قصة حزب العمال منذ التأسيس حتى فوزه الجديد بالانتخابات البريطانية

زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يتحدث في حفل إطلاق برنامج حزب العمال الانتخابي في مانشستر ببريطانيا في 13 يونيو 2024 (رويترز)
زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يتحدث في حفل إطلاق برنامج حزب العمال الانتخابي في مانشستر ببريطانيا في 13 يونيو 2024 (رويترز)
TT

قصة حزب العمال منذ التأسيس حتى فوزه الجديد بالانتخابات البريطانية

زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يتحدث في حفل إطلاق برنامج حزب العمال الانتخابي في مانشستر ببريطانيا في 13 يونيو 2024 (رويترز)
زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يتحدث في حفل إطلاق برنامج حزب العمال الانتخابي في مانشستر ببريطانيا في 13 يونيو 2024 (رويترز)

بمناسبة مرور مائة عام على تسلّم حزب العمال السلطة في بريطانيا للمرة الأولى عام 1924، يعود الحزب المحسوب على يسار الوسط ليترأس السلطة التنفيذية في يوليو (تموز) الحالي، بعد فوز كبير حققه أمس الخميس 4 يوليو بالانتخابات التشريعية، وذلك بعد غياب الحزب عن السلطة حوالي 15 عاماً ترأس خلالها حزب «المحافظين» الحكومات البريطانية المتتالية.

صورة من المؤتمر السنوي السادس لحزب العمال البريطاني في قاعة ميموريال في شارع فرينغتون ستريت بالعاصمة البريطانية لندن، فبراير 1906 (متداولة)

تأسيس الحزب

في عام 1900، أنشأ مؤتمر النقابات العمالية وحزب العمال المستقل (الذي تأسس عام 1893) لجنة تمثيل العمال، التي حملت اسم حزب العمال في عام 1906. وفي عام 1918 أصبح حزباً اشتراكياً يتمتع بدستور ديمقراطي. وبحلول عام 1922 حل محل الحزب الليبرالي باعتباره حزب المعارضة الرسمي بوجه حزب المحافظين، وفق موسوعة «بريتانيكا» العلمية.

وقد تشكّل حزب العمال «نتيجة سنوات عديدة من نضال أفراد الطبقة العاملة والنقابيين والاشتراكيين، الذين اتّحدوا بهدف تمثيل أصوات الطبقة العاملة في البرلمان البريطاني»، حسب الموقع الرسمي للحزب.

شهدت الحملة الانتخابية الأولى لحزب العمال عام 1906 انتخاب 26 نائباً في البرلمان البريطاني، وازداد عدد نواب الحزب في الانتخابات التالية، الأمر الذي جعل حزب العمال يشكل أول حكومة بقيادته في تاريخ بريطانيا عام 1924، وكان رامساي ماكدونالد أول رئيس وزراء من حزب العمال آنذاك.

خرج حزب العمال من السلطة منذ عام 1935 ليعود إليها في عام 1945 مع حكومة كليمنت أتلي (حتى عام 1951) الذي تمكن من الانتصار على زعيم بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل.

صورة أرشيفية تظهر كليمنت أتلي الذي كان آنذاك رئيساً لحزب العمال البريطاني يبتسم للحشود المبتهجة التي تجمعت في لندن في 26 يوليو 1945 لسماع الفوز الكبير لحزب العمال في الانتخابات. تقف فيوليت أتلي بجانب زوجها (أ.ب)

أدخلت حكومة أتلي نظاماً للرعاية الاجتماعية، بما في ذلك الخدمة الصحية الوطنية، وتأميماً واسع النطاق للصناعة. استعاد حزب العمال السلطة في عهد هارولد ويلسون (1964 - 1970) وبعد ذلك جيمس كالاهان (1974 - 1979)، لكنه تعثر بسبب المشكلات الاقتصادية وتدهور العلاقات مع حلفائه النقابيين. في عام 1983 أدى برنامج مايكل فوت الراديكالي إلى هزيمة ساحقة لحزب العمال. حرّك نيل كينوك الحزب نحو الوسط، ولكن في عام 1997 فقط نجح توني بلير بأجندته «حزب العمال الجديد» في إعادة حزب العمال إلى السلطة.

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في ويكلو بآيرلندا في 12 مايو 2017 (رويترز)

حكم حزب العمال لمدة 13 عاماً (مع بلير رئيساً للوزراء حتى عام 2007، عندما خلفه غوردون براون) قبل أن يخسر أغلبيته في الانتخابات العامة عام 2010 لصالح المحافظين.

ومع فوز حزب العمال الساحق، (الأربعاء)، بالانتخابات التشريعية وحصوله على الغالبية المطلقة في البرلمان البريطاني، عاد الحزب مجدداً إلى السلطة ورئاسة الحكومة بقيادة زعيمه كير ستارمر.

مبادئ عامة للحزب

ينص دستور حزب العمال على ما يلي: «حزب العمال هو حزب اشتراكي ديمقراطي. وهو يؤمن أنه بقوة مساعينا المشتركة نحقق أكثر مما نحققه بمفردنا، وذلك لخلق الوسائل لكل منا لتحقيق إمكاناتنا الحقيقية، ولجميعنا، لمجتمع حيث تكون القوة والثروة والفرصة في أيدي الكثيرين، وليس القلة».

تقليدياً، أيد حزب العمال التدخل الاقتصادي الحكومي، والضرائب لدعم إعادة توزيع الثروة، وتأميم الصناعة.

رئيس الوزراء البريطاني المنتخب كير ستارمر وزوجته فيكتوريا يدخلان مقر إقامته الرسمي في 10 داونينغ ستريت في لندن لأول مرة بعد أن حقق حزب العمال فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة لعام 2024، في لندن، الجمعة 5 يوليو 2024 (أ.ب)

تاريخياً، ارتكزت قاعدة حزب العمال بشكل خاص على الطبقة العمالية والاشتراكيين من الطبقة الوسطى.

ووفق تقرير لمجلة «بوليتيكس» (سياسات) البريطانية، إن أصول حزب العمال الاشتراكية تتوافق مع تقاليدها الأممية، فقد أيدت الأغلبية الساحقة من أعضاء حزب العمال البرلمانيين بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أثناء استفتاء الخروج البريطاني من الاتحاد العام 2016.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني ينفي حصوله على تذاكر مجانية لحفل تايلور سويفت

أوروبا المغنية الأميركية الشهيرة تايلور سويفت (د.ب.أ)

رئيس الوزراء البريطاني ينفي حصوله على تذاكر مجانية لحفل تايلور سويفت

نفى مكتب رئيس الوزراء البريطاني، أن يكون  كير ستارمر قد حصل على تذاكر مجانية لحفل النجمة تايلور سويفت كعربون شكر بعدما حصلت على مرافقة من الشرطة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مالك متجر «هارودز» الراحل محمد الفايد (رويترز)

40 بلاغاً جديداً يتضمّن اتهامات بالاعتداء الجنسي بحق محمد الفايد

أعلنت شرطة لندن أمس (الجمعة) أنها تلقت 40 بلاغاً عن حالات اغتصاب واعتداء جنسي ارتكبها مالك متجر «هارودز» الراحل محمد الفايد منذ عرض «بي بي سي» أول الاتهامات

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)

جندي بريطاني سابق متهم بمساعدة إيران أراد أن يكون «عميلاً مزدوجاً»

كشف ممثلو الادعاء أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، أن جندياً بريطانياً سابقاً نقل معلومات حساسة إلى أشخاص على صلة بـ«الحرس الثوري الإيراني» ثم فر لاحقاً من السجن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) يصافح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون (رويترز)

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

رفض الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة حاملة الطائرات الرائدة للبحرية البريطانية بسبب عدد الخطوات خلال زيارته إلى المملكة المتحدة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا النائبة روزي دافيلد خلال حضورها تجمعاً في كانتربري (أرشيفية- رويترز)

نائبة بريطانية تنشق عن حزب العمال احتجاجاً على «نفاق» ستارمر

شهد حزب العمال البريطاني أول استقالة منذ تولي كير ستارمر رئاسة الوزراء؛ حيث تخلت النائبة روزي دافيلد عن الحزب، وقدمت نفسها مستقلة، متهمة ستارمر بـ«النفاق».

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
TT

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)

بعد أيام من الضوضاء التي عاشتها ألمانيا إثر الانهيار المفاجئ لحكومتها الائتلافية، وإصرار المستشار أولاف شولتس على الاستمرار بقيادة حكومة أقلية حتى نهاية مارس (آذار)، خضع أخيراً لضغوط المعارضة، ووافق على انتخابات مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

ويستعد شولتس لطرح الثقة في حكومته في 16 ديسمبر (كانون الأول)، وهي خطوة ضرورية قانونياً تمهد للدعوة لانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخسر التصويت، بعد أن خسرت الحكومة أكثريتها إثر طرد المستشار لوزير ماليته كريستيان ليندنر، وانسحاب وزراء آخرين منتمين جميعاً للحزب «الليبرالي»، الذي يُشكّل مع الحزب «الاشتراكي» بزعامة شولتس، وحزب «الخضر» الائتلاف الحاكم.

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)

وكشف فريدريش ميرتس زعيم الحزب «الديمقراطي المسيحي»، الذي يستعد لخلافة شولتس ليصبح مستشار ألمانيا المقبل، عن استعداد حزبه لخوض الانتخابات المبكرة التي كانت مجدولة أصلاً لنهاية سبتمبر (أيلول). وقال: «نحن مستعدون، وفي أفضل حال». وتحدث خلال ظهور له في منتدى في برلين، عن خطط يعد لها حزبه، من بينها تخفيض الإعانات المالية عن العاطلين عن العمل، وهي إعانات رفعتها حكومة شولتس، وعرضتها لكثير من الانتقادات.

وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر (أ.ب)

ورغم أن السنوات الثلاث الماضية من عمر الحكومة الائتلافية شابتها خلافات كثيرة بين الأحزاب المشاركة في الحكومة، فإن هذه المرة كان الخلاف كبيراً، وتسبب في انهيار الائتلاف الهش. واختلف المستشار مع وزير ماليته حول ميزانية العام المقبل التي لم تتمكن الأحزاب الثلاثة من الاتفاق عليها. وفيها يتفق حزب شولتس «الاشتراكي»، مع حزب «الخضر» حول السياسات الضريبية والاجتماعية لقيادة البلاد، وكان الحزب «الليبرالي» وهو حزب يميني وسطي، غالباً ما يصطدم مع الحزبين الآخرين حول السياسات المالية.

ورفض ليندنر مساعي شولتس، وحزب «الخضر» لزيادة النفقات الاجتماعية مقابل رفع الضرائب على الشركات، وسعى لتخفيض تلك الضرائب، وحتى تخفيض المعاشات التقاعدية تجنباً لزيادة الديْن العام.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتس (رويترز)

ويحظر الدستور الألماني الاستدانة إلا في الحالات الطارئة. وقد ارتفع سقف الديْن العام في ألمانيا منذ تسلم حكومة شولتس مهامها نهاية عام 2021، أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها وباء «كورونا»، وثانياً بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، والتضخم والغلاء اللذين ضربا ألمانيا. وأراد ليندنر تخفيض المعاشات التقاعدية لتمويل الحرب في أوكرانيا، ولكن شولتس عدّ ذلك خطاً أحمر وطرد وزير ماليته. وعدّ البعض الخلاف الذي حدث بين ليندنر وشولتس متعمداً، بسبب تدني شعبية حزبه بشكل كبير منذ دخوله الحكومة.

البرلمان الألماني - البوندستاغ (أ.ف.ب)

وتشير استطلاعات رأي إلى أن الحزب «الليبرالي» لن يدخل حتى البرلمان في الانتخابات المقبلة، بسبب انخفاض نسبة التأييد له إلى ما دون 5 في المائة، وهي عتبة الدخول للبرلمان. ولكن هذا الانسحاب الذي وصفه البعض بـ«التكتيكي» من الحكومة، قد يرفع حظوظ الحزب «الليبرالي» مرة جديدة، خصوصاً أن مستوى الرضا عن حكومة شولتس منخفض إلى درجات قياسية.

وليندنر نفسه عبّر عن استعداده للعودة للحكومة بعد الانتخابات المقبلة ضمن حكومة يديرها الحزب «المسيحي الديمقراطي» وزعيمه ميرتس الذي يحل في الطليعة بحسب الاستطلاعات، ويحصل على نسبة تزيد على الـ32 في المائة. وحتى ميرتس عبّر عن انفتاحه للتحالف مع الليبراليين، وإعادة ليندنر نفسه وزيراً للمالية. وتعد السياسة المالية للحزبين «الليبرالي»، و«المسيحي الديمقراطي» قريبة من بعضها، وهي سياسة محافظة تعتمدها الأحزاب اليمينية الوسطية.

زعيم حزب المعارضة «المسيحي الديمقراطي» فريدريش ميرتس الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات المقبلة (إ.ب.أ)

وقال ليندنر بُعيد إعلان الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إن هدف حزبه تحقيق 10 في المائة من نسبة الأصوات في الانتخابات المقبلة، مضيفاً خلال مشاركته في منتدى ببرلين، أن «السباق لمنصب المستشار انتهى، ومن شبه المؤكد أن فريدريش ميرتس هو المستشار المقبل».

وبالفعل، حتى الآن تشير الاستطلاعات إلى أن الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابق أنجيلا ميركل، وكان قد خرج من السلطة معها قبل ثلاث سنوات، هو الحزب الأول وبفارق كبير. وفي المرتبة الثانية يحل حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بنسبة تأييد تصل إلى 18 في المائة، وبعده الحزب «الاشتراكي» بنسبة تأييد تصل إلى 16 في المائة. وفي الماضي، قادت ميركل ثلاث حكومات ائتلافية من أصل أربع كان الحزب «الاشتراكي» شريكها فيها. ولكن هذه المرة يبدو أن ميرتس يخطط للتحالف مع الليبراليين، ولكن سيتعين أولاً الحصول على أصوات كافية لدخول البرلمان.

المستشار الألماني أولاف شولتس في مكتبه يتحدث عبر الجوال قبيل إقالته وزير ماليته (أ.ف.ب)

ويرفض ميرتس وكل الأحزاب السياسية الأخرى، التحالف مع «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف رغم حلوله ثانياً في استطلاعات الرأي، ما يعني أنه قد يصبح حزب المعارضة الأكبر داخل البرلمان في الانتخابات المقبلة.

وانهارت حكومة شولتس في اليوم الذي صدرت فيه نتائج الانتخابات الأميركية، وأُعلن فوز دونالد ترمب بالرئاسة. ورغم أن التسريبات من داخل حزب شولتس كانت تشير إلى أن فوز ترمب قد يوحد الحكومة ويدفعها لتخطي خلافات بهدف الاستعداد لولاية ترمب، فإن العكس حدث. وشجع الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير المنتمي للحزب «الاشتراكي» على السرعة لتخطي الأزمة السياسية، وإعادة الاستقرار لألمانيا، وهو يجري مشاورات لا تتوقف مع الأحزاب منذ انهيار الحكومة. ويتعين عليه الآن تأييد تاريخ 23 فبراير موعداً للانتخابات المقبلة، ولكن ذلك يعد خطوة شكلية.

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

ويرى محللون أن تقليص فترة عدم اليقين في ألمانيا ضرورية لكي تتيح للحكومة المقبلة أن تستعد للتعامل مع إدارة ترمب، خصوصاً في الملفات الشائكة، وتحديداً ملف أوكرانيا. ويؤيد حزب ميرتس دعماً أكبر لأوكرانيا من شولتس، وهو يؤيد كذلك انضمامها لحلف الناتو، على عكس شولتس الذي يرى أن الأفضل أن تبقى حيادية.