رئيس الوزراء الفرنسي الجديد أمام تحدي تشكيل الحكومة

رئيس الوزراء الفرنسي المُعين حديثاً ميشال بارنييه خلال حفل التسليم والتسلم في فندق ماتينيون في باريس - 5 سبتمبر 2024 (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي المُعين حديثاً ميشال بارنييه خلال حفل التسليم والتسلم في فندق ماتينيون في باريس - 5 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

رئيس الوزراء الفرنسي الجديد أمام تحدي تشكيل الحكومة

رئيس الوزراء الفرنسي المُعين حديثاً ميشال بارنييه خلال حفل التسليم والتسلم في فندق ماتينيون في باريس - 5 سبتمبر 2024 (رويترز)
رئيس الوزراء الفرنسي المُعين حديثاً ميشال بارنييه خلال حفل التسليم والتسلم في فندق ماتينيون في باريس - 5 سبتمبر 2024 (رويترز)

يعكف رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، ميشال بارنييه، على تشكيل حكومة جامعة، في محاولة لإخراج البلاد من المأزق السياسي الغارقة فيه منذ الانتخابات التشريعية التي جرت قبل شهرين، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بارنييه، بتشكيل «حكومة جامعة تكون في خدمة البلاد». ويدرك المفوض الأوروبي السابق، البالغ 73 عاماً، والذي يستقبله ماكرون، الجمعة، أن عليه إيجاد التوازنات الضرورية كي لا يسقط عند أول مذكرة حجب ثقة في الجمعية الوطنية المشرذمة.

وتفيد أوساط الوزير السابق بأنه أجرى كثيراً من الاتصالات الهاتفية قبل توليه مهامه حتى، شملت خصوصاً مسؤولين في اليمين ورئيس الجمهورية السابق، نيكولا ساركوزي، ورئيسي الجمعية الوطنية، ومجلس الشيوخ.

ويستقبل، الجمعة، بعد لقاء مع سلفه غابريال أتال، مسؤولي حزب «الجمهوريين» اليميني، الذي ينتمي إليه للبحث في شروط المشاركة في حكومته المقبلة.

وأكدت أوساطه أنه جرى الاتصال أيضاً «ببعض الشخصيات اليسارية»، وستحصل اتصالات أخرى تشمل أيضاً حركة «فرنسا الأبية اليسارية الراديكالية»، «لأنه يريد أن يجمع وأن يحترم الجميع».

ومدّ رئيس الوزراء الجديد اليد منذ تصريحاته الأولى بقوله: «يجب الإصغاء كثيراً»، و«احترام كل القوى السياسية» الممثلة في البرلمان، لأن «الفئوية علامة ضعف».

قادة حزب «الجمهوريين» يصلون للاجتماع مع رئيس الوزراء الفرنسي الجديد بوصفه جزءاً من المشاورات قبل تشكيل حكومة جديدة في فندق ماتينيون في باريس - 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وسيط

وأضاف: «ينبغي قدر المستطاع رفع التحديات والاستجابة للغضب والمعاناة والشعور بالإهمال والظلم»، ذاكراً من بين أولوياته التعليم المدرسي والأمن والهجرة والعمل والقدرة الشرائية. ووعد كذلك «بقول الحقيقة» حول «الدين المالي والبيئي» لفرنسا.

وبعد حالة ترقب استمرت ستين يوماً إثر الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في يوليو (تموز)، وأسفرت عن جمعية وطنية مشرذمة، أصبح بارنييه، البالغ 73 عاماً، أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث.

وتنقسم اليوم الجمعية الوطنية بين 3 كتل: تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، الذي يجمع الأحزاب اليسارية، ويشغل أكثر من 190 مقعداً، يليه معسكر الرئاسة الذي فاز بـ160 مقعداً، والتجمّع الوطني اليميني المتطرّف الذي حصل على 140 مقعداً.

ولم تحصل أيّ كتلة تالياً على الغالبية المطلقة التي تبلغ 289 مقعداً في المجلس الذي يتألّف من 577 مقعداً.

وكان ماكرون قد دعا إلى هذه الانتخابات، إثر الهزيمة الكبيرة التي مُنيت بها غالبيته في الانتخابات الأوروبية التي تصدرها اليمين المتطرف في فرنسا.

ويتمتع بارنييه بخبرة واسعة في فرنسا والاتحاد الأوروبي، ويعرف عنه أنه وسيط مخضرم، إذ كان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي خلال مرحلة مغادرة المملكة المتحدة للتكتل القاري. وقبل ذلك تولى مناصب وزارية عدة، اعتباراً من العام 1993، خصوصاً في عهدي الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي.

وينبغي على رئيس الوزراء الجديد أن يظهر كل خصاله الدبلوماسية، ليتمكن من تشكيل حكومة قادرة على الإفلات من مذكرات حجب الثقة في البرلمان، وإنهاء أخطر أزمة سياسية في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة.

وأعلن «التجمع الوطني» اليميني المتطرف من الآن أنه «لن يشارك» في حكومة بارنييه، و«وضع شروطاً»، في وقت يُشكل فيه نوابه الـ126 بيضة القبان في حال التصويت على حجب الثقة.

مارين لوبان عضو البرلمان وزعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني الفرنسي في الجمعية الوطنية في باريس - 10 أكتوبر 2023 (رويترز)

إنكار الديمقراطية

وكان لليسار الذي يعدّ القوة الأكبر في الجمعية الوطنية، وكان يطالب بمنصب رئيس الوزراء، الموقف نفسه مندداً «برئيس وزراء عين بإذن» من اليمين المتطرف.

وندد زعيم الاشتراكيين أوليفيه فور، عبر منصة «إكس» بـ«وصول إنكار الديمقراطية إلى الذروة»، في حين حل حزب «الجمهوريين» اليميني الذي ينتمي إليه بارنييه في المرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعية.

وأكد، الجمعة، أنه على ثقة بأن «ما من شخصية» في الحزب ستنضم إلى حكومة ميشال بارنييه، مشدداً على أن هذا الأخير سيكون موضع مذكرة حجب ثقة فورية من جانب اليسار.

وقال زعيم اليسار الراديكالي، جان لوك ميلانشون: «لقد سُرقت الانتخابات من الفرنسيين»، مؤكداً أنّ هذا التعيين يعزز مسعاه لإقالة ماكرون مع دعوات إلى التظاهر السبت.

وإلى جانب حزب «الجمهوريين»، يمكن بارنييه التعويل على أعضاء في الغالبية الرئاسية السابقة. وقال رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب إن «كثيرين سيساعدونهم» من هذه الأوساط.

وتبدي الكتلة الوسطية «ليوت» موقفاً إيجابياً حيال «السياسي صاحب الخبرة المتينة»، شرط «أن تعكس تشكيلة الحكومة المقبلة وتوجهاتها تغييراً في النهج والوجهة».

وتفيد أوساط بارنييه بأنه «يريد وزراء أشداء ذوي كفاءة وفعالين»، وستتاح له «حرية» اختيارهم.

وثمة استحقاق حيوي أمامه يتمثل في إعداد ميزانية العام 2025، بحلول الأول من أكتوبر (تشرين الأول).


مقالات ذات صلة

اتهامات لماكرون بمنح اليمين المتطرف الفرنسي سلطة هائلة لاختيار رئيس الوزراء

أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه خلال مراسم التسليم والتسلم في أوتيل ماتينيون في باريس 5 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

اتهامات لماكرون بمنح اليمين المتطرف الفرنسي سلطة هائلة لاختيار رئيس الوزراء

قال نواب من المعارضة اليسارية ومحللون إن مصير رئيس الوزراء الجديد ميشال بارنييه، وماكرون أيضاً، بات في يد حزب «التجمع الوطني» المصنف يميناً متطرفاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا رئيس الوزراء الفرنسي المكلف ميشيل بارنييه (أ.ب)

بارنييه: فرنسا بحاجة إلى الوحدة

تعهد رئيس الوزراء الفرنسي المكلف ميشيل بارنييه اليوم (الخميس) بالعمل مع «كل من لديهم نيات حسنة» من أجل تحقيق المزيد من الاحترام والوحدة في بلد منقسم سياسياً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

ميشال بارنييه سياسي وسطي ومستشار لحزب «الجمهوريين»، تولى مناصب عديدة بالاتحاد الأوروبي وفي الداخل الفرنسي، عُيّن لمفاوضات «بريكست» واشتهر بأنّه مفاوض جيّد.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقف مع كبير المفاوضين بالمفوضية الأوروبية ميشال بارنييه قبل اجتماعهما بقصر الإليزيه في باريس (أ.ف.ب)

ماكرون يكلف ميشال بارنييه بتشكيل الحكومة الفرنسية المقبلة

كلف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، مفاوض الاتحاد الأوروبي السابق في ملف «بريكست» ميشال بارنييه، بتشكيل الحكومة الفرنسية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

مباحثات تعيين رئيس جديد للوزراء في فرنسا تدخل مراحلها النهائية

بعد نحو شهرين على الانتخابات التشريعية، تدخل المشاورات بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء في فرنسا مراحلها النهائية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الرئيس الأوكراني في ألمانيا للحصول على مزيد من الدعم العسكري

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في زابوريجيا بأوكرانيا في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في زابوريجيا بأوكرانيا في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

الرئيس الأوكراني في ألمانيا للحصول على مزيد من الدعم العسكري

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في زابوريجيا بأوكرانيا في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في زابوريجيا بأوكرانيا في 2 سبتمبر 2024 (رويترز)

من المقرّر أن يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ألمانيا، اليوم (الجمعة)، حيث يجتمع حلفاء أوكرانيا؛ لمناقشة المساعدات العسكرية، فيما يتراجع الجيش الأوكراني في شرق البلاد في مواجهة تقدم القوات الروسية.

ويعقد زيلينسكي لقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم، في فرنكفورت (غرب ألمانيا)، حسبما أفاد المتحدث باسم الحكومة الألمانية «وكالة الصحافة الفرنسية»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وسيزور زيلينسكي إيطاليا بعد المانيا للقاء رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني على هامش منتدى اقتصادي.

ووفق معلومات، غير مؤكدة رسمياً نشرتها مجلة «دير شبيغل»، سيطالب الرئيس الأوكراني بأسلحة إضافية خلال مشاركته في «مجموعة اتصال» لحلفاء أوكرانيا في رامشتاين، حيث القاعدة الأميركية غير البعيدة عن فرنكفورت.

وقالت المجلة الألمانية إنّ وجود الرئيس الأوكراني يهدف إلى تأكيد «خطورة الوضع»، بينما تشهد البلاد عمليات قصف دامية استهدفت إحداها معهداً عسكرياً في بالتوفا في وسط البلاد، وأسفرت عن مقتل 55 شخصاً.

ويأتي ذلك في حين لم يساعد الهجوم الأوكراني الكبير الذي بدأ مطلع أغسطس (آب) على منطقة كورسك الروسية، في صدّ تقدّم القوات الروسية في الشرق.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الخميس) أنّ «أولويته» هي السيطرة على دونباس بالكامل، حيث يتقدم جيشه.

 

التركيز على الدفاع الجوي

منذ بداية الحرب قبل عامين ونصف العام، يجتمع وزراء دفاع مجموعة الاتصال بانتظام في رامشتاين؛ لمناقشة جهود مشتركة مع ممثلين عسكريين بهدف منح أوكرانيا تجهيزات أفضل.

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم «البنتاغون» بات ريدر، إنّ هذه المرة «سيتم التركيز على تعزيز قدرات الدفاع الجوي الأوكراني»، إضافة إلى التحالفات المخصّصة «لا سيما تحالف القوات الجوية».

وأضاف أن نحو 50 دولة ستكون ممثّلة في هذا الاجتماع. كما سيتحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قرابة الساعة 08.00 بتوقيت غرينتش، على أن يعقد مؤتمراً صحافياً عند الساعة 14.15 بتوقيت غرينتش.

ويطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، منذ فترة طويلة، بمزيد من الدفاعات الجوية والصواريخ بعيدة المدى، التي تتردّد الولايات المتحدة وألمانيا وهما مورّدا الأسلحة الرئيسيان لها، في تقديمها له خوفاً من التصعيد مع موسكو.

كذلك، يطالب داعميه برفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الموجّهة ضدّ أهداف في عمق الأراضي الروسية.

وكان وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، أجرى أخيراً محادثات في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا.

وكان حلفاء أوكرانيا قرروا خلال قمة حلف شمال الأطلسي في يوليو (تموز)، تسليم كييف طائرات مقاتلة أميركية الصنع من طراز «إف-16»، وأنظمة دفاع جوي جديدة.

لكن بينما يؤكد حلفاء أوكرانيا دعمهم الثابت لها، يواجه عدد من الحكومات رأياً عاماً منقسماً في ظل استمرار الحرب.