كوريا الشمالية تضاعف دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا

الفكرة جاءت من كيم مقابل المال والنفط… وتساؤلات عن «خطة ترمب»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال تفقد حظيرة لتجميع الصواريخ في قاعدة فوستوتشني الفضائية خارج مدينة تسيولكوفسكي في روسيا خلال عام 2023 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال تفقد حظيرة لتجميع الصواريخ في قاعدة فوستوتشني الفضائية خارج مدينة تسيولكوفسكي في روسيا خلال عام 2023 (أ.ب)
TT

كوريا الشمالية تضاعف دعمها العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال تفقد حظيرة لتجميع الصواريخ في قاعدة فوستوتشني الفضائية خارج مدينة تسيولكوفسكي في روسيا خلال عام 2023 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال تفقد حظيرة لتجميع الصواريخ في قاعدة فوستوتشني الفضائية خارج مدينة تسيولكوفسكي في روسيا خلال عام 2023 (أ.ب)

كشف مسؤولون استخباريون أميركيون أن نشر قوات من كوريا الشمالية لمصلحة روسيا في حرب أوكرانيا كان فكرة بادر إليها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وتلقفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس لأن الأخير طلب العون في النزاع الذي بدأه قبل 34 شهراً.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية الأميركية أن بيونغ يانغ زادت أخيراً مستوى الدعم العسكري الذي بدأته قبل أشهر مقابل الأموال وشحنات النفط الروسية التي تتعطش إليها الدولة الشيوعية المعزولة. وتفيد تقديرات إيرانية وغربية بأن بيونغ يانغ أرسلت ما لا يقل عن عشرة آلاف جندي اندمجوا إلى حد كبير مع الوحدات الروسية التي شنت هجوماً مضاداً ضد فرقة أوكرانية بسطت سيطرتها على أراضٍ في منطقة كورسك في روسيا منذ الصيف. وتشير تقارير أوكرانية وغربية إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى الكوريين الشماليين في المعارك.

وكان التوغل الأوكراني في كورسك خلال أغسطس (آب) قد صدم الكرملين وفاجأ حتى بعض حلفاء أوكرانيا. وفي البداية، شكك المسؤولون الأميركيون في حكمة التوغل، معتبرين أنه استنزاف للموارد المطلوبة بشدة على الجبهات الأمامية في أوكرانيا. لكن بعض المسؤولين الأميركيين غيّروا تقييمهم، لأن القوات الأوكرانية نجحت في قتل عدد كبير من الجنود الروس المهاجمين.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «رأينا هؤلاء الجنود الكوريين الشماليين ينتقلون من الخطوط الثانية في ساحة المعركة إلى الخطوط الأمامية المخصصة للمشاركة بنشاط في العمليات القتالية. وهذا ليس مفاجئاً - وبالطبع ليس من الغريب أيضاً أن يعاني الجنود الكوريون الشماليون الآن خسائر في ساحة المعركة».

الإصابات

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أوكراني رفيع أن ما يصل إلى 200 كوري شمالي قتلوا وأصيب عدد أكبر قليلاً، لكنه نبه إلى أن الروس يحاولون إخفاء هذه الخسائر. وأضاف أن الفصائل الكورية الشمالية لا يبدو أنها مندمجة بشكل كامل في القوة القتالية الروسية، وفي بعض الأحيان يبدو أنها تعمل بشكل مستقل.

وأفاد مسؤولون أميركيون بأنه من المهم لروسيا الحصول على دعم كوريا الشمالية وإيران، اللتين قدمتا الدعم العسكري خلال الحرب. وهذا ما سمح لروسيا بمواصلة القصف المدفعي المكثف على الخطوط الأمامية، بالإضافة إلى الضغط على المدن الأوكرانية عبر الهجمات بالمسيرات على البنية الأساسية الحيوية.

وتعهد بوتين الخميس الماضي طرد القوات الأوكرانية من غرب روسيا. وقال خلال مؤتمره الصحافي السنوي: «سنستعيد كل شيء، لا شك في ذلك».

عهد ترمب

في المقابل، عانت أوكرانيا نقصاً في الأسلحة، علماً أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يبدأ ولايته بعد أقل من شهر، وحلفاءه الجمهوريين في الكونغرس يبدون أكثر تردداً في الموافقة على المساعدات العسكرية الإضافية. ووعد ترمب بالضغط على كل من أوكرانيا وروسيا لتوقيع اتفاق سلام. ونتيجة لذلك، يعتقد بعض المسؤولين الروس أن خسائرهم الكبيرة والتي وصلت إلى أكثر من نصف مليون جندي بين قتيل وجريح، لن تستمر طويلاً، ولكن مسؤولين أميركيين قالوا إن فرصتهم للسيطرة على المزيد من الأراضي ربما تكون على وشك الانغلاق.

صورة التقطت من الجو تظهر مباني متضررة في بلدة توريتسك بمنطقة دونيتسك (رويترز)

ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن صور الأقمار الاصطناعية الأخيرة تظهر أن كوريا الشمالية ترسل المزيد من الذخائر إلى روسيا وتوسع إنتاج الأسلحة في الداخل لإنتاج الأسلحة التي تحتاج إليها موسكو لتغذية آلتها الحربية الشرهة ولممارسة المزيد من الضغط العسكري على القوات الأوكرانية المنهكة، ويمكن أن تساعدها على مقاومة الضغوط من ترمب لإنهاء الحرب.

ومقابل الدعم العسكري، تتلقى بيونغ يانغ بالفعل الأموال وشحنات النفط. ويخشى المسؤولون الغربيون أن تطلب كوريا الشمالية أيضاً تكنولوجيا نووية حساسة من روسيا في حال وقوع حرب في شبه الجزيرة الكورية.

عجز الأسلحة

ويفيد مسؤولون أميركيون بأن ملايين قذائف المدفعية من كوريا الشمالية سمحت لروسيا بسد عجز الذخيرة الناجم عن القتال الضاري، وبسبب تعطل إنتاج الصواريخ الروسية بسبب العقوبات الغربية. وتشمل المعدات العسكرية الواردة من كوريا الشمالية أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة، التي تنقل بالقطارات.

وقال ضابط الجيش الأوكراني الذي يرأس وحدة حكومية مكلفة بمكافحة التضليل الروسي، إن 60 في المائة من قذائف المدفعية وقذائف الهاون التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا تأتي الآن من كوريا الشمالية. وتشكل الصواريخ الكورية الشمالية الآن نحو ثلث إطلاق الصواريخ الباليستية الروسية على أوكرانيا هذا العام. وشحنت كوريا الشمالية نحو 20 ألف حاوية من الذخيرة إلى روسيا، وفقاً لمسؤولين في واشنطن وسيول، أوضحوا أنها تشمل ذخيرة ذات جودة منخفضة مثل قذائف المدفعية من عيار 122 ملم و152 ملم إلى صواريخ باليستية متقدمة من طراز «هواسونغ 11». وأخيراً، أرسلت بيونغ يانغ مدافع هاوتزر ذاتية الدفع من عيار 170 ملم وقاذفات صواريخ متعددة طويلة المدى عيار 240 ملم.

وبالمثل، تم تعديل أكبر قاذفات صواريخ عيار 600 ملم في كوريا الشمالية سابقاً هذا العام بدعم من الفنيين الروس.

ويقول مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون إن المزيد من الأسلحة قادمة، بالسفن والقطارات، لإعادة إمداد القوات الروسية التي تحرق كميات هائلة من الأسلحة. وقال مسؤولون في سيول إن حوالي 200 مصنع ذخيرة في كوريا الشمالية تعمل بكامل طاقتها لإنتاج الأسلحة، وتنقل روسيا الوقود والمعدات لدعم تصنيع الأسلحة في بيونغ يانغ.


مقالات ذات صلة

لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)

لافروف: أوروبا «تصب الزيت على النار» في الشرق الأوسط

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الدول الأوروبية تسعى إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا انفجارات في سماء مدينة سيزران الروسية في مقاطعة سامارا خلال هجوم بطائرة مسيرة (وسائل إعلام أوكرانية)

أوكرانيا تقصف مصفاة نفط روسية قبل اجتماع زيلينسكي وترمب

قال ​الجيش الأوكراني، اليوم (الأحد)، إنه قصف مصفاة سيزران لتكرير النفط في ‌منطقة سامارا ‌الروسية ‌في ⁠هجوم ​بطائرات ‌مسيّرة خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يتحدث أثناء زيارته لأحد مراكز قيادة المجموعة المشتركة للقوات الروسية في موقع لم يُكشف عنه (أ.ب) play-circle

بوتين: سنحقق أهدافنا بالقوة في أوكرانيا إذا لم ترغب في السلام

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أوكرانيا ليست في عجلة من أمرها لتحقيق السلام.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا العاصمة الأوكرانية كييف تغرق في الظلام بعد انقطاع الكهرباء عن أكثر من مليون منزل جراء غارات روسية (رويترز)

أكثر من مليون منزل دون كهرباء في كييف ومحيطها بعد ضربات روسية

انقطعت الكهرباء عن أكثر من مليون منزل في العاصمة الأوكرانية كييف ومحيطها، اليوم (السبت)، بعد غارات روسية جديدة، وفق ما أعلنت شركة «دتيك» الخاصة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رجل يخرج من منزل دُمّر بعد غارة روسية على كييف (أ.ب)

روسيا: نفذنا «ضربة واسعة النطاق» بأسلحة موجهة على منشآت البنية التحتية الأوكرانية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (السبت)، أنها نفذت «ضربة واسعة النطاق» الليلة الماضية، على منشآت البنية التحتية للطاقة التي تستخدمها القوات المسلحة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو )

الصناعات الدفاعية الأميركية تتجاوز «أزمة» المعادن النادرة بعد القيود الصينية

مصنع «باوغانغ شينلي» لمعالجة العناصر الأرضية النادرة لا يزال قيد الإنشاء في مقاطعة جيانغشي بشرق الصين (أ.ف.ب)
مصنع «باوغانغ شينلي» لمعالجة العناصر الأرضية النادرة لا يزال قيد الإنشاء في مقاطعة جيانغشي بشرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصناعات الدفاعية الأميركية تتجاوز «أزمة» المعادن النادرة بعد القيود الصينية

مصنع «باوغانغ شينلي» لمعالجة العناصر الأرضية النادرة لا يزال قيد الإنشاء في مقاطعة جيانغشي بشرق الصين (أ.ف.ب)
مصنع «باوغانغ شينلي» لمعالجة العناصر الأرضية النادرة لا يزال قيد الإنشاء في مقاطعة جيانغشي بشرق الصين (أ.ف.ب)

لم تكن القيود التي فرضتها الصين على تصدير بعض المعادن النادرة في ربيع هذا العام مجرد خطوة عابرة، بل شكّلت اختباراً حقيقياً لقدرة الصناعات الدفاعية الأميركية على الصّمود في وجه سلاح اقتصادي بالغ الحساسية. فالمعادن النادرة، على رأسها «الساماريوم»، ليست مواد ثانوية يمكن استبدالها بسهولة، بل عنصر حاسم في أنظمة التوجيه الدقيقة للصواريخ والطائرات المقاتلة. ومع ذلك، نجحت الشركات الأميركية، ولو مؤقتاً، في تجنب أزمة كادت تُعطّل إنتاج أسلحة استراتيجية مثل صواريخ «توماهوك»، حسب تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز».

أهمية «الساماريوم»

تكمن أهمية معدن «الساماريوم» في استخدامه لصناعة مغناطيسات «ساماريوم - كوبالت»، القادرة على تحمّل درجات حرارة مرتفعة جداً، وهو ما يجعلها مثالية لتطبيقات عسكرية عالية الحساسية، مثل «زعانف» الصواريخ الموجهة بدقة. وعلى عكس مغناطيسات «النيوديميوم» الشائعة في الإلكترونيات المدنية، لا يمكن التضحية بهذا النوع من المعادن أو استبداله بسهولة من دون المساس بالدّقة والأداء. والتحدي الذي تواجهه واشنطن والصناعات العسكرية الأميركية هو أن أكثر من 85 في المائة من مغناطيسات المعادن النادرة في العالم تُصنع في الصين، التي تهيمن أيضاً على عمليات الفصل والمعالجة الكيميائية المعقدة لهذه العناصر.

وعندما فرضت بكين في أبريل (نيسان) قيوداً على تصدير «الساماريوم» وستة معادن نادرة أخرى، رداً على الرسوم الجمركية الأميركية، وجدت شركات الدفاع الأميركية نفسها فجأة على «القائمة السوداء»، فالشركات الأجنبية التي تستخدم «الساماريوم» لأغراض عسكرية لم تعُد قادرة على شرائه من الصين. وبدت النتيجة المحتملة كارثية: توقف إنتاج صواريخ دقيقة التوجيه، وتأخير برامج مقاتلات، وربما المساس بتوازن الردع العسكري.

حلول من خارج الصين

غير أن الأزمة كشفت في الوقت نفسه عن جانب آخر أقل وضوحاً من سلاسل الإمداد؛ وهو الخبرة المتراكمة لدى عدد محدود من الشركات الغربية التي لم تغادر هذا القطاع كلياً. فشركة «أرنولد ماغنيتيك تكنولوجيز» الأميركية، التي تملك مصانع في سويسرا وتايلاند والصين، كانت قد خزّنت ما يكفيها من «الساماريوم» لأكثر من عام. ووفّر هذا المخزون مهلة زمنية ثمينة، لكنها لم تكن كافية وحدها، وفق «نيويورك تايمز».

مجمع صناعي للمعادن النادرة قيد الإنشاء في مدينة غانتشو، بمقاطعة جيانغشي شرقي الصين (أ.ف.ب)

الحل الأكثر ابتكاراً جاء من أوروبا، عبر صفقة منسقة بدقة بين شركتين: «ليس كومون ميتالز» البريطانية و«سولفاي» البلجيكية. فقد تبين أن لدى «سولفاي» مخزوناً قديماً من نترات «الساماريوم»، يعود إلى سبعينات القرن الماضي، وكان مخزناً في مصنع بفرنسا منذ أن توقفت الشركة عن فصل المعادن النادرة في أوروبا لأسباب اقتصادية. هذا المخزون، الذي يقدّر بنحو 200 طن، تحوّل فجأة إلى طوق نجاة للصناعات الدفاعية الأميركية.

أعاد البريطانيون تشغيل قدرات تقنية كادت أن تُنسى، وحوّلوا «الساماريوم» المُخزّن إلى معدن صالح للاستخدام الصناعي. ومن خلال ما يشبه «نادي المشترين» الذي ضمّ شركات أميركية وأوروبية، أمكن تقاسم التكاليف المرتفعة لمعالجة «الساماريوم» خارج الصين، رغم أن تكلفته تزيد خمساً إلى ثماني مرات على نظيره الصيني. وكانت النتيجة إنشاء جسر إمداد مؤقت يكفي وفق التقديرات لأكثر من عام.

الفرص والتحديات

لكن هذا النّجاح لا يُخفي حقيقة أن الولايات المتحدة ما زالت تعتمد على حلول إسعافية، لا على استراتيجية صناعية عسكرية مستقلة ومستدامة. فالمخزون الأوروبي محدود، ومع نفاده ستعود المشكلة إلى الواجهة ما لم تنجح المشاريع الأميركية الجديدة. هنا تبرز مساعي الحكومة الأميركية، عبر قروض ومنح بمئات الملايين من الدولارات، لدعم شركات مثل «إم بي ماتيريالز» و«ري إليمنت» و«يوكور». غير أن هذه المشاريع تحتاج إلى سنوات لتصل إلى طاقة إنتاجية كافية، وبعضها يعتمد على تقنيات لم تُختبر تجارياً على نطاق واسع.

تجربة السنوات الماضية تعزز الشكوك، فقد تعثر مشروعٌ لشركة أسترالية في تكساس رغم الدعم العسكري، واضطرت شركات كبرى مثل «لوكهيد مارتن» إلى طلب إعفاءات مؤقتة لاستخدام مكونات تحتوي على معادن صينية. ويشير خبراء إلى أن كثيراً من الاستثمارات الأميركية تركز على مغناطيسات «النيوديميوم»، في حين أن الحاجة العسكرية الملحة هي لمغناطيسات «الساماريوم - كوبالت» الأكثر تعقيداً.

في المحصلة، نجحت الصناعات الدفاعية الأميركية في تفادي الصدمة المباشرة للقرار الصيني بفضل مزيج من المخزون الاحتياطي والمرونة الأوروبية وخبرة صناعية صمدت رغم عقود من التهميش، إلا أن هذا النجاح يظل مؤقتاً، فالمعركة الحقيقية ليست في تجاوز أزمة مؤقتة، بل في بناء سلسلة إمداد مستقلة اقتصادياً وقابلة للاستمرار، بحيث لا تتحول المعادن النادرة مرة أخرى إلى أداة ضغط جيوسياسي قادرة على شل مفاصل القوة العسكرية الأميركية.


لاس فيغاس... أول مدينة أميركية تستعين شرطتها بسيارات «تسلا سايبرتراك»

سيارات «تسلا سايبرتراك» في لاس فيغاس (حساب قائد الشرطة كيفن ماكماهيل)
سيارات «تسلا سايبرتراك» في لاس فيغاس (حساب قائد الشرطة كيفن ماكماهيل)
TT

لاس فيغاس... أول مدينة أميركية تستعين شرطتها بسيارات «تسلا سايبرتراك»

سيارات «تسلا سايبرتراك» في لاس فيغاس (حساب قائد الشرطة كيفن ماكماهيل)
سيارات «تسلا سايبرتراك» في لاس فيغاس (حساب قائد الشرطة كيفن ماكماهيل)

أصبحت لاس فيغاس أول مدينة أميركية تستعين شرطتها بسيارات «تسلا سايبرتراك»، حيث أطلقت الشهر الماضي أسطولاً جديداً من هذه السيارات الفولاذية، التي تبدو أضخم من سيارات الشرطة التقليدية.

ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، تبرع متبرعون مجهولون بعشر سيارات من هذا الطراز للشرطة في وقت سابق من هذا العام.

وذكرت الصحيفة أن سيارات «تسلا سايبرتراك» أصبحت رمزاً لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» وأغنى رجل في العالم، والذي روّج لهيكل «سايبرتراك» المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ، واصفاً إياه بأنه «مضاد للكوارث» وقادر على تحمل الرصاص.

ولفتت الصحيفة إلى أن «سايبرتراك» ممنوعة من السوق الأوروبية بسبب مخاوف تتعلق بسلامة المشاة، وفي الربع الثالث من هذا العام، باعت «تسلا» 5385 سيارة «سايبرتراك» فقط، بانخفاض قدره 63 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

ويعود جزء من ضعف المبيعات إلى معارضة إيلون ماسك خلال فترة عمله في الحكومة، كما شهدت شاحنات «سايبرتراك» عدداً هائلاً من عمليات الاستدعاء خلال العامين الماضيين.

ومن بين عمليات الاستدعاء، شملت المشاكل ألواحاً جانبية معرضة للانفصال أثناء القيادة، ومصابيح أمامية ساطعة جداً، ودواسة بنزين تتسارع بشكل غير منضبط.

وقال قائد الشرطة كيفن ماكماهيل في مؤتمر صحافي عُقد مؤخراً لعرض هذه السيارات: «إنها تمثل شيئاً أكبر بكثير من مجرد سيارة شرطة. إنها تمثل الابتكار».

سيارات «تسلا سايبرتراك» في لاس فيغاس (حساب قائد الشرطة كيفن ماكماهيل)

وانتشر خبر امتلاك لاس فيغاس لعشر سيارات «سايبرتراك» كهربائية لأول مرة في فبراير (شباط)، عندما نشر ماكماهيل صوراً لها على منصة «إكس»، معلقاً: «إنها رائعة»، ومعلناً أن قواته ستستخدمها قريباً، وذكر منشور آخر لقسم الشرطة على «إنستغرام» أن الأسطول «تبرع به بالكامل متبرع مجهول».

وتداولت الشائعات حول هوية المتبرع، وجاء ذلك في وقت تراجعت فيه مبيعات «تسلا» بشكل حاد، وكان ماسك يُجري تخفيضات هائلة في رواتب موظفي الحكومة الفيدرالية بصفته رئيساً لما يُسمى «إدارة كفاءة الحكومة».

ووفقاً لرسائل بريد إلكتروني من قسم الشرطة حصلت عليها «الغارديان» عبر طلب معلومات عامة، فقد كان التبرع قيد الإعداد منذ الشهر الذي تلا فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانتخابات.

وذكر مايك جينارو، المسؤول في شرطة لاس فيغاس، في رسالة بريد إلكتروني إلى المتبرع بتاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) 2024: «كما ناقشنا سابقاً، سيمثل استخدام هذه السيارات نهجاً ثورياً في العمل الشرطي الحديث».

واتضح أن المتبرع الغامض هو بن هورويتز، المؤسس المشارك لشركة رأس المال الاستثماري «أندريسن هورويتز» في وادي السيليكون، وزوجته فيليسيا هورويتز، وأعلنا عن تبرعهما بعد أيام قليلة من نشر ماكماهيل التصاميم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتستثمر شركة هورويتز، إحدى أشهر الشركات في وادي السيليكون، في مجموعة متنوعة من شركات التكنولوجيا، وقد أنفقت 400 مليون دولار لمساعدة ماسك على الاستحواذ على «تويتر» عام 2022.

ورداً على الخبر، علّق ماسك على منشور حول الموضوع على منصة «إكس» برمز تعبيري يرتدي نظارة شمسية.

وقال أثار حسيب الله، المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأميركي في نيفادا، إن استخدام الشرطة لسيارات «سايبرتراك» هذه يبدو وكأنه تأييد لماسك.

وأضاف حسيب الله: «أُدرك أن شرطة لاس فيغاس ترى قيمة في وجود سيارات ذات مظهر جذاب، وهذا يُضفي عليها طابعاً عصرياً وراقياً. لكن الحقيقة هي أن المجتمعات لا تطلب ذلك. إنهم يطلبون الشعور بمزيد من الأمان. لا أعتقد أن سيارة (تسلا سايبرتراك) تُشعر أي شخص بمزيد من الأمان».

واجهت مدن أخرى في أنحاء الولايات المتحدة ردود فعل سلبية إزاء احتمال استعمال سيارات «تسلا» إلى السيارات الحكومية. فقد تعهدت مدينة بالتيمور بإنفاق 5 ملايين دولار لشراء سيارات «تسلا» لموظفي البلدية في 2024، لكنها تراجعت.

وفي مقاطعة كينغ بولاية واشنطن، واجه المسؤولون ردود فعل غاضبة من السكان لشرائهم 120 سيارة «تسلا».

وفي عدد قليل من البلدات الصغيرة في كاليفورنيا، حيث يختبر الضباط سيارات «تسلا» لأغراض إنفاذ القانون، يقول رؤساء الأقسام إن هذه السيارات غير مناسبة للعمل الشرطي الحديث.

مع ذلك، فإن إدارة شرطة لاس فيغاس متفائلة، فقد قال ماكماهيل إنه لم يتم إنفاق أي أموال من دافعي الضرائب على سيارات «سايبرتراك» لأنها كانت تبرعاً.

المتبرعون الغامضون

تعيش عائلة هورويتز في لاس فيغاس، وهم من الداعمين القدامى لإدارة شرطة المدينة.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها صحيفة «الغارديان»، شمل تبرعهم بسيارات «سايبرتراك» وتم تحويل التبرع، الذي يُقدّر بنحو 2.7 مليون دولار أميركي، والذي اكتملت إجراءاته في أواخر يناير (كانون الثاني) 2025، عبر مؤسسة خيرية تُعنى بإنفاذ القانون تُدعى «خلف الكواليس».

وكتب جينارو إلى هورويتز، أثناء وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل التبرع: «سترتفع معنويات رجال الشرطة إلى عنان السماء عندما تصل هذه السيارات إلى مراكزهم الفرعية. وسنستخدمها كأداة للحفاظ على معنوياتهم عالية وإنتاجيتهم».

وانتظرت إدارة الشرطة شاحنات «سايبرتراك» لمدة عشرة أشهر تقريباً، حيث خضعت لعمليات تحديث لتناسب العمل الشرطي. وحسب إدارة الشرطة، فإن سيارات الدوريات مزودة بدروع واقية، وسلالم، وأجهزة لاسلكية، ومعدات أخرى.

وفقاً لرسائل بريد إلكتروني داخلية، ستُستخدم مركبة القوات الخاصة في حالات تشمل «المشتبه بهم المتحصنين وحوادث احتجاز الرهائن».

وقدّم هورويتز العديد من التبرعات لشرطة لاس فيغاس خلال العامين الماضيين، بإجمالي يقارب 8 ملايين دولار تشمل هذه أجهزة قراءة لوحات السيارات، وطائرات دون طيار، وأداة ذكاء اصطناعي تُساعد في التعامل مع مكالمات الطوارئ 911.


ترمب يُعيّن صاحبة صالون تجميل لتحدد مَن سيُمنع من دخول الولايات المتحدة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

ترمب يُعيّن صاحبة صالون تجميل لتحدد مَن سيُمنع من دخول الولايات المتحدة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

عيّن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، المسؤولة في وزارة الخارجية مورا نامدار لتُحدد الأجانب المسموح لهم بدخول الولايات المتحدة.

وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت ترقية مورا نامدار من منصبها مساعدَ وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتُصبح مساعدته لشؤون القنصلية؛ حيث ستشرف على جميع الإجراءات بدءاً من إصدار جوازات السفر وصولاً إلى الموافقة على التأشيرات وإلغائها.

وقال موقع «ديلي بيست» إن مورا نامدار، ابنة مهاجرين إيرانيين، شغلت هذا المنصب مؤقتاً خلال ولاية ترمب الأولى عام 2020.

وأضاف أن مورا نامدار، البالغة من العمر 46 عاماً، تمتلك سلسلة صالونات تجميل صغيرة تُدعى «بام» في ولاية تكساس، مسقط رأسها. وأوضحت، في حديث لمجلة «فوج دالاس»، أن الصالون الأصلي كان يهدف إلى أن يكون «رائعاً وأنيقاً، ويجسّد أحلام جنة باريسية في دالاس»، مع جدار من الزهور بطول 20 قدماً، وقد افتتحته بناءً على طلب صديقاتها لتجهيزهن وتجميلهن في حفلات زفافهن.

وقالت: «أدركتُ حينها وجود حاجة لمكان رائع يُعامل تصفيف شعر النساء بوصفه فنّاً بحد ذاته»، وفي مقابلة مع مجلة «دي ماغازين» عام 2017، وصفته بأنه مكان «مرح وجريء».

مورا نامدار (وزارة الخارجية)

ووفق الموقع، تبدأ أسعار تصفيف الشعر من 45 دولاراً، والمكياج من 55 دولاراً، وتوسّعت سلسلة الصالونات لتشمل الزيارات المنزلية، فيما جمعت مورا نامدار بين إدارة الصالون ومكتب محاماة خاص بها.

ولفت إلى أن مورا نامدار كانت أيضاً من بين المساهمين في مشروع 2025 سيئ السمعة، الذي يحمل أفكاراً يمينية متشددة، والذي أثّر بشكل كبير على ولاية ترمب الثانية، حيث كتبت قسماً عن «وكالة الولايات المتحدة» للإعلام العالمي، وفقاً لمجلة «كولومبيا» للصحافة.

وفي ذلك القسم، اتهمت مورا نامدار الوكالة -وهي الهيئة الفيدرالية التي تضمّ هيئات البثّ الممولة من الولايات المتحدة، بما في ذلك «صوت أميركا» و«راديو أوروبا الحرة»- بـ«سوء الإدارة الجسيم، وتشكيل مخاطر أمنية متعلقة بالتجسس، واستخدام خطابات معادية للولايات المتحدة لترديد دعاية خصومها»، داعيةً إلى إصلاحها أو إغلاقها نهائياً.

وبمجرد مصادقة مجلس الشيوخ على تعيين مورا نامدار في وقت سابق من هذا الشهر، أصبحت ذات نفوذ ومسؤولة عن مكتب يملك صلاحية تحديد من يُسمح له بدخول الولايات المتحدة، ومن يُمنع من الدخول.

وفي شهادتها المُعدّة لجلسة استماعها في مجلس الشيوخ في أكتوبر (تشرين الأول)، وصفت مورا نامدار قرارات منح التأشيرات بأنها بالغة الأهمية للأمن القومي، مؤكدةً موافقتها على تقييم روبيو بأنه إذا قام أي شخص «بتقويض سياستنا الخارجية، فإن للموظفين القنصليين سلطة إلغاء تأشيراتهم».

وستقود الآن تحركات الإدارة لحظر دخول أشخاص إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك اتخاذ إجراءات ضد مواطنين من دول أوروبية مختلفة، أعلن الرئيس ووزير الخارجية ماركو روبيو يوم الأربعاء منعهم من دخول الولايات المتحدة لما وصفاه بـ«الرقابة الصارخة» على «وجهات النظر الأميركية» على منصات التواصل الاجتماعي، مع التوعد بمزيد من الإجراءات اللاحقة.

وسعى ترمب مراراً وتكراراً إلى النأي بنفسه عن مشروع 2025 خلال حملته الانتخابية، لكن مع نهاية العام، أفادت شبكة «بي بي إس» بأن إدارة ترمب قد نفّذت نحو نصف أهداف أجندة المشروع، مع التركيز على أن تعيين كوادر مثل مورا نامدار، ورئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار، باعتباره آلية رئيسية لتطبيق أفكار المشروع.

ولجنة الاتصالات الفيدرالية هي الجهة التنظيمية المستقلة التي تُشرف على تراخيص البث والاتصالات.

وكان كار، البالغ من العمر 46 عاماً، هو مؤلف فصل لجنة الاتصالات الفيدرالية في مشروع 2025، الذي دعا الوكالة إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى، وما يسميه «احتكار الرقابة»، مع ربط أجندة الحرب الثقافية هذه بدفع صريح لإلغاء أجزاء كبيرة من لوائح الاتصالات الحالية.

ومنذ توليه منصبه، اتخذ كار خطوات يرى النقاد أنها تتماشى مع هذه الأولويات، وهي خطوات أثارت ردود فعل غاضبة في مجلس الشيوخ وتحذيرات من قادة سابقين في لجنة الاتصالات الفيدرالية بخصوص سياسات «الترهيب بشأن حرية التعبير».