من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)
كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)
TT

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)
كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه خلال مناقشة حول العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل 18 ديسمبر 2020 (إ.ب.أ)

مع تعيينه من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيساً للحكومة اليوم (الخميس)، يضع الرئيس الفرنسي حداً لشهرين من البحث عن تشكيل حكومة، تأخرت بفعل نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي لم تأت بأغلبية حزبية قادرة بمفردها على تعيين رئيس للوزراء.

فمن هو ميشال بارنييه المفاوض السابق للاتحاد الأوروبي في قضية خروج بريطانيا من الاتحاد؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع كبير مفاوضي المفوضية الأوروبية ميشال بارنييه في قصر الإليزيه بباريس يوم 31 يناير 2020 قبل ساعات قليلة من خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

أبرز مهامه

ولد ميشال بارنييه في 9 يناير (كانون الثاني) سنة 1951 في لا ترونش، إحدى ضواحي مدينة غرونوبل الفرنسية الألبية، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

تخرج العام 1972 من ESCP، وهو معهد لإدارة الأعمال الأوروبية في باريس، وفق موقع البرلمان الأوروبي.

انتخب عضواً في البرلمان الفرنسي سنة 1978 وعمره آنذاك 27 عاماً، ممثلاً لمنطقة سافوا الديغولية التي تميل نحو يمين الوسط.

شارك عام 1992 في تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في ألبرتفيل في دائرته الانتخابية، وهو الحدث الذي لا يزال محورياً لصورته العامة، وفق «رويترز».

شغل منصب وزير البيئة بين العامين 1993 و1995، ووزير فرنسا لأوروبا بين 1995 و1997.

تولى منصب مفوّض السياسة الإقليمية للاتحاد الأوروبي (1999 – 2004)، وهو منصب مسؤول عن المنح والإعانات التي تمثّل ثلث ميزانية الاتحاد.

تولى وزارة الخارجية الفرنسية (2004 – 2005)، ووزيراً للزراعة (2007 – 2009)، وانتخب عضواً في البرلمان الأوروبي (2009 – 2010).

شغل منصب مفوّض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات (2010 – 2014). تفاوض على تنظيم جديد واسع النطاق للأسواق المالية الأوروبية بعد الانهيار العالمي، بما في ذلك الإصلاحات غير الشعبية في مدينة لندن.

تم تعيينه عام 2016 مفاوضاً للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء بريطانيا على الخروج من الكتلة فيما عُرف ببريكست.

فشل سنة 2021 في محاولة الحصول على ترشيح حزبه المحافظ للانتخابات الرئاسية لعام 2022.

رئيس فريق العمل للعلاقات مع المملكة المتحدة ميشال بارنييه خلال جلسة تصوير في 11 مايو 2021 في باريس (أ.ف.ب)

أنشطة أخرى:

بحسب موقع البرلمان الأوروبي، من أبرز المناصب الأخرى التي تولاها ميشال بارنييه:

رئيس الجمعية الفرنسية لمجلس البلديات والمناطق الأوروبية (1997 – 1999).

عضو في «مجلس الدولة» الفرنسي (2005 – 2016).

مستشار خاص لرئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو. قدّم تقرير «من أجل قوة حماية مدنية أوروبية: مساعدة أوروبا».

مستشار سياسي لحزب «الجمهوريين» منذ العام 2006. وتجدر الإشارة إلى أنّ حزب «الجمهوريين» محسوب على يمين الوسط.

نائب رئيس حزب الشعب الأوروبي (2006 – 2015).

رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي المعنية بقضايا الدفاع والأمن الأوروبيين (2015).

لميشال بارنييه 10 مؤلّفات في السياسة والبيئة والاقتصاد بين العامين 1985 و2014، بحسب موقع البرلمان الأوروبي.

ميشال بارنييه من حزب «الجمهوريين» الفرنسي المحافظ يصل لحضور اجتماع طارئ دعا إليه زعماء حزب الجمهوريين في باريس 12 يونيو 2024 (رويترز)

طمأنة بروكسل

كتبت صحيفة «لوموند» الفرنسية، اليوم (الخميس)، في تعريفها بميشال بارنييه:

«أصبح (ميشال بارنييه) المفاوض السابق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رئيساً للوزراء، عن عمر يناهز 73 عاماً، في خضم أزمة سياسية، مع مهمة دقيقة تتمثل في إيجاد طريق في الجمعية الوطنية (البرلمان) المنقسمة إلى ثلاث كتل، في أعقاب الانتخابات التشريعية للبرلمان في 30 يونيو (حزيران) و7 يوليو (تموز). ومن شأن خبرته الطويلة في ألغاز السلطة أن تساعده في مهمته».

وأضاف التقرير: «ميشال بارنييه، الذي سيتعين عليه طمأنة بروكسل، في حين أن فرنسا مستهدفة منذ يونيو بإجراءات العجز العام المفرط، يحظى باحترام على الساحة الأوروبية، التي عمل فيها لمدة خمسة عشر عاماً، حتى اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي تم الحصول عليه بعد صراع شاق في ديسمبر (كانون الأول) 2020».

وأشاد أعضاء اللجنة المفاوضة السبعة والعشرون بالمفوض الأوروبي السابق ميشال بارنييه، مركّزين على مهارته في إيجاد التوافق، وصبره ومثابرته، عندما كان المفاوض المعيّن لإتمام اتفاق، وفق «لوموند»، حتى أنّ رئيس الوزراء المجري المثير للجدل، فيكتور أوربان، يقدره. وقال عنه كليمان بون، وزير الدولة للشؤون الأوروبية آنذاك، في عام 2021: «إنه مفاوض جيد وشامل، وكان قريباً جداً منا».


مقالات ذات صلة

وصول أول 100 ألف جرعة من لقاح جدري القردة إلى الكونغو

أفريقيا خلال فحص طفل مصاب بجدري القردة في قرية يالوليا بجمهورية الكونغو الديمقراطية 3 أكتوبر 2022 (رويترز)

وصول أول 100 ألف جرعة من لقاح جدري القردة إلى الكونغو

قالت سلطات الكونغو إن الدفعة الأولى من لقاح جدري القردة وصلت إلى عاصمة الكونغو، وهي 100 ألف جرعة من لقاح «MVA-BN»، الذي تصنعه شركة «Bavarian Nordic» الدنماركية.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

يرى الخبير الفرنسي زافييه أوريغان المتخصص بالعلاقات الصينية - الأفريقية، أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
العالم الناشطة السويدية غريتا تونبري في مسيرة المناخ والعدالة للمطالبة بالتغيير السياسي قبل الانتخابات في أمستردام نوفمبر 2023 (رويترز)

شرطة الدنمارك تعتقل الناشطة غريتا تونبري في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين

ألقت الشرطة الدنماركية القبض على الناشطة غريتا تونبري خلال احتجاج ضد الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونائب رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فولين خلال التقاط الصور قبل اجتماع على هامش «المنتدى الاقتصادي الشرقي» بـ«جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية» في فلاديفوستوك الروسية يوم 4 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

مسؤول صربي معاقَب أميركياً يلتقي بوتين ويؤكّد «تحالف» بلاده مع روسيا

قال نائب رئيس وزراء صربيا، الخاضع لعقوبات أميركية، خلال لقائه الرئيس الروسي، إن صربيا حليفة لروسيا وإنها لن تفرض عقوبات على موسكو أو تنضم إلى «الناتو».

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (واس)

مباحثات سعودية لتعزيز العمل المشترك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، (الأحد)، مستجدات القضية الفلسطينية مع نظرائه في مصر والأردن وتركيا لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
TT

بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف ميشال بارنييه في حديث هامس في صورة تعود لعام 2019 (أ.ف.ب)

أخيراً، خرج الدخان الأبيض من القصر الرئاسي مؤشراً لعثور إيمانويل ماكرون، بعد مشاورات مضنية استمرت أياماً وأياماً، على شخصية سياسية، كلّفها رسمياً تشكيل الحكومة الجديدة. وانتهى مسلسل الانتظار الذي شهد توافد قادة الأحزاب والمجموعات البرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ مراراً على قصر الإليزيه، للقاء ماكرون ولعرض تصوراتهم لكيفية الخروج من الأزمة السياسية المستحكمة، بعدما بقيت فرنسا 50 يوماً في ظل حكومة غابرييل أتال المستقيلة، وبعد 60 يوماً على إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية. وأفضت هذه الانتخابات إلى تصدر تكتل اليسار المسمى «الجبهة الشعبية الجديدة» المشهد الانتخابي بحصوله على 193 مقعداً متقدماً على معسكر ماكرون (166 مقعداً) وعلى حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) الذي حلّ في المرتبة الثالثة (143 نائباً) والذي كانت زعيمته مارين لوبن، المرشحة الرئاسية السابقة، تحلم بالحصول، منفردة، على الأكثرية المطلقة (289 نائباً).

 

صورة مركبة للمرشحين الثلاثة الذين حلموا برئاسة الحكومة (من اليمين) كزافيه برتران وبرنار كازنوف ودافيد ليسنار رئيس بلدية مدينة كان (أ.ف.ب)

استبعاد 3 مرشحين

ولأن الانتخابات أفضت إلى تشكل 3 مجموعات نيابية يصعب التفاهم في ما بينها، وبالتالي التعاون في إطار حكومي، فإن تسمية رئيس للحكومة يوفر «الاستقرار المؤسساتي»، ولا يسقط في البرلمان لدى أول اختبار، كانت بمثابة تربيع الدائرة. والأمر الثاني الذي تمسك به رئيس الجمهورية هو استبعاد رئيس للحكومة يكون من اليسار، ويعمل على تفكيك ما حرص على بنائه طيلة 7 سنوات. وبحسب منتقديه، وخصوصاً من اليسار، فإن همّه الأول كان أن يبقى سيد اللعبة السياسية في فرنسا. لذا، حرص منذ البداية على استبعاد لوسي كاستيه، مرشحة «الجبهة الشعبية الجديدة»، بحجة أنه لا حظ لها في البقاء وأنها ستسقط في اليوم التالي لتشكيل حكومتها نظراً لمعارضة اليمين بجناحيه المعتدل والمتطرف، وأيضاً «الكتلة الوسطية» أي معسكر نواب ماكرون.

بعد ذلك، تأرجح ماكرون بين عدة مرشحين. أبرزهم اثنان: رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، والقيادي في حزب الجمهوريين اليميني كزافييه برتران. لكن حسابات البرلمان لم تصبّ في مصلحتهما. فالأول كان سيسقط لمعارضة اليمين والوسط له، ولأنه تمسك بعزمه على قيادة سياسة مستقلة، وليس مواصلة سياسة حكومة غابرييل أتال ونهج ماكرون، وخصوصاً التراجع عن قانون إصلاح سن التقاعد. والثاني أطاحت به معارضة مارين لوبن بسبب خصومة قديمة بينهما ولأن برتران بنى بعض شعبيته على محاربة اليمين المتطرف. وأخيراً، فإن التداول باسم تييري بوديه، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي القادم من المجتمع المدني، لم يصمد سوى ساعات. فالرجل الذي كان مدرساً في بداية حياته المهنية، لا يملك أي خبرة سياسية، وليس الرجل المناسب لإدارة وضع بالغ الصعوبة.

مارين لوبن زعيمة حزب التجمع الوطني مع رئيس الحزب جوردان بارديلا (أرشيفية - رويترز)

لوبن صانعة «رؤساء الحكومات»

كان ميشال بارنييه، وزير الخارجية الأسبق والمفوض الأوروبي الذي كلف مهمة التفاوض المعقدة مع الجانب البريطاني للاتفاق على شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، المستفيد النهائي من خروج المرشحين الثلاثة من السباق. وأصدر الإليزيه البيان الذي كان ينتظره الجميع، وجاء فيه أن رئيس الجمهورية «كلّف ميشال بارنييه تشكيل حكومة لخدمة البلاد والفرنسيين»، مضيفاً أن التعيين «يأتي عقب دورة غير مسبوقة من المشاورات التي حرص خلالها الرئيس، وفقاً لواجبه الدستوري، على أن يستوفي رئيس الوزراء والحكومة المقبلة الشروط اللازمة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار وإعطاء أنفسهم فرصاً لتوحيد الصفوف على أوسع نطاق ممكن».

حقيقة الأمر أن تسمية بارنييه لم تصبح ممكنة إلا بعد توفر شرطين: الأول، قبول حزب «الجمهوريون» اليميني المعتدل المشاركة في الحكومة، وهو ما كان يرفضه لوران فوكييز، رئيس الحزب الذي لم يكن «يرى فائدة من ركوب قطار» الرئيس ماكرون المتهالك في آخر سنوات عهده تحضراً للاستحقاقات المقبلة، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي ينوي فوكييز الخوض فيه. والثاني (والأهم)، أن مارين لوبن قبلت ألا يعمد حزبها لطرح الثقة بالحكومة الجديدة التي بطبيعة الحال يرفضها اليسار، ولأن الجمع بين أصوات جبهة اليسار واليمين المتطرف سيوفر أكثرية ساحقة لإسقاطها. من هنا، فإن مارين لوبن تحوّلت إلى «صانعة الرؤساء». وبعد أن كان هم ماكرون إضعاف وإبعاد حزب «التجمع الوطني» في الانتخابات الأخيرة من خلال السير في ما سمي «القوس الجمهوري»، ها هو يتحول إلى «رهينة» بين يديها رغم بقاء حزبها خارج الحكومة. والمفارقة الأخيرة أن جان فيليب تانغي، أحد أقطاب اليمين المتطرف، الرئيس المفوض لمجموعة الحزب البرلمانية، لم يتردد، في حديث صحافي لإذاعة «فرانس أنتير»، عن مهاجمة بارنييه شخصياً، حيث وصفه (حرفياً) بأنه «أحد أغبى السياسيين الذين أنجبتهم الجمهورية الخامسة على الإطلاق، فهو لا يفهم شيئاً مما يُعطى له سوى الأوراق» التي تحضر له لقراءتها.

ميشال بارنييه متحدثاً في 18 ديسمبر 2020 أمام البرلمان الأوروبي (إ.ب.أ)

غير أن مارين لوبن أكدت أن حزب «التجمع الوطني» «سينتظر سماع خطاب بارنييه بشأن السياسة العامة» أمام البرلمان قبل تحديد موقف بشأن منحه الثقة أم لا. وليس كلامها سوى وسيلة كي لا تقول إنها لا تعارض تسميته. وقال مصدر في الحزب المذكور إن «التجمع الوطني لا يريد أن يظهر بمظهر من يدفع إلى استمرار الأزمة السياسية». فضلاً عن ذلك، يرى اليمين المتطرف أن مواقف بارنييه بشأن الهجرات إلى فرنسا قريبة من مواقف من مواقفه، وقد برزت عندما كان مرشحاً لخوض المنافسة الرئاسية في عام 2022. وما زالت طروحاته بشأن الهجرات ماثلة أمام الأعين إذ اعتبر، وقتها، أن من الضروري لفرنسا «استعادة السيادة القانونية حتى لا تبقى خاضعة لقرارات القضاء الأوروبي أو المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان» ما بدا غريباً، وقتها، عن مسؤول أمضى سنوات طويلة في أحد أبرز المناصب الأوروبية.

وتجدر الإشارة أن ماكرون تشاور مطولاً مع لوبن مساء الثلاثاء، رغم أنه استبعدها عن المشاورات، مع حزب «فرنسا الأبية» الذي يتزعمه جان لوك ميلونشون. وما كان ماكرون ليكلف بارنييه لو لم يحصل على تطمينات منافسته على الرئاسة لدورتي عام 2017 و2022.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رئاسي أن بارنييه، وزير الخارجية السابق المخضرم «متوافق مع ماكرون»، ولديه حظوظ في نيل تأييد البرلمان. ومن جانب اليسار، عدّ ميلونشون وحلفاء له من داخل كتلة اليسار أن تكليف بارنييه يعني أن الانتخابات «سُرقت من الفرنسيين». ورأى أوليفييه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن البلاد ستدخل «في أزمة حكم».

يبلغ بارنييه من العمر 73 عاماً، وبذلك يعدّ أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث. وكان قد دخل السياسة من باب الحزب الديغولي حيث انتخب نائباً وهو في سن السابعة والعشرين، وبقي نائباً حتى عام 199. كذلك انتخب عضواً في مجلس الشيوخ، كما شغل عدة مناصب حكومية، حيث عين وزيراً للبيئة ووزيراً للزراعة ووزيراً للخارجية، قبل أن ينتخب نائباً أوروبياً. وداخل الاتحاد الأوروبي، عيّن مفوضاً للسوق الأوروبية الداخلية، ونائباً لرئيس المفوضية. ومن أهم ما حقّقه داخل الاتحاد التفاوض مع لندن في ملف البريكست، حيث برزت مواهبه كمفاوض محنك وشديد المراس. ولا شك أنه سيحتاج لكل اللياقة الدبلوماسية التي يتقنها لممارسة مهمته الجديدة، فعليه أن يعثر على توافق الحد الأدنى في برلمان ممزق. وثمة من يرى أن مهمته لن تتعدى عاماً واحدا، إذ قد يعمد ماكرون إلى حل المجلس النيابي عندما يتيح له الدستور ذلك، أي بدءاً من يونيو (حزيران) المقبل، بعد مرور عام كامل على حل البرلمان للمرة الأولى.