كيف تلتف روسيا على العقوبات الأوروبية؟

بروكسل تفرض 14 حزمة لكن التدابير تصطدم «ببراعة» الروس في التحايل عليها

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

كيف تلتف روسيا على العقوبات الأوروبية؟

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

فرض الاتحاد الأوروبي 14 حزمة من العقوبات على روسيا منذ غزوها أوكرانيا في عام 2022، لكن هذه التدابير التي تهدف إلى إضعاف آلتها الحربية تصطدم «ببراعة» الروس في التحايل عليها. لا شك أن النمو الروسي يتراجع، ولكنه ما زال أعلى من 4 في المائة، وهو دليل، وفق ما يقول الكرملين، على أن العقوبات الغربية غير مجدية. كما أعلنت الحكومة الروسية، الاثنين، عن زيادة ميزانية الدفاع بنسبة 30 في المائة للعام المقبل.

يقول غونترام وولف، الباحث في معهد بروغل وأستاذ الاقتصاد في جامعة بروكسل الحرة: «لا تكون العقوبات فعالة إلا عندما يكون التحالف الذي يقف وراءها كبيراً بما فيه الكفاية». ولكن الأمر ليس كذلك.

ويضيف وولف في حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» أن مع خروج الصين والهند أو ما يسمى دول «الجنوب العالمي» من المعادلة، يصير فرض عقوبات فعالة مسالة «صعباً تماماً».

مجلس الدوما في موسكو (أرشيفية)

قررت الدول الغربية حظر تصدير منتجاتها التكنولوجية التي يمكن استخدامها لتصنيع الأسلحة، مثل المعالِجات الدقيقة، إلى روسيا. ولكن، وبسرعة كبيرة، تحايلت روسيا على هذه العقوبات بفضل دول ثالثة، مثل الصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة والعديد من دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان.

مؤخراً، أقر ديفيد أوسوليفان، المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون العقوبات، بأن الروس كانوا «بارعين جداً» في الحصول على الإمدادات التي يحتاجون إليها.

على سبيل المثال، ارتفعت الصادرات الأوروبية إلى تركيا بنسبة 38 في المائة بين الربع الثالث من عام 2021 والربع الثالث من عام 2023، وفقاً لدراسة حديثة أجراها معهد جاك ديلور حول فاعلية عقوبات الاتحاد الأوروبي. والأهم من ذلك أن الصادرات التركية إلى روسيا قفزت بنسبة 72 في المائة خلال الفترة نفسها.

رفض الاتحاد الأوروبي حتى الآن «معاقبة» البلدان التي ساهمت في الالتفاف على العقوبات، مفضلاً الطريق الدبلوماسي. وأوضح أوسوليفان: «أود أن أقول إنني أفضل دائماً أن تجد الدول الثالثة التي نتعامل معها الحل المناسب لها»، وهو ما أثار استياءً كبيراً في أوكرانيا.

وقال فلاديسلاف فلاسيوك، مستشار الرئيس الأوكراني لشؤون العقوبات، الأسبوع الماضي في بروكسل: «أخشى أن الدبلوماسية لا تكون كافية في بعض الأحيان، وهناك أيضاً حاجة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة».

واغتنم فلاسيوك الفرصة ليعرض على المسؤولين الأوروبيين والرأي العام بعض الأمثلة على التقنيات «المصنوعة في أوروبا» التي تم العثور عليها في حطام القذائف أو الصواريخ الروسية التي سقطت في أوكرانيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كييف (إ.ب.أ)

لقد سعى الأوروبيون إلى إيجاد حلول من خلال فرض قيود على الشركات الأوروبية التي تصنع منتجات حساسة أو تلك التي يُحتمل أن تكون مفيدة لصناعة الأسلحة الروسية. على سبيل المثال، تم فرض بند يحظر إعادة تصدير «الخبرة التقنية» للشركات إلى روسيا. لكن تنفيذ هذه التدابير ليس بالأمر السهل على الإطلاق. وهو ما أقر به أوسوليفان بقوله: «في مرحلة معينة، تفقد السيطرة على المنتج الذي تبيعه. هذه هي طبيعة نموذج العمل، وعلينا أن نقبل ذلك». واعترف بأن الأوروبيين يريدون أن يشملوا فروع الشركات بالبند الذي يحظر أي إعادة تصدير إلى روسيا، ولكن «دعونا نكن صادقين، هناك مقاومة من الشركات».

وفي مقابلة أجرتها معها «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت مجموعة الضغط «بزنس يوروب» التابعة لقطاع الأعمال في بروكسل إن «الشركات الأوروبية ملتزمة بتنفيذ العقوبات ومحاربة التحايل عليها، لكنها تحتاج إلى توجيه واضح ومناسب لتحقيق ذلك».

يقول وولف الذي شارك في إعداد تقرير لمعهد بروغيل حول طرق تحسين فاعلية العقوبات ضد روسيا إن هذا ينطوي على تهديد واضح بفرض عقوبات مالية إذا لم تتبع الشركات التوجيهات.

ويقترح أيضا الاستعانة «بالتشريعات الصارمة للغاية المفروضة على النظام المالي لمكافحة غسل الأموال أو الإرهاب». ويؤكد أن النظام المالي العالمي اضطر إلى اتخاذ إجراءات فعالة للتتبع والمراقبة، الأمر الذي أدى إلى «تقليص هذه الجرائم إلى حد ما». من المؤكد أن العقوبات ليست فعالة بنسبة 100 في المائة، لكنها تتمتع بميزة جعل أي محاولة تقوم بها روسيا للحصول على المنتجات الضرورية لصناعة الأسلحة «أكثر صعوبة وأطول أمداً وأكثر تكلفة»، وفق ديفيد أوسوليفان.


مقالات ذات صلة

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستدخل الحرب ضد أوكرانيا "قريبا" وكييف كرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».