استمرار التصعيد غير المسبوق بين طرفي النزاع في الحرب الروسية الأوكرانية

كييف تقول إنها أسقطت 21 مسيرة روسية وموسكو تعلن صدّ هجوم جوّي جديد شنّته أوكرانيا في القرم

صورة نشرها رئيس بلدية بيلغورود للدمار بعد هجوم أوكراني على المدينة أمس (أ.ف.ب)
صورة نشرها رئيس بلدية بيلغورود للدمار بعد هجوم أوكراني على المدينة أمس (أ.ف.ب)
TT

استمرار التصعيد غير المسبوق بين طرفي النزاع في الحرب الروسية الأوكرانية

صورة نشرها رئيس بلدية بيلغورود للدمار بعد هجوم أوكراني على المدينة أمس (أ.ف.ب)
صورة نشرها رئيس بلدية بيلغورود للدمار بعد هجوم أوكراني على المدينة أمس (أ.ف.ب)

في إطار تصعيد كلّ من الطرفين هجماته بالصواريخ والمسيرات على الطرف الآخر، خصوصاً خلال الأيام الأخيرة، قالت كييف، الجمعة، إن روسيا نفذت خلال الليل هجمات في مناطق مختلفة من أوكرانيا أطلقت خلالها نحو 30 طائرة مسيرة هجومية ذات تصميم إيراني، تم إسقاط 21 منها، ووفقاً لبيان سلاح الجو الأوكراني، تم إسقاط الطائرات المسيّرة في 6 مناطق تمتد عبر جنوب ووسط وغرب أوكرانيا.

دخان يتصاعد فوق خزان وقود بعد هجوم مزعوم بطائرة من دون طيار في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم (رويترز)

بدورها، أعلنت روسيا، كما نقلت عنها وكالات دولية، أنّها صدّت في نفس اليوم هجوماً جوّياً جديداً شنّته أوكرانيا على شبه جزيرة القرم بعشرات المسيّرات. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في منشور على تطبيق «تلغرام»، إنّ «أنظمة الدفاع الجوي الموضوعة في الخدمة دمّرت واعترضت 36 طائرة أوكرانية مسيّرة فوق أراضي جمهورية القرم» التي ضمّتها روسيا إليها في 2014.

شرطي خارج مبنى تضرر من قصف صاروخي روسي وسط كييف (أ.ف.ب)

وأكّدت وزارة الدفاع الروسية أن هذا الهجوم الأوكراني الجديد «تمّ إحباطه»، وأنّ الدفاعات الأرضية الروسية تصدّت أيضاً «لطائرة مسيّرة واحدة فوق أراضي إقليم كراسنودار» (غرب).

وكانت أوكرانيا قد أعلنت أنّها استهدفت الخميس مركز قيادة روسياً قرب مدينة سيفاستوبول الساحلية في القرم، في هجوم جوّي قالت روسيا إنه أسفر عن إصابة شخص بجروح. بالمقابل، أعلنت روسيا أنّ دفاعاتها الجوية أسقطت 10 صواريخ موجّهة فوق شبه الجزيرة وأحبطت ما وصفته بـ«هجوم إرهابي» من قبل القوات الأوكرانية.

وشبه جزيرة القرم هي منطقة رئيسية للخدمات اللوجستية للقوات الروسية التي تحتلّ جزءاً من جنوب أوكرانيا، كما أنّها تشكّل هدفاً منتظماً للصواريخ والمسيّرات الأوكرانية. وتأتي هذه الهجمات على خلفية تصاعد الضربات الروسية على المناطق الأوكرانية والضربات الأوكرانية على روسيا والمناطق الأوكرانية المحتلّة من روسيا.

عاصمة القرم سيفاستوبول مقر الأسطول الروسي (إ.ب.أ)

ومساء الخميس، تعرّضت بيلغورود لهجوم جوي أوكراني جديد أوقع جريحين، بحسب السلطات الروسية. وأتى هذا الهجوم بعيد ساعات من قرار سلطات المدينة الروسية المتاخمة لأوكرانيا إبقاء مدارسها مغلقة حتى 19 يناير (كانون الثاني) بسبب القصف الأوكراني غير المسبوق الذي استهدف المدينة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وقال فياتشيسلاف غلادكوف حاكم بيلغورود إنّ شخصين على الأقلّ أصيبا بجروح في هذا القصف. وبثت قنوات على تطبيق «تلغرام» مشاهد بدا أنّها لسيارات مدمّرة في المدينة. وأوضح غلادكوف: «بحسب البيانات الأولية هناك جريحان، أصيب أحدهما بشظية في الساعد والآخر بشظية في الساق».

وأضاف أنّ «دفاعنا الجوي يعمل فوق بيلغورود ومنطقتها. لقد تمّ إسقاط 10 أهداف جوية عندما اقتربت من المدينة».

أكّدت روسيا، الجمعة، أنها منعت لأسباب أمنية وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيراً إلى غرف المفاعلات في محطة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا.

وتنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية فريقاً في المحطة لمراقبتها منذ سبتمبر (أيلول) 2022، بعد 6 أشهر من سيطرة الجيش الروسي عليها. وقالت الوكالة الأممية، في بيان، الأربعاء، إن خبراء تابعين لها «غير قادرين على الوصول إلى كل أقسام الموقع».

وأوضحت: «خلال الأسبوعين الماضيين، لم يسمح لهم بدخول غرف المفاعلات في الوحدات 1 و2 و6» في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا. ورداً على بيان الوكالة، قال رينات كارشا، وهو مسؤول في «روساتوم» الروسية المشغلة لمحطة زابوريجيا، إن الخبراء حاولوا الوصول إلى «القباب الواقية»، وهي قباب من الخرسانة المسلحة بالفولاذ أو الرصاص تحيط بالمفاعل النووي.

وقال كارشا لمحطة «آر بي سي» التلفزيونية الروسية، إن «القباب الواقية، خصوصاً المغلقة منها، ليست متحفاً أو حديقة للتنزّه». وأوضح: «أثناء وجوده في وضعية الإغلاق، يحظر الوصول إلى الغلاف الواقي ولا يسمح بذلك إلا بمبرر واضح وفي حالات الطوارئ».

محطة زابوريجيا النووية (أ.ب)

الأسبوع الماضي، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إن الخبراء لم يسمح لهم بالوصول إلى غرف المفاعلات في 3 وحدات في المحطة لأسبوعين. وأشار إلى أن الوكالة ستواصل مطالباتها بالوصول إلى الغرف، حيث يوجد قلب المفاعل والوقود المستهلك.

من جهته، قال كارشا، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «البيان الأخير (للوكالة) يعطينا سبباً للاعتقاد أن رافايل غروسي لم يبلغ بالمعلومات كاملة أو أن المعلومات قدّمها أشخاص يفتقرون للتدريب المهني، وهو أمر يصعب تصديقه». وتوقّفت المحطة عن إمداد الشبكة الأوكرانية بالكهرباء في سبتمبر (أيلول) 2022، وتعرضت مرات عدة لعمليات قصف وهجمات بطائرات مسيّرة طوال فترة الحرب.


مقالات ذات صلة

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني ينظر إلى مدفع «هاوتزر آرتشر» سويدي الصنع يستخدمه أعضاء أوكرانيون من اللواء 45 للمدفعية وهو يطلق النار باتجاه مواقع روسية في منطقة دونيتسك (أ.ف.ب)

الجيش الأوكراني: روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيرة على كييف

قال الجيش الأوكراني اليوم (الأحد) إن وحدات الدفاع الجوي دمرت أكثر من 10 طائرات مسيرة روسية كانت تستهدف العاصمة كييف في هجوم بطائرات مسيرة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
TT

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)
وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن (أرشيفية - بي إيه ميديا)

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد)، بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا، قد «تطفئ الأنوار لملايين الأشخاص»، و«تدفع ملايين الأشخاص نحو الظلام»، وذلك خلال مؤتمر «الناتو» الذي سيعقد غداً (الاثنين).

وسيقول وزير العلاقات بين الحكومات البريطانية بات ماكفادن، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعد وقادر على إطلاق هجوم إلكتروني «مزعزع للاستقرار وموهن» على المملكة المتحدة، بحسب صحيفة «تليغراف».

وسيحذر ماكفادن، الذي يشرف على سياسة الأمن القومي والتهديدات التي تواجهها الدولة، من أن روسيا «عدوانية ومتهورة بشكل استثنائي في عالم الإنترنت»، وتريد الحصول على «ميزة استراتيجية وإضعاف الدول التي تدعم أوكرانيا».

وأفادت الصحيفة بأن مستشار دوقية لانكستر سيقول خلال المؤتمر، إن هناك خطراً وشيكاً من هجوم إلكتروني روسي على البنية التحتية والشركات البريطانية، قد «يغلق شبكات الطاقة» ويوجه ضربة قوية للاقتصاد.

 

جيش «غير رسمي»

وفي كلمته أمام مؤتمر الدفاع السيبراني لحلف شمال الأطلسي في لندن غداً (الاثنين)، سيشير ماكفادن في خطابه، إلى أن الجيش الروسي و«جيشه غير الرسمي من مجرمي الإنترنت والناشطين في مجال القرصنة» لم يكثفا هجماتهما فحسب خلال العام الماضي، بل وسعا نطاق أهدافهما إلى عدد من أعضاء وشركاء حلف «الناتو»، كما استهدفت موسكو وسائل الإعلام والاتصالات، والمؤسسات السياسية والديمقراطية، والبنية التحتية للطاقة.

وأردفت الصحيفة أن الوزير البريطاني سيحذر من خطورة الحرب السيبرانية، التي يمكن أن تكون «مزعزعة للاستقرار ومدمرة»، مع إمكانية شن روسيا هجوماً يؤثر على شبكات الكهرباء، وسيشير إلى أن «هذه هي الحرب الخفية التي تشنها موسكو على أوكرانيا الآن».

وتأتي هذه التكهنات بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن جيشه يمكنه استهداف المملكة المتحدة، رداً على استخدام أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية. وقال الزعيم الروسي إن روسيا اختبرت صاروخاً جديداً متوسط ​​المدى في ضربة على أوكرانيا، وإنها يمكن أن تستخدم السلاح بشكل مشروع ضد الدول التي سمحت لصواريخها بضرب روسيا، والتي تشمل بريطانيا والولايات المتحدة.

ويعتقد الوزراء في الحكومة البريطانية أنه في حين أنهم لا يستطيعون منع روسيا من شن هجمات إلكترونية على المملكة المتحدة، فإنهم واثقون من أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لمنع انقطاع إمدادات الطاقة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وفي وقت سابق من هذا العام، تم اختراق مستشفيين من مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، مما تسبب في تأجيل أكثر من 800 عملية جراحية مخططة و700 موعد خارجي. وشمل المرضى الذين تم تعطيلهم أولئك الذين يحتاجون إلى علاج السرطان وزرع الأعضاء. وكان يُعتقد أن الاختراق من عمل «قيلين»، وهي عصابة إجرامية إلكترونية روسية. وأظهرت البيانات التي نشرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، أنه كان لا بد من تأجيل ما يقرب من 100 علاج للسرطان في فترة 6 أيام، بسبب المشاكل الناجمة عن الهجوم.

 

تهديد «القراصنة النشطاء»

وسوف يسلط ماكفادن الضوء على الخطر الذي يشكله «القراصنة النشطاء غير الرسميين» الذين يرتكبون هجمات «متكررة بشكل مزداد، وفي بعض الحالات، مزدادة التعقيد» في جميع أنحاء العالم.

ونقلت الصحيفة عن خطاب الوزير البريطاني المرتقب: «هناك عصابات من القراصنة والمرتزقة لا تخضع لسيطرة الكرملين بشكل مباشر، ولكن يُسمح لها بالتصرف دون عقاب ما دام أنها لا تعمل ضد مصالح بوتين».

وسينقل الخطاب: «لقد استهدفوا (القراصنة) مؤخراً شريك (الناتو) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كوريا الجنوبية، رداً على مراقبتها لنشر القوات الكورية الشمالية في كورسك، حيث تقاتل روسيا أوكرانيا، وقد أعلنت مجموعات روسية متحالفة مع الدولة مسؤوليتها عن 9 هجمات سيبرانية منفصلة على الأقل بدرجات متفاوتة من الشدة ضد دول (الناتو)، بما في ذلك الهجمات غير المبررة ضد بنيتنا التحتية الوطنية الحيوية»، وأفاد: «هذه المجموعات غير متوقعة، فهي تتصرف بتجاهل للعواقب الجيوسياسية المحتملة، وبخطأ حسابي واحد فقط يمكن أن تسبب دماراً في شبكاتنا».

وسيقول ماكفادن إن روسيا «لن تفكر مرتين في استهداف الشركات البريطانية»، لأن بوتين «سعيد باستغلال أي ثغرة في دفاعاتنا السيبرانية». وسوف يلتقي ماكفادن بقادة الأعمال هذا الأسبوع، إلى جانب كبار مسؤولي الأمن القومي، لمناقشة كيفية تعزيز دفاعاتهم ضد الهجمات الإلكترونية.

وأشارت التقديرات السابقة إلى أن تكلفة الجرائم الإلكترونية على اقتصاد المملكة المتحدة وصلت إلى نحو 27 مليار جنيه إسترليني سنوياً.

صاروخ كروز «ستورم شادو» معروض خلال معرض باريس الجوي في لو بورجيه 19 يونيو 2023 (أرشيفية - أ.ب)

ويضع الوزراء تشريعات تهدف إلى تعزيز دفاعات المملكة المتحدة ضد الهجمات الإلكترونية. وسوف يعزز مشروع قانون الأمن السيبراني والمرونة سلطات الجهات التنظيمية ويجبر الشركات على الإبلاغ عن الهجمات التي تتجاهلها حالياً.

ومن المتوقع أن يفرض مشروع القانون على جميع مقدمي البنية التحتية الأساسية فهم وحماية سلاسل التوريد الخاصة بهم من الهجوم. وقد تشمل التدابير أيضاً تحسين إدارة البيانات المتعلقة بالهجمات الإلكترونية للتعلم من الدروس المستفادة من عمليات الاختراق السابقة.

وقد استخدمت أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» البريطانية في روسيا لأول مرة هذا الأسبوع. وأعطى جو بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع داخل روسيا، مما يمهد الطريق لرفع القيود المفروضة على صواريخ «ستورم شادو» البريطانية.