الكرملين يرفض اتهامات باستخدام «الكيماوي» ويعارض «مؤتمر السلام» في سويسرا

بوتين إلى الصين خلال الشهر لبحث الأمن الدولي وملفات التسلح

مخزن في أوديسا تعرّض للقصف الروسي (إ.ب.أ)
مخزن في أوديسا تعرّض للقصف الروسي (إ.ب.أ)
TT

الكرملين يرفض اتهامات باستخدام «الكيماوي» ويعارض «مؤتمر السلام» في سويسرا

مخزن في أوديسا تعرّض للقصف الروسي (إ.ب.أ)
مخزن في أوديسا تعرّض للقصف الروسي (إ.ب.أ)

رفضت موسكو، الخميس، اتهامات غربية باستخدام أسلحة كيماوية ومواد مشعة في الحرب الأوكرانية. وشنّ الكرملين هجوماً مضاداً على الولايات المتحدة بعد تبني الأخيرة رزمة عقوبات جديدة على قطاع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية الروسي.

ومع احتدام السجالات المتبادلة حول مسار المعارك واستخدام أسلحة محظورة خلالها، حذّرت موسكو من تصعيد تعد له كييف بالتعاون مع الحلفاء الغربيين، يهدف إلى تنشيط ما وصفته «الهجمات الإرهابية» في القرم.

الرئيس فلاديمير بوتين مع المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أ.ب)

وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتهامات الموجهة لبلاده بشأن استخدام أسلحة كيماوية في أوكرانيا «لا أساس لها»، مشدداً على أن القوات الروسية «لا تزال ملتزمة بتعهداتها بموجب القانون الدولي في إطار نشاطاتها العسكرية».

وجاء رد الفعل الروسي بعد إعلان الولايات المتحدة رزمة عقوبات جديدة، طاولت هذه المرة قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي التابعة للقوات المسلحة الروسية، بالإضافة إلى عدد من المعاهد والشركات الصناعية في هذا القطاع. ونصت العقوبات على تدابير ضد المؤسسات وعدد من الشخصيات والمسؤولين فيها.

وبررت وزارة الخارجية الأميركية القرار بتأكيد أن روسيا استخدمت مادة الكلوروبكرين السامة في أوكرانيا. لكن موسكو قالت إن الجانب الأميركي «لم يقدم أي دليل على اتهاماته». وانتقد الكرملين في المقابل ما وصفه «الرفض الأميركي المتواصل لملاحظة الكثير من الحقائق حول استخدام القوات المسلحة الأوكرانية أسلحة كيماوية».

جنود أوكرانيون يحضّرون قذائف هاوتزر قريباً من خط النار في أوكرانيا (رويترز)

وقال بيسكوف للصحافيين، الخميس : «رأينا الأخبار المتعلقة بهذا الأمر. وكما هو الحال دائماً، تبدو مثل هذه الإعلانات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق ولا يدعمها أي دليل. لقد كانت روسيا ولا تزال ملتزمة بتعهداتها بموجب القانون الدولي في هذا المجال».

في المقابل، شنّ الناطق الرئاسي هجوماً جديداً على كييف والبلدان الغربية، وقال إن «نظام كييف لا يخفي نواياه بشأن مواصلة الأنشطة الإرهابية ضد بلادنا» مؤكداً أن الخطوات التي تقوم بها روسيا تنطلق من «ضرورة اتخاذ إجراءات لحماية أمنها على ضوء الخطوات التي يقوم بها الطرف الآخر».

وكان سفير ليتوانيا لدى السويد ليناس لينكيفيتشيوس أشار في تغريدة على منصة «إكس» إلى «ضربة وشيكة يتم التحضير لها على جسر القرم». ونشر صورة مركبة للجسر مع صورة لإطلاق صاروخ. كما ألمح الممثل الدائم لأوكرانيا لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسا، إلى إعداد هجمات جديدة تستهدف الجسر كونه شريان الربط البري الرئيسي لشبه جزيرة القرم مع روسيا. تزامن ذلك مع تأكيد أوساط سياسية غربية على دعم العمليات الهجومية الأوكرانية في شبه الجزيرة بصفتها «أراضي أوكرانية محتلة».

دبابة ابرامز أوكرانية استولت عليها القوات الروسية وتُعرض في متحف في موسكو (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، جدد الكرملين التأكيد على موقفه حيال التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر للسلام في سويسرا.

وقلل بيسكوف من أهمية المؤتمر الذي ينتظر أن ينعقد في منتصف الشهر، بحضور ممثلين عن 160 بلداً ومنظمات أممية وإقليمية وازنة.

ورأى الناطق الروسي أن «مؤتمر السلام المزمع عقده في سويسرا لا يهدف بوضوح إلى تحقيق نتائج، ومن دون مشاركة الاتحاد الروسي يستحيل الحديث عن توقعات جدية».

وقال بيسكوف للصحافيين: «نحن لا نفهم ما هو نوع هذا الحدث المهم، مؤتمر السلام هذا. أي نوع من المؤتمرات الجادة ذات التوقعات الجادة، ما نوع النتائج التي يمكن أن نتحدث عنها من دون مشاركة روسيا؟».

ولم تتم دعوة روسيا «في هذه المرحلة» لحضور المؤتمر الذي يناقش آليات إحلال السلام في أوكرانيا، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية السويسرية.

وجاء في البيان أن «المؤتمر يهدف إلى إطلاق إشارة البدء لعملية السلام. وسويسرا مقتنعة بضرورة مشاركة روسيا في مرحلة لاحقة في هذه العملية».

تنطلق أعمال المؤتمر يومي 15 و16 يونيو (حزيران) في مدينة بورغنشتوك.

عَلم أوكرانيا يرفرف خلال مظاهرة ضد الحرب في جنيف بسويسرا التي تستضيف الشهر المقبل مؤتمراً للسلام (رويترز)

ووفقاً لمعطيات البلد المضيف، فقد تم توجيه الدعوة للمشاركة إلى أكثر من 160 وفداً على مستوى رؤساء الدول والحكومات، بما في ذلك أعضاء «مجموعة السبع» ومجموعة «العشرين» ومنظمة «بريكس» والمنظمات الدولية - الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا، بالإضافة إلى الفاتيكان وبطريرك القسطنطينية.

وكانت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا أكدت أن روسيا «لا تنوي» المشاركة في الاجتماع المقبل؛ كونه يستند في جدول أعماله إلى مناقشة «صيغة (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي».

وترفض موسكو مسبقاً الجلوس إلى طاولة مفاوضات وفقاً لتلك الصيغة التي أعلنها زيلينسكي في نهاية مارس (آذار) وأقرّ من خلالها بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية للصراع عبر مفاوضات مع موسكو. لكنه رأى أن المفاوضات يجب أن تركز على مبدأ «العودة إلى حدود عام 1991». ما يعني تراجع روسيا عن قرارات ضم شبه جزيرة القرم في 2014 وضم أربع مقاطعات أوكرانيا في العام الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك، تنطلق «صيغة زيلينسكي» من ضرورة سحب القوات الروسية من أراضي بلاده، وإعلان وقف شامل للنار. في مقابل تقديم أوكرانيا والغرب تعهدات تضمن المتطلبات الأمنية لروسيا.

جنود أوكرانيون يحضّرون قذائف هاوتزر قريباً من خط النار في أوكرانيا (رويترز)

في المقابل، تنطلق موسكو من أن أي مفاوضات ناجحة يجب أن تستند إلى الواقع الميداني العسكري الجديد. وأكد الكرملين أنه لم يرفض قط إجراء مفاوضات مع سلطات كييف. لكنه رأى أن «الحركة الجدية نحو السلام ما زالت مستبعدة من جانب كل من أوكرانيا والغرب الجماعي. (...) ولا يمكن أن يتغير الوضع إلا إذا تم وضع الحقائق الجديدة في الحسبان».

في هذا الإطار أيضاً، ترى موسكو أن على كييف إلغاء مرسوم رئاسي يحظر التفاوض مع القيادة الروسية الحالية، قبل أي تحرك لكسر الجمود وجمع الأطراف على طاولة مفاوضات.

على صعيد آخر، كشف الكرملين جانباً من تفاصيل أجندة زيارة الرئيس فلاديمير بوتين التي يجري التحضير لها حالياً، إلى الصين. وقال بيسكوف خلال حديث مع الصحافيين إن قضايا الأمن الدولي والإقليمي «ستتم معالجتها بطريقة أو بأخرى خلال مفاوضات بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ».

ولم يتم تحديد الزيارة التي تهدف إلى تنسيق سياسات موسكو وبكين حيال الملفات الدولية والإقليمية، لكن الكرملين كان أكد في وقت سابق أنها سوف تتم خلال الشهر الحالي.

محطة حرارية في غرب أوكرانيا تعرّضت لهجمات صاروخية روسية (رويترز)

وقال بيسكوف رداً على سؤال بشأن ملف الحد من التسلح والرقابة على نشر القوات والمعدات العسكرية إن بوتين سوف يبحث مع نظيره الصيني رزمة القضايا المتعلقة بـ«الأمن الدولي والأوضاع الإقليمية».

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ركز في وقت سابق على ملف تعزيز التعاون العسكري بين روسيا والصين، ورأى أن هذا الملف سيكون مطروحاً على طاولة الرئيسين. وأكد شويغو أن «التعاون بين روسيا والصين في المجال العسكري والتدريب العملياتي يسهم بشكل كبير في الحفاظ على الاستقرار العالمي والإقليمي».


مقالات ذات صلة

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أوروبا كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.