أعمال العنف في آيرلندا الشمالية تصدم المسلمين وتؤجج المخاوف من انقسامات طائفية

المظاهرة التي خرجت في بلفاست منحت الناس فرصة لإظهار أن المدينة ترحب بالآخرين (رويترز)
المظاهرة التي خرجت في بلفاست منحت الناس فرصة لإظهار أن المدينة ترحب بالآخرين (رويترز)
TT

أعمال العنف في آيرلندا الشمالية تصدم المسلمين وتؤجج المخاوف من انقسامات طائفية

المظاهرة التي خرجت في بلفاست منحت الناس فرصة لإظهار أن المدينة ترحب بالآخرين (رويترز)
المظاهرة التي خرجت في بلفاست منحت الناس فرصة لإظهار أن المدينة ترحب بالآخرين (رويترز)

يبدو أن أسبوعاً من الفوضى التي أجّجتها العنصرية في آيرلندا الشمالية، وأشعلتها اضطرابات في مدن وبلدات إنجليزية، بات من الصعب وضع حد له، وسط مخاوف من أن الانقسامات الطائفية في المقاطعة التابعة للمملكة المتحدة تغذي أعمال العنف.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال بشير، صاحب سوبر ماركت أُحرق خلال هجمات استهدفت متاجر وأنشطة تجارية مملوكة من أجانب: «أحرقوا كل شيء، لم يبقَّ شيء في الداخل، مجرد رماد».

كما استُهدف مسجد في بلدة قرب بلفاست في ساعة متأخرة، الجمعة.

وقال الرجل، البالغ 28 عاماً، الذي رفض إعطاء اسمه الكامل لأسباب أمنية: «نحن خائفون حيال ما يمكن أن يحصل فيما بعد، هناك كثير من العداء ضد المسلمين».

شهدت آيرلندا الشمالية اضطرابات ليلية، خصوصاً في أحياء مؤيدة للوحدة مع المملكة المتحدة، بدأت عقب مظاهرة مناهضة للهجرة في بلفاست في 3 أغسطس (آب).

وجاءت أعمال العنف انعكاساً لاضطرابات في أنحاء إنجلترا، أشعلتها معلومات مضللة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هوية المنفذ المفترض لهجوم بسكين في ساوثبورت في 29 يوليو (تموز) راح ضحيته 3 أطفال.

وأعلنت شرطة آيرلندا الشمالية، السبت، أن 31 شخصاً اعتقلوا خلال الاضطرابات.

وقال المحاضر في السياسة لدى جامعة «كوينز» ببلفاست، بيتر ماكلوكلين: «من حيث الأساس، تُشبه هجمات بلفاست في ديناميكيتها الاحتجاجات المناهضة للهجرة في مناطق الطبقة العاملة البيضاء في إنجلترا وجمهورية آيرلندا وأماكن أخرى في أوروبا».

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن تلك الاضطرابات «دافعها العنصرية والخوف من الآخرين، لكنها في آيرلندا الشمالية تتفاعل مع ديناميكيات طائفية سياسية».

التعرض للهجوم

انتهت 3 عقود من الصراع الطائفي العنيف المعروف باسم «الاضطرابات» إلى حد كبير في عام 1998، ولكن الشعور بالمرارة والاحتكاكات لا يزال قائماً بين البروتستانت الموالين للمملكة المتحدة والقوميين الكاثوليك المؤيدين للوحدة مع آيرلندا.

أمام واجهة متجر بشير، الملطخة بالدخان في منطقة ساندي رو الموالية بشدة للعرش، ترفرف الأعلام البريطانية على أعمدة الإنارة، في حين تعلن الرسوم الجدارية الولاء الشديد للمملكة المتحدة.

وأوضح ماكلوكلين: «في إطار الولاء، ساد شعور خلال عملية السلام في آيرلندا الشمالية بأن مجتمعهم في تراجع، وأن مجتمعهم وهويتهم البريطانية يتعرضان للهجوم».

ويشعر العديد من الموالين للعرش بأن «عليهم أن يعارضوا دخول الغرباء إلى تلك المناطق، الذين يُنظر إليهم على أنهم يأخذون الوظائف والمنازل المفترضة للبروتستانت، ويتعدون على مجتمع كان مهيمناً ذات يوم».

بعد الاحتجاجات المناهضة للهجرة السبت الماضي، نزل مثيرو الشغب إلى الشوارع بحثاً عن أنشطة تجارية مملوكة من أجانب لمهاجمتها.

وقال يلماز باتو، وهو طاهٍ تركي يبلغ 64 عاماً، ويعيش في آيرلندا الشمالية منذ عامين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن ما حدث الأسبوع الماضي كان جنوناً».

وأضاف وهو يجلس في مقهى صحارى شيشا، أحد الأنشطة التجارية الكثيرة المملوكة لأشخاص من الشرق الأوسط وأتراك بالقرب من ساندي رو التي هوجمت: «لم يكن هناك أي مشكلة من قبل».

وقال «مجلس مسلمي آيرلندا الشمالية» في بيان إن «الغالبية العظمى من أعمال العنف تم تأجيجها وتغذيتها من خلال معلومات مضللة ومتعمَّدة على وسائل التواصل الاجتماعي».

وأضاف أن «الروايات الكاذبة والخطيرة» عن المسلمين الذين «يشكلون أقلية صغيرة في آيرلندا الشمالية» أدت إلى الهجمات.

صادم جداً

تسجل آيرلندا الشمالية معدلات هجرة منخفضة مقارنة ببقية المملكة المتحدة وجمهورية آيرلندا.

وأظهر تعداد في 2021 أن نحو 6 بالمائة من السكان مولودون خارج المملكة المتحدة أو آيرلندا، وأن نحو 97 بالمائة منهم يعدّون أنهم من العرق الأبيض.

وقالت رئيسة مجموعة «متحدون ضد العنصرية»، فيونا دوران، التي شاركت في تنظيم مظاهرة تضامنية في بلفاست السبت، إن الاضطرابات كانت «صادمة جداً للمجتمع الأوسع».

وأضافت أن المظاهرة التي اجتذبت عدة آلاف من الأشخاص منحت الناس «فرصة للخروج إلى الشارع، لإظهار أن بلفاست مدينة ترحب بالآخرين، إنها مدينة تقول لا للعنصرية والفاشية».

وفي مظاهرة مناهضة للهجرة في اليوم السابق في بلفاست، حمل نحو مائة متظاهر أعلاماً بريطانية، ولافتات كتب عليها «احترم بلدنا أو ارحل!».

وهتف البعض باسم تومي روبنسون، المحرض المعروف بمواقفه المعادية للمسلمين الذي اتُهم بالعمل على تأجيج الاضطرابات في إنجلترا من خلال منشورات مستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول الأحداث.

وفي مكان قريب خلف صفوف من مركبات الشرطة المدرعة، هتف أكثر من ألف متظاهر من المعسكر الآخر «أيها العنصريون ارحلوا!».

وأفاد بشير بأنه غير متأكد مما إذا كان سيعيد فتح متجره. وقال عقب المظاهرة التضامنية «سؤالي هو، هل نحن قادرون على القيام بذلك؟ إذا فعلنا ذلك، فسيكون الأمر بفضل كل الأشخاص الذين خرجوا لإظهار دعمهم لنا».


مقالات ذات صلة

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

آسيا مناوشات بين رجال الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان في إسلام آباد (أ.ف.ب) play-circle 00:36

باكستان: مقتل 4 من أفراد الأمن على يد متظاهرين مؤيدين لعمران خان

دارت مواجهات في إسلام آباد، الثلاثاء، بين آلاف المتظاهرين المؤيدين لرئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وقوات الأمن التي استخدمت القوة لتفريقهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شؤون إقليمية عائلات ومتضامنون مع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يحملون صور أحبائهم خلال احتجاج يطالب بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس الاثنين 18 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أقارب الرهائن الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو

تظاهر أقارب رهائن محتجزين في قطاع غزة أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، الاثنين، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق مع «حماس» للإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا أشخاص يرفعون صور عبد الله أوجلان أثناء المسيرة في كولونيا (د.ب.أ)

آلاف يتظاهرون في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم «العمال الكردستاني» أوجلان

تظاهر آلاف الأشخاص في مدينة كولونيا بغرب ألمانيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الذي اعتُقل قبل 25 عاماً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهرون يقتحمون مبنى البرلمان في جمهورية أبخازيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

زعيم أبخازيا يعلن استعداده للتنحي إذا أخلى متظاهرون مبنى البرلمان

قال رئيس جمهورية أبخازيا التي أعلنت انفصالها عن جورجيا والمدعومة من موسكو، السبت، إنه مستعد للاستقالة بعد اقتحام متظاهرين مبنى البرلمان.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا خلال مواجهات بين محتجّين والشرطة الهولندية في أمستردام يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

الائتلاف الحاكم في هولندا يتجنب الانهيار وسط صراع بشأن «تعليقات عنصرية»

عقد مجلس الوزراء الهولندي جلسة طارئة، اليوم الجمعة، وسط تقارير عن احتمال انهيار الائتلاف الحاكم بسبب طريقة تعامل الحكومة مع أحداث العنف الأخيرة في أمستردام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقوم روسيا ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا على ما أفاد به ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية خلال قمة دولية في سيام ريب في كمبوديا.

وقال أولكسندر ريابتسيف إن موسكو نشرت «هذه العبوات الناسفة في مدن ومزارع ومحطات نقل عام»، مؤكداً أنها تهدد مناطق يقيم فيها نحو 6 ملايين أوكراني، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت كييف قد أعلنت في وقت سابق، الثلاثاء، أنّها ستتخلّى عن التزاماتها في إطار اتفاق أوتاوا، بتدمير ما تبقى من مخزونها البالغ نحو 6 ملايين لغم مضاد للأفراد ورثتها من الحقبة السوفياتية.

وفي هذا الإطار، قال ممثل آخر لوزارة الدفاع الأوكرانية وهو يفيني كيفشيك، خلال المؤتمر نفسه: «للأسف، ليس من الممكن تنفيذ هذا الالتزام في الوقت الحالي».

وأضاف أنّ «العدوان الضخم وغير المبرّر من قبل الاتحاد الروسي على أوكرانيا أدى إلى إدخال تعديلات على خطط تدمير المخزون».

ولم يشر كيفشيك في خطابه إلى العرض الأميركي بتزويد كييف بألغام مضادة للأفراد والذي كان المقصود منه وفقاً لواشنطن إبطاء تقدّم قوات موسكو في شرق أوكرانيا.

ولم يحدّد حجم المخزون الأوكراني، غير أنّه أشار إلى أنّه من بين 6 ملايين لغم أرضي موجود منذ حقبة الاتحاد السوفياتي، تمّ «تدمير أكثر من 2.5 مليون لغم بالكامل».