وزير الخارجية الأميركي في باريس وحربا أوكرانيا وغزة على رأس جدول المباحثات

مصادر فرنسية: اختيار بلينكن لباريس مرده للدور الذي تلعبه في هذين النزاعين

وزير الخارجية الفرنسي متحدثاً مع الرئيس البرازيلي خلال مرافقته لماكرون إلى البرازيل (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي متحدثاً مع الرئيس البرازيلي خلال مرافقته لماكرون إلى البرازيل (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الأميركي في باريس وحربا أوكرانيا وغزة على رأس جدول المباحثات

وزير الخارجية الفرنسي متحدثاً مع الرئيس البرازيلي خلال مرافقته لماكرون إلى البرازيل (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي متحدثاً مع الرئيس البرازيلي خلال مرافقته لماكرون إلى البرازيل (أ.ف.ب)

اختار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يبدأ جولته الأوروبية الجديدة ما بين 1 و5 أبريل (نيسان) من باريس، حيث سيلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره ستيفان سيجورنيه.

وأفادت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي، خلال المؤتمر الصحافي للناطق باسمها ماثيو ميلر، أو عبر بيان نشره على موقع الوزارة الإلكتروني بأن الطرفين سيقومان بـ«مناقشة القضايا العالمية بما في ذلك دعم أوكرانيا والجهود المبذولة لمنع تصعيد الصراع في غزة، وتحقيق الاستقرار في هايتي، وعدد من القضايا المهمة الأخرى».

الوزير أنتوني بلينكن يوم 26 مارس مستقبلاً نظيره وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في واشنطن (أ.ف.ب)

وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الوزيرين سيجورنيه وبلينكن سيتناولان الأزمات العالمية التي تشمل إلى ما سبق ذكره، الحرب الأهلية في السودان والتحضير للمؤتمر الدولي الخاص بهذا البلد الذي ستستضيفه باريس يوم 15 أبريل الحالي، فضلاً عن التحضير للقمة الأطلسية التي ستلتئم لاحقاً في واشنطن. كذلك سيعقد بلينكن الذي يعرف فرنسا جيداً، حيث أتم فيها دراسته الثانوية، مديرة عام اليونسكو أودري أزولاي «للتأكيد على دعم الولايات المتحدة لمهمة اليونسكو الأساسية، بما في ذلك الحفاظ على الثقافة والتعليم»؛ وفق ما جاء في بيان الخارجية الأميركية.

وترى مصادر فرنسية أن اختيار باريس «يعود للدور الذي أخذت تلعبه فرنسا في الحربين الجاريتين حالياً في أوكرانيا وغزة».

وزير الخارجية الفرنسي متحدثاً مع الرئيس البرازيلي خلال مرافقته لماكرون إلى البرازيل (أ.ف.ب)

ففي أوكرانيا، نجح الرئيس ماكرون في أن يتحول، بعد انعطافة حادة حصلت الصيف الماضي، إلى «زعيم» المعسكر الداعي لدعم أوكرانيا بالوسائل المالية والعسكرية كافة، بل إنه لم يعد يستبعد إرسال قوات فرنسية وأوروبية إلى أوكرانيا، الأمر الذي يثير جدلاً واسعاً داخل فرنسا وخارجها. وبالنظر للضبابية التي تغلف السياسة الأميركية، وللغموض الذي يظلل مصير الانتخابات الرئاسية الأميركية، واحتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فإن باريس تدعو بقوة إلى الدفع باتجاه تشكيل «الدفاع الأوروبي»، بل إلى «الاستقلالية الاستراتيجية» التي تواجه رفضاً من الكثير من الدول الأوروبية الرافضة للتخلي عن المظلة الأطلسية، والقوة النووية الأميركية.

وفيما يخص أوكرانيا، كان لافتاً المعلومات التي كشف عنها وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو الأحد في حديث لصحيفة «لا تريبون»، ومنها أن باريس ستزود القوات الأوكرانية بمئات العربات المدرعة، وبصواريخ أرض - جو من طراز «أستير 30»، وهي شبيهة بمنظومة الصواريخ الأميركية «باتريوت». وتعمل باريس على تطوير وإنتاج ذخائر بعيدة المدى يتم التحكم بها عن بعد لتقديمها لاحقا لكييف.

الدمار الواسع في رفح حتى قبل الاجتياح الأرضي الذي تخطط له إسرائيل (أ.ف.ب)

وكما في أوكرانيا، تسعى باريس ليكون لها دور في حرب غزة، حيث تخلت عن الدعم غير المشروط لإسرائيل، حيث إنها تسعى راهناً لموقف وسطي، وتعمل على تنسيق المواقف مع القاهرة وعمان. ويوم السبت عقد وزراء الخارجية الثلاثة اجتماعاً تنسيقياً في العاصمة المصرية لهذا الغرض. وتدفع باريس باتجاه وقف فوري لإطلاق النار، والعمل على تصور لـ«اليوم التالي» لانتهاء الحرب. وكان لافتاً ما قاله سيجورنيه في المؤتمر الصحافي المشترك في القاهرة، إذ أعلن أن بلاده «تتشاور مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن لتقديم مشروع قرار للمجلس يشمل كل معايير حل الدولتين»، مضيفاً أن «المشاورات في هذا الصدد لم تكتمل بعد». وسيكون للوضع في الجنوب اللبناني ولحرب المناوشات بين إسرائيل و«حزب الله» حصة كبرى في محادثات بلينكن في باريس؛ نظراً للمساعي الفرنسية للجم التصعيد. وتجدر الإشارة إلى أن سيجورنيه قدم خطة فرنسية من ثلاث مراحل لاحتواء تمدد الحرب، والذهاب نحو تنفيذ القرار الدولي رقم 1701. وبعكس المعلومات المتداولة في بيروت، فإن باريس تؤكد أنها «تعمل بتنسيق تام مع واشنطن» بهذا الشأن. وبخصوص غزة، من المرتقب أن يعرض بلينكن تفاصيل المشاورات الحاصلة مع السلطات الإسرائيلية بشأن خطط الجيش الإسرائيلي لاجتياح غزة، والجهود الأميركية لثنيه عن ذلك.

وفي هذا السياق، وبالنظر للرفض الأميركي المعلن لاجتياح رفح، تسعى واشنطن لإقناع إسرائيل باعتماد «طرق بديلة» غير الاجتياح البري، وهو ما أكد عليه بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. وأكد بلينكن لغالانت خلال الاجتماع الذي ضمهما يوم الاثنين الماضي أن البدائل موجودة لاجتياح رفح براً، ومن شأنها أن تضمن أمن إسرائيل وحماية المدنيين الفلسطينيين بشكل أفضل، وفق ما صدر عن الخارجية الأميركية عقب الاجتماع. لكن لا يبدو، حتى اليوم، أن الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قد فعلت فعلها، وما زال الأخير (كما غالانت) مصراً على الاجتياح من أجل «القضاء على (حماس) وتحرير الرهائن» كما يزعم.

وتشكل بروكسل المحطة الثانية للوزير الأميركي، حيث ينتظره استحقاقان رئيسيان: الأول، اجتماع وزراء خارجية الحلف بحضور الوزير الأوكراني دميترو كوليبا. ويتزامن الاجتماع مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس «الناتو» في 4 أبريل. ومجدداً ستسيطر الحرب الأوكرانية على أعمال الاجتماع، كما ينتظر أن يعمد بلينكن إلى طمأنة نظرائه بالنسبة لمستقبل الحلف. وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن سيلتقي أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ. ويتمثل الاستحقاق الثاني في الخامس من الشهر الحالي، باجتماع ثلاثي أوروبي - أميركي - أرميني بمشاركة رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع الجانب الأرميني، وتلبية حاجات الطرف الأخير الإنسانية.


مقالات ذات صلة

رئيس رومانيا ينسحب من المنافسة على منصب الأمين العام للناتو ويدعم روته

أوروبا رئيس الوزراء الهولندي مارك روته (أ.ف.ب)

رئيس رومانيا ينسحب من المنافسة على منصب الأمين العام للناتو ويدعم روته

أعلنت رومانيا الخميس انسحاب الرئيس كلاوس يوهانيس من المنافسة على منصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ممهدة الطريق أمام رئيس الوزراء الهولندي مارك روته.

«الشرق الأوسط» (بوخارست )
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي والزعيم الكوري الشمالي خلال زيارة الأخير لروسيا في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

بكين تتهم واشنطن بـ«نشر معلومات خاطئة» حول دعمها لروسيا

بلينكن: زيارة بوتين لكوريا الشمالية «محاولة يائسة» للحصول على أسلحة

هبة القدسي (واشنطن) «الشرق الأوسط» (بكين)
شؤون إقليمية أرشيفية لتدريبات مشتركة بين «قسد» و«التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

أنقرة تكرر مطالبتها لواشنطن بوقف دعم «الوحدات الكردية»

عبّرت تركيا عن تطلعها لتعاون إيجابي من جانب الولايات المتحدة، وقطع الدعم الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)».

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين في حديث مع قادة أوروبيين بمناسبة انعقاد قمة غير رسمية في بروكسل الاثنين (إ.ب.أ)

الأوروبيون يستعجلون تقاسم المناصب الرئيسية للاتحاد على وقع التحديات الراهنة

الأوروبيون يستعجلون تقاسم المناصب الرئيسية للاتحاد على وقع التحديات الراهنة وفون دير لاين باقية في منصبها وتساؤلات حول اسم رئيس الاتحاد القادم.

ميشال أبونجم (باريس)
العالم بايدن وستولتنبرغ خلال لقائهما في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

ستولتنبرغ: 23 دولة في «الناتو» في طريقها للالتزام بمستوى الإنفاق الدفاعي

قال الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ، أمس (الاثنين)، إن 23 من بين 32 دولة عضواً في طريقها للوفاء بتعهد بإنفاق ما لا يقل عن 2 % من الناتج المحلي على الدفاع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ماكرون يعد «بالعمل حتى مايو 2027» موعد نهاية ولايته

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يعد «بالعمل حتى مايو 2027» موعد نهاية ولايته

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأحد)، «بالعمل حتى مايو (أيار) 2027»، موعد نهاية ولايته، رغم أن معسكره يجد نفسه في موقف حرج في مواجهة اليمين المتطرف، قبل أسبوع من الانتخابات التشريعية، مع إقراره بـ«وجوب إحداث تغيير عميق في كيفية الحكم»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال ماكرون، في رسالة إلى الفرنسيين نشرتها الصحافة، إن «الحكومة المقبلة، التي ستعكس بالضرورة تصويتكم، آمل أن تجمع الجمهوريين من تيارات مختلفة، بعد أن يكونوا قد عرفوا عبر شجاعتهم كيف يواجهون المتطرفين».

وقبل أسبوع من موعد الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، ما زال معسكر الرئيس الفرنسي يسعى لتقليص تأخره عن ائتلاف اليسار، وخصوصاً اليمين المتطرف الأوفر حظاً، متعهّداً «تغييراً» وحكماً أكثر قرباً من الشعب.

وقال رئيس الوزراء غابريال أتال، خلال مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية: «أياً تكن النتائج سيكون هناك ما قبل وما بعد».

وأضاف أتال، الذي يقود حملة معسكر ماكرون الانتخابية: «في نهج الحوكمة يجب أن يكون الأداء أفضل (...) في البحث عن ائتلافات مع الفرنسيين والمجتمع المدني».

وأكد أن ماكرون الذي انتُخب رئيساً عام 2017، ثم فاز بولاية ثانية عام 2022، يؤيد هذا التوجّه. وشدّد على أن الرئيس «أيقن تماماً وجوب إحداث تغيير في طريقة العمل والنهج والجوهر».

وأظهر استطلاعان للرأي أجريا مؤخراً أن التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاءه سيحصدون ما بين 35.5 و36 في المائة من الأصوات، متقدماً على «الجبهة الشعبية الجديدة»، تحالف أحزاب اليسار (27 إلى 29.5 في المائة)، وعلى معسكر ماكرون (19.5 إلى 20 في المائة).

بدورها، أقرّت رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل برون - بيفيه، في تصريح لقناة «بي إف إم تي في»، بأن معسكر ماكرون اتّبع نهجاً «عمودياً»، وأوضحت: «أعتقد أننا لم ننشئ رابطاً مع الفرنسيين في السياسات التي اتّبعناها».

هذه الانتقادات للرئيس ليست جديدة، وقد سعى لمعالجتها عبر خطوات على غرار «الحوار الوطني»، المبادرة التي أطلقها لمحاورة هيئات مدنية بعد انتفاضة «السترات الصفراء»، التي شارك في إطارها عامي 2018 و2019 مئات الآلاف في مظاهرات ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.