تنطلق، الثلاثاء، في لشبونة أعمال المنتدى العالمي للحوار الذي ينظمه «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للحوار بين الديانات والثقافات» الذي تأسس عام 2012 في فيينا، وانتقل مقره الرئيسي إلى العاصمة البرتغالية منذ ثلاث سنوات. والمركز هو ثمرة مبادرة مشتركة بين العاهل السعودي الراحل والبابا بنديكت السادس عشر، بعد اللقاء الذي جمعهما في عام 2007 حول موضوع تعزيز الحوار بين الأديان. ويشرف على إدارة المركز، وهو منظمة حكومية دولية معترف بها لدى الأمم المتحدة، مجلس أطراف يضمّ الدول الأعضاء المؤسسة، وهي المملكة العربية السعودية والنمسا وإسبانيا، والفاتيكان بصفة مراقب، إلى جانب مجلس أمناء يضمّ قيادات دينية وشخصيات فكرية وسياسية بارزة من الدول الأعضاء وخارجها، يسهر على ضمان استقلالية المركز عن مصالح الدول والديانات.
وكان قد تقرّر نقل مقرّ المركز من العاصمة النمساوية إلى لشبونة، بعد سلسلة الاحتجاجات التي صدرت عن بعض القوى والمجموعات اليمينية المتطرفة في النمسا، وذلك رغم الترحيب الواسع الذي لاقته المبادرة التي حظيت برعاية الأمين العام للأمم المتحدة يومذاك، بان كي مون، الذي شارك في الحفل التأسيسي للمركز إلى جانب كبار القيادات الدينية. ولعب الأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي سبق أن رأس الحكومة البرتغالية مرتين، دوراً بارزاً في احتضان لشبونة المقر الرئيسي للمركز. وينعقد هذا المنتدى، الذي يدوم حتى الخميس المقبل، تحت عنوان «بناء تحالفات لصون السلم»، ويتضمّن سلسلة من المحاضرات تتوزع على ندوات مختلفة بمشاركة عشرات الخبراء والاختصاصيين والباحثين، وحضور عدد كبير من الشخصيات الدينية والسياسية والفكرية العالمية. ويتقدم المحاضرين في الندوة الرئيسية الرئيس الأسبق للجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند، ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ماتيو رنزي، والرئيس السابق لجمهورية النمسا هاينز فيشر، والشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام المسجد الأكبر في مكة المكرمة، والبطريرك برثولوميوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية، وعلي الأمين من لبنان، ومفتي الديار المصرية شوقي إبراهيم عبد الكريم علام، ورئيس بلدية لشبونة كارلوس مويداس، والرئيس السابق للبرلمان البرتغالي أوغوستو سانتوس سيلفا والأمين العام للمركز زهير الحارثي.
وتدور ندوات المنتدى في هذه الدورة حول المواضيع التالية: تغيّر المناخ والبيئة المقدسة، وبناء السلم وتحويل النزاعات، وكرامة الإنسان عن طريق الحوار. وينشط المركز في جهود التسوية السلمية للنزاعات، وتعزيز الحوار بين الأديان، والدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة والمصالحة، ومحاربة إساءة استخدام الأديان وسيلةً لتبرير القمع والعنف والصراعات. كما يسعى إلى صون الأماكن المقدسة، واحترام الرموز الدينية ويركّز على المسائل المتعلقة بكرامة الإنسان والتعاليم الدينية. وفي أوروبا يتعاون مع العديد من المنظمات الإنسانية لمساعدة اللاجئين والتصدي لخطاب الكراهية.
وينصّ الميثاق التأسيسي للمركز، المستوحاة بعض بنوده من شرعة حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، على أن الحوار يساعد على التفاهم، ويبدّد المخاوف وانعدام الثقة، ويعزز التعاضد الاجتماعي والتعايش السلمي بين أتباع الديانات المختلفة. ويعمل المركز من خلال أنشطته المتنوعة على تعزيز التعاون بين المجموعات العرقية والثقافية والدينية المختلفة بما يتيح مضافرة الجهود للتوصل إلى حلول مستديمة وجامعة من أجل السلام في العالم.