أرمينيا وأذربيجان تتواجهان في لاهاي

اتهامات متبادلة بـ«تطهير عرقي» أمام محكمة العدل الدولية

نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

أرمينيا وأذربيجان تتواجهان في لاهاي

نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

اتهمت أذربيجان أرمينيا، الاثنين، بتقديم شكوى أمام محكمة العدل الدولية بشأن إقليم ناغورنو كاراباخ بغرض شنّ «حملة إعلامية» ضد باكو، مع بدء المواجهة بينهما في أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة.

وبدأ البلدان الجاران والعدوان في منطقة القوقاز، أسبوعين من المداولات أمام المحكمة، التي تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقراً لها، على خلفية اتهامات متبادلة بارتكاب أعمال «تطهير عرقي» في الإقليم المتنازع عليه منذ عقود، في وقت تزداد فيه التوترات العسكرية بينهما بشكل يضعف الآمال بتحقيق سلام مستدام.

وقال ممثل أذربيجان، النور محمدوف، أمام قضاة المحكمة: «من البداية، كان هدف أرمينيا بدء هذا الإجراء أمام المحكمة واستخدامه من أجل شنّ حملة إعلامية... ضد أذربيجان».

وعدّ احتجاج أرمينيا أمراً «سابقاً لأوانه»، لافتاً إلى أن ذلك يعود إلى «فشل أرمينيا في الانخراط بمفاوضات مع أذربيجان لحلّ هذا الخلاف».

وأقر بحصول «مفاوضات محدودة»، لكن يريفان «فشلت في متابعتها».

الرئيس الأذربيجاني يرفع عَلم بلاده في عاصمة ناغورنو كاراباخ (أرشيفية - أ.ب)

وتبادل البلدان الاتهامات مطلع أبريل (نيسان) بإطلاق النار في المناطق الحدودية، ما أضعف الآمال بالتوصل إلى اتفاق سلام بعد عقود من النزاع.

وبدأت المعركة القانونية بين البلدين أمام محكمة العدل الدولية في سبتمبر (أيلول) 2021، عندما تقدمت كل من أذربيجان وأرمينيا بشكوى ضد الأخرى خلال مهلة لم تتجاوز أسبوعاً. واتهم كل طرف الآخر بارتكاب «تطهير عرقي» ومخالفة الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري.

وأصدرت محكمة العدل الدولية التي تتولى النظر في المنازعات بين الدول، أوامر عاجلة في ديسمبر (كانون الأول) 2021، تدعو الطرفين إلى الحؤول دون التحريض والترويج للكراهية العرقية.

وفي حين أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانوناً، فإن الهيئة القضائية لا تمتلك أي آلية لفرض تنفيذها. وازدادت التوترات بين البلدين إلى أن بلغت ذروتها في سبتمبر 2023، مع شنّ أذربيجان عملية عسكرية خاطفة انتهت بسيطرتها على ناغورنو كاراباخ.

وخلال العملية العسكرية التي امتدت يوماً واحداً، سيطرت أذربيجان على الإقليم، ما دفع الغالبية العظمى من سكانه الأرمن، أي نحو 100 ألف من أصل إجمالي السكان البالغ عددهم 120 ألفاً، للنزوح نحو أرمينيا.

جنود أرمن بالقرب من الحدود بين ناغورنو كاراباخ وأرمينيا (أرشيفية - أ.ب)

مباحثات سلام

وبعد أسابيع من ذلك، تقدمت أرمينيا بشكوى جديدة إلى محكمة العدل، مطالبة إياها بإلزام أذربيجان سحب قواتها من كاراباخ والسماح للأرمن بالعودة إلى مناطقهم بأمان.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أمرت المحكمة أذربيجان بأن تسمح لكل شخص يرغب بالعودة للإقليم، القيام بذلك «بأمان ومن دون معوقات وفي أقرب الآجال».

ومن المقرر أن تستمر المداولات التي بدأت اليوم، حتى 26 أبريل. وهي ترتبط بملاحظات تقدم بها كل من البلدين بشأن الشكوى الأصلية التي تقدم بها الآخر في سبتمبر 2021.

وكان رئيس أذربيجان، إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، أكدا في أعقاب سيطرة باكو على الإقليم، أن إبرام اتفاق سلام بين البلدين في متناول اليد.

وخاضت أرمينيا وأذربيجان حربين، في التسعينات وفي عام 2020، للسيطرة على جيب ناغورنو كاراباخ الذي استعادته قوات باكو في سبتمبر 2023، واضعة بذلك حداً لحكم انفصالي أرميني استمر 3 عقود.

وفي مطلع مارس (آذار) الماضي، اتّفق الطرفان على مواصلة محادثات السلام بعد رعاية برلين اجتماعاً لوزيري خارجية البلدَين لحل النزاع.


مقالات ذات صلة

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وابنته إيفانكا (إ.ب.أ)

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إن ابنته إيفانكا كان ينبغي أن تكون سفيرة للأمم المتحدة، و«القادة الأكثر روعة» يأتون من أسكوتلندا مثل والدته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي برّي يتحدّث في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر (رئاسة البرلمان)

برّي يؤكد تمسّك لبنان بالـ«1701»: الطرف المطلوب إلزامه به هو إسرائيل

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الأممي رقم 1701، وتطبيقه حرفياً، مشيراً إلى أن الطرف الوحيد المطلوب إلزامه به هو إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «يونيفيل» يراقب من مرجعيون الحدودية في جنوب لبنان بلدتي الخيام اللبنانية والمطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

ارتياح بعد تمديد ولاية «يونيفيل»: لبنان تحت المظلة الدولية

أرخى تمديد مجلس الأمن لمهمة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) ارتياحاً لبنانياً؛ كونه يؤشر إلى أن الغطاء الدولي لا يزال موجوداً فوق لبنان.

نذير رضا (بيروت)
أوروبا ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي ملتزم بتوفير المساعدات لأوكرانيا من الأصول الروسية المجمَّدة

كشف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية أن الاتحاد الأوروبي سيمضي في تعهده بتوفير المساعدات لأوكرانيا من أصول البنك المركزي الروسي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لمتطوع يوزّع الطعام في أحد أحياء أم درمان بالسودان (رويترز)

«الأغذية العالمي» يحقق في «شبهة تحايل» لعملياته بالسودان

شرع برنامج الأغذية العالمي في التحقيق مع اثنين من كبار مسؤوليه بالسودان في مزاعم بالتحايل وإخفاء معلومات على المانحين حول قدرته على توصيل المساعدات الغذائية.

أحمد يونس (نيروبي)

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
TT

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)
القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

بات القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء الدينوف وجهاً مألوفاً للروس على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطل عليهم معتمراً خوذة أو قبعة عسكرية ليقدم أخباراً إيجابية دائماً حول سير المعارك ضد القوات الأوكرانية المتوغلة في منطقة كورسك.

وقال في اليوم الأول من هذا الهجوم المباغت عبر الحدود في مطلع أغسطس (آب): «فلنهدأ، ونتناول بعض الفشار، ونشاهد بهدوء رجالنا وهم يدمرون العدو».

بعد ثلاثة أسابيع من بدء العملية، يفضّل كبار ضباط الجيش الروسي التزام الصمت بسبب عدم قدرتهم على صد القوات الأوكرانية.

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

ويملأ أبتي علاء الدينوف (50 عاماً) هذا الفراغ عبر نشر مقاطع فيديو بشكل منتظم يبدو أنه تم تصويرها قرب الجبهة.

يبلغ عدد متابعي العسكري الشيشاني 275 ألف مشترك على تطبيق «تلغرام»، ما يجعله بعيداً عن أن يكون نجماً على الإنترنت، لكن مداخلاته تنقلها وسائل الإعلام الروسية، وخصوصا التلفزيون.

يرأس أبتي علاء الدينوف «قوات أحمد» الشيشانية المشكلة من قوات خاصة، وقد أرسل الرئيس الشيشاني رمضان قديروف العديد من عناصرها للقتال في أوكرانيا.

وبالاعتماد على وضعه العسكري، يسعى إلى طمأنة الروس من خلال التأكيد أن «العدو أوقف تقريباً» أو أن الوضع «يستقر»، بينما يواصل الأوكرانيون التقدم.

كما ادعى مؤخراً أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر.

«الكرملين يحركه»

يتعجب الصحافي تيخون دزيادكو من وسيلة الإعلام الروسية المستقلة «دوزد»، لبروز أبتي علاء الدينوف.

وكتب على «تلغرام»: «جزء من روسيا تحت سيطرة دولة أخرى (...) والمعلق الرئيسي على ما يحدث في منطقة كورسك هو هذه الشخصية المضحكة علاء الدينوف».

وأكد خبراء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن مثل هذا الحضور الإعلامي يحظى بالضرورة بموافقة السلطات العليا.

تقول سارة أوتس، المتخصصة في الدعاية الروسية في الجامعة الأميركية في ميريلاند: «أنا مقتنعة بأن الكرملين هو الذي يحركه».

ويرى جورجي بوفت، المحلل السياسي المقيم في موسكو، أنه «من الواضح أنه ينال رضا القادة حتى الآن».

ويبدو أن أبتي علاء الدينوف يحظى على غرار رمضان قديروف بقدر غير عادي من حرية التعبير، حتى إن مراقبين قدموه خليفة محتملاً للزعيم الشيشاني الذي يشاع أنه يعاني مشكلات صحية.

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

عندما أعربت عائلات عن قلقها من تعبئة أبنائها البالغين 18 عاماً للقتال ضد الجيش الأوكراني، وهو موضوع حساس للغاية في روسيا، لم يُظهر أبتي علاء الدينوف أي تعاطف معها.

وقال في مقطع فيديو إنه إذا كان هؤلاء الشباب «لا يدافعون عن الوطن (...) فلماذا يحتاج وطنكم إليكم وإلى أطفالكم؟».

«جيش تيك توك»

يتناقض الأسلوب الواقعي والتقني البحت للمتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، بشكل جذري، مع أسلوب أبتي علاء الدينوف.

ويعتقد جورجي بوفت أن الأخير «يقدم المعلومات بطريقة أكثر عاطفية، ربما يكون من الأسهل على الجمهور استيعابها».

رئيس الشيشان رمضان قديروف والقائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (قناة دينوف عبر «تلغرام»)

وترى سارة أوتس أن تصريحات أبتي علاء الدينوف التي تصفها بـ«الفجة» تذكر بأسلوب الرئيس فلاديمير بوتين في أيام حكمه الأولى، عندما وعد «بمطاردة الإرهابيين وقتلهم حتى في المراحيض». وتضيف: «أعتقد أنه متحدث فعّال في نشر الدعاية».

نشأ أبتي علاء الدينوف في منطقة ستافروبول في جنوب روسيا. وقُتل والده وأحد إخوته في الشيشان التي شهدت حربين ضد القوات الاتحادية الروسية في التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وأصبح فيما بعد قائد الشرطة الشيشانية ونائب وزير الداخلية.

وقد فرضت دول عدة عقوبات عليه، من بينها الولايات المتحدة، بتهمة الخطف والتعذيب.

كتبت صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية المستقلة عام 2016 أن أبتي علاء الدينوف «القوي والخطير»، كان منذ فترة طويلة جزءاً من «الحرس المقرب من قديروف».

القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

وأقيل من الحكومة الشيشانية بقرار من فلاديمير بوتين عام 2021، وهو ما عُدّ مؤشر خلاف مع رمضان قديروف.

لكن في الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، أعلن قديروف أن «أخاه العزيز» سيقود المقاتلين الشيشانيين.

وحصل أبتي علاء الدينوف على ميدالية بطل روسيا المرموقة، لكن «قوات أحمد» التي يقودها يُطلق عليها أحيانا اسم «جيش تيك توك» في ظل اتهامات بأنها تعطي الأولوية للدعاية على الشبكات الاجتماعية على حساب الفاعلية القتالية في ميدان المعركة.

وكانت «قوات أحمد» تساعد في حماية كورسك عندما هاجمت القوات الأوكرانية المنطقة الروسية. وفي مقطع فيديو، اعترف أبتي علاء الدينوف بنبرة حزينة على غير عادته بأن جنود كييف «قاموا بعمل جيد»، لكن «الشيء الوحيد الذي لم يأخذوه في الاعتبار هو أن الله يحب روسيا».