القوات الروسية تتقدم نحو توريتسك بعد أيام من سقوط فوليدار

كييف تعترف وتقول إن القتال في المدينة الاستراتيجية «يجري من منزل إلى منزل»

جندي أوكراني بالقرب من بوكروفسك في إقليم دونيتسك (رويترز)
جندي أوكراني بالقرب من بوكروفسك في إقليم دونيتسك (رويترز)
TT

القوات الروسية تتقدم نحو توريتسك بعد أيام من سقوط فوليدار

جندي أوكراني بالقرب من بوكروفسك في إقليم دونيتسك (رويترز)
جندي أوكراني بالقرب من بوكروفسك في إقليم دونيتسك (رويترز)

أعلنت كييف، الثلاثاء، أن قوات موسكو تقدمت نحو الجزء الشرقي من بلدة توريتسك المتنازع عليها منذ فترة طويلة، وذلك بعد أقل من أسبوع من سقوط بلدة فوليدار القريبة. كما استعر القتال العنيف أيضاً على الجبهة بين بوكروفسك وكوراخوف، حسب هيئة الأركان العامة الأوكرانية.

الجزء الشرقي من بلدة توريتسك المتنازع عليها قريباً من مناجم الفحم (رويترز)

وقال الجيش الأوكراني إن القوات الروسية دخلت ضواحي مدينة توريتسك الواقعة على جبهة القتال بشرق أوكرانيا. وأبلغت أناستاسيا بوبوفنيكوفا، المتحدثة باسم المجموعة التكتيكية العملياتية (لوهانسك)، الإذاعة الوطنية الأوكرانية أن القتال «يدور في توريتسك نفسها، وأن الوضع غير مستقر، وأن القتال يجري حرفياً من منزل إلى منزل»، مضيفة: «لقد دخل الروس الضواحي الشرقية للمدينة». وبحسب بوبوفنيكوفا، شقت الوحدات الروسية طريقها بالفعل إلى منجم الفحم في موقع وسط البلدة.

وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف (إ.ب.أ)

وقبل الغزو الروسي كان نحو 30 ألف شخص يقيمون في بلدة التعدين بمنطقة دونيتسك. ورغم القتال، فإنه تردد أن الآلاف ما زالوا صامدين في المنطقة الحضرية التي دُمرت بشدة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها ألحقت أضراراً بالقوات والعتاد في بلدات عدة بالمنطقة، بما في ذلك المنطقة القريبة من توريتسك. وقال مدونون عسكريون روس، بمن في ذلك مجموعة من المحللين العسكريين الذين أداروا قناة «ريبار» على تطبيق «تلغرام»، كما نقلت عنهم «رويترز»، إن القوات الروسية تواصل التقدم نحو وسط المدينة.

وتتقدم روسيا التي تسيطر الآن على ما يقل قليلاً عن خُمس الأراضي الأوكرانية، نحو توريتسك منذ أغسطس (آب) الماضي، وتستولي على قرية تلو أخرى بمساعدة قوات المشاة، وبالاعتماد على الاستخدام الكثيف للقنابل الموجهة شديدة التدمير.

وبالنسبة لأوكرانيا، ظلت توريتسك مدينة على خط المواجهة منذ 10 سنوات؛ لأنها قريبة من الأراضي الأوكرانية التي استولى عليها انفصاليون مدعومون من روسيا في عام 2014. وأصبحت منذ ذلك الحين إحدى ركائز تحصينات منطقة العاصمة كييف.

أما بالنسبة لموسكو، فإن الاستيلاء على المدينة سيسهم في تقريب هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من السيطرة على منطقة دونباس.

وتدافع أوكرانيا عن نفسها ضد الغزو الروسي منذ أكثر من عامين ونصف العام. وتدعو كييف القوى الغربية إلى توفير مزيد من الأسلحة بعيدة المدى لوقف هجمات روسيا، ومحاولة فرض السلام في فترة تعد حاسمة للحرب الأوكرانية قبل الانتخابات الأميركية.

كما أعلنت القوات الروسية أنها سيطرت على قريتين في الشرق الأوكراني، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع، الثلاثاء، في وقت تتقدّم فيه قوات موسكو بشكل ثابت في المنطقة. وقالت الوزارة في بيان إن وحدات روسية «حرّرت» قريتَي زوريان وزولوتا نيفا في منطقة دونيتسك، جنوب مدينة بوكروفسك التي تُعد مركزاً لوجيستياً للجيش الأوكراني.

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية بعد تدمير مسيّرة بحرية أوكرانية (أ.ب)

وتقول روسيا إن السيطرة على القرى تسهم في مواصلة تقدُّمها بشكل أعمق مخترقةً دفاعات أوكرانيا، وتحسِّن من موقعها التكتيكي.

وكتب حاكم المنطقة أولكسندر بروكودين على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هجوماً روسياً، الثلاثاء، على ضاحية مدينة خيرسون (جنوب) على ضفة نهر دنيبرو، أسفر عن مقتل شخص وإصابة خمسة.

بدوره، قال رئيس بلدية خاركيف إيغور تيريخوف إن هجوماً صاروخياً على منطقة صناعية في مدينة خاركيف (شمالي شرق) أصاب «مؤسسة مدنية»؛ ما أسفر عن إصابة 21 شخصاً، وتَسَبَّبَ في اندلاع حريق كبير.

من هجوم أوكراني سابق استهدف جسر القرم الذي يربط البر الرئيسي الروسي بشبه الجزيرة (أ.ب)

وفي سياق متصل أُجلي أكثر من 1000 مدني في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّتها روسيا في عام 2014 بسبب حريق اندلع، الاثنين، في موقع نفطي رئيسي تقول كييف إنه ناجم عن ضربة أوكرانية. وقال إيغور تكاتشنكو رئيس بلدية فيودوسيا التي تضم الموقع النفطي، عبر قناته على «تلغرام»: «من أجل الحفاظ على سلامة الأشخاص الذين يعيشون قرب الموقع (...) أُجْلِي 1047 شخصاً بشكل مؤقت إلى مراكز إيواء».

ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» الحكومية عن أجهزة الطوارئ الروسية أنه لم تتم السيطرة بعد على الحريق، وهو آخذ في الانتشار، مع اشتعال النيران في 3 خزانات للمنتجات البترولية. وقال ممثل لأجهزة الطوارئ لــ«ريا نوفوستي»، من دون ذكر اسمه، إن «مساحة الحريق في الموقع النفطي امتدت إلى 2500 متر مربع».

وقال الجيش الأوكراني، الاثنين، إنه ضرب موقعاً نفطياً في فيودوسيا في القرم، هو «الأكبر» في شبه الجزيرة، ويخدم بشكل خاص الجيش الروسي. وأكدت السلطات الروسية اندلاع الحريق دون أن تحدد سببه.

وكانت أوكرانيا استخدمت صواريخ بعيدة المدى، لا سيما لضرب مقر أسطول البحر الأسود الروسي في مدينة سيفاستوبول في شبه الجزيرة القرم الأوكرانيّة في سبتمبر (أيلول) 2023، إلا أن أوكرانيا تنفذ هجماتها بشكل أساسي باستخدام مسيّرات قتالية، منتقدة الغرب لتأخره في تسليمها أسلحة تطالب بها. ورداً على القصف الروسي المستمر منذ أكثر من عامين ونصف العام على بناها التحتية ومدنها، كثفت أوكرانيا هجماتها ضد مواقع للطاقة الروسية من أجل تعطيل عمليات النقل والإمداد للجيش الروسي الذي يحتل نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، إن وحدات الدفاع الجوي دمرت 16 طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا، الليلة الماضية. وذكرت الوزارة عبر تطبيق «تلغرام» أنه جرى إسقاط 14 طائرة مسيّرة فوق منطقة بيلغورود على الحدود مع أوكرانيا، واثنتين فوق البحر الأسود.

استهداف شاحنات أوكرانية في أوديسا (رويترز)

من جهة أخرى، يرجَّح أن يكون جنود من كوريا الشمالية يقاتلون في صفوف القوات الروسية في أوكرانيا، حيث يُعتقد أن بعضهم قُتل، فيما يُتوقع أن يجري نشر المزيد، وفق ما أفاد به وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ - هيون، الثلاثاء.

وذكر الإعلام الأوكراني أن 6 عسكريين كوريين شماليين قُتلوا في هجوم صاروخي أوكراني على منطقة تحتلها روسيا قرب دونيتسك في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول). وقال كيم يونغ - هيون، الثلاثاء، إنه «من المرجّح إلى حد كبير» أن التقرير صحيح. وأضاف: «نقدّر أن سقوط ضحايا في أوساط الجنود والضباط الكوريين الشماليين في أوكرانيا أمر مرجّح بنسبة كبيرة، نظراً لأسباب مختلفة».

ويُتوقع أن ترسل كوريا الشمالية مزيداً من الجنود لدعم المجهود الحربي الروسي، على حد قوله. وقال كيم إن «نشر جنود نظاميين هو أمر مرجّح كثيراً نتيجة الاتفاقات المتبادلة التي تشبه تحالفاً عسكرياً بين روسيا وكوريا الشمالية». وعززت كوريا الشمالية المسلحة نووياً علناً العلاقات العسكرية مع موسكو في السنوات الأخيرة. وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة نادرة من نوعها إلى بيونغ يانغ في يونيو (حزيران)؛ حيث وقّع اتفاقاً للدفاع المتبادل مع زعيمها كيم جونغ أون.

صورة تُظهِر حريقاً بمستودع نفط في فيودوسيا بشبه جزيرة القرم تزامناً مع إعلان كييف استهداف منشأة للطاقة الاثنين (رويترز)

وحذّر محللون من أن تكثيف عمليات اختبار وإنتاج صواريخ «كروز» وقذائف مدفعية من قِبل كوريا الشمالية قد يكون تحضيراً لإرسال شحنات إلى روسيا. أقامت موسكو وبيونغ يانغ تحالفاً منذ تأسست كوريا الشمالية بعد الحرب العالمية الثانية، وتقاربتا أكثر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.


مقالات ذات صلة

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

أوروبا جنود روس يقومون بتجميع طائرة من دون طيار في مكان غير معلن (أ.ب)

​أوكرانيا: إسقاط 47 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا

قال سلاح الجو الأوكراني الاثنين إنه أسقط 47 من أصل 72 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا في أنحاء البلاد بينما لم تبلغ 25 طائرة أخرى أهدافها.

«الشرق الأوسط» (كييف)
آسيا جنود روس في منطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

سيول: 1100 جندي كوري شمالي قتلوا وجرحوا في الحرب الروسية - الأوكرانية

سقط أكثر من ألف ومائة جندي كوري شمالي بين قتيل وجريح في الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وفق ما أفادت هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال حفل ترنينغ بوينتس السنوي في فينيكس بولاية أريزونايوم الأحد (أ.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما... ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت، مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا بوتين يلقي كلمة خلال تدشين مشاريع بنى تحتية عن بعد، أمس (إ.ب.أ)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار» بعد هجوم قازان

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
TT

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)
أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد، استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق وسائل إعلام.

وسُجلت نحو 20 واقعة لأفراد حاولوا بشكل منفصل تفجير عبوات ناسفة صغيرة أو إلقاء ألعاب نارية على المباني منذ الجمعة، لا سيما في موسكو وسان بطرسبرغ وضواحيهما، وفق وكالة «تاس» للأنباء، والموقع المستقل «فونتانكا».

ونقلت «تاس» عن مصدر في الشرطة، لم تكشف هويته، قوله إن محتالين جنّدوا هؤلاء الأشخاص عبر الإنترنت للقيام بهذه الهجمات لقاء المال.

وأظهرت صور التقطتها كاميرات المراقبة في بعض المواقع، وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاصاً يصورون بواسطة جوالاتهم المحمولة الحرائق التي يحاولون إشعالها.

وبينت لقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تحطم جهاز صراف آلي ونوافذ قريبة بعد هجوم، بينما عرض مقطع فيديو آخر سيارة شرطة مشتعلة.

تم استهداف أجهزة الصراف الآلي التابعة لمصارف حكومية، ومراكز تسوق، ومكاتب بريد، ومراكز تجنيد ومركبات للشرطة، ومبان رسمية أخرى.

وتحدث بنك «سبيربنك» عن زيادة في حوادث الحرائق المتعمدة بنسبة 30 في المائة خلال الأسبوع الماضي، وفق ما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مكتبه الإعلامي.

وأشارت وكالة «تاس» إلى أن معظم الموقوفين عقب محاولة الهجوم من المتقاعدين. وأضاف البنك أن المهاجمين تم تجنيدهم من قبل أشخاص في أوكرانيا.

وكانت أجهزة الأمن الروسية قد حذرت من أن محتالين أوكرانيين يتصلون بمسنين ليطلبوا منهم إضرام النار عمداً مقابل المال أو الوصول إلى حسابات محظورة.

ومنذ بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا والإعلان عن التعبئة العسكرية في روسيا في خريف عام 2022 أُبلغ عن عشرات الهجمات أو محاولات الهجوم على مراكز إدارية أو مكاتب تجنيد عسكرية في جميع أنحاء البلاد. وصدرت أحكام سجن مشدّدة ضدّ مشتبه فيهم في إشعال حرائق.