهة أخطار جديدة».

دعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حليف لموسكو داخل الاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، إلى عدم الاستهانة بتهديدات روسيا، الدولة المجهَّزة «بأكثر الأسلحة تدميراً في العالم»، التي «تبني سياستها ومكانتها في العالم بشكل عام على القوة العسكرية».

مشاركة جنود بيونغ يانغ

ويقدِّر وزير الدفاع الأميركي وجود نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي الآن في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا، والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ: «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقَّع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة إلى القوات الكورية الشمالية.

رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

وذكر أوستن أنه «لم يرَ أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن، على الرغم من صدور تقارير أوكرانية، أشارت إلى مقتل عدد منهم في ضربة نفَّذتها كييف بصواريخ «أتاكمز» أخيراً في بريانسك.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية، هذا الأسبوع، إن موسكو تُقدِّم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات، ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ، مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ولم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وجود قوات كورية شمالية، وبدلاً من ذلك انتقد الغرب بسبب دعمه لأوكرانيا. وقالت كوريا الشمالية، الشهر الماضي، إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.

الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمز» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

وفي حين يعجل فريق الرئيس ترمب الحديث عن المفاوضات، كانت الأوضاع على جبهات القتال قاتمةً في كل مكان في أوكرانيا. فالقوات الروسية تواصل الضغط على القوات الأوكرانية في منطقة كورسك لإخراجها منها، وتتقدم جنوب خاركيف، بالقرب من مدينة كوبيانسك. وتتعرَّض خطوط الإمداد للخطر حول منطقة دونباس الشرقية، في حين جنوب زابوريجيا تحت ضغط أكبر، بحسب تقييمات عسكرية في واشنطن.

التأثير على ترمب

ورغم وصف المسؤولين الأميركيين وحلف شمال الأطلسي، الصاروخ الروسي «أوريشنيك» بأنه «متوسط ​​المدى وتجريبي»، في تعليقات بدت كأنها تسعى إلى التقليل من أهميته، فإنها كانت تشير في الواقع إلى خلاف أوسع مع موسكو، يعود إلى عام 2019، خلال رئاسة ترمب الأولى. في ذلك العام، انسحب ترمب من معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، التي كانت تحد من تطوير مثل هذه الأسلحة، متهماً روسيا بانتهاكها.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ويرى البعض أن إصرار المسؤولين الغربيين على أن هذا الصاروخ «متوسط المدى»، الذي بدا قادراً على حمل أسلحة نووية، ربما يكون إشارة إلى استمرار روسيا في السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة خارج تلك المعاهدة التي انتهت صلاحيتها الآن. لكنه ربما كان أيضاً بمثابة إشارة إلى ترمب، بأن موسكو لا تزال منخرطة في تصنيع تلك الأسلحة التي اتهمها بتطويرها خلال ولايته الأولى.

لقاء روته بترمب

وأشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن لقاء الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس ترمب، في بالم بيتش بولاية فلوريدا، كانت على رأسه، مناقشاتهما الوضع في أوكرانيا. وقالت فرح دخل الله، الناطقة باسم «الناتو»، اليوم (السبت) في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وطبقاً لمعلومات من مصادر داخل الحلف، ناقش الجانبان الاجتياح الروسي المستمر لأوكرانيا، بالإضافة إلى قضية الإنفاق الدفاعي لأعضاء «الناتو»، بين قضايا أخرى.

كما اجتمع روته وفريقه أيضاً مع مايكل والتز، الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، وأعضاء آخرين بفريق الأمن القومي للرئيس المنتخب، حسب بيان «الناتو».

وكان روته، رئيس الوزراء الهولندي السابق، أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية. وتولى روته منصب الأمين العام للناتو في أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المقرر أن يعقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأوكرانيا محادثات في بروكسل (الثلاثاء)؛ لبحث الوضع. وتقول كييف إنها تتوقَّع قرارات «ملموسة» من حلفائها.

واختار ترمب، يوم الأربعاء، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي. وأوضح ترمب في بيان أن ويتاكر «محارب قوي، ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار». غير أن اختياره ويتاكر ممثلاً لدى «الناتو»، عُدَّ اختياراً غير اعتيادي، نظراً لخلفيته بصفته محامياً، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطلعة أن ترمب، يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال فترة رئاسته الأولى من 2017 إلى 2021، مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل أيضاً منصب سفير واشنطن لدى ألمانيا، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب. ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً لتلك المصادر. وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك.