بوتين: أجهزة الغرب تدعم الإرهاب... وموسكو مستعدة لتعاون «يضمن الأمن العالمي»

اعتقال نائب وزير الدفاع بتهم فساد يوسع مسار «التطهير» في مؤسسات الدولة

لقطة تُظهِر قاعة محترقة بعد الهجوم المميت الذي وقع الشهر الماضي بروسيا (رويترز)
لقطة تُظهِر قاعة محترقة بعد الهجوم المميت الذي وقع الشهر الماضي بروسيا (رويترز)
TT

بوتين: أجهزة الغرب تدعم الإرهاب... وموسكو مستعدة لتعاون «يضمن الأمن العالمي»

لقطة تُظهِر قاعة محترقة بعد الهجوم المميت الذي وقع الشهر الماضي بروسيا (رويترز)
لقطة تُظهِر قاعة محترقة بعد الهجوم المميت الذي وقع الشهر الماضي بروسيا (رويترز)

اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجهزة الاستخبارات الغربية بالوقوف وراء هجمات إرهابية تهدف إلى زعزعة استقرار بلدان وتأجيج صراعات داخلية فيها. وتعمد خلال مشاركته الثلاثاء، في مؤتمر أمني دولي رفيع عقد في عاصمة الشمال الروسي سان بطرسبرغ أن يربط بشكل غير مباشر بين الهجوم الدموي الذي استهدف روسيا الشهر الماضي ونشاط أجهزة غربية لم يحددها، لكنه قال إنها موجهة لتقويض الأسس الدستورية في بلاده.

وخاطب بوتين الحاضرين في المؤتمر عبر تقنية الفيديو (كونفرنس)، وقال إن الهجمات الإرهابية في بلدان مختلفة «لا يقف وراءها متطرفون فقط وإنما الأجهزة الخاصة لبعض البلدان أيضاً».

ورأى أن الإرهاب «لا يزال أحد أخطر التهديدات في القرن الحادي والعشرين». مشيراً إلى أن هدف الهجمات الإرهابية التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم، و«التي لا تقف وراءها الجماعات المتطرفة فحسب، بل وأجهزة المخابرات في بعض البلدان أيضاً، هو تقويض الأسس الدستورية وزعزعة استقرار الدول ذات السيادة والتحريض على الكراهية بين الأعراق والأديان».

وأشار بوتين إلى أن «أساليب المجرمين أصبحت أكثر همجية، كما تجلى خلال الهجوم الإرهابي الدموي الذي استهدف قاعة «كروكوس» في ضواحي موسكو».

وأكد الرئيس الروسي أن بلاده ماضية في إجراء التحقيقات حول الحادث، متعهداً «تحديد هويات جميع المنفذين والمدبرين والمنظمين ومعاقبتهم كي لا يفلت أحد من العقاب العادل».

ووصف بوتين الحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وحمايتها بأنها من «أهم الشروط لتعزيز سيادة وأمن الدول»، خصوصاُ في المرحلة الراهنة التي تشهد وفقاً له «تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب وتغيير ميزان القوى في العالم تدريجياً لصالح الأغلبية العالمية».

الرئيس فلاديمير بوتين مع المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف (أ.ب)

ولفت الرئيس الروسي كذلك إلى الأهمية القصوى لحماية مجال المعلومات من التهديدات لضمان الأمن القومي والتنمية الاقتصادية. وأكد أن بلاده مستعدة لـ«تعاون وثيق» من أجل ضمان الأمن العالمي والإقليمي مع جميع الشركاء المهتمين بذلك.

ويعقد الاجتماع الدولي الثاني عشر للمسؤولين الأمنيين رفيعي المستوى في سان بطرسبرغ تحت رعاية مجلس الأمن الروسي. وتعد هذه النسخة الـ12 للمؤتمر السنوي الذي كان يحضره عادة ممثلون عن مجالس الأمن وأجهزة الاستخبارات في عشرات البلدان. ويرأس الوفد الروسي فيه عادة سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف.

وأعلن المجلس الروسي على موقعه الإلكتروني جانباً من أجندة المؤتمر وكشف عن أن الحاضرين سوف يناقشون خلال جلسات تستمر يومين ملفات أمن المعلومات في سياق تشكيل نظام عالمي متعدد المراكز. كما سيتضمن جدول الأعمال مناقشة موضوع الحفاظ على الهوية الوطنية والقيم التقليدية بوصفها عنصراً أساسياً في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار الدوليين.

وبالإضافة إلى ذلك، تجرى المناقشات في إطار مائدتين مستديرتين تناقشان ملفي مكافحة الهجرة غير الشرعية، وحماية السكان في ظروف الصراعات العسكرية وحالات الطوارئ الطبيعية.

وينتظر أن تنعقد على هامش المؤتمر سلسلة اجتماعات ثنائية بين الوفود المشاركة. وكان لافتاً هذا العام أن مجلس الأمن الروسي لم يحدد في بيانه حول مسار الاجتماع عدد الوفود الأجنبية المشاركة، في ظل مقاطعة البلدان الغربية وعدد من البلدان الأخرى الفعاليات التي تنظمها موسكو.

واكتفى المجلس الروسي بالكشف عن أن باتروشيف «عقد اجتماعات عدة مع زملائه الأجانب في موسكو. وتحدث على وجه الخصوص مع وزير الداخلية الكوبي لازارو ألبرتو ألفاريز كاساس، ومع مستشار رئيس بوليفيا للقضايا الأمنية خوسيه هوغو مولديس، ومع المساعد الخاص لرئيس البرازيل للشؤون الدولية سيلسو أموريم، ومع الرئيس البوليفي. ومع مدير جهاز المخابرات العامة بجمهورية السودان أحمد إبراهيم مفضل، وكذلك مع مستشار الرئيس السوري علي مملوك».

على صعيد آخر، أعلنت لجنة التحقيق المركزية الروسية أن الأجهزة الأمنية اعتقلت نائب وزير الدفاع الروسي تيمور إيفانوف للاشتباه في تقاضيه رشوة.

وقالت اللجنة في بيان نُشر الثلاثاء على منصة «تلغرام» إنه «تم اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي تيمور إيفانوف للاشتباه في ارتكابه جريمة بموجب البند رقم 6 من المادة 290 في القانون الجنائي الروسي (تقاضي رشوة)». وذكرت المتحدثة الرسمية باسم لجنة التحقيق، سفيتلانا بيترينكو، أن اللجنة تُجري التحقيقات اللازمة.

بينما أفاد مصدر أمني روسي لوكالة أنباء «إنترفاكس» بأن التحقيق سيحال إلى المحكمة في المستقبل القريب مع طلب لإبقاء إيفانوف قيد الاعتقال.

وأثار الإعلان نقاشات واسعة على شبكات التواصل الروسية، خصوصاً على خلفية ربط بعض الأوساط عملية الاعتقال مع الحرب الأوكرانية؛ ما دفع محامي المسؤول المعتقل إلى تأكيد أن «التهم الموجهة تتعلق بقضايا فساد ولا توجد بينها تهمة الخيانة العظمى».

تفحُّم صالة «كروكوس سيتي هول» للحفلات في موسكو بسبب الهجوم (أ.ف.ب)

وأكد الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أنه تم إبلاغ الرئيس الروسي بتطورات القضية. كما أعلن أنه تم إخطار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالأمر مسبقاً.

ودعا بيسكوف وسائل الإعلام إلى الاستناد في تغطياتها حول الموضوع على ما تقدمه المصادر الرسمية الروسية فقط. و«عدم الالتفات إلى التكهنات والصخب والضجيج المتعلق بحديث عن تهمة الخيانة».

وقال الناطق الرئاسي: «هناك الآن الكثير من التأويلات المختلفة حول هذا الموضوع، وهنا، بالطبع يجب الاعتماد على المعلومات الرسمية. علاوة على ذلك، فإن التحقيق جار. وكل ما يقال ليس أكثر من تكهنات حول هذا الأمر. يجب الاعتماد على المعلومات الواردة من سلطات التحقيق. وبطبيعة الحال، في نهاية المطاف - قرار المحكمة».

إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء «تاس» الحكومية عن مصدر أمني أن إيفانوف كان «تحت أنظار ومتابعة دقيقة من جانب أجهزة إنفاذ القانون منذ فترة طويلة».

وقال المصدر للوكالة: «دعونا نقول فقط إنه لم يصبح تحت الرقابة أمس، أو أول أمس، أو حتى قبل شهر وإنما منذ فترة أطول. وتستند مواد قضيته، من بين أمور أخرى، إلى شهادات شهود عيان ونتائج أنشطة عملياتية». وأوضح المصدر أن ملف إيفانوف تتابعه من الناحية العملياتية المخابرات العسكرية التابعة لهيئة الأمن الفيدرالي.

وكان إيفانوف (من مواليد عام 1975) شغل منصب نائب رئيس حكومة ريف موسكو. وتولى بين عامي 2013 و 2016 إدارة شركة «أوبورونستروي» (الإنشاءات الدفاعية) التي تعدّ بين أبرز مؤسسات المجمع الصناعي العسكري. وفي مايو (أيار) 2016، تم تعيينه نائباً لوزير الدفاع، وكان من مهامه الإشراف على عمل مجمع البناء العسكري التابع للوزارة.

وسلط ملف اعتقال ايفانوف الأنظار على سلسلة فضائح مماثلة تتعلق بقضايا فساد تم الكشف عنها خلال الأشهر الماضية، وشكّلت جزءاً من «عمليات التطهير الداخلي» وفقاً لتعليق وسائل إعلام.

وكانت هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي أعلنت الشهر الماضي اعتقال «مجموعة إجرامية» ضمت عدداً من كبار مسؤولي وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، ورجال أعمال من إقليم ستافروبول، الواقع في جنوب روسيا.

ووجّهت السلطات المختصة إلى المعتقلين اتهامات بارتكاب جرائم اقتصادية وإساءة استخدام الصلاحيات والسرقة والابتزاز، وكشفت عن أن المجموعة حاولت الاستيلاء على شركات كبرى بشكل غير قانوني من خلال إلغاء ترخيص لاستخراج موارد طبيعية، وسرقة إمدادات للغاز الطبيعي على نطاق واسع.

وأجرى جهاز الأمن الفيدرالي سلسلة من عمليات التفتيش والدهم في موسكو وإقليم ستافروبول، وأظهرت لقطات فيديو صورها المداهمون أنه تم العثور في منازل المعتقلين على مبالغ كبيرة من الأموال بعملات مختلفة، وسيارات فارهة وأسلحة نارية وذخيرة.

وقبل ذلك، أعلنت السلطات الأمنية اعتقال أولغا ياريلوفا، النائبة السابقة لوزير الثقافة الروسي بتهمة اختلاس، واعتقال مكسيم بارشين، نائب وزير التنمية الرقمية والاتصالات والتواصل الجماهيري في صيف 2023 للاشتباه في تلقيه رشوة، وتم إعفاؤه من منصبه بعد ذلك بقليل. ونقلت وسائل إعلام حكومية الثلاثاء أنه «على مدى السنوات الخمس الماضية (منذ عام 2019)، تم توجيه تهم بارتكاب جرائم جنائية مختلفة إلى 16 مسؤولاً فيدرالياً سابقاً وحالياً، بمن فيهم 5 وزراء سابقين و13 نائباً للوزراء».


مقالات ذات صلة

جيش مالي يعلن الوضع في باماكو «تحت السيطرة» بعد هجوم تبناه متطرّفون

أفريقيا الجيش المالي يعلن سيطرته على الوضع في العاصمة باماكو (أ.ب)

جيش مالي يعلن الوضع في باماكو «تحت السيطرة» بعد هجوم تبناه متطرّفون

أعلن الجيش المالي، الثلاثاء، أنه سيطر على الوضع في العاصمة باماكو، مشيراً إلى إحباط عملية قام بها «إرهابيون» لمحاولة التسلل إلى أكاديمية لقوات الدرك.

«الشرق الأوسط» (باماكو)
شؤون إقليمية شرطة الطب الشرعي في موقع الهجوم بكنيسة «سانتا ماريا» يوم 28 يناير (أ.ب)

مخابرات تركيا توقف أحد مخططي الهجوم على كنيسة «سانتا ماريا»

كشفت المخابرات التركية عن القبض على أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، وقالت إنه شارك في التخطيط للهجوم على كنيسة «سانتا ماريا» الكاثوليكية الإيطالية في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا متشددون اعتقلهم الجيش الجزائري مع أسلحتهم المصادرة (وزارة الدفاع)

اعتقال 4 متشددين مسلحين ومصادرة أسلحة في جنوب الجزائر

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، أمس الخميس، في بيان، أن الجيش اعتقل 4 «إرهابيين كانوا ينشطون بمنطقة الساحل»، فيما سلَم آخر نفسه للقوات المسلحة بأقصى جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
آسيا حمزة بن لادن (أرشيفية)

هل حمزة بن لادن على قيد الحياة؟

عاد حمزة بن لادن، نجل الزعيم الراحل لـ«القاعدة»، المقتول في باكستان، إلى الظهور في أفغانستان، حسب ادعاءات الاستخبارات الغربية.

عمر فاروق (إسلام آباد ) «الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)

تحليل إخباري لماذا يزداد الاعتقاد بأن هجوماً مثل «11 سبتمبر» قد ينطلق من أفغانستان؟

تعتقد المنظمات الدولية التي تراقب أفغانستان والدول المجاورة لها والحكومة الباكستانية وأجهزة الاستخبارات أن أفغانستان أصبحت مرة أخرى مركزاً للإرهاب الدولي.

عمر فاروق (إسلام آباد )

أوكرانيا تدمر ترسانة روسية ضمنها صواريخ «إسكندر»


صورة مركبة للموقع التقطتها الأقمار الصناعية قبل الهجوم وبعده (أ.ف.ب)
صورة مركبة للموقع التقطتها الأقمار الصناعية قبل الهجوم وبعده (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تدمر ترسانة روسية ضمنها صواريخ «إسكندر»


صورة مركبة للموقع التقطتها الأقمار الصناعية قبل الهجوم وبعده (أ.ف.ب)
صورة مركبة للموقع التقطتها الأقمار الصناعية قبل الهجوم وبعده (أ.ف.ب)

في حين تنتظر كييف الحصول على تصريح من واشنطن لاستخدام صواريخ غربية الصنع لشن عمليات بعيدة المدى ضد روسيا، أعلنت أمس أنها دمرت ترسانة في غرب روسيا تحتوي على مخزون كبير من الأسلحة في هجوم استخدمت فيه مسيّرات بعيدة المدى.

ونقلت تقارير إعلامية عن مسؤولين أمنيين أوكرانيين، أن نحو 100 طائرة مسيّرة محملة بالمتفجرات دمرت مخبأ كبيراً «كان يحتوي على صواريخ لأنظمة (إسكندر) التكتيكية، وأنظمة (توشكا يو) الصاروخية التكتيكية، وقنابل جوية موجّهة، وذخيرة مدفعية».

وقال إيغور رودينيا، حاكم منطقة تفير، إنه «جرى إسقاط الطائرات المسيّرة الأوكرانية، وقد اندلع حريق، وأُجلي بعض السكان». وذكر رودينيا أن «الحريق أُخمد من دون تسجيل أي وفيات». والتقطت الأقمار الاصطناعية لـ«وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا) بؤراً عدة ظاهرة بالموقع صباح أمس (الأربعاء)، كما رصدت محطات مراقبة الزلازل ما رجحت أجهزة الاستشعار أنه زلزال صغير في المنطقة.

من جانب آخر، انتقد الكرملين، أمس، تصريحات أدلى بها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنيرغ، وقال فيها إن قرار الغرب السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى لضرب أهداف في روسيا لن يكون خطاً أحمر يدفع موسكو نحو التصعيد. وقال ستولتنبرغ ساخراً: «أعلن بوتين عن كثير من الخطوط الحُمر مسبقاً ولم يصعّد الأمر».

وعلق المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، قائلاً إن «عدم أخذ تصريحات الرئيس الروسي على محمل الجد هو أمر استفزازي وخطير».