خطابا بوتين وزيلينسكي بمناسبة العام الجديد يؤشران على استمرار الحرب

الرئيس الروسي يريد السلام «بشروط بلاده»... والأوكراني يتعهد تدمير قوات موسكو

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع مشاركين في «العملية العسكرية» بأوكرانيا قرب موسكو الاثنين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع مشاركين في «العملية العسكرية» بأوكرانيا قرب موسكو الاثنين (أ.ب)
TT

خطابا بوتين وزيلينسكي بمناسبة العام الجديد يؤشران على استمرار الحرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع مشاركين في «العملية العسكرية» بأوكرانيا قرب موسكو الاثنين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع مشاركين في «العملية العسكرية» بأوكرانيا قرب موسكو الاثنين (أ.ب)

تعهّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه للعام الجديد «تدمير» القوات الروسية في أوكرانيا رداً على ضربات روسية في الجبهتين الشرقية والجنوبية ليل الأحد - الاثنين، فيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات أمس أن بلاده «ستكثف» ضرباتها على أهداف عسكرية في أوكرانيا رداً على قصف واسع النطاق غير مسبوق للجيش الأوكراني على مدينة بيلغورود الروسية نهاية الأسبوع الماضي. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد في وقت سابق في خطابه بمناسبة رأس السنة أن بلاده «لن تتراجع أبدا»، في إشارة إلى أن نهاية الحرب لا تزال بعيدة المنال.

وتصاعد القتال بين موسكو وكييف في الأيام الأخيرة مع هجوم غير مسبوق خلّف 24 قتيلا السبت في بيلغورود الروسية عقب هجوم صاروخي على أوكرانيا الجمعة وصفته كييف بأنه «ضخم»، وأسفر عن مقتل نحو 40 شخصا.

وأعلنت كييف الاثنين الموافق للأول من يناير (كانون الثاني) يوم حداد على ضحايا هذا الهجوم الذين وصل عددهم إلى 19 في العاصمة الأوكرانية، وفق ما ذكرت البلدية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يكرم جنوداً تابعين لجيش بلاده خلال زيارة لمنطقة دونيتسك الجمعة (إ.ب.أ)

وفي خطابه بمناسبة العام الجديد، تعهّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «تدمير» القوات الروسية التي غزت بلاده قبل عامين تقريبا في نهاية عام اتّسم بفشل الهجوم المضاد الذي أطلقته كييف في الصيف، وجمود شبه تام على الجبهة. وقال زيلينسكي: «في العام المقبل سيعاني العدو ويلات إنتاجنا المحلي»، مضيفاً أن أوكرانيا سيكون لديها مليون مسيّرة في ترسانتها خلال عام 2024. وأشار إلى أن أوكرانيا سيكون لديها أيضا طائرات مقاتلة من طراز «إف 16» يوفرها لها شركاؤها الغربيون.

«استعادة المبادرة»

بدوره، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة له إلى مستشفى عسكري الاثنين أن بلاده «ستكثف ضرباتها ولن تبقى أي جريمة تطال مدنيين من دون عقاب، هذا أمر مؤكد»، موضحا أن هذه الضربات ستستهدف «منشآت عسكرية». ووصف القصف على بيلغورود الذي أوقع 24 قتيلا وأكثر من مائة جريح السبت بأنه «عمل إرهابي»، متهما القوات الأوكرانية بضرب «وسط المدينة حيث يتنزه الناس قبل ليلة رأس السنة». لكنه رأى أن «أوكرانيا ليست عدوة» في المطلق، متّهما الغرب باستخدام كييف «لتسوية مشكلاته» مع روسيا.

وعدّ الهجوم على بيلغورود الذي أسفر عن مقتل 24 شخصاً وإصابة 108 آخرين؛ وفقاً لحاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف، الأعنف على المدنيين في روسيا منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022. وجاء القصف على بيلغورود ردا على حملة قصف روسية على مدن أوكرانية الجمعة أوقعت حوالي أربعين قتيلا.

وقال بوتين في تصريحات نقلها التلفزيون الاثنين، خلال زيارة للمستشفى، إن قوات بلاده استعادت «المبادرة الاستراتيجية» على الجبهة الأوكرانية، حيث تتقدم بصورة تدريجية بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد في الصيف. وعبّر عن رضاه عن الأداء العسكري الروسي في أوكرانيا، حيث إنها تمتلك المبادرة الاستراتيجية على الجبهة، بينما «يتضاءل (الخصم) تدريجيا». وتحتل روسيا حاليا نحو خُمس الأراضي الأوكرانية. وقال بوتين: «نحن أيضا نريد إنهاء الصراع، في أقرب وقت ممكن، ولكن بشروطنا فقط». ولم يشر الرئيس الروسي إلى ماهية الشروط التي يجب الوفاء بها من أجل السلام.

ووفقاً لما أوردته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، زادت ثقة الكرملين وسط الانقسامات السياسية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الدعم لأوكرانيا، وهو ما تسبب في إيقاف المساعدات للحكومة في كييف. وأطلقت أوكرانيا هجوماً مضاداً في يونيو (حزيران) لم يسفر سوى عن مكاسب صغيرة، وتحاول القوات الروسية حالياً التقدم في دونيتسك وخاركيف الواقعتين في شرق أوكرانيا.

«الغرب خصمنا»

وألقى بوتين مجدداً على النخبة الغربية باللائمة في الحرب في أوكرانيا التي أطلقها قبل نحو عامين. وقال: «الأمر لا يتمحور حول مساعدتهم لخصمنا»، ردا على سؤال بشأن المساعدات الغربية لأوكرانيا، مشيراً إلى «أنهم هم خصمنا». كان بوتين قد صرح مراراً أنه لن يتراجع عن أهدافه الحربية المتمثلة في تأمين نزع السلاح من أوكرانيا، ووضعها المحايد لمنع انضمامها لحلف شمال الأطلسي (ناتو) والاحتفاظ بشبه جزيرة القرم ومناطق أوكرانيا أخرى.

وكان الرئيس الروسي أكد في خطابه لمناسبة رأس السنة أن بلاده «لن تتراجع أبدا». وخلافا للعام الماضي عندما ظهر محاطا بجنود يرتدون الزي العسكري، أعلن بوتين أن 2024 ستكون «سنة العائلة». وأشاد الرئيس الروسي في خطابه، بالجنود الروس الذين وصفهم بالأبطال، وركز فيه على الوحدة والعزم المشترك، دون أن يتطرق في حديثه إلى الحرب في أوكرانيا.

وجاء الخطاب المسجل مسبقاً على النقيض تماماً من الخطاب الذي ألقاه بوتين العام الماضي ووقف فيه مع جنود ذوي مظهر متجهم لتوجيه دعوة قوية للتضحية فيما وصفه بأنه قتال من أجل الحياة. وقال بوتين: «إلى كل من هو في موقع قتالي أو في الصفوف الأولى في القتال من أجل الحقيقة والعدالة: أنتم أبطالنا وقلوبنا معكم. نحن فخورون بكم، ومعجبون بشجاعتكم». ولم يذكر بوتين في خطابه أوكرانيا بالاسم ولا «العملية العسكرية الخاصة»، وهو المصطلح الذي أطلقه على الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022.

ونقلت وكالات أنباء روسية في وقت لاحق عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله إن بوتين اتصل هاتفيا بالقادة العسكريين الروس في ستة قطاعات بالحرب الروسية في أوكرانيا لتقديم التهاني لهم بالعام الجديد.

وخفف بوتين في الأشهر القليلة الماضية من حدة رسائله القومية الحادة السابقة بشأن أوكرانيا، وبات يركز على الاقتصاد والتضخم قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس (آذار). وقال: «لقد أثبتنا أكثر من مرة أننا قادرون على حل أصعب المشكلات ولن نتراجع أبدا، لأنه لا توجد قوة يمكنها أن تفرقنا».

ولم يتطرق بوتين في خطابه إلى مصير مئات الآلاف من الجنود الروس الذين يقال إنهم قتلوا أو أصيبوا، أو إلى وصول الصراع إلى الأراضي الروسية. كما لم يتطرق إلى التمرد المسلح الذي قام به الراحل يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الخاصة في يونيو (حزيران).


مقالات ذات صلة

منطقة روسية تلغي تعويضاً يصرف للجنود إثر إصابتهم في الحرب

أوروبا جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)

منطقة روسية تلغي تعويضاً يصرف للجنود إثر إصابتهم في الحرب

قامت السلطات بمنطقة ترانسبايكال الروسية في سيبيريا، بإلغاء التعويض الذي يصرف لمرة واحدة للجنود الذين تعرضوا لإصابة دائمة خلال مشاركتهم في الحرب بأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
الولايات المتحدة​ لقطة من شريط فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية لإطلاق صواريخ مضادة للدروع (أ.ب)

كوريا الشمالية تضاعف دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا

كشف مسؤولون أميركيون أن فكرة نشر قوات من كوريا الشمالية لمصلحة روسيا في حرب أوكرانيا جاءت من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وتلقفها الرئيس فلاديمير بوتين

علي بردى (واشنطن)
أوروبا زبون يزور متجر «لاكوست» الفرنسي في مركز «غوم» في موسكو... 18 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

سلع غربية فاخرة في أسواق موسكو رغم انسحاب شركات غربية من روسيا

لا تزال المنتجات الغربية الفاخرة معروضة في كثير من المحال التجارية وسط موسكو، بتناقض مع إعلان عدد كبير من الشركات انسحابها من أسواق روسيا بعد غزو أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو (أ.ب)

زيلينسكي يتّهم رئيس الوزراء السلوفاكي برغبته في «مساعدة بوتين»

اتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم (الاثنين)، رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، بالرغبة في «مساعدة» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)

بريطانيا تختبر سلاحاً يعتمد على «موجات الراديو» للتصدي للمسيرات

طائرة مسيرة (أرشيفية-رويترز)
طائرة مسيرة (أرشيفية-رويترز)
TT

بريطانيا تختبر سلاحاً يعتمد على «موجات الراديو» للتصدي للمسيرات

طائرة مسيرة (أرشيفية-رويترز)
طائرة مسيرة (أرشيفية-رويترز)

اختبر جنود في بريطانيا سلاحاً جديداً يستخدم موجات الراديو ذات التردد العالي لإسقاط المسيرات المعادية.

وذكرت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية، أن سلاح الطاقة الموجه بترددات الراديو صمم لاكتشاف وتتبع وتدمير مجموعة من التهديدات عبر البر والجو والبحر على مسافة تصل إلى كيلومتر واحد.

وقالت وزيرة المشتريات الدفاعية، ماريا إيجل، إن هذا السلاح «قد يكون محوريا في تغيير قواعد اللعبة».

وأظهرت الحرب في أوكرانيا والهجمات التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر كيف، أن المسيرات منخفضة التكلفة يمكن أن تكون لها تأثيرات مدمرة.

وتكمن ميزة السلاح في أن الأسلحة التقليدية مثل الصواريخ المضادة للطائرات يمكن أن تكلف أضعافاً عديدة من تكلفة المسيرات التي تحاول إسقاطها، بينما لا يتجاوز سعر إطلاق سلاح الطاقة الموجه بترددات الراديو سوى 10 بنسات فقط.

وتعمل الموجات عالية التردد على تعطيل أو تدمير المكونات الإلكترونية الحيوية داخل الأهداف مثل المركبات غير المأهولة، مما يؤدي إلى توقفها أو سقوطها من السماء.