«عودة ترمب» تخيّم على أعمال «الناتو»

قيادة جديدة للحلف في ألمانيا... ودعم إيران لموسكو «أثر على حرب أوكرانيا»

الرئيس الأميركي بايدن يخاطب قادة قمة «الحلف» في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي بايدن يخاطب قادة قمة «الحلف» في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

«عودة ترمب» تخيّم على أعمال «الناتو»

الرئيس الأميركي بايدن يخاطب قادة قمة «الحلف» في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي بايدن يخاطب قادة قمة «الحلف» في واشنطن (أ.ف.ب)

هيمنت «أوكرانيا» على أعمال قمة «الناتو»، الأربعاء، وبحث القادة توفير دعم طويل الأمد لكييف وسط مخاوف من تراجع الدعم الأوروبي والأميركي في الأشهر المقبلة.

وبينما توالى القادة للتعبير عن دعمهم الثابت لأوكرانيا، لم يُخفِ كبار المسؤولين في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» قلقهم حيال حرب الاستنزاف التي تشنها روسيا على الجبهتين الجنوبية والشرقية، لا سيّما في حال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وقال مسؤول رفيع في «الناتو»، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إن «طبيعة القتال على الأرض (تشبه) القتال الذي شهدناه في الحربين العالميتين الأولى والثانية. هي حرب خنادق إلى حد كبير».

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

حرب خنادق

ولفت المسؤول؛ الذي كان يتحدث خلال إحاطة مغلقة حضرتها «الشرق الأوسط»، إلى أن روسيا تُجنّد 30 ألف جندي شهرياً، مما يجعلها «قادرة على تحمّل خسائر بشرية مرتفعة خلال الفترة المقبلة». وعدّ المسؤول أن روسيا تتفوق على أوكرانيا من حيث عدد المجندين وحجم الذخيرة، إلا إن المساعدات العسكرية النوعية التي تحصل عليها أوكرانيا من طرف حلفائها تعزز من قدرتها على الصمود في وجه الهجمات الروسية.

الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» ينس ستولتنبرغ (إ.ب.أ)

أما على الجانب الأوكراني، فتوقّع المسؤول «أنهم سيكثفون العمليات الهجومية إذا سمحت الإمدادات والظروف الجوية بذلك»، مشدداً على ضرورة تعزيز الدفاعات الأوكرانية وإعادة إمداد مخزوناتها من الذخيرة. ورأى المسؤول أن تغيير الديناميكيات في ساحة المعركة لمصلحة أوكرانيا مرهون بالحفاظ على مستوى المساعدة العسكرية من الشركاء الغربيين وزيادته. وأعلن «الحلف» في قمة واشنطن عن إنشاء قيادة جديدة متمركزة في فيسبادن بألمانيا تشمل 700 من قوات «الحلف»، بهدف تنسيق المعدات وجهود التدريب والخدمات اللوجيستية وتطوير القوات. كما التزم الحلفاء بما لا يقل عن 40 مليار يورو لأوكرانيا العام المقبل.

إيران وكوريا الشمالية... والصين

حذّر المسؤول الرفيع في «الناتو» بأن «فلاديمير بوتين يعتقد أن الوقت في مصلحته»، لافتاً بشكل خاص إلى دور دول مثل إيران وكوريا الشمالية في تزويده بالمعدات العسكرية. وقال المسؤول إن الدعم العسكري الذي قدمته إيران لروسيا، الذي يشمل طائرات من دون طيار هجومية وقذائف مدفعية وذخائر دبابات، كان له «تأثير كبير» على الحرب في أوكرانيا. وأضاف أن الحلف يراقب من كثب احتمال تزويد طهران موسكو بصواريخ.

عدّ زيلينسكي أن كلاً من بايدن وترمب يدعم الديمقراطية وأن بوتين «لن يكون سعيداً بفوز أي منهما»... (رويترز)

وعدّ المسؤول الرفيع أن زيارة بوتين إلى بيونغ يانغ مؤشر قوي على حاجة روسيا إلى استمرار تدفق الذخائر وزيادة حجمها. وقال: «من الواضح أن بوتين يرغب في زيادة الذخائر التي يحصل عليها من كوريا الشمالية. هذه الذخائر مهمة لدرجة أن فلاديمير بوتين ذهب إلى بيونغ يانغ، مما يعكس مدى أهمية هذه العلاقة بالنسبة إلى روسيا».

كما ذكر المسؤول أن روسيا ترغب كذلك في زيادة حجم الذخائر التي تحصل عليها من إيران، كما يسعون إلى الحصول على ذخائر من الصين. وأوضح أنه «في الوقت الحالي، لم نرصد تقديم الصين أسلحة فتاكة مباشرة إلى روسيا... لكننا ما زلنا نرى الصين تقدم قطعاً مهمة ليس فقط في تصنيع الطائرات من دون طيار أو الصواريخ، ولكن لصناعة الدفاع الروسية بأكملها». ورأى المسؤول أن هذه الصادرات العسكرية الصينية لا تؤثر على الصراع الحالي فقط؛ بل لها تأثير طويل المدى في تعزيز الصناعة العسكرية الروسية.

مخاوف أوروبية من سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تجاه حلف «الناتو» إذا فاز بالانتخابات وعاد إلى البيت الأبيض (أ.ب)

عودة ترمب

تمثل قمة «الناتو»، التي تختتم الخميس، آخر فرصة لتعزيز الدعم الغربي لأوكرانيا قبل الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل والعودة المحتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وسبق أن تعهّد ترمب بـ«إنهاء الحرب خلال 24 ساعة»، وقبل انتهاء الفترة الانتقالية وتنصيبه رسمياً في يناير (كانون الثاني) 2025.

وكان ظِلُّ ترمب طاغياً على محادثات القمة، خصوصاً مع التدهور الواضح في صحة الرئيس الأميركي الحالي والمرشح الديمقراطي لسباق الرئاسة جو بايدن.

دخان يتصاعد من محطة قطارات في كييف بعد استهدافها بصواريخ روسية (أ.ب)

وأقرّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحجم تداعيات ولاية ثانية لترمب على الحرب في بلاده، معبّراً عن أمله في أن يستمر الدعم الأميركي لأوكرانيا بعد نوفمبر المقبل. وقال في تصريحات صحافية إنه لا يمكنه التنبؤ بما سيفعله الرئيس السابق إذا فاز بالرئاسة الأميركية مجدداً، «لكن العالم بأسره؛ بمن في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ينتظر نتيجة التصويت». في الوقت ذاته، عدّ زيلينسكي أن كلاً من بايدن وترمب يدعم الديمقراطية، وأن بوتين «لن يكون سعيداً بفوز أي منهما».

وأثار ترمب مخاوف حلفاء أوكرانيا في «الناتو»، بعد تكراره انتقاداته الحادة لحجم الدعم العسكري الأميركي لكييف، والذي يلامس 60 مليار دولار منذ الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022، كما دعا أنصاره الجمهوريين في مجلس النواب إلى عرقلة حزمات المساعدة الجديدة لكييف، ووصف زيلينسكي بأنه «أعظم مندوب مبيعات على الإطلاق».

بايدن يمنح «وسام الحرية الرئاسي» للأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» ينس ستولتنبرغ (أ.ف.ب)

بيد أن مصادر مشاركة في القمة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المخاوف، وإن كانت مشروعة، تكاد تكون مبالغة. وقال مصدر غربي إن «ضغوط ترمب خلال ولايته لعبت دوراً جوهرياً في تعزيز (الناتو)، خصوصاً من ناحية مساهمات الدول الأعضاء الدفاعية». وتابع مستذكراً تهديدات الرئيس السابق بالانسحاب من الحلف: «هدد ترمب مراراً بالانسحاب من الحلف، كما قال إن الوقت عفا عليه. إلا إن ترمب لم ينفذ تهديداته آنذاك، وأتمنى ألا ينفذها في ولايته الثانية».

وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، إنه يتوقع أن تبقى الولايات المتحدة «حجر أساس» في التكتل الدفاعي، «مهما كانت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية». وقال: «أتوقع أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات الأميركية، فستبقى الولايات المتحدة حليفة قوية ووفية لـ(الناتو)».

مساعدات جديدة

بخطاب حماسي أمام الوفود المشاركة في القمة، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الحلفاء سيزودون أوكرانيا بـ5 أنظمة دفاع جوي؛ بينها 4 بطاريات من نوع «باتريوت»، وصواريخ «أرض - جو» فعالة خصوصاً في اعتراض الصواريخ الباليستية الروسية.

وفي حين كان الخطاب حول الدعم الأميركي الثابت لأوكرانيا، بدا بايدن كأنه يخاطب أعضاء حزبه الذين يطالبونه بالتنحي من السباق بعد أدائه الكارثي أمام ترمب قبل أيام. وأكد بايدن تعهّد الحلفاء أيضاً بتقديم صواريخ «باتريوت» أخرى أو ما يعادلها «هذا العام»، وعشرات أنظمة الدفاع الجوي التكتيكية «في الأشهر المقبلة».


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
TT

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير جهوزيتها أو عقيدتها النووية، رداً على تغيير روسيا عقيدتها.

وقال مسؤول دفاعي أميركي إنَّ بلاده تجري تحليلاً دقيقاً للصاروخ الجديد الذي استخدمته روسيا، مقللاً في الوقت ذاته من احتمال أن «يغير مسار الحرب».

وبعد يوم من التكهنات حول نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية في استهدافها مجمعاً صناعياً عسكرياً في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا لم تكن ملزمةً بتحذير الولايات المتحدة بشأن الضربة، ومع ذلك أبلغتها قبل 30 دقيقة من الإطلاق.