بعد تأجيل قمة رامشتاين... زيلينسكي يبدأ جولة أوروبية من لندن

ردد أن «خطة النصر» «قادرة على ردم الهوة بين الوضع الحالي وعقد مؤتمر سلام» يجبر موسكو على التراجع

اللقاء الثلاثي: زيلينسكي مع ستارمر وروته (أ.ف.ب)
اللقاء الثلاثي: زيلينسكي مع ستارمر وروته (أ.ف.ب)
TT

بعد تأجيل قمة رامشتاين... زيلينسكي يبدأ جولة أوروبية من لندن

اللقاء الثلاثي: زيلينسكي مع ستارمر وروته (أ.ف.ب)
اللقاء الثلاثي: زيلينسكي مع ستارمر وروته (أ.ف.ب)

كان من المقرر أن يقدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «خطة نصر» للحرب إلى الحلفاء في ألمانيا هذا الأسبوع، لكن القمة، التي كان مزمعاً عقدها في القاعدة الجوية الأميركية في مدينة رامشتاين الألمانية تأجلت بعد أن ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته مع اقتراب إعصار ميلتون من ولاية فلوريدا.

زيلينسكي وأوستن وأوميروف وبراون في قاعدة رامشتاين (إ.ب.أ)

زيلينسكي الذي في حاجة إلى استمرار الدعم العسكري قرر القيام بجولة أوروبية تأخذه إلى عدد من عواصمها، دعماً لخطته، التي لا تزال مبهمة المعالم. وقال إنها ستُكشف خلال القمة الثانية من أجل السلام المنتظرة في نوفمبر (تشرين الثاني) من دون أن تؤكد كييف موعدها المحدد؛ ما يثير شكوكاً حول تنظيمها راهناً.

وأكد زيلينسكي، الذي ردد مراراً في الأيام الأخيرة أنه يريد «إرغام» موسكو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بشروط كييف، أن خطته «قادرة على ردم الهوة القائمة بين الوضع الحالي وعقد مؤتمر سلام ناجح». وقال: «بالنسبة إلينا إنها خطة النصر (...) وعندما ستُنفَّذ بالكامل ستفقد روسيا قدرتها على تهديدنا وتهديد أوروبا».

زيلينسكي في مقرّ رئاسة الوزراء مع كير ستارمر (أ.ف.ب)

وقال إن الحرب مع روسيا وصلت إلى نقطة حرجة؛ ولهذا يتطلع الرئيس الأوكراني إلى أن يقدم الغرب صواريخ بعيدة المدى وغير ذلك من الدعم لمحاولة تغيير التوازن في ساحة المعركة.

ومن التحديات الأخرى التي يدركها زيلينسكي هو الحصول على دعم أكبر من دول الجنوب، ومن بينها الصين حليفة موسكو والتي لم تندد علناً بالغزو الروسي؛ لإنهاء النزاع المسلح الذي أوقع آلاف الضحايا المدنيين والعسكريين.

روته وستارمر (إ.ب.أ)

ووصل الخميس إلى لندن، محطته الأولى قبل التوجه إلى باريس وبرلين وروما. وكان في استقبال زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مقرّ الحكومة. وتصافح الرجلان وتعانقا بحرارة. وتعدّ المملكة المتحدة من كبار داعمي كييف منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال ستارمر في بداية اجتماعه مع زيلينسكي في «داونينغ ستريت» إن «من المهم للغاية أن نتمكن من إظهار التزامنا المستمر بدعم أوكرانيا»، وكانت فرصة «المضي قدماً في الخطة والتحدث في مزيد من التفاصيل».

والتقى زيلينسكي في لندن أيضاً الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته. ويتوقع أن يستغل زيلينسكي فرصة جولته الأوروبية لتكرار مطالبه بشأن الحصول على عتاد عسكري.

زيلينسكي أمام «داونينغ ستريت» مع كير ستارمر (أ.ف.ب)

وأسف الرئيس الأوكراني الذي حضّ باستمرار الدول الغربية على مساعدة بلاده، في الأسابيع الأخيرة لبطء اتخاذ القرارات لدى حلفائه الذين يستمرون في التردد في تسلميه صواريخ طويلة الأمد تمكن جيشه من ضرب أهداف عسكرية في عمق الأراضي الروسية.

وتأتي الجولة قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة غير محسومة النتائج؛ ما يثير قلقاً لدى كييف بشأن تواصل الدعم الأميركي الحيوي لها.

بعد لندن، ينتقل زيلينسكي إلى باريس، حيث يجري محادثات بعد الظهر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفق الإليزيه. ويتوجه بعدها إلى روما ليجري مباحثات مساء مع رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ومن ثم صباح الجمعة مع البابا فرنسيس في الفاتيكان. وينتظر وصوله في اليوم نفسه إلى ألمانيا.

زيلينسكي يغادر «داونينغ ستريت» بعد مباحثات ثلاثية مع رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر وأمين عام «ناتو» مارك روته (أ.ف.ب)

ومن المرجح أن يسعى زيلينسكي في باريس إلى الحصول على مزيد من الدعم العسكري. وكانت فرنسا وعدت بتسليم طائرات ميراج مقاتلة لأوكرانيا خلال الربع الأول من عام 2025 ويجري بالفعل تدريب الطيارين وأطقم الصيانة الأوكرانيين على هذه الطائرات في فرنسا.

وزار ماكرون، الأربعاء، الجنود الأوكرانيين في شرقي فرنسا، حيث يتولى تدريبهم هناك أفراد من الجيش الفرنسي من أجل تشكيل لواء أوكراني جديد. ويتلقى الجنود تدريبات باستخدام أسلحة ومركبات فرنسية.

ومنذ يوليو (تموز) 2023، بدأت فرنسا، بتعاون وثيق مع بريطانيا، تزويد أوكرانيا بصواريخ سكالب (المعروفة في بريطانيا باسم ستورم شادو).

لكن مدى صواريخ سكالب التي أرسلتها فرنسا لأوكرانيا يقتصر على 250 كيلومتراً، وهو ما يحدّ من استخدامها ضد أهداف داخل روسيا.

ويلتقي زيلينسكي في برلين المستشار الألماني أولاف شولتس الذي تنوي حكومته خفض المبلغ المخصص للمساعدات العسكرية الثنائية الموجهة لكييف بالنصف خلال 2025؛ ما أثار معارضة أوكرانيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كييف (إ.ب.أ)

وحذَّر معهد كييل الألماني للأبحاث، الخميس، من احتمال انهيار المساعدة الغربية لأوكرانيا. وقال المعهد، الذي يرصد المساعدات المالية والعسكرية والإنسانية الموعودة والمرسلة إلى أوكرانيا، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، «ابتداءً من السنة المقبلة قد تواجه أوكرانيا عجزاً كبيراً في المساعدات». ورأى المعهد أن عودة دونالد ترمب المحتملة إلى البيت الأبيض «قد تعرقل خطط المساعدات المستقبلية في الكونغرس».

وتظهر توقعات معهد الأبحاث أن المساعدات العسكرية والمالية ستصل إلى 59 و54 مليار يورو على التوالي في 2025 إذا أبقى المانحون الغربيون على مستوى المساعدة نفسه. وخلافاً لذلك، ستتراجع هذه المساعدات بالنصف إلى 29 و27 ملياراً تباعاً من دون مساعدات أميركية جديدة وفي حال حذا المانحون الأوروبيون حذو ألمانيا.

وافقت دول الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، على خطة لإقراض أوكرانيا ما يصل إلى 35 مليار يورو مضمونة بأصول روسية مجمدة، وفق ما أفاد دبلوماسيون. وتحتاج حكومة كييف بشكل كبير إلى التمويل لدعم الاقتصاد وتسليح الجيش والحفاظ على عمل شبكة الكهرباء خلال الشتاء المقبل بعد جولات القصف العنيفة التي شنَّتها القوات الروسية.

ويُعدّ قرض الاتحاد الأوروبي الذي وقّع عليه غالبية سفرائه خلال اجتماع في بروكسل، جزءاً من مبادرة أكبر بقيمة 50 مليار دولار وافقت عليها مجموعة السبع في يونيو (حزيران). وهذه الخطوة الأوروبية هي الأولى في إطار مبادرة مجموعة السبع، بانتظار أن تتقدم دول أخرى في المجموعة وبينها الولايات المتحدة وبريطانيا، للقيام بدورها. وجمّد الاتحاد الأوروبي نحو 235 مليار دولار من أموال البنك المركزي الروسي منذ غزت موسكو أوكرانيا عام 2022، وهو الجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة في جميع أنحاء العالم.

نائبة الرئيس كامالا هاريس التقت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتعهدت دعم أوكرانيا إذا فازت بالانتخابات (أ.ب)

وحالياً، يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الموافقة كل ستة أشهر على تمديد تجميد الأصول. ورفضت المجر اقتراحاً بتمديد هذه الفترة إلى 36 شهراً. ومن المتوقع الآن أن يقرّ البرلمان الأوروبي القرض خلال جلسة في وقت لاحق من أكتوبر (تشرين الأول)، ما يسمح بصرفه العام المقبل.

وفي الأثناء، تتقدم القوات الروسية تدريجاً في منطقة دونيتسك متجهة نحو بوكروفسك ذات الأهمية اللوجيستية للجيش الأوكراني.

أعلنت القوات المسلحة الروسية، الأربعاء، استعادة قريتين صغيرتين في منطقة كورسك الروسية من الجيش الأوكراني. وقد بثت وكالة الأنباء الروسية الرسمية (ريا نوفوستي) فيديو يظهر التقدم المزعوم، لكن المصادر الأوكرانية لم تؤكد هذا الادعاء ولم يعدّل المدونون العسكريون الأوكرانيون خرائط خطوط الجبهة، كما لم تقدم هيئة الأركان العامة في كييف أي تعليق مفصل حول الوضع.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه مع ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

بدوره، قال الجيش الأوكراني إنه هاجم ودمَّر مستودعاً للطائرات المسيَّرة في منطقة كراسنودار في جنوب روسيا، الأربعاء. وأفادت الأركان العامة الأوكرانية بوقوع انفجار إضافي بعد الإصابة المباشرة. وقالت إن المستودع المستهدف كان يحتوي على نحو 400 طائرة مسيرة من طراز «شاهد» إيرانية الصنع. وأضافت الأركان العامة في منشور على «تلغرام»: «تدمير قاعدة تخزين طائرات (شاهد) المسيَّرة سيقلل بشكل كبير من قدرة القوات الروسية المحتلة على إرهاب سكان المدن والقرى الأوكرانية». وأكدت السلطات الروسية نشوب حريق في مستودع قرب مستوطنة أوكتيابرسكي، كما ذكرت الوكالة الألمانية في تقريرها. وتم فرض طوق أمني واسع على المنطقة، حيث اشتعلت النيران في نحو 800 متر مربع، وفقاً لموظفي العمليات الإقليميين في منطقة كراسنودار.


مقالات ذات صلة

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتحدث خلال حفل ترنيج بوينت السنوي في فينيكس، بولاية أريزونايوم الاحد (ا.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد اوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما قام بذلك السبت، مثيراً احتجاج إسرائيل، التي اتهمته بـ«ازدواجية المعايير».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحبر الأعظم بعد صلاة التبشير: «بألم أفكر في غزة، في كل هذه القسوة، في الأطفال الذين يتعرَّضون لإطلاق النار، في قصف المدارس والمستشفيات. يا لها من قسوة».

و(السبت)، قال البابا لأعضاء حكومة الفاتيكان: «أمس لم يسمحوا لبطريرك (القدس) بالدخول إلى غزة كما وعدوا. أمس تم قصف أطفال. هذه قسوة، هذه ليست حرباً».

أضاف: «أريد أن أقول هذا لأنّه يمسّ قلبي».

وإثر موقفه السبت، اتهمت إسرائيل البابا بـ«ازدواجية المعايير».

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: «إن تصريحات البابا مخيبة للآمال بشكل خاص؛ لأنها منفصلة عن السياق الحقيقي والواقعي لحرب إسرائيل ضد الإرهاب الجهادي (...) وهي حرب متعددة الجبهات فُرضت عليها منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)».

أضاف البيان: «كفى اتباعاً لمعايير مزدوجة، والتصويب على الدولة اليهودية وشعبها».

وشدّد البابا في الأسابيع الأخيرة من حدّة تصريحاته حيال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

واندلعت الحرب في القطاع عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.