مع دخول الغزو الروسي عامه الثالث... أوكرانيا في موقف دفاعي

جنود أوكرانيون يقومون بتشغيل مدفع ألماني مضاد للطائرات بالقرب من مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)
جنود أوكرانيون يقومون بتشغيل مدفع ألماني مضاد للطائرات بالقرب من مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)
TT

مع دخول الغزو الروسي عامه الثالث... أوكرانيا في موقف دفاعي

جنود أوكرانيون يقومون بتشغيل مدفع ألماني مضاد للطائرات بالقرب من مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)
جنود أوكرانيون يقومون بتشغيل مدفع ألماني مضاد للطائرات بالقرب من مدينة أوديسا بجنوب أوكرانيا (إ.ب.أ)

يدخل الغزو الروسي عامه الثالث وأوكرانيا في وضع ضعيف؛ بسبب تلاشي المساعدات الغربية، بينما تكتسب الآلة العسكرية الروسية قوة مع تحقيقها مكاسب جديدة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «عملية عسكرية خاصة»، فجر 24 فبراير (شباط) 2022، توقع كثيرون نصراً لموسكو في غضون أيام، لكن أوكرانيا تصدّت للهجوم وأرغمت القوات الروسية أكثر من مرة على تراجع مذلّ.

غير أن أوكرانيا مُنيت بانتكاسات مع فشل هجومها المضاد في 2023. وفي المقابل تمكّن الجيش الروسي من بناء موقع قوة بفضل ازدهار الإنتاج الحربي، في حين تعاني القوات الأوكرانية من نقص في القوة البشرية وفي الذخيرة التي يزودها بها الغرب للمدفعية والدفاعات الجوية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس (الجمعة)، إن القرارات المتعلقة بإمدادات الأسلحة ينبغي أن تكون «الأولوية».

ولمناسبة الذكرى، سيتوافد زعماء غربيون، من بينهم رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي أشادت بـ«المقاومة الاستثنائية» لأوكرانيا لدى وصولها إلى كييف (السبت).

كما وصلت وزيرة الخارجية الإيطالية جورجيا ميلوني، ونظيرها الكندي جاستن ترودو.

وستترأس ميلوني اجتماعاً افتراضياً لـ«مجموعة السبع» حول أوكرانيا، بحضور الرئيس فولوديمير زيلينسكي. ومن المتوقع أن يناقش الاجتماع فرض عقوبات جديدة على موسكو.

لكن المشهد العام يظل قاتماً بالنسبة لكييف؛ بسبب عرقلة الكونغرس حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار. ويضاف هذا إلى التأخير في وصول إمدادات أوروبية موعودة.

وجدّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، دعواته للمشرّعين الجمهوريين للإفراج عن التمويل الإضافي، محذراً من أن «التاريخ يرصد، والإخفاق في دعم أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة لن يُنسى».

وقال القائد الأعلى للجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، (السبت)، إن أوكرانيا ستنتصر على «الظلام» الروسي. وكتب على «تلغرام»: «أنا مقتنع أن انتصارنا يكمن في الوحدة. وهذا سيحدث بالتأكيد؛ لأن النور دائماً ينتصر على الظلام».

«الحرب حياتنا»

والسبت، تفقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قواته في مناطق تحتلها في أوكرانيا، وقال للجنود في أحد مراكز القيادة: «اليوم، من حيث نسبة القوات، فإن الأفضلية لنا».

وجاء في بيان الجيش أن شويغو أُبلغ بأن القوات الروسية في وضع هجومي بعد السيطرة على مدينة أفدييفكا الصناعية الاستراتيجية.

وتكثّف روسيا هجومها في الشرق، وكانت بلدة ماريينكا المدمرة بالقرب من دونيتسك آخر النقاط الساخنة التي استولت عليها بعد أفدييفكا شديدة التحصين في 17 فبراير.

وتضرر الاقتصاد الأوكراني أيضاً؛ بسبب إغلاق المزارعين البولنديين الحدود؛ ما «يهدد الصادرات، ويعطل تسليم الأسلحة» بحسب كييف.

في كييف تخيم أجواء قاتمة، لكن لا تخلو من التحدي. ويقول الأهالي إنهم باتوا معتادين على ظروف الحرب.

وقالت خبيرة التغذية، في كييف، أولغا بيركو: «بالنسبة لنساء أوكرانيا، نتألم لأزواجنا وأبنائنا وآبائنا».

أضافت: «أود حقاً أن ينتهي هذا في أسرع وقت».

وقال يوري باسيتشنيك، رجل أعمال يبلغ 38 عاماً: «نعم، بالطبع تعلمنا كيف نتعايش معها... الحرب الآن هي حياتنا».

جنود روس يسيرون وسط الأنقاض بالقرب من سيارة مدمرة في أفدييفكا بأوكرانيا (رويترز)

وقال كوستيانتين غوفمان (51 عاماً): «أعتقد بأننا بحاجة إلى مزيد من الأسلحة حتى نتمكّن من طرد هذه الروح الشريرة من أرضنا، والبدء في إعادة بناء أوكرانيا».

وتحتاج أوكرانيا إلى نحو نصف تريليون دولار لإعادة بناء البلدات والمدن التي دُمّرت في الغزو الروسي، وفقاً لأحدث تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية.

وتُقدّر أوكرانيا أن نحو 50 ألف مدني قُتلوا.

نفاد الذخيرة

ولم يعلن أي من الطرفين أعداد القتلى والجرحى العسكريين، في حين تؤكد كل جهة إلحاقها بالجهة الأخرى خسائر فادحة.

في أغسطس (آب) 2023 نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن حصيلة الخسائر العسكرية لأوكرانيا بلغت 70 ألف قتيل و120 ألف جريح.

وأشارت تسريبات استخباراتية أميركية في ديسمبر (كانون الأول) إلى مقتل أو جرح 315 ألف عسكري روسي.

وعلى الجبهة الشرقية تنخفض المعنويات في وقت تتكبد فيه القوات الأوكرانية خسائر على الأرض أمام القوات الروسية التي تتفوق عليها عدداً وعتاداً.

وقال جندي قرب باخموت، طالباً عدم الكشف عن هويته: «نفدت الذخائر لدينا والروس يواصلون التقدم. عدد كبير من رفاقنا أُصيبوا أو أسوأ من ذلك. كل شيء يزداد سوءاً».

وأعلنت بريطانيا (السبت) حزمة عسكرية جديدة بقيمة 245 مليون جنيه إسترليني (311 مليون دولار) للمساعدة في تعزيز إنتاج «ذخائر مدفعية تشتد الحاجة إليها» لأوكرانيا، في حين شدد رئيس الوزراء ريشي سوناك، في بيان سابق تزامَن مع ذكرى الحرب، على أن «الطغيان لن ينتصر أبداً».

وعززت موسكو إنتاجها من الأسلحة بشكل كبير، وحصلت على مسيّرات من إيران، في حين تقول كييف إنها تأكدت من استخدام روسيا صواريخ كورية شمالية.

وقال زيلينسكي، في ديسمبر، إن الجيش يسعى لتعبئة ما يصل إلى 500 ألف جندي إضافي. وأثار مشروع قانون بهذا الخصوص مخاوف واسعة النطاق.

وتسببت الحرب في عزلة أكبر لروسيا عن الغرب، مع فرض الولايات المتحدة وحلفائها سلسلة من العقوبات.

لكن بوتين تجاهل التداعيات وأشاد بالجنود،عادّاً أنهم «أبطال وطنيون حقيقيون».

واستغل بوتين فترة الحرب لحشد المشاعر الوطنية، وشنّ حملة قمع أشد قسوة على المعارضة، في حين أن قلة من الأشخاص يتجرأون على التعبير عن معارضتهم للحرب.

ومع وفاة أبرز معارضي الكرملين، أليكسي نافالني، في السجن خلت الساحة أمام بوتين، المتوقع أن يحظى بولاية جديدة في الانتخابات الشهر المقبل.

في شوارع موسكو أكد معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم «وكالة الصحافة الفرنسية» دعمهم للجنود الذين يحاربون في أوكرانيا.

وقالت نادجدا، المهندسة في مجال البيئة، والبالغة 27 عاماً: «أنا فخورة برجالنا».

أضافت: «بالطبع أنا قلقة عليهم، لكن من المطمئن أنهم بخير. يحاربون من أجل وطننا».

لكن كونستانين، أستاذ الدراما والذي يعمل حالياً نادلاً، كان له رأي مغاير وقال: «أنا ضد كل الحروب. مر عامان ويزعجني أن الناس لا يستطيعون التحدث لبعضهم البعض ولا يزالون في حرب».


مقالات ذات صلة

ترمب سيلتقي مع بوتين «سريعاً جداً» بعد تنصيبه

أوروبا دونالد ترمب يصافح فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)

ترمب سيلتقي مع بوتين «سريعاً جداً» بعد تنصيبه

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إنه سيلتقي نظيره الروسي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «سريعاً جدّاً» بعد تنصيبه الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا قناصة روس يغيِّرون موقعهم لإطلاق النار على القوات الأوكرانية من مكان غير معلوم (وزارة الدفاع الروسية- أ.ب)

أوكرانيا تشن هجوماً ضخماً على روسيا وتستهدف مصنعاً يزوِّد القاذفات الروسية للمرة الثانية

أوكرانيا تشن هجوماً بطائرات مُسيَّرة، استهدف عدة مناطق روسية، وألحق الضرر بكثير من المواقع، منها مصنع كيميائي لوقود الصواريخ والذخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا دبابة أوكرانية بعد أن أصابتها طائرة من دون طيار روسية بالقرب من مستوطنة فوزدفيزينكا شرق أوكرانيا (أ.ب)

موسكو تتهم كييف بإطلاق صواريخ غربية في هجوم استهدف مصنعاً عسكرياً

أعلن الجيش الروسي اليوم (الثلاثاء) أن أوكرانيا أطلقت صواريخ غربية في هجومها على الأراضي الروسية ليلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في كييف (د.ب.أ)

زيلينسكي يناقش مع وزير الدفاع الألماني بناء درع شاملة للدفاع الجوي

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه ناقش مع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بناء درع شاملة للدفاع الجوي، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
TT

مستشار بوتين: أوكرانيا ومولدوفا قد تفقدان استقلالهما

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)
انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف أثناء غارة روسية، وسط هجوم روسيا على أوكرانيا، 14 يناير 2025 (رويترز)

قال مستشار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ومولدوفا يمكن أن تفقدا وضعهما كدولتين مستقلتين، وذلك في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية نُشرت اليوم الثلاثاء.

وقال نيكولاي باتروشيف، السكرتير السابق لمجلس الأمن القومي الروسي: «لا يمكن استبعاد أن تختفي أوكرانيا من الوجود هذا العام»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

أما بالنسبة لمولدوفا، فقال إنه من المرجح «أن تنضم إلى دولة أخرى أو تختفي من الوجود تماماً».

يذكر أن باتروشيف مساعد مقرب من بوتين ومدافع عن مزاعم القوة العظمى لروسيا، على الرغم من أنه مسؤول فقط عن سياسة الشحن في الكرملين منذ عام 2024.

صورة تظهر دماراً نتيجة هجوم صاروخي روسي في زابوريجيا، أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وأوضح باتروشيف أن موسكو لن تقبل بتسوية سلمية مع أوكرانيا إلا إذا احتفظت بشبه جزيرة القرم التي ضمتها، وكذلك مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية.

وفيما يتعلق بخطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الحرب، قال باتروشيف: «أفترض أن محادثات بشأن أوكرانيا بين روسيا والولايات المتحدة يجب أن تتم دون مشاركة دول غربية أخرى».

وأضاف أنه لا يوجد ما يمكن مناقشته مع الاتحاد الأوروبي أو مع المملكة المتحدة.