إسبانيا قاب قوسين من الاعتراف بالدولة الفلسطينية

سانتشيز يشدد على حل الدولتين

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز مع نظيره البرتغالي لويس مونتينغرو خلال مؤتمر صحافي في مدريد الاثنين (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز مع نظيره البرتغالي لويس مونتينغرو خلال مؤتمر صحافي في مدريد الاثنين (رويترز)
TT

إسبانيا قاب قوسين من الاعتراف بالدولة الفلسطينية

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز مع نظيره البرتغالي لويس مونتينغرو خلال مؤتمر صحافي في مدريد الاثنين (رويترز)
رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز مع نظيره البرتغالي لويس مونتينغرو خلال مؤتمر صحافي في مدريد الاثنين (رويترز)

أكّد مصدر سياسي إسباني رفيع أن التصعيد الأخير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، وإعلان تل أبيب اتخاذها قراراً بالرد عليه، لن يؤثر في موقف الحكومة الإسبانية العازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، وهو قرار يبدو أنه بات قاب قوسين.

وقال المصدر، في حديث خاص إلى «الشرق الأوسط»، إن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، أجرى مشاورات طوال اليومين الماضيين مع عدد من نظرائه الأوروبيين حول المستجدات الأخيرة في المنطقة، وما نتج عنها من مخاوف تنذر باتساع دائرة المواجهة، لكنه لم يعدّل خريطة الطريق التي وضعها للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وكان سانتشيز قد أكّد هذا الموقف في مؤتمر صحافي مشترك مساء الاثنين، في مدريد، مع نظيره البرتغالي لويس مونتينغرو، حيث قال: «نجري محادثات مع شركائنا الأوروبيين بهدف أن نكون دولاً عدة تعترف بالدولة الفلسطينية، لكن في أي حال الحكومة الإسبانية عازمة على اتخاذ هذا القرار الذي نعدّه منصفاً. والأسرة الدولية لن تتمكن من مساعدة الفلسطينيين إذا لم تعترف بوجودهم، ونحن على يقين من أن حل الدولتين هو وحده الذي يرسي قواعد التعايش السلمي بين الشعبين».

من جهته، قال رئيس الوزراء البرتغالي المحافظ الذي تسلّم مهامه قبل أيام، إنه سيتريّث لاتخاذ هذا القرار، في انتظار التوصل إلى توافق أوروبي حوله. لكنه أكّد أن بلاده ستصوّت في الأمم المتحدة لصالح مشروع قرار العضوية الكاملة لدولة فلسطين.

وأفاد المصدر الإسباني الرفيع بأن قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيُدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء قريباً قبل طرحه على البرلمان، حيث لا يقتضي التصويت عليه؛ لأن ذلك من صلاحيات رئيس الحكومة الذي كان وعد بشرحه أمام مجلس النواب.

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز يتحدث إلى وسائل الإعلام في مدريد الاثنين (إ.ب.أ)

وتقول أوساط رسمية إسبانية إن شيئاً لم يتغّير في موقف الحكومة بعد الهجوم الإيراني، لا بل إن ما حصل يعزّز هذا الموقف المؤيد للدبلوماسية والشرعية والسلام «لأن طريق التصعيد الحربي تأخذنا إلى الهاوية، بينما الطريق الأخرى توصلنا إلى وقف إطلاق النار والسلام والاعتراف المتبادل بين الدولتين».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل آلباريس طلب التحدث، الخميس المقبل، أمام مجلس الأمن؛ للدفاع عن قرار الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة. ويشار إلى أن الرئاسة الدورية لمجلس الأمن تعود هذا الشهر لمالطا، وهي إحدى الدول الأوروبية الأربع التي وقّعت مع إسبانيا وبلجيكا وآيرلندا في بروكسل بيان التعهّد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وتقول المصادر الإسبانية إن حكومة سانتشيز تدرك أن هذه الخطوة ستواجَه بفيتو أميركي في مجلس الأمن يُفقدها أي أثر قانوني، لكنها تراهن على قيمتها الرمزية في مثل هذه المرحلة، وستكون تمهيداً لكي تعلن مدريد قرارها الاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي قد يصدر في غضون أيام معدودة، خصوصاً أن التصويت لاحقاً في الجمعية العامة سيُظهر أن 139 دولة تعترف بعضوية فلسطين الكاملة في المنظمة الدولية، منها 9 دول أوروبية. وكان النقاش الذي دار في مجلس النواب الإسباني، الأسبوع الماضي، حول هذا الموضوع قد أظهر أن المعارضة المحافظة ليست في وارد الاعتراض على خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ سبق للحزب الشعبي أن وافق على هذا القرار في عام 2014، لكنه الآن سيعترض على التوقيت الذي يراه زعيم الحزب متسرّعاً، ومن شأنه إلحاق الضرر بالمصالح الفلسطينية.

أما حزب «سومار»، الشريك اليساري في حكومة سانتشيز، فهو يلحّ على طرح الموضوع بأسرع وقت على مجلس الوزراء، إذ يعدّ «أن مخاطر التصعيد الحربي يجب أن تدفع باتجاه الإسراع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ لأن ذلك سيسهم في الحد من هذا التصعيد»، بحسب تصريحات وزير الثقافة، الناطق بلسان الائتلاف اليساري داخل الحكومة.

وكان سانتشيز بين القادة الأوروبيين السبّاقين لإدانة الهجوم الإيراني على إسرائيل، مشدداً على ضرورة الإفراج عن الرهائن الموجودين في حوزة «حماس» من غير شروط، وعلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن ضمن أحكام القانون الإنساني الدولي الذي تعدّ الحكومة الإسبانية أن القوات الإسرائيلية تنتهكه بوضوح.

ولا تخفي الأوساط الرسمية الإسبانية قلقها من ردة الفعل الإسرائيلية المحتملة على قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خصوصاً بعد تجميد العلاقات الدبلوماسية أخيراً بين البلدين، إثر التصريحات والاتهامات المتبادلة واستدعاء السفيرين.


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

لا يضاهي فرح قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل بفوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، سوى فرح أنصاره في الولايات المتحدة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

 بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
TT

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

 بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)
بات ماكفادن يشرف على سياسة الأمن القومي في الحكومة البريطانية (أرشيفية - بي إيه ميديا)

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد)، بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا، قد «تطفئ الأنوار لملايين الأشخاص»، و«تدفع ملايين الأشخاص نحو الظلام»، وذلك خلال مؤتمر «الناتو» الذي سيعقد غداً (الاثنين).

وسيقول بات ماكفادن الذي يشرف على سياسة الأمن القومي والتهديدات التي تواجهها الدولة إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد وقادر على إطلاق هجوم إلكتروني «مزعزع للاستقرار وموهن» على المملكة المتحدة، بحسب صحيفة «تليغراف».

وسيحذر ماكفادن من أن روسيا «عدوانية ومتهورة بشكل استثنائي في عالم الإنترنت»، وتريد الحصول على «ميزة استراتيجية وإضعاف الدول التي تدعم أوكرانيا».

وأفادت الصحيفة بأن مستشار دوقية لانكستر سيقول خلال المؤتمر، إن هناك خطراً وشيكاً من هجوم إلكتروني روسي على البنية التحتية والشركات البريطانية، قد «يغلق شبكات الطاقة» ويوجه ضربة قوية للاقتصاد.

جيش «غير رسمي»

وفي كلمته أمام مؤتمر الدفاع السيبراني لحلف شمال الأطلسي في لندن غداً (الاثنين)، سيشير ماكفادن في خطابه، إلى أن الجيش الروسي و«جيشه غير الرسمي من مجرمي الإنترنت والناشطين في مجال القرصنة» لم يكثفا هجماتهما فحسب خلال العام الماضي، بل وسعا نطاق أهدافهما إلى عدد من أعضاء وشركاء حلف «الناتو»، كما استهدفت موسكو وسائل الإعلام والاتصالات، والمؤسسات السياسية والديمقراطية، والبنية التحتية للطاقة.

وأردفت الصحيفة أن الوزير البريطاني سيحذر من خطورة الحرب السيبرانية، التي يمكن أن تكون «مزعزعة للاستقرار ومدمرة»، مع إمكانية شن روسيا هجوماً يؤثر على شبكات الكهرباء، وسيشير إلى أن «هذه هي الحرب الخفية التي تشنها موسكو على أوكرانيا الآن».

وتأتي هذه التكهنات بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن جيشه يمكنه استهداف المملكة المتحدة، رداً على استخدام أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية. وقال الزعيم الروسي إن روسيا اختبرت صاروخاً جديداً متوسط ​​المدى في ضربة على أوكرانيا، وإنها يمكن أن تستخدم السلاح بشكل مشروع ضد الدول التي سمحت لصواريخها بضرب روسيا، والتي تشمل بريطانيا والولايات المتحدة.

ويعتقد الوزراء في الحكومة البريطانية أنه في حين أنهم لا يستطيعون منع روسيا من شن هجمات إلكترونية على المملكة المتحدة، فإنهم واثقون من أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لمنع انقطاع إمدادات الطاقة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وفي وقت سابق من هذا العام، تم اختراق مستشفيين من مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، مما تسبب في تأجيل أكثر من 800 عملية جراحية مخططة و700 موعد خارجي. وشمل المرضى الذين تم تعطيلهم أولئك الذين يحتاجون إلى علاج السرطان وزرع الأعضاء. وكان يُعتقد أن الاختراق من عمل «قيلين»، وهي عصابة إجرامية إلكترونية روسية. وأظهرت البيانات التي نشرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، أنه كان لا بد من تأجيل ما يقرب من 100 علاج للسرطان في فترة 6 أيام، بسبب المشاكل الناجمة عن الهجوم.

تهديد «القراصنة النشطاء»

وسوف يسلط ماكفادن الضوء على الخطر الذي يشكله «القراصنة النشطاء غير الرسميين» الذين يرتكبون هجمات «متكررة بشكل مزداد، وفي بعض الحالات، مزدادة التعقيد» في جميع أنحاء العالم.

ونقلت الصحيفة عن خطاب الوزير البريطاني المرتقب: «هناك عصابات من القراصنة والمرتزقة لا تخضع لسيطرة الكرملين بشكل مباشر، ولكن يُسمح لها بالتصرف دون عقاب ما دام أنها لا تعمل ضد مصالح بوتين».

وسينقل الخطاب: «لقد استهدفوا (القراصنة) مؤخراً شريك (الناتو) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كوريا الجنوبية، رداً على مراقبتها لنشر القوات الكورية الشمالية في كورسك، حيث تقاتل روسيا أوكرانيا، وقد أعلنت مجموعات روسية متحالفة مع الدولة مسؤوليتها عن 9 هجمات سيبرانية منفصلة على الأقل بدرجات متفاوتة من الشدة ضد دول (الناتو)، بما في ذلك الهجمات غير المبررة ضد بنيتنا التحتية الوطنية الحيوية»، وأفاد: «هذه المجموعات غير متوقعة، فهي تتصرف بتجاهل للعواقب الجيوسياسية المحتملة، وبخطأ حسابي واحد فقط يمكن أن تسبب دماراً في شبكاتنا».

وسيقول ماكفادن إن روسيا «لن تفكر مرتين في استهداف الشركات البريطانية»، لأن بوتين «سعيد باستغلال أي ثغرة في دفاعاتنا السيبرانية». وسوف يلتقي ماكفادن بقادة الأعمال هذا الأسبوع، إلى جانب كبار مسؤولي الأمن القومي، لمناقشة كيفية تعزيز دفاعاتهم ضد الهجمات الإلكترونية.

وأشارت التقديرات السابقة إلى أن تكلفة الجرائم الإلكترونية على اقتصاد المملكة المتحدة وصلت إلى نحو 27 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

صاروخ كروز «ستورم شادو» معروض خلال معرض باريس الجوي في لو بورجيه 19 يونيو 2023 (أرشيفية - أ.ب)

ويضع الوزراء تشريعات تهدف إلى تعزيز دفاعات المملكة المتحدة ضد الهجمات الإلكترونية. وسوف يعزز مشروع قانون الأمن السيبراني والمرونة سلطات الجهات التنظيمية ويجبر الشركات على الإبلاغ عن الهجمات التي تتجاهلها حالياً.

ومن المتوقع أن يفرض مشروع القانون على جميع مقدمي البنية التحتية الأساسية فهم وحماية سلاسل التوريد الخاصة بهم من الهجوم. وقد تشمل التدابير أيضاً تحسين إدارة البيانات المتعلقة بالهجمات الإلكترونية للتعلم من الدروس المستفادة من عمليات الاختراق السابقة.

وقد استخدمت أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية في روسيا لأول مرة هذا الأسبوع. وأعطى جو بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع داخل روسيا، مما يمهد الطريق لرفع القيود المفروضة على صواريخ «ستورم شادو» البريطانية.