قبل الانتخابات التشريعية في فرنسا... مظاهرات مرتقبة لعشرات الآلاف ضد اليمين المتطرف

متظاهرون يحملون لافتة كُتب عليها «الفاشية غرغرينا - اقتلوها أو موتوا بها» خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات تشريعية بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون لافتة كُتب عليها «الفاشية غرغرينا - اقتلوها أو موتوا بها» خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات تشريعية بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

قبل الانتخابات التشريعية في فرنسا... مظاهرات مرتقبة لعشرات الآلاف ضد اليمين المتطرف

متظاهرون يحملون لافتة كُتب عليها «الفاشية غرغرينا - اقتلوها أو موتوا بها» خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات تشريعية بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي (أ.ف.ب)
متظاهرون يحملون لافتة كُتب عليها «الفاشية غرغرينا - اقتلوها أو موتوا بها» خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إلى انتخابات تشريعية بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن انتخابات تشريعية مبكرة، تخرج مظاهرات، اليوم (السبت)، في جميع أنحاء فرنسا يُتوقع أن يشارك فيها عشرات الآلاف بدعوة من النقابات ومن اليسار؛ احتجاجاً على اليمين المتطرف الذي يتصدر نوايا التصويت، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي وقت تشير التوقعات إلى أن ائتلاف الأحزاب اليسارية الذي تشكل تحت اسم «الجبهة الشعبية الجديدة» سيكون الخصم الأول لـ«التجمع الوطني»، الحزب اليميني المتطرف الذي كان الفائز الأكبر في الانتخابات الأوروبية في فرنسا ويتصدر نوايا التصويت بفارق كبير عن المعسكر الرئاسي، نزل آلاف الأشخاص منذ مساء الجمعة إلى الشوارع في عدد من المدن في مظاهرات تخللتها في ليون (وسط شرق) أعمال عنف أوقعت أربعة جرحى 3 منهم شرطيون، بحسب السلطات المحلية.

ومن المتوقع خروج نحو 200 مظاهرة في عطلة نهاية الأسبوع، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي تنظم دورتها الأولى في 30 يونيو (حزيران) ودورتها الثانية في 7 يوليو (تموز).

متظاهرون يتجمّعون في الشارع خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف بعد نتائج الانتخابات الأوروبية في ليون (أ.ف.ب)

وتبدأ المظاهرات، قبل ظهر السبت، في بايون (جنوب غرب) وتولون (جنوب شرق) وفالانسيين (شمال) ومدن أخرى، بينما تنطلق المسيرة في باريس في الساعة 14:00 (12:00 ت.غ)، على أن تجري المظاهرة في ليون، ثالثة كبرى مدن فرنسا، الأحد.

وتوقع مصدر في الشرطة نزول 300 ألف إلى 350 ألف متظاهر إلى الشوارع، بينهم 50 إلى 100 ألف في العاصمة. في المقابل، تمت تعبئة نحو 21 ألف عنصر من الشرطة والدرك.

وأعلنت ماريليز ليون رئيسة «الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل»، إحدى النقابات الخمس التي دعت إلى التعبئة، في مقابلة أجرتها معها صحيفة «لو باريزيان» أن «هناك حاجة إلى انتفاضة ديمقراطية».

ودعت إلى التصويت «لأي راية بمواجهة التجمع الوطني»، مشددة على وجوب أن تكون المظاهرات «من دون عنف».

وستكون المظاهرات التي دعا إليها قادة اليسار، منذ مساء الاثنين، مؤشراً إلى مدى شعبية «الجبهة الشعبية الجديدة»، الائتلاف الانتخابي الذي يضم الأحزاب اليسارية الكبرى وفي طليعتها «فرنسا الأبية» (يسار راديكالي) والحزب الاشتراكي.

وبعدما كانت الوحدة بين هذه الأحزاب غير مطروحة قبل الأحد في ظل الخلافات الكبرى في مواقفها، أُعلن تشكيل الائتلاف هذا الأسبوع تحت برنامج مشترك اعتبر ماكرون مساء الجمعة أن شقّه الاقتصادي يحمل «مخاطر كبرى» لفرنسا، على غرار برنامج التجمع الوطني.

وقال ماكرون متحدثاً من إيطاليا، حيث يشارك في قمة مجموعة السبع: «هناك اليوم كتلتان متطرفتان اختارتا برنامجين اقتصاديين لا يدخلان في إطار أخلاقيات المسؤولية ويعدان الناس بهدايا لا تجد تمويلاً».

وانتقد الخلافات الداخلية في صفوف اليسار، واصفاً التكتل بأنه «استعراض غير مترابط إطلاقاً». واعتبر أن كل طرف «يفكر بصورة مناقضة» للآخر، مضيفاً: «إننا عند المجانين، هذا ليس جدياً».

وتطرح الجبهة الشعبية الجديدة في برنامجها «قطيعة تامة مع سياسة إيمانويل ماكرون»، وفق ما أوضح منسق «فرنسا الأبية» مانويل بومبار، لا سيما مع إلغاء إصلاح النظام التقاعدي، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو (مقابل 1383 يورو حالياً).

متظاهر يحمل لافتة كُتب عليها «دعونا نصوت للجبهة الشعبية في 30 يونيو» خلال مسيرة مناهضة لليمين المتطرف (أ.ف.ب)

«مهندسو الفوضى»

من جهته، علق رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا، الجمعة، قائلاً: «الجمهورية في خطر بوجه مهندسي الفوضى هؤلاء الذين يدعون إلى الانقسام».

واعتبر بارديلا المرشح في سن 28 عاماً لرئاسة الحكومة أن «تشكيلين سياسيين» فقط يمكنهما «تشكيل حكومة»، وهما التجمع الوطني الذي يتصدر استطلاعات الرأي والائتلاف اليساري الجديد.

وندد بالمظاهرات المقررة، مشدداً على أنه «لا يمكن نقض الديمقراطية إلى حد رفض نتيجة صناديق الاقتراع».

وتجري مظاهرات وتجمعات بصورة شبه يومية منذ الأحد الماضي في جميع أنحاء فرنسا.

وشهدت فرنسا قبل 22 عاماً تعبئة جمعت نحو مليون متظاهر في الأول من مايو (أيار) 2002؛ احتجاجاً في ذلك الوقت على انتقال زعيم «الجبهة الشعبية» جان ماري لوبن، والد مارين لوبن التي خلفته على رأس الحركة اليمينية المتطرفة وأعادت تسميتها «التجمع الوطني»، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

أما اليوم، فما يدفع المعارضين للنزول إلى الشارع هو «صدمة الانتخابات الأوروبية» التي حصل فيها اليمين المتطرف في فرنسا على 37.8 في المائة من الأصوات بصورة إجمالية، و«وصول التجمع الوطني إلى أبواب السلطة».

وندّد بارديلا، الجمعة، بالدعوات «بالغة الخطورة» إلى «العصيان»، مبدياً في الوقت نفسه «تمسكه الشديد بحرية التعبير».

وفي صفوف اليمين التقليدي، شهدت البلبلة التي تهز حزب الجمهوريين تقلبات جديدة مع إبطال محكمة باريس، الجمعة، قرار المكتب الوطني للحزب إقصاء رئيسه إريك سيوتي بعد دعوته لتشكيل تحالف مع التجمع الوطني، بينما أكد بارديلا أن حزبه سيقدم «مرشحاً مشتركاً» مع الحزب اليميني «في 70 دائرة».

ويتعين على الأحزاب وضع لوائح مرشحيها بحلول الأحد، تاريخ انتهاء المهلة لتقديم الترشيحات.

وفي مؤشر إلى الغموض الذي يلف نتائج هذه الانتخابات المبكرة، عرفت بورصة باريس أسوأ أسبوع لها منذ مارس (آذار) 2022 مع تسجيل تراجع بلغ 6.23 في المائة، ما ألغى كل المكاسب التي حققتها هذا العام.


مقالات ذات صلة

الشرع: إجراء انتخابات قد يستغرق 4 سنوات

المشرق العربي القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (إ.ب.أ) play-circle 01:35

الشرع: إجراء انتخابات قد يستغرق 4 سنوات

قال قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، إن إجراء انتخابات قد يستغرق مدة تصل إلى 4 سنوات، وإن عملية كتابة الدستور قد تستغرق 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص مادورو يحيِّي أنصاره خلال مظاهرة في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

خاص «الأوروبي» يُجدد دعمه لمرشح المعارضة الفنزويلية دون الاعتراف رسمياً برئاسته

يتردد الاتحاد الأوروبي على خطوة الاعتراف رسمياً برئاسة غونزاليس، بعد التجربة الفاشلة التي أسفر عنها الاعتراف برئاسة خوان غوايدو عام 2019.

شوقي الريّس (مدريد)
رياضة سعودية عبد العزيز الشهراني (اتحاد الدراجات)

الانتخابات الرياضية السعودية: الشهراني رئيساً للدراجات…والمطيري للتايكوندو

أقرت الجمعية العمومية الانتخابية للاتحاد السعودي للدراجات تزكية عبدالعزيز بن علي الشهراني رئيسًا لمجلس إدارة الاتحاد السعودي للدراجات لأربع سنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا اندلاع أعمال شغب في موزمبيق بعد تصديق المحكمة العليا على فوز حزب فريليمو الحاكم في الانتخابات (أ.ف.ب)

مقتل 21 شخصاً بموزمبيق في أعمال شغب بعد قرار المحكمة العليا بشأن الانتخابات

قال وزير داخلية موزمبيق، مساء اليوم الثلاثاء، إن 21 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم في أعمال شغب.

«الشرق الأوسط» (مابوتو)
تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

تحليل إخباري حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)

ألمانيا تشهد معركة انتخابية لم يسبق لها مثيل

أثار نفوذ إيلون ماسك تساؤلات حول حدود قوته وتأثيره على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
أثار نفوذ إيلون ماسك تساؤلات حول حدود قوته وتأثيره على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ألمانيا تشهد معركة انتخابية لم يسبق لها مثيل

أثار نفوذ إيلون ماسك تساؤلات حول حدود قوته وتأثيره على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
أثار نفوذ إيلون ماسك تساؤلات حول حدود قوته وتأثيره على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

تشهد ألمانيا في العام الجديد معركة انتخابية قد لا يكون لها مثيل من قبل لتشكيل برلمان جديد للبلاد بسبب الظروف التي تمر بها ألمانيا وأوروبا مع انتخاب دونالد ترمب لفترة رئاسية ثانية، وما يعني ذلك بالنسبة للحرب الدائرة في أوكرانيا، خصوصاً أن ألمانيا تعدّ من أكبر الداعمين والممولين لها عسكرياً ومالياً. أضف إلى ذلك أن الرئيس الأميركي المنتخب أصبح محاطاً بشخصيات مثل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي استغل منصته «إكس»، «تويتر» سابقاً، لمهاجمة قيادات ألمانية سياسية، اتهمته بالتدخل في العملية الانتخابية.

وتسبب ماسك، المعروف بمنشوراته الاستفزازية عالية الانتشار على منصته، في اضطرابات في السياسة الألمانية منذ أيام. وروَّج مجدداً في صحيفة «فيلت آم زونتاغ» الألمانية لصالح انتخاب حزب «البديل من أجل ألمانيا» في الانتخابات العامة المبكرة المقررة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

الرئيس المنتخب ترمب وحليفه الملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

وأعلن دعمه حزب البديل اليميني المتطرف، ودعا المستشار أولاف شولتس إلى الاستقالة بعد هجوم الدهس القاتل الذي وقع مؤخراً في سوق عيد الميلاد في مدينة ماغدبورغ خلال فترة نهاية العام وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 200 شخص. لكن المستشار تعامل مع الأمر بهدوء، قائلاً: «لدينا بالمناسبة حرية تعبير وهي تسري أيضاً على أصحاب المليارات».

بعد إهانته شولتس، وجَّه إيلون ماسك إهانات للرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير في منشور على حسابه على موقع «إكس» للتواصل الاجتماعي. وكتب ماسك، الذي يعدّ مستشاراً مقرباً لترمب: «شتاينماير طاغية مناهض للديمقراطية! عار عليه».

وعندما سُئل مكتب الرئيس الألماني عن المنشور، قال إنه أُحيط علماً به، لكنه لن يعلق عليه. وأشار ماسك في تعليقه إلى منشور إحدى المؤثرات المقربات من حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي، الذي هاجمت فيه شتاينماير بعد أن تحدث ضد تأثيرات خارجية خلال خطابه الذي ألقاه عند إعلان حل البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) قبل بضعة أيام. وفي ذلك الخطاب تحدث شتاينماير صراحة على تأثير منصة «إكس».

وعقب انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا، هاجم رئيس شركة «تسلا» الأميركية للسيارات الكهربائية المستشار شولتس على «إكس» وكتب باللغة الألمانية: «أولاف أحمق». ويوم الاثنين كتب اسم المستشار الألماني واضعاً علامات دخيلة به، متوقعاً هزيمته في الانتخابات.

ويطلق على حساب ماسك، الذي يضم أكثر من 200 مليون متابع، الآن اسم «كيكيوس ماكسيموس» (Kekius Maximus)، ويحتوي على صورة ضفدع كصورة لملفه الشخصي. ولا توجد تفسيرات بعد لإعادة التسمية أو معنى الاسم.

في اليوم الأول من العام الجديد سيتبقى أمام الأحزاب الألمانية 53 يوماً فقط لجمع الأصوات. لكن قصر فترة المعركة الانتخابية ليس السمة الوحيدة التي تميز هذه المعركة الانتخابية، إذ ستكون انتخابات 2025 أول انتخابات تشهدها ألمانيا في فصل الشتاء منذ عام 1987، ولأول مرة، لا يقتصر الأمر على وجود اثنين أو ثلاثة مرشحين لمنصب المستشار، بل هناك خمسة مرشحين لهذا المنصب.

ومنذ عام 1949، شهدت ألمانيا 20 دورة انتخابية لتشكيل برلمان للبلاد، وقد تكون الانتخابات المقبلة (النسخة الـ21) إحدى أصعب الحملات الانتخابية في ألمانيا، حتى لو كانت جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان باستثناء حزب «البديل من أجل ألمانيا»، توصلت إلى اتفاق يُعرف بـ«اتفاق النزاهة» قبل عيد الميلاد.

الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير (رويترز)

يتكون الاتفاق من صفحتين ونصف صفحة فقط، ويهدف إلى التصدي للتصريحات المتطرفة، والمعلومات المضللة المقصودة، وتعطيل الفعاليات الانتخابية، وإتلاف الملصقات، وكذلك الإساءات الشخصية. وجاء في نص الاتفاق: «نتناقش باحترام متبادل، ونتجنب الإساءات الشخصية أو الهجمات على الوسط الشخصي أو المهني الخاص بالساسة».

غير أن هذه المبادئ الواردة في الاتفاق لم تتحقق على نحو فعال خلال النقاش التاريخي الذي دار في البرلمان قبل التصويت على الثقة في المستشار الألماني. فبدلاً من مراعاة الكرامة والتواضع والاحترام، سيطر الصخب على الأجواء. فاتهم أولاف شولتس النائب عن الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندنر (وهو رئيس الحزب أيضاً)، الذي كان يشغل منصب وزير المالية في حكومة شولتس، بممارسة «التخريب على مدار أسابيع» لحكومة ائتلاف «إشارة المرور»، وقال إن ليندنر «يفتقر إلى النضج الأخلاقي المطلوب».

بدوره، وصف مرشح الاتحاد المسيحي لمنصب المستشار، فريدريش ميرتس، ما قاله شولتس بأنه «محض وقاحة»، وفي المقابل ندد ميرتس بشدة بتصرف شولتس «السلبي» خلال قمم الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وقال إن هذا التصرف «يشعرني بالحرج». ورد المستشار بدوره بجملة ستسجل في تاريخ هذه الحملة الانتخابية، إذ قال بلهجة شمال ألمانيا: «فريتسه ميرتس يحب التحدث بالترهات». وعندما سئل لاحقاً عن سبب مناداته لميرتس باسم «فريتسه» بدلاً من «فريدريش»، قال شولتس ببساطة: «لأن ذلك يناسب الترهات».

وستكشف الأيام المقبلة ما إذا كان اتفاق النزاهة سيخفف الأجواء المتوترة بعد انهيار ائتلاف «إشارة المرور». كما أنه من الصعب توقع الموضوعات التي ستحدد مسار المعركة الانتخابية في نهاية المطاف، غير أن موضوع الأمن الداخلي سيأتي على رأس أجندة المعركة الانتخابية على الأقل، ومع ذلك، قد تكون هناك مفاجآت أخرى.

وقبل موعد الانتخابات سيؤدي دونالد ترمب في واشنطن اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني) رئيساً جديداً للولايات المتحدة. ولا يزال ما يخطط ترمب للقيام به في الأسابيع الأولى بعد ذلك محل تخمينات حتى الآن. ومن المحتمل أن تواجه ألمانيا رسوماً جمركية عقابية، إلى جانب مطالب برفع الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المائة أو أكثر من ناتجها المحلي الإجمالي. كما أن ترمب كان تعهد بإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا في أقصر وقت ممكن، وهو أمر قد يؤثر بشكل كبير على الحملة الانتخابية في ألمانيا.

المستشار الألماني أولاف شولتس دعا الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دعم أوكرانيا هذا العام (أ.ف.ب)

وبغض النظر عن مدى صعوبة المعركة الانتخابية، فإنه سيتعين في نهاية المطاف على حزبين أو ثلاثة أن تتفق على تشكيل حكومة مشتركة لإدارة ألمانيا. ووفقاً للاستطلاعات الحالية، فإن الخيارات الأكثر واقعية هي تشكيل ائتلاف حاكم يجمع بين الاتحاد المسيحي الذي يقوده ميرتس وبين حزب شولتس الاشتراكي الديمقراطي (يطلق على هذا التحالف في ألمانيا اسم الائتلاف الكبير)، أو تشكيل ائتلاف يجمع بين الاتحاد المسيحي وحزب الخضر. ويتكون الاتحاد المسيحي من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه الأصغر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري. ومع ذلك، فقد تضررت سمعة التشكيلات الثلاثية بعد انهيار ائتلاف «إشارة المرور»، وفشل مفاوضات تشكيل «تحالف جامايكا» بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر بعد انتخابات عام 2017. وترجع تسمية «تحالف جامايكا» إلى أن ألوان الأحزاب الثلاثة: الأسود (شعار الاتحاد المسيحي) والأخضر (شعار حزب الخضر) والأصفر (شعار الحزب الديمقراطي الحر)، هي ألوان علم دولة جامايكا. كما يُحتمل أن يفشل الحزب الديمقراطي الحر في الحصول على النسبة المؤهلة (5 في المائة) لدخول البرلمان في الانتخابات المقبلة.

ولا يمكن لأحد التنبؤ على نحو موثوق بالمدة التي ستستغرقها ألمانيا لتشكيل حكومة تعمل بكفاءة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويأمل المتفائلون في تشكيل الحكومة الجديدة بحلول عيد الفصح، والذي سيحل في 20 أبريل (نيسان) المقبل، أي بعد نحو شهرين من الانتخابات.

لا تفيد تجارب الماضي كثيراً في هذا السياق. فبعد كل انتخابات برلمانية من الانتخابات الـ20 التي شهدتها ألمانيا منذ عام 1949، كان الأمر يستغرق مدة تتراوح بين أقل من شهر وما يقرب من ستة أشهر حتى تؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية.

نواب من الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف (أ.ف.ب)

وحدثت أسرع عملية تشكيل حكومة في ألمانيا في انتخابات عام 1969 وعام 1983 حيث تمكن المستشار فيلي برانت (من الحزب الاشتراكي) في عام 1969 من تشكيل أول ائتلاف اشتراكي - ليبرالي خلال 23 يوماً، ولم تستغرق الأمور وقتاً أطول حتى أكمل المستشار هيلموت كول (من الحزب المسيحي) أيضاً تشكيل حكومته المكونة من الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي بعد انتخابات مبكرة في عام 1983.

في المقابل، احتاجت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل (من الحزب المسيحي) بعد انتخابات عام 2017، إلى 171 يوماً لتبدأ فترة ولايتها الرابعة والأخيرة بحكومة تجمع بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي. وكان السبب في ذلك هو فشل مفاوضات تشكيل تحالف «جامايكا» بين اتحادها المسيحي وحزب الخضر والحزب الليبرالي في منتصف تلك الفترة.

الشيء الجيد للحكومة الجديدة هو أنها ستتمكن من بدء فترة ولايتها بهدوء ودون إزعاج من ضجيج الحملات الانتخابية في الولايات. فبعد أسبوع واحد من الانتخابات البرلمانية الألمانية، ستجرى آخر انتخابات مقررة على مستوى الولايات في 2 مارس (آذار) في ولاية هامبورغ، ولن تجرى أي انتخابات أخرى على هذا المستوى لمدة عام على الأقل.

في ذلك الوقت، ستكون الأحزاب في برلين ما زالت منشغلة في محادثات الاستكشاف لتشكيل الحكومة. وبعد ذلك، ستكون هناك فترة خالية من الحملات الانتخابية حتى ربيع 2026، باستثناء الانتخابات البلدية في ولاية شمال الراين - ويستفاليا في سبتمبر (أيلول). وفي ربيع 2026، ستجرى الانتخابات البرلمانية الإقليمية في ولايتي بادن - فورتمبرغ وراينلاند- بفالتس.