نفت وزارة الخارجية الأوكرانية، مساء الاثنين، أن تكون زودت المتمردين الطوارق والعرب في دولة مالي، بطائرات دون طيار، في حربهم ضد الجيش المالي ومقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.
جاء النفي في بيان صادر عن الخارجية الأوكرانية، رداً على تقارير إعلامية تحدثت عن حصول الحركات المتمردة في مالي على طائرات مُسيَّرة، استُخدمت خلال هجمات وقعت مؤخراً واستهدفت مواقع للجيش المالي و«فاغنر»، في وسط وشمال مالي.
ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريراً قالت فيه إن المقاتلين الطوارق والعرب أصبحت بحوزتهم طائرات مُسيَّرة، حصلوا عليها في إطار ما وصفته الصحيفة بأنه «دعم سري ولكنه حاسم» في التمرد المسلح الذي تعيشه دولة مالي منذ أكثر من 10 سنوات.
ولكن وزارة الخارجية الأوكرانية قالت في بيان صادر في وقت متأخر من مساء أمس (الاثنين) إنها ترفض بشدة «الاتهامات التي نشرتها وسائل إعلام دولية مؤخراً، بشأن تورط دولتنا المزعوم في إمداد المتمردين في مالي بطائرات من دون طيار».
تاريخ التمرد
تعود جذور التمرد في دولة مالي إلى مطلع ستينات القرن الماضي، حين استقل البلد عن فرنسا، ولكن الطوارق والعرب المتمركزين في الشمال رفضوا أن يكونوا تابعين للسلطة المركزية في باماكو، في أقصى الجنوب، بصفتها سلطة تابعة للمستعمر السابق.
واندلع التمرد عدة مرات خلال العقود الماضية، ولكنه تجدد آخر مرة عام 2012، وأعلن المتمردون استقلال إقليم «أزواد» عن دولة مالي شهر أبريل (نيسان) 2012، ولكنهم لم يجدوا أي اعتراف دولي، قبل أن يسيطر تنظيم «القاعدة» على الإقليم وتتدخل فرنسا عسكرياً لطرد «القاعدة».
وقَّع المتمردون الطوارق والعرب مع باماكو اتفاقية سلام عام 2015 تحت رعاية الجزائر، ولكن هذه الاتفاقية انهارت العام الماضي، بعد أن سيطر مجلس عسكري على الحكم في باماكو، وأعلن الخروج من الاتفاقية، وأطلق عملية عسكرية واسعة لنزع سلاح الحركات المسلحة، واستعادة السيطرة على عموم أراضي الدولة، وكان ذلك بدعم من روسيا.
ساحة الصراع
يتهم المتمردون الجيشَ وقوات «فاغنر» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في شمال مالي، بينما تصاعدت وتيرة العنف والمعارك في شمال البلاد، خلال الأشهر الأخيرة. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي حقق المتمردون نصراً كبيراً على الجيش المالي و«فاغنر» في إحدى المعارك، بالقرب من الحدود مع الجزائر.
وخسر الجيش عشرات الجنود في المعركة، كما قُتل عشرات من مقاتلي «فاغنر» ووقع آخرون في الأسر، وتحدثت تقارير آنذاك عن دعم استخباراتي وأمني حصل عليه المتمردون من أوكرانيا، وفي أغسطس (آب) الماضي، قطعت مالي علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا بسبب تصريحات مسؤولين في كييف، بأن المتمردين حصلوا على جميع المعلومات «الضرورية» لخوض المعركة.
أما روسيا التي عززت خلال السنوات الأخيرة من نفوذها في أفريقيا، فاتهمت أوكرانيا بالسعي نحو فتح «جبهة ثانية» من خلال دعم حركات التمرد في الدول الأفريقية الصديقة لموسكو، مشيرة إلى أن المجموعة الغربية -وخصوصاً فرنسا- تقف خلف التدخل الأوكراني في منطقة الساحل الأفريقي.
جبهة ثانية
الكاتب الصحافي النيجري صايدو دياكيتي، أكد أن هنالك خطة فرنسية لتوحيد جبهة المتمردين في منطقة الساحل من أجل مواجهة نفوذ روسيا المتصاعد؛ مشيراً إلى أن أوكرانيا هي الوجه الذي تتحرك من خلاله فرنسا في المنطقة بعد أن طردت قواتها وتراجع نفوذها.
وأضاف الكاتب الصحافي أن «فرنسا لا تكتفي بأدواتها الخاصة؛ بل تستعين بدول أخرى، مثل أوكرانيا؛ حيث من الشائع أن يوفر نظام كييف الطائرات المُسيَّرة وأنظمة الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية (ستار لينك) للمقاتلين الطوارق، ما يسمح لهم بتنسيق عملياتهم بشكل أفضل».
وأوضح الكاتب الصحافي أن «هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إثبات تورط أوكرانيا في الساحل؛ حيث تم الإعلان عن برنامج لتدريب المقاتلين الطوارق في أوكرانيا، وقدمت مصادر من أجهزة الاستخبارات المولدوفية وثائق تؤكد إرسال بعض أعضاء الجناح العسكري للانفصاليين إلى أوكرانيا لتلقي تدريب طويل الأمد».