احتجاجات أرمينيا تدخل مرحلة «عصيان مدني»

باشينيان يواجه أصعب استحقاق داخلي... وخياراته محدودة

متظاهر يهتف من داخل حافلة للشرطة بعد اعتقاله في يريفان الاثنين (رويترز)
متظاهر يهتف من داخل حافلة للشرطة بعد اعتقاله في يريفان الاثنين (رويترز)
TT

احتجاجات أرمينيا تدخل مرحلة «عصيان مدني»

متظاهر يهتف من داخل حافلة للشرطة بعد اعتقاله في يريفان الاثنين (رويترز)
متظاهر يهتف من داخل حافلة للشرطة بعد اعتقاله في يريفان الاثنين (رويترز)

دخلت الاحتجاجات الحاشدة المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع في أرمينيا، مرحلة جديدة من التصعيد مع دعوة الأسقف باغرات غالسستانيان أنصاره إلى بدء أعمال عصيان جماعية.

ونظم المتظاهرون مسيرة حاشدة وأغلقوا شارعاً رئيسياً في يريفان، كما سيطروا على الطريق الواصل من العاصمة يريفان إلى مدينة أشتاراك (شمال غرب).

ويواجه رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، أصعب استحقاق داخلي منذ تعرض البلاد لهزيمة عسكرية قاسية في عام 2020، بعد حرب مع أذربيجان استمرت 6 أسابيع، وأسفرت عن استعادة باكو السيطرة على مناطق كاراباخ المتنازع عليها.

ويطالب المتظاهرون بإقالة باشينيان ووقف المفاوضات الجارية مع باكو لترسيم الحدود النهائية بين البلدين.

قائد حركة الاحتجاج الأسقف باغرات غالسستانيان يلقي خطاباً في يريفان الأحد (أ.ب)

وتلقت موجة الاحتجاجات الكبرى زخما واسعا بعد بروز نجم غالسستانيان، وهو رجل دين يترأس أبرشية تافوش للكنيسة الرسولية الأرمنية. وأطلق المطران، الذي طلب من الكنيسة إعفاءه من الخدمة الروحية ليتفرغ لقيادة الاحتجاجات «حركة تافوش باسم الوطن الأم». علما بأن تافوش هي بلدة حدودية انتقل الجزء الأعظم منها الشهر الماضي إلى سيطرة باكو في إطار عمليات ترسيم الحدود الجارية، ما أسفر عن انتفاضة سكان المنطقة والبلدات المجاورة ضد ما وصف بأنه «تنازلات مهينة» يقدمها باشينيان للجانب الأذري.

بداية الأزمة

وفي مارس (آذار) أطلقت باكو تحذيرا طالبت من خلاله يريفان بنقل السيادة على أربع قرى حدودية، ولوحت بحسم الوضع عسكريا في حال ماطلت أرمينيا في عملية ترسيم الحدود. وبعد ذلك أعلن رئيس الوزراء الأرميني أن حكومته مستعدة للبدء في ترسيم الحدود مع منطقة تافوش.

وفي منتصف الشهر الماضي، أفادت الخارجية الأرمينية بأن اللجان الخاصة للبلدين اتفقت على صيغة لتقسيم المنطقة الحدودية، بما يتوافق جزئيا مع مطالب باكو ويحافظ في الوقت ذاته على الوضع القانوني للحدود بين الجمهوريتين عند تفكك الاتحاد السوفياتي السابق.

رجال أمن يعتقلون متظاهراً في يريفان الاثنين (أ.ب)

وأسفرت هذه العملية عن نقل البلدات الأربع إلى سيطرة باكو - بمساحة إجمالية تبلغ 6.5 كيلومتر مربع. وقد حددت الجمهوريتان بالفعل خطاً حدودياً يبلغ طوله 12.7 كيلومتر.

وعلى الفور اندلعت أوسع احتجاجات طالبت بوقف العملية وعزل باشينيان، الذي حاول تخفيف التوترات من خلال توضيح أن ترسيم الحدود وترسيمها مفيدان للطرفين ويضعان حداً لـ«الخروج على القانون».

خيارات باشينيان

تسعى المعارضة، على خلفية الاحتجاجات المتصاعدة، إلى التصويت في البرلمان على إجراءات عزل رئيس الوزراء، وهو أمر يتطلب غالبية بسيطة في الجمعية الوطنية. ومع أن احتمال حشد التأييد اللازم يبدو محدودا حاليا، فإن المعارضة تراهن على إقناع النواب بالانضمام إلى مطلب إطاحة رئيس الوزراء تحت ضغط التحرك في الشارع.

خيارات محدودة لرئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في مواجهة الاحتجاجات (أ.ف.ب)

وترى أوساط سياسية أرمينية أن باشينيان يواجه أصعب أزمة داخلية، لكن صعوبة إيجاد بديل عنه تمنحه فرصا للمناورة، خصوصا أن الأسقف الذي يقود الاحتجاجات رفض عرضا بترشيح نفسه لرئاسة الوزراء، لأنه يحمل الجنسية الكندية، ما يحظر عليه بموجب القانون شغل منصب قيادي في البلاد. في المقابل دعا غالسستانيان إلى تشكيل «حكومة توافق تضم مجموعة من المهنيين والخبراء» ورأى أن ذلك هو الطريقة الوحيدة التي «سنحقق بها التضامن الداخلي».

سياسيا، يرى خبراء أن باشينيان «ليس لديه مجالات واسعة للمناورة»، فهو وفقا لخبير أرميني بارز «لا يستطيع سوى مواصلة عملية السلام، وذلك من خلال التوصل إلى اتفاق بشروط باكو». ورأى أن «هذه حقيقة قاسية بالنسبة لأرمينيا، لأنه لا يوجد حلفاء قادرون على التوسط... أعتقد أن باشينيان يريد بإخلاص تحقيق السلام بشروط الحفاظ على الأراضي داخل حدود جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفياتية».

حاجز للشرطة في مواجهة متظاهرين أمام مقر الحكومة في يريفان الأحد (أ.ب)

وخلص الخبير إلى أنه «بشكل عام، حتى لو تغيرت الحكومة، فإن السؤال المطروح هو: ما يجب القيام به بعد ذلك؟ البديل هو: إما قبول شروط أذربيجان، أو الرهان على حرب جديدة». لذا فإن باشينيان، على الرغم من الاحتجاجات، لا يزال يعبر عن مشاعر جزء كبير من المجتمع، الذي لا يريد بشكل قاطع استئناف الصراع الساخن مع الجار الأذري.



حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

طلب حزب «فرنسا الأبية» اليساري، السبت، من المجموعات البرلمانية الأخرى دعم محاولته، التي يبدو أنها بعيدة المنال، لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب «إخفاقات خطيرة» في تأدية واجباته الدستورية.

ويدور خلاف بين ماكرون وحزب «فرنسا الأبية» وحلفائه من الخضر والاشتراكيين والشيوعيين؛ بسبب رفضه تسمية مرشحتهم لوسي كاستيه رئيسة للوزراء بعد الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة في يوليو (تموز).

ورغم أن تحالفهم «الجبهة الشعبية الجديدة» فاز بأكبر عدد من المقاعد، فإن النتائج لم تمنح أي كتلة الأغلبية في الجمعية الوطنية المنقسمة إلى حد كبير بين اليسار، ووسطيي ماكرون، والتجمع الوطني اليميني.

وكتب نواب «فرنسا الأبية» في مشروع قرار العزل، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «الجمعية الوطنية (المجلس الأدنى) ومجلس الشيوخ يمكنهما، ويجب عليهما الدفاع عن الديمقراطية ضد ميول الرئيس الاستبدادية».

وقالت زعيمتهم البرلمانية ماتيلد بانو إنهم أرسلوا الوثيقة إلى نواب آخرين لجمع التوقيعات. وتواجه أي محاولة لعزل إيمانويل ماكرون من خلال المادة 68 من الدستور الفرنسي عقبات كبيرة، إذ تتطلب موافقة ثلثَي أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين.

ويقول حزب «فرنسا الأبية» إن الأمر لا يعود إلى الرئيس «لإجراء مقايضات سياسية»، مشيراً إلى جهود ماكرون منذ يوليو للعثور على رئيس وزراء يحظى بإجماع.

لكن العديد من الخبراء الدستوريين يرون أن دستور الجمهورية الخامسة الذي أقر عام 1958 وكتب على افتراض أن النظام الانتخابي سينتج أغلبية واضحة، غامض بشأن المسار الذي يجب اتخاذه في حال تعطل العمل البرلماني.

وبرر ماكرون رفضه تسمية كاستيه رئيسة للوزراء بقوله إنه من واجبه ضمان «الاستقرار المؤسسي».