مصادمات واشتباكات واعتقالات في إسطنبول في يوم العمال

إردوغان رفض الاحتفال في تقسيم وحذّر من دعوات غير حسنة النية

أعضاء النقابات التركية في طريقها إلى ميدان تقسيم (أ.ف.ب)
أعضاء النقابات التركية في طريقها إلى ميدان تقسيم (أ.ف.ب)
TT

مصادمات واشتباكات واعتقالات في إسطنبول في يوم العمال

أعضاء النقابات التركية في طريقها إلى ميدان تقسيم (أ.ف.ب)
أعضاء النقابات التركية في طريقها إلى ميدان تقسيم (أ.ف.ب)

وقعت مصادمات واشتباكات بين قوات الأمن وأعضاء النقابات والاتحادات العمالية والأحزاب السياسية والمشاركين في الاحتفال بيوم العمال في مدينة إسطنبول واعتقلت قوات الأمن العشرات ممن حاولوا الوصول إلى ميدان تقسيم المحظور الاحتفال به منذ عقود.

ونشرت وزارة الداخلية نحو 43 ألف شرطي في المناطق المخصصة للاحتفال وحول ميدان ساراتش هانه المواجه لمبنى بلدية إسطنبول وحول ميدان تقسيم، وأغلقت الشوارع المؤدية إليه من جميع الاتجاهات، ومنعت وصول السيارات والمشاة، وأغلقت الكثير من محطات مترو الأنفاق ومسارات سيارات النقل العام.

الشرطة التركية توقف 210 أشخاص خلال تجمعات الأول من مايو في إسطنبول (إ.ب.أ)

إجراءات مشددة

وأغلقت السلطات إجمالاً 29 شارعاً في إسطنبول، وسمحت فقط لعدد ضئيل من ممثلي نقابات واتحادات العمال بالوصول إلى النصب التذكاري لشهداء أحداث يوم العمال التي وقعت بميدان تقسيم عام 1977 وحظر بسببها الاحتفال في الميدان، ووضع أكاليل الزهور وإلقاء البيانات.

وشهد ميدان ساراتش هانه تجمعاً حاشداً أحاطته قوات الأمن بسياج محكم ووقعت اشتباكات عندما حاول البعض التوجه إلى ميدان تقسيم، عبر الطرق الرئيسية المؤدية إليه وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وتكرر الأمر في مناطق بشكتاش وشيشهانة وشيشلي والمناطق المجاورة لميدان تقسيم، حيث منعت قوات الأمن من حاولوا الوصول إليه واشتبكت معهم ومنهم رئيس حزب «العمال» التركي أركان باش.

وأفاد وزير الداخلية علي يرليكايا، في بيان عبر حسابه في «إكس» باعتقال 210 أشخاص في إسطنبول قال إنهم «لم يستمعوا للتحذيرات وحاولوا التقدم إلى ميدان تقسيم وهاجموا ضباط الشرطة».

وأضاف أن 42 ألفاً و434 فرداً من مديرية أمن إسطنبول شاركوا في تأمين الاحتفالات التي أقيمت في المدينة، وبينما منعت مجموعات، بما في ذلك بعض أعضاء الأحزاب السياسية والنقابات، من الذهاب إلى ميدان تقسيم من نقاط مختلفة، وبخاصة ساراتشان، أصيب 28 ضابط شرطة عندما تعرضوا لهجوم بالحجارة والعصي، تم نقلهم إلى المستشفيات.

المعارضة في الميدان

وشارك في تجمع ميدان ساراتش هانه زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وممثلون لأحزاب أخرى، منها «العمال» و«الديمقراطية ومساواة الشعوب» المؤيد للأكراد.

مصادمات مع قوات الأمن في ميدان تقسيم في إسطنبول (أ.ف.ب)

وقال أوزال في تصريحات من الميدان: «هناك الآن حديث عن مساعي إعداد دستور جديد في تركيا، في وقت لا يلتزم فيه بالدستور الحالي، وهو ما يكشف مدى هشاشة الدستور الجديد. نريد أن يكون الاحتفال بيوم العمال كعطلة، من المهم أن نجتمع هنا، لا نريد الصراع، لا نريد مشاهد غير مرغوب فيها، وندعو من يصدر أوامر غير قانونية، رغم قرار المحكمة الدستورية، إلى مراجعة هذه الأوامر، وعدم ارتكاب جريمة».

وأصدرت المحكمة الدستورية العليا في تركيا العام الماضي قراراً بعدم دستورية منع الاحتفال بيوم العمال، الذي يعرف في تركيا بـ«يوم العمل والتضامن» في ميدان تقسيم.

قوات حفظ الأمن تشتبك مع المتظاهرين (أ.ب)

وبدوره، قال إمام أوغلو: «اليوم أو غداً سيتم اللقاء والاحتفال في ميدان تقسيم، وليشاهد من أصدر هذه القرارات (الحكومة) من يبحثون عن حقوقهم، يجب عليهم التخلي عن ذهنية لا تعترف بعيد كهذا، الآن بدأت فترة حصول ما يريده الشعب».

وترفض الحكومة الاحتفال بيوم العمال في ميدان تقسيم منذ عقود، كما أغلقته أمام جميع أنواع الاحتفالات والتظاهرات منذ عام 2013 لأسباب أمنية، بعد أحداث «غيزي بارك»، وتصر النقابات واتحادات العمال على الاحتفال هناك.

ولميدان تقسيم أهمية رمزية للأحزاب اليسارية ونقابات واتحادات العمال الثورية، بعدما شهد أحداثا دامية عام 1977 خلال مظاهرات سقط خلالها 34 عاملاً وأُصيب 136 آخرون، بسبب قمع أجهزة الأمن. وأقر حزب العدالة والتنمية الحاكم، الأول من مايو (أيار) عطلة رسمية في عام 2009، وأطلق عليه اسم «يوم العمل والتضامن».

إردوغان يهنئ ويحذّر

وهنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، العمال بيومهم، وقال في بيان عبر حسابه في «إكس» : «أقدم التهنئة بيوم العمال الذي يحتفل به في بلادنا وفي جميع أنحاء العالم... أبعث تحياتي ومحبتي لكل إخوتي العمال والكادحين الذين يسعون وراء رزقهم الحلال».

هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء العمال بيومهم (رويترز)

وعشية الاحتفال قال إردوغان: «لن نسمح للتنظيمات الإرهابية بأن تجعل من الأول من مايو ميداناً للتحرك والدعاية»، محذراً النقابات والأحزاب السياسية من «أي عمل من شأنه الإضرار بأجواء هذا اليوم».

وعدّ إردوغان، خلال عشاء جمعية العمال الذي عُقد بالقصر الرئاسي مساء الثلاثاء، أن الإصرار على تنظيم مسيرة في مناطق غير مصرح بدخولها «لا يتسم بحسن النية، المعارضة تحاول الإلقاء بظلالها على الأجواء الاحتفالية في الأول من مايو، من خلال إثارة مناقشات تقسيم غير المؤهلة ببنية تحتية للمسيرات والتجمعات... دعوات التظاهر لا تحمل نوايا بريئة». ولفت إردوغان إلى منح 103 تصاريح للتجمع في 55 منطقة، لكن «الإصرار على إقامة اعتصام في تقسيم، يخرج عن حسن النية».


مقالات ذات صلة

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

 بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
TT

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

 بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد)، بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا، قد «تطفئ الأنوار لملايين الأشخاص»، و«تدفع ملايين الأشخاص نحو الظلام»، وذلك خلال مؤتمر «الناتو» الذي سيعقد غداً (الاثنين).

وسيقول بات ماكفادن الذي يشرف على سياسة الأمن القومي والتهديدات التي تواجهها الدولة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد وقادر على إطلاق هجوم إلكتروني «مزعزع للاستقرار وموهن» على المملكة المتحدة، بحسب صحيفة «تليغراف».

وسيحذر ماكفادن من أن روسيا «عدوانية ومتهورة بشكل استثنائي في عالم الإنترنت»، وتريد الحصول على «ميزة استراتيجية وإضعاف الدول التي تدعم أوكرانيا».

وأفادت الصحيفة بأن مستشار دوقية لانكستر سيقول خلال المؤتمر، إن هناك خطراً وشيكاً من هجوم إلكتروني روسي على البنية التحتية والشركات البريطانية، قد «يغلق شبكات الطاقة» ويوجه ضربة قوية للاقتصاد.

جيش «غير رسمي»

وفي كلمته أمام مؤتمر الدفاع السيبراني لحلف شمال الأطلسي في لندن غداً (الاثنين)، سيشير ماكفادن في خطابه، إلى أن الجيش الروسي و«جيشه غير الرسمي من مجرمي الإنترنت والناشطين في مجال القرصنة» لم يكثفا هجماتهما فحسب خلال العام الماضي، بل وسعا نطاق أهدافهما إلى عدد من أعضاء وشركاء حلف «الناتو»، كما استهدفت موسكو وسائل الإعلام والاتصالات، والمؤسسات السياسية والديمقراطية، والبنية التحتية للطاقة.

وأردفت الصحيفة أن الوزير البريطاني سيحذر من خطورة الحرب السيبرانية، التي يمكن أن تكون «مزعزعة للاستقرار ومدمرة»، مع إمكانية شن روسيا هجوماً يؤثر على شبكات الكهرباء، وسيشير إلى أن «هذه هي الحرب الخفية التي تشنها موسكو على أوكرانيا الآن».

وتأتي هذه التكهنات بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن جيشه يمكنه استهداف المملكة المتحدة، رداً على استخدام أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية. وقال الزعيم الروسي إن روسيا اختبرت صاروخاً جديداً متوسط ​​المدى في ضربة على أوكرانيا، وإنها يمكن أن تستخدم السلاح بشكل مشروع ضد الدول التي سمحت لصواريخها بضرب روسيا، والتي تشمل بريطانيا والولايات المتحدة.

ويعتقد الوزراء في الحكومة البريطانية أنه في حين أنهم لا يستطيعون منع روسيا من شن هجمات إلكترونية على المملكة المتحدة، فإنهم واثقون من أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لمنع انقطاع إمدادات الطاقة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وفي وقت سابق من هذا العام، تم اختراق مستشفيين من مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، مما تسبب في تأجيل أكثر من 800 عملية جراحية مخططة و700 موعد خارجي. وشمل المرضى الذين تم تعطيلهم أولئك الذين يحتاجون إلى علاج السرطان وزرع الأعضاء. وكان يُعتقد أن الاختراق من عمل «قيلين»، وهي عصابة إجرامية إلكترونية روسية. وأظهرت البيانات التي نشرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، أنه كان لا بد من تأجيل ما يقرب من 100 علاج للسرطان في فترة 6 أيام، بسبب المشاكل الناجمة عن الهجوم.

تهديد «القراصنة النشطاء»

وسوف يسلط ماكفادن الضوء على الخطر الذي يشكله «القراصنة النشطاء غير الرسميين» الذين يرتكبون هجمات «متكررة بشكل مزداد، وفي بعض الحالات، مزدادة التعقيد» في جميع أنحاء العالم.

ونقلت الصحيفة عن خطاب الوزير البريطاني المرتقب: «هناك عصابات من القراصنة والمرتزقة لا تخضع لسيطرة الكرملين بشكل مباشر، ولكن يُسمح لها بالتصرف دون عقاب ما دام أنها لا تعمل ضد مصالح بوتين».

وسينقل الخطاب: «لقد استهدفوا (القراصنة) مؤخراً شريك (الناتو) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كوريا الجنوبية، رداً على مراقبتها لنشر القوات الكورية الشمالية في كورسك، حيث تقاتل روسيا أوكرانيا، وقد أعلنت مجموعات روسية متحالفة مع الدولة مسؤوليتها عن 9 هجمات سيبرانية منفصلة على الأقل بدرجات متفاوتة من الشدة ضد دول (الناتو)، بما في ذلك الهجمات غير المبررة ضد بنيتنا التحتية الوطنية الحيوية»، وأفاد: «هذه المجموعات غير متوقعة، فهي تتصرف بتجاهل للعواقب الجيوسياسية المحتملة، وبخطأ حسابي واحد فقط يمكن أن تسبب دماراً في شبكاتنا».

وسيقول ماكفادن إن روسيا «لن تفكر مرتين في استهداف الشركات البريطانية»، لأن بوتين «سعيد باستغلال أي ثغرة في دفاعاتنا السيبرانية». وسوف يلتقي ماكفادن بقادة الأعمال هذا الأسبوع، إلى جانب كبار مسؤولي الأمن القومي، لمناقشة كيفية تعزيز دفاعاتهم ضد الهجمات الإلكترونية.

وأشارت التقديرات السابقة إلى أن تكلفة الجرائم الإلكترونية على اقتصاد المملكة المتحدة وصلت إلى نحو 27 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

صاروخ كروز «ستورم شادو» معروض خلال معرض باريس الجوي في لو بورجيه 19 يونيو 2023 (أرشيفية - أ.ب)

ويضع الوزراء تشريعات تهدف إلى تعزيز دفاعات المملكة المتحدة ضد الهجمات الإلكترونية. وسوف يعزز مشروع قانون الأمن السيبراني والمرونة سلطات الجهات التنظيمية ويجبر الشركات على الإبلاغ عن الهجمات التي تتجاهلها حالياً.

ومن المتوقع أن يفرض مشروع القانون على جميع مقدمي البنية التحتية الأساسية فهم وحماية سلاسل التوريد الخاصة بهم من الهجوم. وقد تشمل التدابير أيضاً تحسين إدارة البيانات المتعلقة بالهجمات الإلكترونية للتعلم من الدروس المستفادة من عمليات الاختراق السابقة.

وقد استخدمت أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية في روسيا لأول مرة هذا الأسبوع. وأعطى جو بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع داخل روسيا، مما يمهد الطريق لرفع القيود المفروضة على صواريخ «ستورم شادو» البريطانية.