فرنسا وأوكرانيا توقعان اتفاقية أمنية متعددة الأبعاد

زيلينسكي في باريس في إطار جولة أوروبية بحثاً عن دعم طويل المدى

الرئيسان الفرنسي والأوكراني في لقاء سابق بـ«قصر الإليزيه» 14 مايو الماضي (أ.ب)
الرئيسان الفرنسي والأوكراني في لقاء سابق بـ«قصر الإليزيه» 14 مايو الماضي (أ.ب)
TT

فرنسا وأوكرانيا توقعان اتفاقية أمنية متعددة الأبعاد

الرئيسان الفرنسي والأوكراني في لقاء سابق بـ«قصر الإليزيه» 14 مايو الماضي (أ.ب)
الرئيسان الفرنسي والأوكراني في لقاء سابق بـ«قصر الإليزيه» 14 مايو الماضي (أ.ب)

بعد أسبوع، ستدخل حرب أوكرانيا عامها الثالث، ولا شيء يبشر بقرب انتهائها. والحال أن كييف تتخوف من تراجع الدعم الغربي متعدد الأشكال سياسياً ودبوماسياً ومالياً، وخصوصاً عسكرياً، الذي مكَّنها في العامين الماضيين من الصمود واسترجاع مساحات واسعة من الأراضي التي احتلتها القوات الروسية في الأشهر الأولى من الحرب.

ويعود تخوف رئيسها فولوديمير زيلينسكي، بشكل رئيسي، إلى احتمال تراجع الدعم الأميركي والخلافات المستحكمة بين الإدارة وأعضاء «الكونغرس» من الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب، خصوصاً من عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى «البيت الأبيض» مجدداً، بفضل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ولأن الوضع على هذه الحال، فإن زيلينسكي يركز جهوده على الحلفاء الأوروبيين؛ الأمر الذي يفسر جولته بدءاً من الجمعة على ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وعلى تحشيد الحلف الأطلسي الذي اجتمع وزراء دفاعه الخميس في بروكسل. وحذر أمين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في بروكسل، الخميس، من أن تأخر واشنطن في إقرار المساعدات لأوكرانيا «له بالفعل تداعيات مرئية» على القوات الأوكرانية التي تشكو من نقص الذخيرة والصواريخ المضادة للطائرات والمسيرات والتمويل.

أمين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في حديث مع وزيرة الدفاع الألمانية كاجسا أولنغرين بمناسبة اجتماع الحلف في بروكسل الخميس (رويترز)

وأكثر من ذلك، تتخوف كييف من «سأم» الرأي العام الغربي من حرب لا نهاية لها.

وقالت مصادر رئاسية فرنسية، في معرض تقديمها زيارة زيلينسكي الثالثة من نوعها، بعد زيارتين: في فبراير (شباط) ومايو (أيار) من العام الماضي، إن باريس تريد التركيز على 3 أهداف، أولها «إظهار عزم فرنسا على مواصلة دعم أوكرانيا، وطالما تطلب الأمر ذلك. وثانيها الاستفادة من هذه الفرصة من أجل الاستماع لمطالب كييف في جميع المجالات. وثالثها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومواكبة أوكرانيا في طريقها إلى الانضمام إلى (الاتحاد الأوروبي)».

ووفق بيان صادر عن «قصر الإليزيه»، فإن المحادثات «ستوفر الفرصة لمناقشة الوضع العسكري على جميع الجبهات واحتياجات أوكرانيا العسكرية والاقتصادية والإنسانية، وكذلك التقدم الذي حصل في مفاوضات انضمام كييف إلى (الاتحاد الأوروبي)».

بيد أن الأهمية الأولى للزيارة تكمن في التوقيع على اتفاقية أمنية تندرج في إطار الالتزامات التي تعهَّد بها قادة مجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعاً، على هامش قمة الحلف الأطلسي في فيلنيوس، شهر يوليو (تموز) الماضي. وستكون فرنسا ثاني دولة بعد بريطانيا التي وقَّعت اتفاقية أمنية مع أوكرانيا بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء، ريتشي سوناك، إلى كييف، منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي. ورغم الأسئلة التي انصبَّت على مصادر «الإليزيه» لمعرفة المضمون الحقيقي للاتفاقية، فإن هذه المصادر تحاشت الدخول في التفاصيل تاركةً لماكرون وزيلنسكي الكشف عنها في المؤتمر الصحافي المسائي المشترك للرئيسين.

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

واكتفى «الإليزيه» بتأكيد أن المضمون لن يخرج عن الالتزامات متعددة الأبعاد التي تعهَّد بها قادة «السبع»، ومعهم بقية الدول الأطلسية. جاءت هذه التعهدات على أنها بديل «مؤقت عن انضمام أوكرانيا للحلف الأطلسي. وتنص الاتفاقية البريطانية - الأوكرانية الصالحة لمدة 10 سنوات على إلزام لندن بدعم أوكرانيا في الوقت الحالي، وفي أي صراعات مستقبلية مع روسيا، وعلى تقديم مساعدة عسكرية سريعة وطويلة الأمد».

وبمناسبة زيارته، أعلن سوناك عن تقديم دعم عسكري لأوكرانيا بقيمة 2.2 مليار جنيه إسترليني لعام 2024، بزيادة 200 مليون جنيه عن العام الماضي. ورغم خصوصية كل دولة وسعيها للتركيز على قطاع عسكري معين لمساعدة كييف، فإن المراقبين في باريس لا يتوقعون أن تكون الاتفاقية الفرنسية مختلفة جذرياً عن الاتفاقية البريطانية. وفي أي حال، يستبعد أن تنص على نشر قوات فرنسية في أوكرانيا أو أن تكون القوة النووية الفرنسية معنية بالاتفاقية.

وتجد باريس نفسها في وضع صعب نسبياً، بسبب الاتهامات الموجَّهة لها بأنها متخلِّفة في باب الدعم العسكري لأوكرانيا مقارنة ببريطانيا وألمانيا. وتدَّعي ألمانيا أنها تحتل المرتبة الأولى، وأن بريطانيا تحتل المرتبة الثانية. ووعدت برلين بما يزيد على 7 مليارات يورو لكييف في عام 2024؛ ما يضعها في مقدمة الدول الأوروبية.

وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد طلب من المفوضية الأوروبية أن تحضر ثبتاً بما قدمته كل دولة أوروبية لأوكرانيا في المجال العسكري، كما دعا الأوروبيين لفعل المزيد.

المستشار الألماني أولاف شولتس ينزل من متن مدفع ألماني مضاد للطائرات ذاتي الحركة «فلاكبانزر غيبارد» خلال زيارة برنامج تدريب الجنود الأوكرانيين في بوتلوس بالقرب من أولدنبورغ بألمانيا 25 أغسطس 2022 (رويترز)

وترفض باريس الترتيب الذي قام به معهد «كييل» الألماني الذي يضع فرنسا في المرتبة الـ14، وتؤكد أنها من بين أوائل الدول الداعمة عسكرياً لكييف. ومن المنتظَر، مع نشر نص الاتفاقية، الجمعة، أن توفر باريس مستنداً يتضمن كل أنواع وقيمة الدعم العسكري الذي وفَّرته منذ بدء الحرب في 24 فبراير من عام 2022، كما أنها تضع الاتفاقية الأمنية التي تتضمن الجوانب الدفاعية والسياسية والاقتصادية في إطار عزمها على مواصلة الوقوف إلى جانب كييف بشكل دائم، ومهما كانت الظروف، وأن الغرض الأول منع روسيا من تحقيق النصر ميدانياً، وتمكين أوكرانيا من الدخول إلى المفاوضات (عندما ستحصل) من موقع قوة.

وكان من المقرر أن يزور ماكرون كييف، الشهر الحالي، وقد أعلن ذلك شخصياً، بداية عام 2024، بيد أن هذه الزيارة لم تحدث، وسيكون من الصعب حصولها في الأسبوعين المتبقيَيْن من فبراير. ولدى سؤالها عن هذا الأمر، امتنعت مصادر «الإليزيه» عن الإشارة إلى سبب محدَّد، نافيةً أن تكون المخاطر الأمنية وراء عدم إتمامها.

وتركز باريس على العلاقة «الخاصة» التي تربطها بكييف، والتي تربط الرئيسين ماكرون وزيلنسكي. وكان الأول قد طلب التحول إلى «اقتصاد الحرب» لتلبية الحاجات العسكرية الأوكرانية. وعمدت باريس، بدعوة من وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، إلى تشكيل «تحالف المدفعية» من مجموعة من الدول الداعمة المنضوية في إطار ما يُسمَّى «مجموعة رامشتاين»، كما أنها تشارك ألمانيا في إدارة مجموعة أخرى متخصصة بالدفاعات الجوية.

وأعلن لوكورنو عن تقديم أعداد إضافية من مدافع «سيزار» ذاتية الحركة، وهي منظومة فاعلة ومتطورة، للقوات الأوكرانية، وتشجيع شركة «نيكستر» المصنِّعة لها على زيادة إنتاجها من هذا النموذج (72 مدفعاً) والدول الشريكة في «تحالف المدفعية» إلى تمويل شراء المدافع المتبقية لزيادة قوة نيران القوات البرية الأوكرانية، فضلاً عن التركيز على زيادة إنتاج القنابل من عيار 155 لمواجهة كثافة الذخائر الروسية.



سلوفاكيا تؤكد استعدادها لاستضافة مباحثات سلام بشأن أوكرانيا

رجلان يقفان بجوار جثمان قريب لهما قُتل في قصف صاروخي على منطقة دونيتسك 21 يناير (كانون الثاني) 2024 (أ.ف.ب)
رجلان يقفان بجوار جثمان قريب لهما قُتل في قصف صاروخي على منطقة دونيتسك 21 يناير (كانون الثاني) 2024 (أ.ف.ب)
TT

سلوفاكيا تؤكد استعدادها لاستضافة مباحثات سلام بشأن أوكرانيا

رجلان يقفان بجوار جثمان قريب لهما قُتل في قصف صاروخي على منطقة دونيتسك 21 يناير (كانون الثاني) 2024 (أ.ف.ب)
رجلان يقفان بجوار جثمان قريب لهما قُتل في قصف صاروخي على منطقة دونيتسك 21 يناير (كانون الثاني) 2024 (أ.ف.ب)

أعربت سلوفاكيا عن استعدادها لاستضافة مباحثات سلام في أوكرانيا، بعدما أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موافقته على أن تصبح براتيسلافا «منصة» للحوار بشأن الحرب.

وقال وزير الخارجية السلوفاكي يوراي بلانار، على «فيسبوك»، مساء الخميس: «نعرض الأراضي السلوفاكية لمفاوضات مماثلة»، مع اقتراب الحرب من إتمام عامها الثالث.

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن المباحثات يجب أن تجري «بمشاركة جميع الأطراف وروسيا» خلافاً للقمة التي عُقدت في يونيو (حزيران) في سويسرا.

وأكد الرئيس الروسي، الخميس، أن سلوفاكيا التي أشاد بموقفها «المحايد»، اقترحت أن تكون «منصة» لمفاوضات محتملة.

وكتب بلانار: «نَعدُّ تصريح الرئيس الروسي إشارة إيجابية لإنهاء هذه الحرب وحقن الدماء ووقف الدمار في أسرع وقت».

وكان رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، وهو أحد القادة الأوروبيين القلائل الذي ظل مقرباً من «الكرملين»، قد التقى بوتين في موسكو في 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الأمر الذي أثار غضب كييف.

ووفق وزير الخارجية السلوفاكي، أبلغت براتيسلافا «الشركاء الأوكرانيين»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استعدادها لاستضافة مفاوضات سلام.

ورغم كون سلوفاكيا عضواً في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، فقد أجرت تقارباً مع روسيا وتبنّت موقف المجر، منذ عودة القومي روبرت فيكو إلى السلطة في خريف 2023.

وعلَّق فيكو كل المساعدات العسكرية لأوكرانيا، واتهم كييف بتعريض إمدادات بلاده من الغاز الروسي للخطر.

وأعلنت أوكرانيا، الصيف الماضي، أنها لن تجدد عقدها حتى نهاية العام لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر شبكتها الواسعة لأنابيب الغاز. ولم يجرِ إيجاد حل لهذه المسألة حتى الآن.