خبير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: خطوط الدفاع الأوكرانية معرّضة للخطر... والجيش يعاني نقص الاحتياطات

يرى غلين غرانت في تصريحات ترمب الأخيرة عن الناتو «هدية» و«ضوءاً أخضر» لبوتين لمهاجمة عدد من الدول

الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يلقي محاضرة في فبراير 2019 (فيسبوك غلين غرانت)
الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يلقي محاضرة في فبراير 2019 (فيسبوك غلين غرانت)
TT

خبير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: خطوط الدفاع الأوكرانية معرّضة للخطر... والجيش يعاني نقص الاحتياطات

الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يلقي محاضرة في فبراير 2019 (فيسبوك غلين غرانت)
الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يلقي محاضرة في فبراير 2019 (فيسبوك غلين غرانت)

في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، تحدّث الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت Glen Grant عن الوضع على الجبهة الأوكرانية الروسية، مع اقتراب دخول الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثالث. وسلّط الضوء على التحديات التي يواجهها الجيش الأوكراني، مؤكداً أن روسيا تقضم الأراضي الأوكرانية تدريجياً، مستفيدة من تفوقها العددي وأخذها العِبر من الأخطاء العسكرية السابقة.

وفيما يتعلق بتعيين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً، أولكسندر سيرسكي قائداً جديداً للجيش الأوكراني ليحلّ مكان فاليري زالوجني، أعرب غرانت عن شكوكه بشأن النتائج الميدانية المحتملة لهذا التعيين. وأرجع هذه الشكوك إلى تضاؤل الدعم العسكري لأوكرانيا، وفشل زيلينسكي في بدء حملة تجنيد، وانتماء سيرسكي إلى المدرسة العسكرية السوفياتية القديمة، على غرار سَلَفه زالوجني. وعلى الرغم من هذه المخاوف، رأى غرانت إمكانية تجاوز سيرسكي التوقعات وتحقيق الجيش الأوكراني نتائج إيجابية في الميدان.

وحذّر الخبير العسكري من خطورة التدخل السياسي في قرارات الجيش الأوكراني، مؤكداً أن عدم معرفة القيادة السياسية الأوكرانية بالشؤون العسكرية، إلى جانب تعيين سيرسكي بقرار سياسي في المقام الأول، يمكن أن يؤثرا سلباً على أداء الجيش الأوكراني.

الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يحاضر في الطلاب العسكريين حول تحسين إدارة الدفاع وتدريب الجنود في العاصمة الأوكرانية كييف 25 يناير 2024 (فيسبوك غلين غرانت)

وانتقد غرانت بشدةٍ التصريح الأخير الذي أدلى به دونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، والذي قال فيه إنه إذا جرى انتخابه رئيساً لأميركا في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإنه سيشجع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في حلف الناتو الذين لا يحققون أهداف الإنفاق الدفاعي المتفَق عليها للحلف.

واعتبر غرانت كلام ترمب هدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضوءاً أخضر لروسيا لمهاجمة عدد من الدول في المستقبل. ويرى أن تصريحات ترمب وانتخابه رئيساً للولايات المتحدة سيشكّلان تهديداً كبيراً لأمن النظام العالمي والحضارة الغربية.

وأعرب غرانت عن افتخاره بالمساعدات الكبيرة التي قدّمتها بريطانيا العظمى لأوكرانيا، ولفت إلى التحديات التي تواجه هذا الدعم البريطاني، مشيراً إلى نقص المخزونات لدى الجيش الملكي. ومع ذلك، أكّد أن لندن تشارك بنشاط في تأمين مساعدات إضافية للجيش الأوكراني.

هذا أبرز ما جاء في الحوار:

- مع اقتراب العام الثاني من الحرب من نهايته، هل يمكنك إطلاعنا على حالة الجيش الأوكراني على خط المواجهة؟

خط المواجهة حالياً في حالة حرِجة، والجيش الأوكراني بأمسّ الحاجة للإمدادات. إن هذه الإمدادات أمر بالغ الأهمية. خط الجبهة الأوكرانية بات هشاً، ويعاني الجيش نقصاً حاداً بالاحتياطات بسبب الخسائر المستمرة في الجنود لمدة عام، دون تجديد (تجنيد) كافٍ للقوات. هذه الصعوبات تبرز أيضاً بوصفها مسؤولية حكومية بشكل كبير. لم يتخذ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطوات لدعم أو سَن القوانين اللازمة في البرلمان الأوكراني لتعبئة الناس في الجيش. ويبدو أن هذا التردد لدى زيلينسكي مدفوع بإحجامه عن إحداث ارتباك في البلد، خصوصاً مع الانتخابات المقبلة التي يسعى للفوز بها.

جنود أوكرانيون من الحرس الوطني الأوكراني يحرسون في موقع بمنطقة كوبيانسك ليمان شرق أوكرانيا 10 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

- كيف ترى الوضع الحالي للجيش الروسي على الجبهة؟

على الجانب الروسي من خط المواجهة، لا يزال الفساد العسكري يمثل مشكلة كبيرة. ومع ذلك فإن الروس يأخذون العِبر من أخطائهم السابقة، ويكيّفون استراتيجياتهم، ولا سيما التكيّف مع تقنيات المسيّرات. لا ينبغي أبداً الاستهانة بقدرات الجيش الروسي.

وتتقدم روسيا باستمرار على خط المواجهة عبر قضم الأراضي الأوكرانية قطعة قطعة، مستفيدة من تفوّق جيشها عددياً. وتسمح هذه الاستراتيجية المستمرة للروس بمهاجمة المناطق ذات الدفاعات الضعيفة، وهو ما يتجسد في الهجوم الحالي بأماكن مثل أفدييفكا. هذا النهج يُجبر الأوكرانيين على نشر قوات احتياطية للحفاظ على سيطرتهم على القرى والبلدات، كما رأينا سابقاً في باخموت، حيث تكبّد الأوكرانيون خسائر كبيرة للبقاء في موقع لم يكن بإمكانهم الاحتفاظ به عسكرياً، وهي حقيقة واضحة (بمعنى خطأ واضح) يراها أي محلّل خبير في الشأن العسكري.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقائد العام للقوات المسلّحة الأوكرانية الجنرال أولكسندر سيرسكي يتصافحان بعد اجتماع مع كبار القادة العسكريين المعيّنين حديثاً وسط هجوم روسيا على كييف بأوكرانيا 10 فبراير 2024 (رويترز)

- كيف تقيّم قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باستبدال أولكسندر سيرسكي بقائد الجيش الأوكراني السابق فاليري زالوجني؟

يتقاسم قائد الجيش الأوكراني الجديد أولكسندر سيرسكي نهج المدرسة القديمة مع سَلَفه فاليري زالوجني، هو نهج المدرسة السوفياتية الذي تنتهجه كذلك المؤسسة العسكرية الروسية. السؤال يكمن هنا في أنه مع تولي سيرسكي المسؤولية الآن، هل سيُحدث فرقاً ملحوظاً عن سَلَفه على الجبهة؟ يعتقد بعض الموظفين المحيطين بسيرسكي أنه سيكون أكثر انفتاحاً على السماح للقادة الأوكرانيين بالقتال بالطريقة الأفضل لهم. ومع ذلك فإن تعيينه بقرار سياسي يثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكنه مواجهة مطالبة زيلينسكي له بالاحتفاظ بالخط الأمامي للجبهة (التدخلات السياسية).

ستشكل طلبات القيادة السياسية تحدياً استثنائياً لسيرسكي. قد لا نشهد أفضل ما لديه؛ نظراً لإمكانية اتباعه الأوامر السياسية.

ومع ذلك، غالباً ما يُظهر الناس سلوكيات مختلفة عندما يكونون في السلطة. ينبغي منح سيرسكي الفرصة لعرض أكثر مما هو معروف عنه. في تجربتي العسكرية الواسعة، رأيت أفراداً يتولّون المسؤولية ويتطورون إلى أشخاص مختلفين عما كان متوقعاً منهم. ومع ذلك، باعتباره نتاجاً للمدرسة العسكرية الروسية، أظهر سيرسكي، في المقام الأول، موقفاً وأسلوباً يتوافقان بشكل وثيق مع النهج العسكري الروسي التقليدي.

- هل يستطيع القائد الأعلى الجديد للجيش الأوكراني أن يحافظ بشكل فعّال على خط الدفاع وأن يُطلق هجوماً مضاداً ضد الروس؟

سرعة الاستنزاف في ساحة المعركة الأوكرانية مرتفعة بشكل كبير، ما يشير إلى أنه كان ينبغي على الأوكرانيين أن يفكّروا باستمرار في هذه المسألة، متوقّعين تباطؤ واستنفاد الإمدادات، وهو الأمر المستمر الآن منذ ثلاثة أشهر. ومن غير المرجّح أن يجري تجديد الإمدادات بسرعة، لا يستطيع الأوكرانيون فجأة الحصول على طائرات مقاتِلة أو مزيد من الدبابات.

إنّ إصرار الأوكرانيين على الحفاظ على خط الدفاع الأمامي، مع تكبّد الخسائر دون استراتيجية إمداد مستدامة، يُعرّض مستقبلهم للخطر بشكل أساسي، حيث لا يمكن للجنود المتوفّين المساهمة في معارك الغد. ويستلزم هذا الوضع تحولاً في النهج الأوكراني تجاه الحرب، مقارنة بالنهج الحالي. وبدلاً من الاعتماد فقط على الهجوم المضادّ التقليدي، قد يحتاج الأوكرانيون إلى تبنّي استراتيجية عسكرية أكثر دقة... ويتطلب التغلب على التحديات بشكل فعال خطة عسكرية دقيقة واستراتيجية في غياب تعزيزات فورية للموارد.

صورة نُشرت في 14 فبراير 2024 تُظهر القائد الأعلى للقوات المسلّحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي (الثاني من اليسار) ووزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف (يسار) يزوران مواقع الخطوط الأمامية في مكان غير معلوم بشرق أوكرانيا (أ.ف.ب)

- أشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في تعليقاته الأخيرة، إلى نيته تشجيع روسيا على مهاجمة حلفاء في «الناتو» إذا فشلوا في تلبية ما جرى الاتفاق عليه من أهداف الإنفاق الدفاعي للحلف. بصفتك خبيراً عسكرياً في دولة عضو بحلف شمال الأطلسي «الناتو»، كيف تُقيّم هذه التصريحات؟ وما وجهة نظرك حول تأثير الفوز المحتمل لترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة على حلف الناتو وأوكرانيا؟

إذا نجح ترمب في الفوز بالانتخابات، أتوقّع أن تصبح أوكرانيا شأناً هامشياً (بالنسبة لإدارة ترمب). ويمتدّ الخطر المحتمل إلى ما هو أبعد من أوكرانيا ليشمل العالم الغربي بأكمله. توفّر تعليقات ترمب الضوء الأخضر ﻟلرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما يمكّنه، في المستقبل، من مهاجمة عدد من الدول. هذه التعليقات ليست غبية إلى حد لا يُصدَّق فحسب، بل تشكّل أيضاً تهديداً غير عادي للحضارة الغربية، ولا يؤثر هذا التهديد على الغرب فحسب، بل أيضاً على اليابان، وتايوان وغيرها من الدول. يقوم ترمب بتفكيك النظام الغربي دون تقديم أي بدائل جوهرية، وهو يفعل ذلك من أجل إظهار قوّته الشخصية وإرضاء غروره.

ما نحن بحاجة ماسّة إليه هو رئيس أميركي يدافع بسرعة عن حلف شمال الأطلسي «الناتو» ضد أي عدوان ممكن من إيران أو كوريا الشمالية أو أي تهديدات محتملة أخرى، في حين يبعث الرئيس الأميركي أيضاً رسالة واضحة إلى الصين مفادها أنه لن يجري التسامح مع الاستفزازات. تعليقات ترمب الأخيرة تهدّد بشكل خطير بتفكيك النظام العالمي بأكمله.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (في الوسط) وقائد القوات البرية الأوكرانية الجنرال أولكسندر سيرسكي (إلى اليمين) ينظران إلى الخريطة أثناء زيارتهما مدينة كوبيانسك الواقعة على خط المواجهة بمنطقة خاركيف في أوكرانيا 30 نوفمبر 2023 (أ.ب)

- ما مدى أهمية المساعدات الأميركية المقترحة في الكونغرس لأوكرانيا بقيمة 60 مليار دولار؟ وهل يمكن أن تساعد في وقف التقدم الروسي على خط الجبهة؟

ستكون المساعدات الأميركية البالغة 60 مليار دولار مفيدة تماماً لأوكرانيا، وتُلبي حاجة مُلحّة في الوقت الحالي، إذا جرى إقرارها. ومن الممكن أن تساعد هذه المساعدة أوكرانيا بالفعل في الحفاظ على خط الدفاع على الجبهة. لقد بدأ بوتين الحرب العالمية الثالثة بالفعل، والسؤال الرئيسي الآن عما إذا كان من الممكن منع الروس من الدخول في صراع واسع النطاق، أو ما إذا كان الوضع سينحدر إلى نحوٍ لا رجعة فيه. والجهة الوحيدة القادرة على منع هذا الانحدار هي الولايات المتحدة الأميركية. إذا استمرت روسيا بحربها دون رادع، فإن العواقب العالمية ستكون وخيمة، ومن المرجّح أن تستخلص الصين الدروس من هذا الوضع.

الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت يحاضر في أوكرانيا يناير 2024 (فيسبوك غلين غرانت)

- بصفتك مواطناً وخبيراً بريطانياً، كيف تُقيّم موقف الحكومة والجيش والمخابرات البريطانية في مساعدة الجيش الأوكراني؟

أنا فخور جداً بما أنجزته المملكة المتحدة حتى الآن من مساعدات كبيرة لأوكرانيا. يكمن التحدي الآن في موارد جيشنا المحدودة المتبقية، على الرغم من أننا لا نزال نسعى جاهدين للحصول على الإمدادات من بلدان أخرى لمساعدة أوكرانيا.

حتى الآن، أنا فخورٌ حقاً بالموقف الذي أظهرته بريطانيا، بما في ذلك الحكومة والبرلمان، حيث أظهروا قدراً كبيراً من القوة والصلابة والقدرة على التكيف.

لقد أكّدت سابقاً أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على مساعدة أوكرانيا بشكل فعّال لتنتصر بالحرب، ولكن يتعيّن عليّ الآن أن أشير أيضاً إلى أن الهند تمتلك كذلك المُعدات والذخائر اللازمة والقدرة على دعم انتصار أوكرانيا بشكل كبير. الهند، بأعدادها الكبيرة وكتلتها الهائلة، لديها القدرة على المساهمة بشكل كبير في هذه القضية، وتقديم مساعدة كبيرة لأوكرانيا.

الخبير العسكري البريطاني غلين غرانت (متداولة)

من هو الخبير العسكري غلين غرانت؟

مِن قدامى المحاربين في الجيش البريطاني، خَدَم غلين غرانت في الجيش لمدة 37 عاماً، وعمل أثناء خدمته ملحقاً دفاعياً في فنلندا وإستونيا ولاتفيا. وبعد تقاعده من الجيش، كرّس نفسه لجهود إصلاح الدفاع العسكري. يشارك حالياً بشكل فاعل في مشاريع تغطي أكثر من 10 دول في أوروبا الشرقية وتشيلي. وينقل غلين خبرته من خلال إلقاء المحاضرات في كلية ريغا للأعمال، في لاتفيا، مع التركيز، في المقام الأول، على الإستراتيجية وإدارة الموارد البشرية وإدارة الأزمات.

ويعمل غرانت في أوكرانيا بصفته خبيراً في شؤون الدفاع والأمن، ويلقي محاضرات للجيش الأوكراني.


مقالات ذات صلة

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

أوروبا رجال إطفاء أوكرانيون يعملون في مكان ما بعد هجوم جوي في دنيبرو وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

كييف تسعى إلى إقناع ترمب بجدوى الاستثمار في مواردها لمواصلة دعمها

تكافح أوكرانيا من أجل الاحتفاظ بأوراقها التي قد تتيح لها التوصل إلى اتفاق متوازن، بعدما بات من شبه المؤكد أن الإدارة الأميركية الجديدة مقبلة على هذا الخيار.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا الجيش الأميركي يختبر نظام صواريخ «أتاكمس» في نيومكسيكو (أ.ف.ب)

اجتماع لمجلس «الناتو - أوكرانيا» لبحث دعم كييف والضربة الصاروخية الروسية

يعقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا الثلاثاء اجتماعا في بروكسل على مستوى السفراء، لبحث التصعيد على الجبهة وإطلاق صاروخ روسي باليستي فرط صوتي على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل) «الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا تظهر هذه الصورة التي نشرتها قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على «تلغرام» يوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024... حطام صاروخ «أتاكمس» الذي تم العثور عليه في أراضي مطار كورسك في روسيا (قناة وزارة الدفاع الروسية الرسمية على تلغرام - أ.ب)

روسيا: أوكرانيا شنّت ضربتين باستخدام صواريخ «أتاكمس» الأميركية

أعلنت روسيا اليوم الثلاثاء أنها تعرضت في الأيام الأخيرة لضربتين أوكرانيتين نُفّذتا بصواريخ «أتاكمس» الأميركية، السلاح الذي توعدت موسكو برد شديد في حال استخدامه

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا امرأة تمشي خارج مبنى السفارة البريطانية في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

روسيا تطرد دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس

أعلنت روسيا، الثلاثاء، أنها طردت دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس، في أحدث ضربة للحالة المتدهورة بالفعل للعلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
TT

​ميركل لم تندم على قرار إدخال اللاجئين السوريين رغم أنه دفعها للتقاعد

كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)
كتاب ميركل «حرية» طرح للبيع في مكتبة ببرلين (رويترز)

لم تبد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أي ندم حول قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين عام 2015، رغم اعترافها بأن هذا القرار كان «نقطة تحول» بالنسبة إليها، وكان سبباً أساسياً في تقاعدها السياسي، وكاد أن يدفعها للخروج أبكر من الحياة السياسية.

وفي كتابها «حرية» الذي صدر الثلاثاء، وجاء مترجماً إلى 30 لغة، كتبت ميركل تفاصيل قرارها التاريخي الذي أدخل أكثر من مليون سوري إلى ألمانيا، وتسبب في دخول حزب يميني متطرف، هو «البديل من أجل ألمانيا»، في البرلمان للمرة الأولى منذ هزيمة النازيين.

وبرّرت ميركل ذلك في كتابها الممتد لـ700 صفحة، بأنه كان القرار الإنساني الوحيد الذي كان بإمكانها اتخاذه أمام صور عشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا براً وبحراً. وقالت إنه من الناحية القانونية، كان رفض السماح لهم بالدخول إلى ألمانيا «مبرراً»، استناداً لـ«اتفاقية دبلن» التي تنظم اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، وتفرض على الدولة الأولى التي يدخل إليها اللاجئ أن تنظر في الطلب، ما يعني أن العبء الأساسي كان يقع آنذاك على إيطاليا واليونان.

المستشارة السابقة أنجيلا ميركل بعد إعلانها تقاعدها في مؤتمر حزبها «المسيحي الديمقراطي» عام 2017 (أ.ف.ب)

وروت في سيرتها التي كتبتها بنفسها بمساعدة سكرتيرتها القديمة وصديقتها بيته باومان، كيف شغلتها أزمة اللاجئين معظم عام 2015، وروت تلقيها اتصالاً على جوالها يوم الأحد 19 أبريل (نيسان) من ذاك العام من رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي غادة غرق مركب للاجئين قبالة سواحل ليبيا ومقتل المئات. وقالت إن يومها كان عيد ميلاد زوجها يواكيم الـ66، وكانا يعدان لقضاء يوم هادئ سوياً. ولكن اتصال رينزي ألغى كل شيء. فهو كان يستجديها مساعدة بلاده التي لم تعد قادرة على التعامل مع أزمة اللاجئين، وعقد قمة لقادة أوروبا لمناقشة الأزمة. وقالت إن رينزي كان يقول بأن الأزمة لم تعد تتعلق بإيطاليا وحدها بل باتت أزمة أوروبية، ويستجدي ألا تترك إيطاليا وحدها. وأكدت حين ذلك، بحسب روايتها، أن رينزي كان محقاً.

وبقيت أزمة اللاجئين طاغية في الأشهر التي تلت ذلك، وكانت أعداد الواصلين إلى ألمانيا تتضاعف يومياً. وتروي في كتابها عن اتصال تلقته من مستشار النمسا آنذاك فيرنر فايمان يوم الجمعة 4 سبتمبر (أيلول)، وصف لها أن الطرقات السريعة في النمسا مليئة باللاجئين الذين يعبرون الحدود من المجر ويدخلون إليها. كان فايمان يطلب بتقاسم الأعباء بين ألمانيا والنمسا. وكتبت: «لم يشأ فايمان اتخاذ القرار بنفسه. المسؤولية كانت تقع على عاتقي، وأنا كنت مصرة على قبولها. كنا نواجه كارثة إنسانية». وروت كيف تشاورت مع الحزب «الاشتراكي» الذي كان يشاركها الحكومة قبل اتخاذ القرار، وكيف لم يعارض الحزب السماح للاجئين بالدخول. ولكنها لم تتمكن من الاتصال بوزير داخليتها آنذاك هورست زيهوفر، الذي كان أيضاً زعيم الحزب «المسيحي البافاري»، وهو الحزب الشقيق لحزبها. واصطدمت آنذاك ميركل مع زيهوفر بشأن سياسة الهجرة، فهو كان معارضاً شديداً لقرارها. ولكن في تلك الليلة، قالت ميركل إنها لم تتمكن من الحديث معه، بغض النظر عن عدد المرات التي حاولت الاتصال به. وبعد أن تأكدت من قانونية «فتح الأبواب» أمام اللاجئين، أصدرت قرابة الساعة 11 ليلاً، بياناً مشتركاً مع مستشار النمسا نشراه على «فيسبوك»، يقولان فيه إنه يمكن للاجئين دخول ألمانيا والنمسا. وقالت إنهما اختارا النشر على «فيسبوك»، لأنهما اعتقدا بأن اللاجئين يعتمدون على التطبيق لجمع المعلومات.

وما تبع ذلك، هو رواية ميركل للردود على قرارها، من استياء وزير داخليتها، إلى الانتقادات التي تلقتها، منها من الصحافة المحافظة. وقالت إن قرارها أحدث شرخاً ليس فقط داخل حزبها، ولكن أكثر مع الحزب «المسيحي البافاري» الشقيق الذي كان على الجهة المعاكسة منها في سياستها تجاه اللاجئين. وكتبت: «لقد رأيت أن سياسة الهجرة أصبحت نقطة تحول في ولايتي... ولكن ليس فقط منذ ذلك الحين كنت أفكر فيما إذا كنت سأترشح لولاية جديدة عام 2017، بل بدأت بالتفكير في ذلك بداية عهدي الثالث عام 2013».

وروت أنها تحدثت عن هذا الموضوع مع الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، حيث تربطها علاقة شخصية قوية معه. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، زار أوباما برلين في زيارة وداعية، وقالت إنهما التقيا في فندق أدلون في 16 نوفمبر على العشاء، وأخبرته أنها تفكر في التقاعد وعدم الترشح مجدداً العام المقبل. وكتبت عن ذلك: «كنا نجلس معاً فقط، وكان يسأل سؤالاً من هنا وآخر من هناك لمساعدتي على التوصل إلى قرار، ولكن عدا ذلك احتفظ برأيه لنفسه. أحسست بأنه أراد أن يؤكد على استمراري بالمسؤولية... وقال إن أوروبا ما زالت بحاجة إلي، ولكن في النهاية علي أن أتبع حدسي».

وفي النهاية قالت ميركل إنها قررت الترشح مرة جديدة، بالفعل فاز حزبها بنسبة 33 في المائة، وهو معدل أقل من الانتخابات التي مضت، ولكنه كان ما زال فوزاً كبيراً. ولكن قرارها بالتقاعد بقي يلاحقها، والهوة بين حزبها والحزب «المسيحي البافاري» الشقيق ظلت تتسع بسبب سياسة الهجرة، حتى اتخذت القرار أخيراً وأعلنته بعد عام إثر خسائر في انتخابات محلية مُني بها حزبها، بشكل أساسي بسبب سياسة الهجرة. وكتبت: «لم أعد قادرة على الإكمال بالعمل كالعادة». ورغم قرارها عدم الترشح مرة جديدة لزعامة حزبها، فقد قالت إنها كانت واثقة في أنها كانت لتنتخب مرة جديدة، لو أنها ترشحت «وإن بأغلبية ضئيلة».

صورة أرشيفية للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل وباراك أوباما (أ.ب)

وبالفعل، غادرت ميركل منصبها، وكانت شعبيتها لا تزال مرتفعة رغم الانتقادات التي واجهتها بسبب أزمة اللاجئين، ومساهمتها في صعود اليمين المتطرف. وقالت إنه في النهاية، كانت حجج التقاعد أقوى من البقاء، وكتبت: «تطورات أزمة اللاجئين كانت نقطة تحول في عهدي...»، واعترفت بأن قرارها هذا أسهم في زيادة حظوظ «البديل من أجل ألمانيا»، وكتبت عن ذلك: «عام 2013 تأسس (البديل من أجل ألمانيا) بوصفه حزباً معارضاً لليورو، وفشل ولم ينجح في دخول البرلمان. ولكن بعد عامين فقط، كسب زخماً جديداً مستغلاً أزمة اللاجئين».

وفي عام 2017 دخل «البديل من أجل ألمانيا» البرلمان بنسبة 12 في المائة من الأصوات، وهو اليوم حظي بنسبة تصل إلى 19 في المائة، وفق استطلاعات الرأي للانتخابات المقبلة في نهاية فبراير (شباط) المقبل.

وتطرقت ميركل في كتابها لعوارضها الصحية في العامين الأخيرين من عهدها، ونوبات الرعشة التي كانت تتعرض لها. وقالت إن النوبة الأولى حصلت أثناء وقوفها إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين أثناء الاستقبال الرسمي له.

وتكرر مرتين خلال أسابيع قليلة خلال وقوفها إلى جانب زعماء آخرين. وقالت إنها خضعت آنذاك لفحوصات عصبية وداخلية مفصلة من دون أن تظهر علة. وقالت إن طبيباً في النهاية قال لها إن التوتر هو سبب تلك الرعشات. وشرحت أن والدتها كانت قد توفيت خلال تلك الفترة، وأنه لم تتح لها الفرصة لأن تحزن عليها بسبب انشغالها الدائم. وتابعت أنها منذ ذلك الحين، قررت أن تبقى جالسة في كل الاستقبالات الرسمية التي تجريها؛ تفادياً لعودة الرعشة، وهو ما حصل فعلاً.