أوروبا تتجه يميناً مع اختتام الماراثون الانتخابي

مشهد سياسي جديد في القارة وحصة أكبر للقوميين المتشككين في الاتحاد

شخصان يسيران أمام لافتة بألوان الاتحاد الأوروبي معروضة على مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال انتخابات الأحد (أ.ف.ب)
شخصان يسيران أمام لافتة بألوان الاتحاد الأوروبي معروضة على مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال انتخابات الأحد (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تتجه يميناً مع اختتام الماراثون الانتخابي

شخصان يسيران أمام لافتة بألوان الاتحاد الأوروبي معروضة على مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال انتخابات الأحد (أ.ف.ب)
شخصان يسيران أمام لافتة بألوان الاتحاد الأوروبي معروضة على مبنى البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال انتخابات الأحد (أ.ف.ب)

اختتم الناخبون في 21 دولة بالاتحاد الأوروبي بما في ذلك فرنسا وألمانيا، الأحد، ماراثون انتخابات البرلمان الأوروبي الذي استمر 4 أيام، وسط توقعات بتوجه البرلمان نحو اليمين، وازدياد حصة القوميين المتشككين في الاتحاد الأوروبي. وستسفر الانتخابات عن مشهد سياسي جديد في القارة، وتحدد كيفية مواجهة التكتل الأوروبي الذي يضم 450 مليون مواطن التحديات، بما في ذلك روسيا المعادية، والمنافسة الصناعية المتنامية من الصين والولايات المتحدة، وتغير المناخ والهجرة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد تصويته في انتخابات البرلمان الأوربي في لو توكيه بشمال فرنسا الأحد (أ.ف.ب)

وبدأت الانتخابات، يوم الخميس، في هولندا وفي دول أخرى، يومي الجمعة والسبت، لكن الجزء الأكبر من الأصوات في الاتحاد الأوروبي جرى الإدلاء به، الأحد، حيث افتتحت فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا مراكز التصويت، بينما نظمت إيطاليا يوماً ثانياً من التصويت.

وتوقعت استطلاعات الرأي أن يخسر الليبراليون والخضر المؤيدون لأوروبا مقاعدهم؛ ما يقلل أغلبية يمين الوسط ويسار الوسط، ويعقّد الجهود الرامية إلى إقرار قوانين جديدة للاتحاد الأوروبي، أو زيادة التكامل الأوروبي.

وتضرر كثير من الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة، وتساورهم مخاوف بشأن الهجرة وتكلفة التحول الأخضر، ويشعرون بالانزعاج بسبب التوترات الجيوسياسية المتنامية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا.

واستغلت الأحزاب المتشددة واليمينية المتطرفة هذا القلق، وعرضت على الناخبين بديلاً للتيار الرئيسي. وبدا أن حزب «الخضر» الأوروبي سيكون من بين أكبر الخاسرين في الانتخابات. ويواجه الحزب رد فعل عنيفاً من جانب الأسر والمزارعين وقطاع الزراعة الذي يعاني من ضغوط شديدة بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي باهظة التكاليف التي تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

«تقلص هامش المناورة»

وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن «الائتلاف الكبير» الحالي بين اليمين والاشتراكيين والليبراليين الذي يحسم التسويات في البرلمان الأوروبي، سيحتفظ بالغالبية، غير أن هامش المناورة أمامه سيتقلص؛ ما سيرغمه على البحث عن قوى مؤيدة له، وهو ما ينذر بمفاوضات شاقة. قالت الناخبة الألمانية تانيا ريث (52 عاماً): «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي لن ينجح إلا إذا شكَّل تكتلاً، وبقي متحداً. وأعتقد أنه من المهم الوقوف إلى جانب السلام والديمقراطية، خصوصاً في هذا العالم حيث يبحث الجميع عن عزل أنفسهم عن الآخرين».

وبعد نحو عامين ونصف العام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، دعي بالإجمال أكثر من 360 مليون أوروبي للإدلاء بأصواتهم من أجل اختيار 720 نائباً في البرلمان الأوروبي.

وانطلقت الانتخابات، الخميس، في هولندا؛ حيث أكدت، بحسب التقديرات، صعود «حزب من أجل الحرية» بزعامة اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، ولو أنه يحل في المرتبة الثانية بعد ائتلاف الاشتراكيين الديمقراطيين والبيئيين.

وأدلت رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فون دير لايين الساعية لولاية ثانية مدتها 5 سنوات، بصوتها صباحاً في مدينة بورغدورف في ولاية ساكسونيا السفلى، برفقة زوجها.

ومن جهته قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بعد الإدلاء بصوته في بودابست: «آمل أن تفرز هذه الانتخابات غالبية مؤيدة للسلام». وينتقد الزعيم القومي بروكسل بشدة دائماً، ويكثّف هجماته على حلف شمال الأطلسي، متهماً إياه بجر دول الحلف إلى «حريق عالمي».

ورأى أستاذ الرياضة فيرينك هاموري (54 عاماً) الذي أدلى بصوته في قرية قرب بودابست أن الاتحاد الأوروبي سيكون في موقع أفضل إن ضم بين قادته عدداً أكبر من المسؤولين على غرار رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان، مبدياً أسفه لأنه «سيفوز في الانتخابات هنا، لكنه سيبقى في الأقلية في بروكسل».

رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون وزوجته يصوتان في انتخابات البرلمان الأوروبي بمدينة سترانغناس الأحد (أ.ب)

الأمن مصدر قلق

وفي البلدان المجاورة لروسيا التي تخوض حرباً مع أوكرانيا، يشكل الأمن مصدر قلق لبعض الناخبين. وقال أندريه زمييفسكي، وهو طبيب يبلغ 51 عاماً، بعدما أدلى بصوته في وارسو: «أتمنى أن يجري تعزيز الأمن (...) أو حتى نشر فرقة أوروبية على أراضينا».

وتشكل تعبئة الناخبين أحد الرهانات الكبرى في هذا الاستحقاق. وفي فرنسا حيث دعي 49 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم لاختيار 81 نائباً أوروبياً، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تشكيل حاجز بوجه اليمين المتطرف، محذراً من أن صعوده يهدد بـ«عرقلة» أوروبا. وبلغت نسبة المشاركة في فرنسا 19.81 في المائة ظهراً (10:00 بتوقيت غرينتش) مقارنة بـ 19.26 في المائة خلال الانتخابات السابقة عام 2019.

وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة فوزاً تاريخياً للتجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا بحصوله على أكثر من 30 في المائة من الأصوات، متقدماً على حزب ماكرون «النهضة»، وعلى اليسار الاشتراكي الديمقراطي بزعامة رافايل غلوكسمان.

كذلك، يتصدر اليمين المتطرف التوقعات في ألمانيا؛ حيث يبقى «حزب البديل من أجل ألمانيا» في موقع قوي رغم الفضائح التي طالت رئيس قائمته ماكسيميليان كراه للاشتباه بارتباطه بروسيا والصين؛ ما أدى إلى إقصاء الحزب من الكتلة التي كان ينتمي إليها في البرلمان الأوروبي إلى جانب «التجمع الوطني».

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المحافظين الألمان سيحلون في الطليعة بفارق كبير مع حصولهم على 30.5 في المائة من نيات التصويت، في نكسة كبرى للمستشار الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس. ويخوض حزبه إلى جانب «الخضر» منافسة شديدة على المرتبة الثانية مع حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يستغل التباطؤ الاقتصادي والمخاوف المرتبطة بالهجرة لحشد الأصوات.

زعيم «حزب القانون والعدالة» البولندي ياروسلاف كاتشينسكي يصوّت في انتخابات البرلمان الأوروبي بوارسو الأحد (رويترز)

«ننقسم بشكل متنامٍ»

تقام الانتخابات غداة تعرُّض رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن لاعتداء، أتى بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء السلوفاكي الشعبوي روبرت فيكو، الشهر الماضي.

وفي إيطاليا حيث بدأت عمليات التصويت، السبت، وتواصلت، الأحد، أشارت التوقعات إلى تصدر حزب «فراتيلي ديتاليا» (فاشيون جدد) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني مع ترقب فوزه بـ22 مقعداً في البرلمان الأوروبي في مقابل 6 حالياً. وقالت ميلوني، السبت، إن هذه الانتخابات «ستحدد السنوات الخمس المقبلة» مؤكدة مجدداً عزمها على «الدفاع عن الحدود بوجه الهجرة غير النظامية، وحماية الاقتصاد الفعلي، ومكافحة المنافسة غير النزيهة».

ناخبون يدلون بأصواتهم في حلبة مصارعة الثيران التي استُخدمت مركز اقتراع لانتخابات البرلمان الأوروبي في مورالزارزال بإسبانيا الأحد (رويترز)

من جهته، حث رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز، الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع. وقال بعدما أدلى بصوته في مدريد: «ما يتقرر اليوم مهم جداً لمستقبل إسبانيا ومستقبل أوروبا».

وستكون المهمة الأولى أمام النواب الأوروبيين بعد انتخاب رئيسهم أو رئيستهم، التصويت لاختيار رئيس للمفوضية الأوروبية. وستجتمع الدول الـ27 في قمة في بروكسل أواخر يونيو (حزيران)، وفي حال أعادت تسمية أورسولا فون دير لايين، فإن تصويت البرلمان الذي يتوقع أن يحدث خلال جلسة عامة في ستراسبورغ في منتصف يوليو (تموز)، سيكون حاسماً. وفي عام 2019، عندما سميّت فون دير لايين في هذا المنصب بشكل مفاجئ، منحها البرلمان ثقته بغالبية ضئيلة جداً (9 أصوات).


مقالات ذات صلة

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أوروبا درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

أفاد تقييم أولي لخدمة «كوبرنيكوس» للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في منطقة جنوب شرقي أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي استهدف قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي محذراً من خطورة الوضع في لبنان: «نحن على شفا حرب شاملة»

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، من أنّ النزاع المستعر بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في «حرب شاملة».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة) أن الاتحاد الأوروبي سيمنح أوكرانيا قرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار يورو (39.06 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يتم الترحيب بها عند وصولها إلى محطة السكك الحديدية في كييف بأوكرانيا... الجمعة 20 سبتمبر 2024 (أ.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن وصولها إلى كييف لمناقشة دعم أوكرانيا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة)، إنها وصلت إلى كييف؛ لمناقشة دعم أوروبا لأوكرانيا، والاستعداد لفصل الشتاء، وشؤون الدفاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية من مشاركة وزير الخارجية التركي في اجتماعات مجموعة بريكس بروسيا يونيو الماضي (الخارجية التركية)

تركيا ترجع اهتمامها بـ«بريكس» لفشل مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي

أرجعت تركيا مساعي انضمامها لمجموعة «بريكس» إلى فشل مسار عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

محلّل أميركي: بايدن يسير دون أن يدري نحو الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط

اللقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض مساء الخميس (د.ب.أ)
اللقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض مساء الخميس (د.ب.أ)
TT

محلّل أميركي: بايدن يسير دون أن يدري نحو الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط

اللقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض مساء الخميس (د.ب.أ)
اللقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض مساء الخميس (د.ب.أ)

يؤكد الخبير السياسي الأميركي جاستن لوجان، أنه من دون الدعم العسكري من جانب الولايات المتحدة، لا يمكن لأوكرانيا أو إسرائيل مواصلة الحروب التي تخوضانها حالياً. ومنذ اليوم الأول لغزو روسيا لأوكرانيا، اعتمدت أوكرانيا تماماً على الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية الأميركية، للدفاع عن نفسها. وبالمثل، اعتمدت إسرائيل على مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية لخوض حملتها واسعة النطاق في غزة، وحرب إسرائيل مع «حزب الله» ستعتمد على مساعدات أميركية أوسع نطاقاً للدفاع عن إسرائيل في مواجهة الصواريخ وغيرها من الذخائر، وكذلك لمحاولة ردع إيران.

ويقول لوجان، الحاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة شيكاغو، في تقرير نشره معهد «كاتو» الأميركي، إن للولايات المتحدة مصالح في أوكرانيا وإسرائيل، ولكن هذه المصالح ليست متوائمة مع مصلحة أي من الدولتين في حد ذاتها. ومع ذلك، بدا أن إدارة بايدن غير قادرة على الدفاع عن المصالح الأميركية عندما تختلف مع مصالح شركائها، وتبدو واشنطن مشاهِداً سلبياً للتصعيد في الحربَين، على الرغم من التداعيات بالنسبة للأميركيين.

وبالنسبة لأوكرانيا، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان: «إن مهمتنا هي دعم الأوكرانيين، وهم الذين سيحدّدون الأهداف العسكرية، وهم الذين سيحدّدون الأهداف على مائدة التفاوض»، وأضاف: «لن نقوم بتحديد نتيجة هذا للأوكرانيين، فهم عليهم التحديد، وعلينا دعمهم في ذلك».

بايدن في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

وقالت الحكومة الألمانية في برلين، الجمعة، إن الاجتماع رفيع المستوى الذي أعلنت عنه في وقت سابق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يضم نحو 50 دولة داعمة لأوكرانيا، سيُعقد في قاعدة رامشتاين الجوية التابعة للجيش الأميركي بجنوب غرب ألمانيا.

وأعلن بايدن أنه سيزور ألمانيا من 10 إلى 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ودعا أنصار أوكرانيا لحضور اجتماع في ذلك البلد خلال تلك الفترة، ولكنه لم يذكر مكان انعقاد الاجتماع.

يُشار إلى أنه يتكرّر عقد مثل هذه الاجتماعات في رامشتاين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكنها كانت حتى الآن على مستوى وزراء الدفاع فقط، والهدف من الاجتماع تنسيق المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وسيلتقي بايدن أيضاً بالمستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس فرانك - فالتر شتاينماير، وتُعدّ هذه أول زيارة ثنائية للرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى ألمانيا منذ نحو 4 سنوات في منصبه.

ومن ناحية أخرى، رفضت الولايات المتحدة طلبات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المتكرّرة بأن تدخل الولايات المتحدة الحرب عن طريق منطقة محظور الطيران فيها، وبالمثل عندما ألقى زيلينسكي باللوم على روسيا بسبب صاروخ طائش قتل مواطنين بولنديين، أوضحت إدارة بايدن علانيةً أن صاروخاً أوكرانياً هو الذي قتل البولنديين، رافضةً مرة أخرى فرصة تصعيد الحرب، وعندما خطّط الأوكرانيون للقيام بهجوم واسع النطاق على موسكو في الذكرى الأولى للحرب، طلب منهم الأميركيون عدم القيام بذلك.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)

وفيما يتعلق بغزو أوكرانيا البرّي لروسيا، من الواضح أن أوكرانيا لم تخطر واشنطن بأنها ستقوم بغزو الأراضي الروسية؛ خوفاً من أن يرفض الأميركيون ذلك، أو أن يقوموا بتسريب الخطة.

ويقول لوجان، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، إن نفس الأسلوب اتبعته إسرائيل في حربها في غزة، فغزو رفح كان أحد الأمثلة التي قامت فيها الإدارة الأميركية بعمل شيء ملموس لمحاولة احتواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها لم تنجح، فقد قامت إدارة بايدن بتأجيل شحنة قنابل؛ للإعراب عن معارضتها لاجتياح رفح، وفي نهاية الأمر أفرجت عن جزء من الشحنة التي تم تأخيرها.

وإسرائيل أيضاً تعلّمت عدم سؤال الإدارة الأميركية عندما تعرف أن الإجابة ستكون بالرفض، وفيما يتعلق بعملية تفجير أجهزة البيجر في لبنان، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، نظيره الأميركي فقط قبل العملية مباشرة «عن عملية وشيكة، دون الكشف عن أي تفاصيل»، حسبما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، وبالمثل لم تُبلغ إسرائيل الأميركيين عن قرارها الخاص ببدء قصف بيروت في 20 سبتمبر (أيلول) الحالي.

كل هذا برغم الاحتمال التصعيدي، وبرغم حقيقة أن إدارة بايدن أوضحت معارضتها لتوسيع نطاق الحرب لتشمل لبنان، قبل يوم واحد من إطلاق إسرائيل لعملية البيجر.

زيلينسكي وأوستن وأوميروف وبراون (إ.ب.أ)

وفي أوكرانيا وإسرائيل، يقوم شركاء أميركا بدفع الولايات المتحدة نحو نتائج تقول إنها لا تريدها، وغالباً ما تفعل الدولتان ذلك دون إخطار الإدارة الأميركية بقراراتها التصعيدية.

ويرى لوجان أنه يتعيّن أن تسعى السياسة الأميركية لانتزاع الأميركيين من هذه الحروب، وبقدر ما تهمّ المساعدات الأميركية أوكرانيا وإسرائيل، بقدر ما ينبغي الاهتمام بالمشورة الأميركية، والمصالح الأميركية، بنفس القدر.

وتحتاج المصالح الأميركية إلى شخص يدافع عنها في الدولتين، فالسياسات الحالية في الدولتين تنطوي على خطر توريط الأميركيين في حروبهما، وإذا كانت إدارة بايدن لا تستطيع الدفاع عن المصالح الأميركية، أو لن تفعل ذلك، فإنه يتعيّن أن يقوم شخص ما بذلك.