ألمانيا تستدعي سفيرها من موسكو بعد عمليات تجسس روسية

مدخل وزارة الخارجية الألمانية (د.ب.أ)
مدخل وزارة الخارجية الألمانية (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تستدعي سفيرها من موسكو بعد عمليات تجسس روسية

مدخل وزارة الخارجية الألمانية (د.ب.أ)
مدخل وزارة الخارجية الألمانية (د.ب.أ)

تبدو برلين مصرة على التصعيد مع موسكو بعد حادثين منفصلين خلال أسبوعين، تطلبا استدعاء السفير الروسي إلى الخارجية الألمانية. وقد استدعت برلين الآن سفيرها من موسكو للتشاور، وقالت الخارجية إن السفير ألكسندر لامبسدورف سيمكث في ألمانيا أسبوعاً قبل أن يعود لاستكمال مهامه في روسيا.

وكانت وزيرة الخارجية، أنالينا بيروبوك، قد توعدت روسيا بالرد بعد استنتاج تحقيقات ألمانية بأن مجموعة قراصنة مرتبطة بالمخابرات الروسية هي المسؤولة عن عملية قرصنة استهدفت الحزب الاشتراكي في يناير (كانون الثاني) العام الماضي.

واستدعت آنذاك السفير الروسي في برلين للاعتراض. وأصدر المستشار الألماني، أولاف شولتز، المنتمي للحزب الاشتراكي، بياناً قال فيه إن المجموعة نفسها مسؤولة عن عمليات قرصنة عديدة استهدفت عدداً من الصناعات في ألمانيا، بينها صناعة الأسلحة، ومؤسسات حكومية مختلفة بينها البوندستاغ عام 2015.

السفير الألماني لدى موسكو ألكسندر لامبسدورف (أرشيفية - د.ب.أ)

وقبل ذلك بأسبوع كانت استدعت الخارجية الألمانية السفير الروسي بعد اعتقال جاسوسين روسيين كانا يعدان لعمليات إرهابية ضد مواقع عسكرية، بينها مواقع للجيش الأميركي في غرب ألمانيا.

وحذر رئيس المخابرات الألماني، توماس هالدنفانغ، قبل أيام من تزايد النشاطات الاستخباراتية الروسية في ألمانيا. وقال في اجتماع أمني أوروبي إن «روسيا الآن مرتاحة لتنفيذ عمليات على الأراضي الأوروبية يمكنها أن تتسبب بأضرار كبيرة».

ويبدو أن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يشاركان ألمانيا هذا التقييم، وهما أصدرا بيانات منددة بعمليات التجسس الروسية بعد إعلان ألمانيا أن روسيا مسؤولة عن استهداف الحزب الاشتراكي الحاكم العام الماضي. وتعهد الطرفان باستمرار العمل لمحاربة عمليات التجسس والقرصنة الروسية. وتحدث «الناتو» عن عمليات تخريب روسية في دول أوروبية أخرى استهدفت تشيكيا وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا والسويد.

وتربط أجهزة المخابرات الأوروبية تزايد عمليات التخريب الروسية باستمرار الحرب في أوكرانيا، بموازاة استمرار الدعم الغربي لها.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيروبوك كانت قد توعدت روسيا بالرد بعد تحقيقات أظهرت تورط روسيا بعمليات تجسس (د.ب.أ)

وفي مؤشر إلى إمكانية تصاعد التوتر بين روسيا وألمانيا أكثر، جدد المستشار الألماني تأكيده التزام ألمانيا الدفاع عن دول البلطيق، وذلك في زيارة له إلى ليتوانيا، حيث التقى بالجنود الألمان الذين سيتمركزون هناك بشكل دائم ضمن قوات الناتو.

وقال شولتز إن ألمانيا مستعدة للدفاع «عن كل سنتمتر» من أراضي الناتو في وجه روسيا.

ووافقت ألمانيا على نشر لواء كامل يضم 4800 جندي ألماني في ليتوانيا لدعمها في وجه التهديدات الروسية، علماً بأنها المرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي تنشر فيها ألمانيا جنوداً بشكل دائم خارج أراضيها. وسيبدأ اللواء الألماني الدائم بالوصول إلى الدولة الشمالية في العام المقبل على أن يصل لكامل قوته عام 2027.

ويزداد القلق من هشاشة الأمن داخل الجيش الألماني بعد أن كشف تحقيق لصحيفة «دي تزايت» وجود أكثر من 6 آلاف اجتماع للجيش الألماني من بينها اجتماعات سرية، متوفرة على الإنترنت. وأظهر التحقيق أنه يمكن بسهولة اختراق اجتماعات الجيش الألماني الذي يستخدم تطبيق «ويبيكس» لاجتماعاته، علماً بأن التطبيق موافق عليه من وزارة الأمن الألمانية.

رئيسة وزراء ليتوانيا إيفيكا سيلينا ترحب بالمستشار الألماني أولاف شولتز في ريغا الاثنين (رويترز)

وقال تحقيق الصحيفة إن الجيش لم يكن يدرك أن اجتماعاته متاحة للعلن إلا بعد أن تواصل معهم الصحافيون. وقال الجيش الألماني إن الأمر يعود لفجوة أمنية تم إغلاقها، مؤكداً أنه لم يتم اختراق أي من اجتماعات الجيش. واللافت أن اجتماع الضباط الألمان الأربعة الذي تسرب لوسائل إعلام روسية في مارس (آذار) الماضي، كان متاحاً كذلك وموجوداً بعنوان «نقاش حول صواريخ توروس لأوكرانيا». وأثار حينها تسريب روسيا لشريط الاجتماع الذي يناقش فيه الضباط تسليم أوكرانيا صواريخ ألمانية بعيدة المدى، ردود فعل غاضبة داخل ألمانيا وأيضاً من حلفائها.

وكان الضباط يناقشون الأهداف التي يمكن للجيش الأوكراني ضربها بالصواريخ، وتحدثوا عن ضرورة نشر جنود ألمان لصيانتها وتشغيلها، مشيرين إلى أن بريطانيا تقوم بالمثل. وتسبب ذلك بحرج كبير للحكومة الألمانية، خاصة بعد تناقل وسائل إعلام بريطانيا انزعاج لندن من «تسريب ألمانيا» لأسرارها العسكرية.

وقال الجيش آنذاك إن الخرق حصل بسبب استخدام أحد الضباط لإنترنت من فندق في سنغافورة كان يمكث فيه، وأكدت (الحكومة) أنها فتحت تحقيقاً بالحادث لمنع تكراره.

ولكن كشف «دي تزايت» عن الثغرة الأمنية الجديدة في ملفات الجيش الألماني دفع للتشكيك بالرواية الأصلية والتساؤل حول ما إذا كان الجيش يتحجج بإنترنت الفندق للتغطية على مشاكل أمنية أخرى.


مقالات ذات صلة

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

أوروبا سفينة تتبع حرس الحدود الفنلندي (صفحته على «فيسبوك»)

فنلندا تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية

قالت فنلندا إنها تشتبه باختراق سفينة روسية مياهها الإقليمية، في خضم توترات متصاعدة بين البلدين الجارين على خلفية انضمام هلسنكي إلى حلف شمال الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
العالم كير ستارمر يصرّ على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة (أ. ف. ب)

رئيس وزراء بريطانيا: العالم لن يتغافل عن معاناة المدنيين في غزة

أصرّ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة توقيع وقف فوري لإطلاق النار بغزة، وحذّر من أن «العالم لن يتغافل» عن المعاناة التي يواجهها «المدنيون الأبرياء».

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تحليل إخباري ترمب وأوروبا: غموض حول مستقبل «الناتو»... و«سلام عادل» في أوكرانيا

يراقب قادة أوروبا الانتخابات الأميركية باهتمام كبير ممزوج بقدر من القلق، وسط مخاوف من تداعيات عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على حلف شمال الأطلسي.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جنود في الجيش النرويجي (رويترز)

أوروبا تتجه للتجنيد الإجباري خوفاً من اتساع نطاق الحرب الروسية - الأوكرانية

تتجه الدول الأوروبية إلى التجنيد الإجباري مع ازدياد المخاوف من تحول الحرب الروسية على أوكرانيا إلى صراع أوسع يشمل عديداً من الدول الغربية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لصاروخ «إسكندر» خلال تدريبات على الأسلحة النووية في مكان غير محدد بروسيا يوم 21 مايو 2024 (أ.ب)

روسيا: قد ننشر صواريخ نووية رداً على نشر أسلحة أميركية في ألمانيا

قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن موسكو لا تستبعد عمليات نشر جديدة لصواريخ نووية رداً على خطط أميركا لنشر أسلحة تقليدية بعيدة المدى في ألمانيا.


فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
TT

فرنسا: اضطراب متواصل في حركة القطارات السريعة غداة الهجوم

راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)
راكبان في قطار مترو بباريس يشيران إلى برج إيفل (رويترز)

تواصَل، السبت، الاضطراب في حركة القطارات السريعة الفرنسية غداة إعلان شركة السكك الحديدية عن تعرّضها «لهجوم ضخم» أتى قبل ساعات من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية باريس 2024، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسجّلت حركة القطارات السريعة تحسناً، السبت، لكن الاضطرابات ما زالت قائمة.

وسيشهد الخطان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي تشغيل قطارين سريعين من ثلاثة، بينما سيشهد الخط الشمالي 80 في المائة من الحركة المعتادة للقطارات السريعة، وفق تقديرات شركة السكك الحديدية «إس إن سي إف».

وأوضحت أن الحركة عبر الخط الشرقي ستجري كالمعتاد، مرجحة أن تستمر الاضطرابات، الأحد، على الخط الشمالي، وأن يشهد الخط الأطلسي تحسّناً.

إلا أن شركة «إس إن سي إف» أكدت أن «كل عمليات النقل للفرق والمعتمدين» للمشاركة في أولمبياد باريس، مؤمّنة.

وتعرضت الشركة إلى «هجوم ضخم» ليل الخميس – الجمعة، ما تسبب باضطراب كبير في حركة القطارات أثّر على 800 ألف مسافر قبل حفل الافتتاح. وقالت، الجمعة، إن «العديد من الأعمال الخبيثة المتزامنة» أثرت على خطوطها الأطلسية والشمالية والشرقية.

وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقاً في الهجمات. وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن العملية كانت «محضّرة بشكل جيد»، وتقف خلفها «الهيكلية ذاتها»، بينما أكد مصدر مقرّب من الملف أن أي طرف لم يعلن مسؤوليته.

وأوضحت الشركة، الجمعة، أن «حرائق متعمدة» أُضرمت في محطات الإشارات في كورتالين على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب غربي باريس، وفي كرواسي على بعد 200 كيلومتر شمال العاصمة، وبايني سور موزيل على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق، متحدثة عن «هجوم واسع النطاق».

على خط الجنوب الشرقي، تمكن عمال السكك الحديدية من «إحباط عمل خبيث» في أثناء قيامهم بعمليات صيانة ليلية في فيرجيني، على بعد نحو 140 كيلومتراً جنوب شرقي باريس. ورصد العمال أشخاصاً وأبلغوا قوات الدرك، ما دفعهم إلى الهروب، وفق جان بيار فاراندو، رئيس مجلس إدارة الشركة.

وأعلن فاراندو، الجمعة، أن «الهجوم الضخم» على شبكة القطارات السريعة يؤثر على 800 ألف راكب.

وأضاف: «من المتوقع أن يستمر الوضع طوال عطلة نهاية الأسبوع على الأقل في أثناء إجراء الإصلاحات»، موضحاً أن الحرائق استهدفت أنابيب «تمر عبرها العديد من الكابلات المستخدمة في محطات الإشارات» و«علينا إصلاح الكابل تلو الآخر».

وندد الوزير المنتدب للنقل باتريس فيرغريت بـ«عمل إجرامي مشين».

وقع الهجوم قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث كان العديد من المسافرين يعتزمون التوجه إلى العاصمة، كما أنه سبق عطلة نهاية أسبوعٍ تشهد حركة واسعة في وسائل النقل في موسم العطل الصيفية.

ولجأ موظفو شركة السكك الحديدية إلى إجراءات استثنائية داخل محطات القطار لتسهيل الحركة، مثل السماح بصعود عدد من الركاب يفوق عدد المقاعد، أو عدم التأكد من حيازة كل منهم تذكرة.