المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا تثير جدلاً واسعاً بين الحلفاء

برلين ترفض أن تتحمل العبء الأكبر... وفرنسا ترد وتبرز مساهماتها

المستشار الألماني أولاف شولتس يرحب بماكرون في مقر المستشارية ببرلين... الاثنين (أ.ف.ب)
المستشار الألماني أولاف شولتس يرحب بماكرون في مقر المستشارية ببرلين... الاثنين (أ.ف.ب)
TT

المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا تثير جدلاً واسعاً بين الحلفاء

المستشار الألماني أولاف شولتس يرحب بماكرون في مقر المستشارية ببرلين... الاثنين (أ.ف.ب)
المستشار الألماني أولاف شولتس يرحب بماكرون في مقر المستشارية ببرلين... الاثنين (أ.ف.ب)

حقق قادة الاتحاد الأوروبي، في قمتهم الاستثنائية في بروكسل، يومي الخميس والجمعة الماضيين، إنجازاً استثنائياً من خلال اتفاقهم بالإجماع على توفير مساعدة مالية «مدنية» لأوكرانيا قيمتها 50 مليار يورو للسنوات الأربع (2024 - 2027). وما كاد هذا الملف يغلق بعد نجاح الضغوط الجماعية على رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، حتى فُتح ملف آخر عنوانه المساعدات العسكرية المفترض أن تلتزم بها الدول الأعضاء إزاء كييف للعام الحالي وما يليه.

قادة أوروبيون في اجتماع تشاوري في بروكسل بحضور فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر أمس (أ.ف.ب)

وطُرحت هذه المساعدة بقوة على خلفية الشكاوى الأوكرانية من تراجع الدعم العسكري الغربي المقدم لها، الذي لم يعد يكفي لسد النقص في الذخيرة، ولحاجة القوات الأوكرانية لمزيد من أنظمة السلاح الأكثر حداثة، خصوصاً الصواريخ بعيدة المدى، والأنظمة الصاروخية الضرورية لحماية الأجواء الأوكرانية.

ضغوط ألمانية

المستشار الألماني أولاف شولتس بداية الشهر الحالي متحدثاً للصحافة في بروكسل عقب انتهاء القمة الأوروبية (أ.ف.ب)

وتتبدى أهمية الدور الأوروبي أكثر فأكثر على خلفية العوائق التي تمنع الإدارة الأميركية، حتى اليوم، من السير بمشروع مد أوكرانيا بحزمة مساعدات تصل إلى 61 مليار دولار؛ بسبب العوائق التي يضعها عدد من النواب والشيوخ الأميركيين القريبين من الرئيس السابق دونالد ترمب. من هنا، تأتي أهمية ورمزية الرسالة التي بعث بها الرئيس جو بايدن للقادة الأوروبيين ليشكرهم على المساعدة المالية الكبيرة التي أقروها لأوكرانيا.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في طريقه الخميس إلى الانضمام للقادة الأوروبيين المجتمعين في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ف.ب)

الصعوبة اليوم تكمن في الجدل الذي يعتمل داخل المجموعة الأوروبية حول كيفية توزيع عبء المساعدات العسكرية لكييف. وجاءت تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس، في الأيام الثلاثة الأخيرة، إنْ أمام البوندستاغ أو في بروكسل، لتسلط الضوء على خلاف كان يريده الأوروبيون، بلا شك بعيداً عن الأضواء. لكن يبدو أن الجانب الألماني أراد أن يفجّر المسألة، وأن يضع الأوروبيين علانية أمام مسؤولياتهم.

منذ وصوله إلى منصب المستشارية، عُرف عن شولتس ابتعاده عن التصريحات النارية، وتفضيله التواصل الهادئ وتدوير الزوايا. لكن ما قاله أمام البوندستاغ جاء قاطعاً. فبعد أن ذكّر بأن ألمانيا قدمت نصف المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا، وأنها تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، قال ما حرفيته: «لا يمكن الاعتماد على ألمانيا وحدها... وإذا كنا نحن الذين يجب أن نقوم بالجزء الأكبر من ذلك، فإن ذلك لن يكون كافياً لأوكرانيا. نريد مشاركة مزيد من الدول بنشاط في الدعم». وحذّر شولتس من الوصول إلى وضع تبدو فيه ألمانيا ملزمة بما لا طاقة لها به، وبحيث سيكون «من الغطرسة الاعتقاد بأننا يمكننا القيام بالأمر وحدنا». وخلاصته أن «الأمر ليس كذلك، فنحن في حاجة إلى الوحدة والتضامن».

الرئيس الفرنسي ماكرون مستعرضاً جنوداً بمناسبة زيارته القاعدة البحرية في شمال غربي فرنسا يوم 19 يناير (أ.ف.ب)

وطالب شولتس دوائر الاتحاد بتوفير صورة واضحة عن المساعدات وعن مساهمة كل دولة من دول الاتحاد الـ26. وأعلنت برلين أنها رصدت 7 مليارات يورو من الميزانية الاتحادية مساعدات عسكرية لكييف لعام 2024 ما يبيّن مرة أخرى موقعها المتقدم على المستويَين الأوروبي والعالمي.

أين موقع فرنسا؟

كلام المسؤول الألماني يستند إلى أرقام «معهد كييل»، الذي يحمل اسم المدينة الواقعة شمال ألمانيا، جمعها منذ اندلاع الحرب الأوكرانية. ووفق هذه الأرقام، فإن ألمانيا تحتل المرتبة الأولى أوروبياً (والثانية بعد الولايات المتحدة)، حيث وفرت لأوكرانيا مساعدات بقيمة 17.1 مليار يورو، تليها بريطانيا في المرتبة الثانية بـ6.6 مليار.

وتحلّ في المرتبة الثالثة المؤسسات الأوروبية مجتمعة، في حين تأتي النرويج في المرتبة الرابعة بـ3.6 مليار، والدنمارك في المرتبة الخامسة بـ3.5 مليار، ثم بولندا بـ3 مليارات يورو. والمفاجأة جاءت من فرنسا التي تأتي في المرتبة الـ15 بمساعدات عسكرية لا تزيد قيمتها على 533 مليون يورو. واللافت أنها تلي، من حيث الترتيب، إيطاليا بـ690 مليون يورو، ودولاً أوروبية أخرى ذات اقتصادات صغيرة مثل فنلندا وسلوفاكيا.

ماكرون وسوناك على هامش «قمة العشرين» في نيودلهي سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

كان واضحاً منذ البداية أن الانتقادات الألمانية تستهدف بشكل رئيسي فرنسا، ولكن أيضاً تستهدف الدولتين اللتين تتمتعان بثالث ورابع أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وهما إيطاليا وإسبانيا. ومشكلة باريس التي لها ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا والوحيدة القادرة على القيام بعمليات عسكرية خارج أراضيها، أنها تريد أن تكون رائدة في توفير الدعم لأوكرانيا وأن يكون لها دور مؤثر، وهو ما لا يتوافق مع ما توفره من مساعدات عسكرية ولا مع ما تدعيه وما تطلقه من تصريحات، آخرها صدر عن الرئيس إيمانويل ماكرون، في كلمة له أمام طلاب الكلية العسكرية في السويد، حيث أكد مجدداً أنه «لا يجب أن تتمكن روسيا من الانتصار» في حربها على أوكرانيا.

إزاء هذه المعطيات التي تحط من المجهود الفرنسي، سارع وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، إلى مهاجمة تقرير المعهد الألماني معتبراً أن «المعطيات التي يعتمد عليها لا يمكن الوثق بها، بل إن هذه الترتيبات كلها مغلوطة». ووفق المسؤول الفرنسي، فإن «معهد كييل» «يستند فقط إلى ما يصدر من إعلانات عن الأطراف الأوروبية، وليس إلى ما تحقق فعلاً» من إيصال الأسلحة.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في غرناطة (أ.ف.ب)

ووفق لوكورنو، فإن باريس «قدمت كل ما وعدت به، بينما دول عدة أعلنت عزمها تقديم مساعدات وتبين لاحقاً أنها لم تصل، أو أن بعضها كان غير صالح للاستخدام». وقال مصدر دفاعي فرنسي إن ترتيب «كييل» لا يأخذ بعين الاعتبار التدريب على الأنظمة الدفاعية، ولا المحافظة على جهوزيتها، مع التركيز أن باريس قدمت دوماً منظومات «جاهزة للاستعمال الفوري».

اعتراض باريس على أرقام المعهد الألماني

إزاء أرقام «كييل» تحتمي الحكومة الفرنسية وراء تقرير أعده مجلس الشيوخ ونُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفيه أن القيمة الإجمالية للمساعدة الفرنسية تصل إلى 3.2 مليار يورو، منها 1.7 مليار من الأسلحة والذخائر، ومليار يورو مساهمةً بالصندوق المسمى «التسهيلات الأوروبية للسلام» الذي تغرف منه كييف لشراء الأسلحة، و300 مليوناً لتدريب القوات الأوكرانية.

وفي مؤتمره الصحافي في قصر الإليزيه مساء 16 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن الرئيس ماكرون أنه عازم على زيارة أوكرانيا خلال شهر فبراير (شباط) الحالي. وفي المناسبة نفسها، أشار إلى أن باريس وكييف بصدد وضع اللمسات الأخيرة على «اتفاقية أمنية» شبيهة بالاتفاقية التي وقّعها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الشهر الماضي، مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد أكد أن المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا ستصل إلى 21 مليار يورو العام الحالي (صورة من الاتحاد الأوروبي)

وفي السياق نفسه، كشف ماكرون تقديم بلاده عشرات الصواريخ من طراز «سكالب» المتطورة للقوات الأوكرانية، ومئات القنابل التي يتراوح وزنها ما بين 250 و1000 كيلوغرام، التي يمكن تحويلها إلى صواريخ قادرة على الوصول إلى مسافة 70 كيلومتراً.

وبعد يومين، استضافت باريس اجتماعاً لعدد من وزراء الدول المنخرطة فيما تُسمى «مجموعة رامشتاين» الداعمة عسكرياً لأوكرانيا؛ من أجل إطلاق «تحالف المدفعية» الذي ستديره باريس وواشنطن، وغرضه تمكين القوات البرية الأوكرانية من الحصول على الأسلحة والذخائر التي تحتاج إليها في الوقت الذي تشكو فيه من تفوق القوات الروسية في «حرب المواقع» الدائرة حالياً بين الجانبين.

وقبل ذلك، نجحت فرنسا في إقناع الجانب الألماني بأن تشاركه المسؤولية في «مجموعة الدفاع الجوي»، التي كانت بإدارة ألمانية - أميركية. وبعد ماكرون، أعلن سيباستيان لوكورنو، خلال اجتماع بباريس، أن بلاده قدمت 6 مدافع من طراز «قيصر» لأوكرانيا، وأنها قررت منح كييف 50 مليون يورو لشراء 12 مدفعاً إضافياً من الطراز نفسه، لا بل إن مصانعها قادرة على إنتاج 60 مدفعاً بقيمة 250 مليون يورو «وهو مبلغ يبدو لي أنه في متناول مختلف ميزانيات الحلفاء». كذلك شدد لوكورنو على زيادة شحنات الذخيرة الفرنسية إلى أوكرانيا 3 مرات، من ألف وحدة شهرياً خلال السنة الأولى من الحرب، إلى 3 آلاف قذيفة اعتباراً من يناير.

كثيرة الإعلانات التي صدرت عن باريس في الأيام الأخيرة، ما يبيّن حرصها على إظهار حضورها في الدعم المقدم لأوكرانيا. إلا أن أفضل معيار سيكون إعلان مساهمتها للعام الحالي. وبمناسبة قمة بروكسل الأخيرة، ذكر جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والدفاع في الاتحاد أن أوكرانيا يمكن أن تحصل على مساعدات عسكرية أوروبية قد تصل إلى 21 مليار يورو العام الحالي ما سيشكّل زيادة مهمة قياساً بمبلغ الـ28 مليار يورو الذي وُفر العامين في 2022 و2023.


مقالات ذات صلة

«ناشيونال إنتريست»: لعبة التصعيد الغربي مع روسيا مخاطرة كبيرة لا تفيد أحداً

أوروبا رجال إطفاء يكافحون لإخماد نار اشتعلت بعد هجوم روسي بالصواريخ على كييف (أ.ف.ب)

«ناشيونال إنتريست»: لعبة التصعيد الغربي مع روسيا مخاطرة كبيرة لا تفيد أحداً

تتحدَّث بعض الدوائر الغربية عن تآكل قدرة روسيا على ترجمة تهديداتها للدول الغربية؛ بسبب دعمها المتزايد لأوكرانيا، إلى أفعال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جنود روس يقاتلون ضد الجيش الأوكراني في كورسك (أ.ب)

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

التزمت موسكو الصمت إزاء ما أعلنته كييف حول استهدافها مستودعاً لتخزين وصيانة طائرات مُسيَّرة بعيدة المدى، من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (براتيسلافا)
أوروبا صورة توضيحية لمخترق مع عرض شفرة سيبرانية عليه (رويترز)

مجموعة قرصنة مؤيدة لروسيا تتبنى هجوماً إلكترونياً على إيطاليا

قالت وكالة الأمن الإلكتروني في إيطاليا إن قراصنة استهدفوا نحو 10 مواقع إلكترونية رسمية في البلاد اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
أوروبا رجال الإطفاء يحاولون إخماد حريق بعد هجوم بطائرات من دون طيار في منطقة ميكولايف الأوكرانية (أ.ف.ب)

أوكرانيا تقصف مستودعاً للمُسيرات في أوريول الروسية

كشفت أوكرانيا اليوم (السبت) أنها استهدفت مستودعا لتخزين وصيانة طائرات مسيرة بعيدة المدى من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا روسيا تقول إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية وتتهم كييف باغتيال مدنيين (رويترز)

روسيا تعلن إحباط «مؤامرة أوكرانية» لقتل ضابط كبير ومدون عسكري

أعلن جهاز الأمن الاتحادي الروسي اليوم (السبت) أنه أحبط مؤامرة من أوكرانيا لقتل ضابط روسي كبير ومدون عسكري موالٍ لروسيا بقنبلة مخبأة في سماعة محمولة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
TT

أوكرانيا تقصف مستودع طائرات مُسيَّرة في روسيا... وموسكو تلتزم الصمت

حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)
حرب المُسيَّرات من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضاً (رويترز)

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، السبت، أنها أسقطت 15 من أصل 16 طائرة مُسيَّرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية، بينما التزمت موسكو الصمت إزاء ما أعلنته كييف حول استهدافها مستودعاً لتخزين وصيانة طائرات مُسيَّرة بعيدة المدى من طراز «شاهد» في منطقة أوريول الروسية. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني في بيان على «تلغرام» إن الهجوم وقع الخميس، ونفذته القوات الجوية الأوكرانية، مضيفة: «نتيجة للهجوم، جرى تدمير مستودع مصنوع من عدة هياكل خرسانية محصنة لتخزين وصيانة وإصلاح طائرات مُسيَّرة انتحارية من طراز (شاهد)».

الجيش الأوكراني يستخدم كشافات البحث لرصد أي طائرات من دون طيار في السماء فوق كييف (رويترز)

وتابعت: «قللت هذه العملية العسكرية بشكل كبير من قدرات العدو، من حيث شن غارات جوية بطائرات مُسيَّرة على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا». ولم تصدر روسيا تعليقاً على الهجوم.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أطلقت موسكو وابلاً بشكل شبه يومي من عشرات الطائرات المُسيَّرة على أوكرانيا، بهدف إلحاق الضرر ببنيتها التحتية، وإضعاف دفاعاتها الجوية، مما يجعلها أقل قدرة على إسقاط الصواريخ.

بدورها قالت موسكو إن جهاز الأمن الاتحادي الروسي أحبط، السبت، مؤامرة أوكرانية لقتل ضابط روسي كبير ومدون عسكري بقنبلة مخبأة في سماعة محمولة. وقال الجهاز إن مواطناً روسياً تواصل مع ضابط من وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (جي يو آر) من خلال تطبيق «تلغرام». وأضاف -كما نقلت عنه «رويترز»- أنه بناء على تعليمات ضابط الاستخبارات الأوكراني، حصل المواطن الروسي على قنبلة من مخبأ في موسكو.

قوات روسية توجه طلقات مدافعها باتجاه مواقع القوات الأوكرانية في كورسك (أ.ب)

وأوضح جهاز الأمن الروسي أن القنبلة التي تعادل 1.5 كيلوغرام من مادة «تي إن تي» ومحشوة بكرات معدنية، كانت مخبأة في سماعة محمولة لتشغيل الموسيقى.

ولم يذكر جهاز الأمن الاتحادي اسم الضابط أو المدون اللذين كانا هدف المؤامرة. وتقول أوكرانيا إن حرب روسيا ضدها تشكل تهديداً وجودياً للدولة، وأوضحت أنها تعد عمليات «القتل المستهدف» التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية ومعاقبة أولئك الذين تعدهم كييف مذنبين بارتكاب جرائم حرب، مشروعة.

وتقول روسيا إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية، وتتهم كييف باغتيال مدنيين مثل داريا دوجينا، ابنة أحد النشطاء القوميين في عام 2022.

وفي 17 ديسمبر (كانون الأول)، قتلت المخابرات الأوكرانية اللفتنانت جنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي الروسية في موسكو، خارج المبنى الذي يضم شقته، بتفجير قنبلة مثبتة في دراجة كهربائية. وكانت كييف قد اتهمته بالترويج لاستخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة، وهو ما تنفيه موسكو.

روسيا تقول إن عمليات الاغتيال تصل إلى «أعمال إرهابية» غير قانونية وتتهم كييف باغتيال مدنيين (رويترز)

وعلى الصعيد الميداني، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين، الجمعة، إن القوات الكورية الشمالية تتعرض لخسائر بشرية فادحة على خطوط المواجهة في حرب روسيا ضد أوكرانيا؛ إذ قُتل أو جُرح ألف من جنودها الأسبوع الماضي وحده، في منطقة كورسك في روسيا. ويتجاوز العدد بكثير الرقم الذي قدمه المسؤولون الأميركيون سابقاً. وأضاف كيربي: «من الواضح أن القادة العسكريين الروس والكوريين الشماليين يعاملون هذه القوات على أنها يمكن التضحية بها، ويأمرونها بهجمات يائسة ضد الدفاعات الأوكرانية»، واصفاً هجمات القوات الكورية الشمالية بأنها «هجمات جماعية ومتفرقة».

وقال كيربي إن الرئيس جو بايدن من المرجح أن يوافق على حزمة مساعدات أمنية أخرى لأوكرانيا في الأيام المقبلة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ندد بايدن بهجمات روسيا في يوم عيد الميلاد على شبكة الطاقة في أوكرانيا وبعض مدنها، وطلب من وزارة الدفاع مواصلة زيادة الأسلحة إلى أوكرانيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه المسائي عبر الاتصال المرئي، إن قوات كوريا الشمالية تكبدت خسائر «فادحة للغاية» ويتم الزج بها في المعركة دون حماية تذكر من القوات الروسية. وأضاف: «نرى أنه لا يوجد أي اهتمام من الجيش الروسي أو القادة الكوريين الشماليين في ضمان بقاء هؤلاء (الجنود) الكوريين الشماليين على قيد الحياة». وقال إن القوات الأوكرانية تمكنت من أسر عدد قليل من الجنود الكوريين الشماليين «لكنهم كانوا مصابين بجروح خطيرة، وتعذَّر إنقاذ حياتهم».

وقال زيلينسكي يوم الاثنين، إن أكثر من 3 آلاف جندي كوري شمالي سقطوا بين قتيل وجريح في منطقة كورسك الروسية، مشيراً إلى أن الأرقام تعتمد على بيانات أولية.

ودعا زيلينسكي الصين إلى ممارسة نفوذها لمنع كوريا الشمالية من إرسال جنود كوريين شماليين للحرب إلى جانب القوات الروسية، ضد أوكرانيا. وقال زيلينسكي: «لا ينبغي للأمة الكورية أن تفقد أبناءها في المعارك بأوروبا. ويمكن ممارسة النفوذ لمنع ذلك، وبالذات من جانب جيران كوريا، وخصوصاً الصين». ولم ترد بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد على طلب للتعليق، ورفضت بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة التعليق.

ضابط أوكراني يتحدث عبر الراديو لجنوده أثناء عملية هجوم... الصورة في مركز قيادة قرب خط المواجهة في بوكروفسك بمنطقة دونيتسك يوم 25 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ووافقت اليونان على تزويد أوكرانيا بـ24 صاروخاً من طراز «سي سبارو» لدعم القوات المسلحة الأوكرانية ضد التهديدات المستمرة. وهذه الصواريخ -وهي قيد الاستخدام منذ نحو 40 عاماً- من مخزونات القوات البحرية والجوية اليونانية، وتعد غير ضرورية للاستخدام العملياتي، وفقاً للمعايير العسكرية اليونانية.

وصواريخ «سي سبارو»، سلاح مضاد للطائرات، قصير المدى، من صنع الولايات المتحدة، وتمتلك أوكرانيا بالفعل المنصات اللازمة لنشره، حسب صحيفة «كاثيميريني» اليونانية، السبت. يأتي ذلك في إطار المساعدات العسكرية الأوسع نطاقاً التي تقدمها اليونان إلى أوكرانيا، والتي تشمل قذائف مدفعية وأسلحة وذخيرة.

وتعتزم بريطانيا زيادة جهودها للمساعدة في تدريب الجنود الأوكرانيين على تحمل ضغط القتال. وقالت وزارة الدفاع إنها تتوقع أن يحضر 180 قائداً أوكرانياً الدورة الخاصة بتحمل ضغوط القتال التي يقدمها متخصصون في الجيش البريطاني في عام 2025، مقارنة بـ100 قائد حضروا الدورة في عام 2024. وسيتولى ممارسو المرونة العقلية أثناء القتال، المعروفون رسمياً باسم «مشغلي التحكم في الإجهاد»، مسؤولية مساعدة جنودهم على الخطوط الأمامية، بينما يواصلون الدفاع عن أوكرانيا من الغزو الروسي.

الجنرال إيغور كيريلوف رئيس قوات الدفاع النووي والبيولوجي والكيميائي الروسية (الذي اغتالته أوكرانيا مؤخراً) يتحدث في إحاطة إعلامية في موسكو يوم 28 فبراير 2023 (أ.ب)

ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن وزير القوات المسلحة البريطاني لوك بولارد، قوله إن «الشعب الأوكراني يقاتل بشجاعة كبيرة للدفاع عن بلاده، وواجبنا أن نضعه في أقوى وضع ممكن». وتابع: «مع تلقي مئات الجنود الأوكرانيين التدريب على الإسعافات الأولية للصحة العقلية قبل العودة إلى الخطوط الأمامية، يمكن نشر الصمود بين صفوف أولئك الذين يحاربون الغزو الروسي غير القانوني».

ومن جانب آخر، عرض رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، استضافة بلاده محادثات محتملة بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأضاف فيكو في رسالة فيديو، تم نشرها على «فيسبوك»، في وقت متأخر الجمعة: «يمكن لأي شخص مهتم بتنظيم محادثات سلام في سلوفاكيا حول الصراع بين أوكرانيا وروسيا، الاعتماد علينا».

وتابع بأنه بحث الاقتراح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته المفاجئة الأخيرة إلى موسكو، وكان سعيداً برد الفعل الإيجابي. وكان بوتين قد قال –الجمعة- إن فيكو عرض أن تكون بلاده منصة للمباحثات، خلال زيارته إلى موسكو، وأنه رحَّب بتلك المبادرة.

وربط المرشح الأوفر حظاً لمنصب المستشار في ألمانيا، فريدريش ميرتس، مشاركة بلاده في قوات حفظ سلام بأوكرانيا، بأن يكون هناك تفويض للمهمة بموجب القانون الدولي، وبالتوافق مع موسكو إن أمكن.

أحد مطارات موسكو التي توقفت عن العمل بسبب الهجمات الأوكرانية في 21 أغسطس 2024 (رويترز)

وذكر ميرتس أن هناك رغبة مشتركة في استعادة السلام بأوكرانيا في أسرع وقت ممكن، وقال: «ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا سلاماً مفروضاً. يجب أن يكون هذا سلاماً مع أوكرانيا وليس ضد أوكرانيا... وقبل كل شيء، يجب أن يكون هذا سلاماً يشملنا أيضاً»، موضحاً أن الهجمات الضخمة على البنية التحتية للبيانات الألمانية، و«على حريتنا في التعبير، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي: هي أيضاً جزء من هذه الحرب الهجينة التي نراها من روسيا. وهذا أيضاً يجب أن يتوقف». وقال ميرتس في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية» في برلين: «إذا كان هناك اتفاق سلام، وإذا كانت أوكرانيا بحاجة إلى ضمانات لتأمينه، فلا يمكن مناقشة ذلك إلا إذا كان هناك تفويض واضح بموجب القانون الدولي. لكني لا أرى ذلك في الوقت الحالي». وأضاف ميرتس: «أتمنى أن يصدر مثل هذا التفويض بالتوافق مع روسيا وليس بالنزاع معها».

وعندما سئل عن الضمانات الأمنية التي يمكن أن يتصورها لأوكرانيا خارج نطاق الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من أجل تأمين وقف محتمل لإطلاق النار مع روسيا، أجاب زعيم الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي قائلا: «لا أستطيع أن أتخيل أي شيء يسير في هذا الاتجاه اليوم؛ لأننا بعيدون كل البعد عن مثل هذا الوقف لإطلاق النار. هذه مسألة تحتاج الآن إلى توضيح في الأسابيع المقبلة، وربما الأشهر المقبلة».