لوبن: ماكرون لن يقود الجيش ولن يستطيع إرسال قوات لأوكرانيا إذا فزنا في الانتخابات

زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن (رويترز)
زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن (رويترز)
TT

لوبن: ماكرون لن يقود الجيش ولن يستطيع إرسال قوات لأوكرانيا إذا فزنا في الانتخابات

زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن (رويترز)
زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن (رويترز)

أثارت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن، اليوم الخميس، الجدل حول من سيكون مسؤولاً عن الجيش إذا قاد حزب «التجمع الوطني» الحكومة بفوزه في الانتخابات، مشيرة إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون لن يستطيع في هذه الحالة إرسال قوات إلى أوكرانيا.

ولم يعد أمام الفرنسيين سوى ثلاثة أيام قبل الجولة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية للاختيار بين يمين متطرّف يحظى بشعبية كبيرة، ويسار يناضل من أجل الحفاظ على وحدته، وغالبية ماكرونية تؤكد عدم الاستسلام.

وفي استطلاع تلو الآخر، يظهر اليمين المتطرّف المتمثّل في «التجمّع الوطني» متقدّماً بحصوله على 36 إلى 37 في المائة من نيات التصويت، بينما يحصل تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري على ما بين 27 و28.5 في المائة، والأغلبية الرئاسية من يمين الوسط على 21 في المائة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتدفع الانتخابات المبكرة فرنسا إلى منطقة مجهولة، ويتدافع علماء السياسة لتفسير كيف سيتقاسم الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء «المعادي لمعظم سياساته» السلطة إذا فاز حزب «التجمع الوطني» بالأغلبية في الجمعية الوطنية (مجلس النواب الفرنسي). وأمام ماكرون ثلاث سنوات لإكمال فترة ولايته الأخيرة كرئيس.

استياء من ماكرون

وقالت لوبن مراراً وتكراراً إن جوردان بارديلا، رئيس حزب «التجمّع الوطني»، هو من سيقود الحكومة الفرنسية المقبلة إذا فاز الحزب بالانتخابات. وأضافت في مقابلة اليوم أن بارديلا (28 عاماً) سيتولى أيضاً على الأقل بعض القرارات المتعلقة بشؤون الدفاع الفرنسي والقوات المسلحة.

وقالت لوبن في مقابلة مع صحيفة «لو تيليغرام» نُشرت، الخميس، إن منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة «هو لقب فخري للرئيس لأن رئيس الوزراء هو الذي يحرك الخيوط فعلياً»، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وينص الدستور الفرنسي على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس القوات المسلحة» وأن رئيس الدولة أيضاً «يرأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني». لكن الدستور ينص أيضاً على أن «رئيس الوزراء مسؤول عن الدفاع الوطني».

وتمتلك فرنسا أسلحة نووية، وتنتشر قواتها وأفرادها العسكريون في كثير من مناطق الصراع حول العالم. وفي المرة الأخيرة التي كان فيها لفرنسا رئيس ورئيس وزراء من حزبين مختلفين، اتفقا على نطاق واسع على المسائل الاستراتيجية المتعلقة بالدفاع والسياسة الخارجية. لكن هذه المرة قد يكون مفهوم تقاسم السلطة المعروف في فرنسا باسم «التعايش» مختلفاً تماماً نظراً للعداء بين السياسيين من اليمين المتطرف واليسار المتطرف، ويبدو أن كلتا الكتلتين تشعر بالاستياء الشديد من الرئيس الوسطي المقرب لرجال الأعمال، وفق «أسوشييتد برس».

خطوط حمراء

وقالت لوبن إنه إذا حصل حزب «التجمع الوطني» على تفويض من أغلبية الناخبين لتشكيل حكومة جديدة، فإن بارديلا، الذي ليس لديه خبرة في الحكم، سيهدف إلى أن يكون حازماً ولكن ليس معادياً لماكرون. وأضافت: «جوردان ليس لديه نية لخوض معركة مع (ماكرون)، لكنه وضع خطوطاً حمراء... فيما يتعلق بأوكرانيا، لن يتمكن الرئيس من إرسال قوات».

وحسب المؤرخ السياسي الفرنسي جان جاريجيز فإن «الرئيس هو قائد القوات المسلحة، (لكن) رئيس الوزراء هو الذي يضع القوات المسلحة تحت تصرفه»، وهذا يعني عملياً أنه «إذا قرر الرئيس إرسال قوات إلى أوكرانيا... فسيكون رئيس الوزراء قادراً على عرقلة هذا القرار».


مقالات ذات صلة

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لمقدم البرامج بيت هيغسيث خلال حفل لشبكة «فوكس نيوز» (أ.ف.ب)

بيت هيغسيث مرشح ترمب لوزارة الدفاع... مقدم برامج مثير للجدل

اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، يثير جدلاً بسبب مواقفه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال حملة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

«الشرق الأوسط» (داكار)
أوروبا وزير المالية الألماني السابق كريستيان ليندنر (أ.ف.ب)

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار شولتس وافق على تقريب موعد الانتخابات أمام ضغوط المعارضة ويستعد لطرح الثقة في حكومته 16 ديسمبر.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

ألمانيا تحدد 23 فبراير موعداً للانتخابات المبكرة

تعتزم ألمانيا إجراء انتخابات عامة مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل، بعد انهيار ائتلاف يسار الوسط بزعامة المستشار أولاف شولتس.

«الشرق الأوسط» (برلين)

عودة ترمب تضع «الأطلسي» أمام اختبار وجودي

صورة أرشيفية لاجتماع ترمب مع روته بالبيت الأبيض في يوليو 2019 (أ.ب)
صورة أرشيفية لاجتماع ترمب مع روته بالبيت الأبيض في يوليو 2019 (أ.ب)
TT

عودة ترمب تضع «الأطلسي» أمام اختبار وجودي

صورة أرشيفية لاجتماع ترمب مع روته بالبيت الأبيض في يوليو 2019 (أ.ب)
صورة أرشيفية لاجتماع ترمب مع روته بالبيت الأبيض في يوليو 2019 (أ.ب)

منذ أن تأكد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، قبل أسبوع، تسود أجواء من القلق العميق في أوساط الحلف الأطلسي الذي كان أحد الأهداف المفضّلة التي درج الرئيس المنتخب على انتقادها خلال ولايته الأولى، حتى إنه هدّد في إحدى المناسبات بعدم التدخل في حال تعرضت إحدى الدول الأعضاء لعدوان روسي، مقوّضاً بذلك مبدأ «الدفاع المشترك» الذي يُشكّل الركيزة الأساسية التي تقوم عليها المنظمة الأطلسية.

السيناريوهات المطروحة حالياً على طاولة الأمين العام الجديد للحلف، مارك روته - من انكفاء واشنطن أطلسياً، مع احتمال تعليق عضويتها في منظمة الدفاع الغربية التي أنشأتها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى تقليص الانتشار العسكري الأميركي في أوروبا، مروراً بـ«صداقة» ترمب حيال المنظمات المتعددة الأطراف - تضع الحلف الأطلسي أمام اختبار وجودي تحت تهديدات الدولة التي تملك قوة الردع الرئيسية في هرم الدفاع الغربي.

اتّصالات مكثّفة

يقول مسؤول رفيع في المنظمة الأطلسية، تولّى مناصب حساسة في السنوات الأخيرة: «سنبقى رهينة التكهّنات لفترة من الزمن، قبل أن نعرف نوايا الرئيس الأميركي العائد الذي يهوى ذلك بقدر ما يزداد نفوذه، والأحلاف العسكرية بحاجة إلى اليقين، خاصّة في مثل هذه المرحلة الأمنية الدقيقة على الصعيدين الأوروبي والدولي».

بعض الدول الأعضاء في الحلف، مثل بولندا وتركيا، باشرت جولة من الاتصالات مع دول حليفة أساسية في المنظمة الأطلسية استعداداً لما سيكون عليه مشهد الدفاع الغربي بعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض، لكن معظم المشاورات حول تداعيات ولاية ترمب الثانية على الأمن والدفاع في أوروبا يدور داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي الذي ينتمي 23 من أعضائه إلى الحلف الأطلسي، حيث يوجد فريق عمل ينكبّ منذ أشهر على دراسة السيناريوهات والردود التي يقتضيها موقف الإدارة الأميركية الجديدة، خاصة في حال صحّت التوقعات بالتوصل إلى اتفاق بين ترمب وبوتين حول أوكرانيا.

المسؤولون في الحلف الأطلسي يترقبون سياسات مرشّح ترمب لمنصب وزير الدفاع، وهو المذيع في شبكة «فوكس نيوز» بيت هيغسيث، ويستعدون لبدء الاتصالات معهم، بهدف الحصول على تعهدات من الإدارة الجديدة، أو إقناعها بأن الحلف حيوي أيضاً بالنسبة للمصالح الأميركية. إلى جانب ذلك، تُجري الدول الحليفة الوازنة منذ أشهر اتصالات مع الدائرة المحيطة بترمب، وفريق حملته الانتخابية حول نواياه بشأن مستقبل الحلف الأطلسي والتزامات واشنطن الأمنية تجاه أوروبا في حال عودته إلى البيت الأبيض.

رهان مارك روته

الأمين العام الجديد للحلف الأطلسي مارك روته، الذي تربطه علاقات جيدة بدونالد ترمب عندما كان رئيساً لوزراء هولندا خلال الولاية الأولى للرئيس الجمهوري، مرشح ليلعب دوراً اساسياً في إرساء العلاقات الدفاعية بين أوروبا والولايات المتحدة على أسس مستقرة، خاصة أنه كان أشدّ المدافعين عن زيادة الإنفاق العسكري الأوروبي تجاوباً مع الشروط التي كان وضعها ترمب لعدم التخلي عن التزامات واشنطن الدفاعية تجاه حلفائها.

وخلال ولايته الأولى، استخدم ترمب خطاباً قاسياً أوحى فيه باستعداده للانسحاب من الحلف الأطلسي من غير اللجوء إلى التصويت على قراره في الكونغرس، وكان قد هدّد مؤخراً بأنه في حال عودته إلى البيت الأبيض لن يدافع عن الدول الأعضاء التي لا تخصص 2 في المائة من إجمالي ناتجها القومي لميزانية الدفاع، في حال تعرضها لاعتداء من الخارج.

لكن في الواقع، قدّمت الولايات المتحدة خلال ولاية ترمب الأولى أسلحة هجومية لأوكرانيا، وشاركت في جميع المناورات العسكرية الأطلسية، وأنفقت على بناء قواعد جديدة في بولندا ودول البلطيق، ما يعني أن الجناح الأطلسي في الحزب الجمهوري ما زالت له كلمة وازنة في تحديد السياسة الدفاعية.

أولويات مختلفة

بيد أن ترمب في ولايته الثانية يختلف عن ولايته الأولى، خاصة بالنسبة للسلطة الواسعة التي يتمتع بها بعد فوزه الكاسح على جميع الجبهات، وثمة خشية متزايدة من أن يجنح نحو «أحادية شاملة» ويُبرم اتفاقاً مع فلاديمير بوتين من غير أوكرانيا وحلفائه الأوروبيين. ورغم أن الاعتقاد السائد هو أن ترمب لن يقدم على سحب بلاده من الحلف الأطلسي، فإن ثمة من لا يستبعد إقدامه على خفض البنية التحتية العسكرية الأميركية في أوروبا، خاصة الدفاعات الجوية والصاروخية التي يعتمد عليها الأوروبيون في مواجهة الخطر الروسي.

غالبية الدول الأعضاء في الحلف تنفق حالياً ما يزيد عن 2 في المائة من إجمالي ناتجها القومي (23 من أصل 32 دولة)، لكن لا تستبعد الأوساط الأطلسية أن يبادر ترمب إلى الضغط على الحلف لرفع هذه النسبة إلى 2.5 في المائة أو 3 في المائة خلال القمة الأطلسية المقبلة.

التوجيهات التي يعطيها روته لمساعديه هي أن إدارة ترمب لن يقنعها الخطاب المبني على الاعتبارات الأخلاقية أو الالتزامات التعاقدية، بل يجب التركيز على الناحية التجارية والمصالح المباشرة، مثل أن أكثر من نصف الأموال الإضافية التي أنفقها الأوروبيون على السلاح منذ ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم ذهب إلى الشركات الأميركية، أو أن العلاقة التي تتوطد بين روسيا من جهة، والصين وإيران وكوريا الشمالية من جهة أخرى، هي أيضاً خطر مباشر على المصالح الأميركية.