حرب غزة تهز المؤسسات الأوروبية

انتقاد لمواقف رئيسة المفوضية في إسرائيل لأنها «غير مسؤولة»

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصغية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب... الجمعة (د.ب.أ)
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصغية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب... الجمعة (د.ب.أ)
TT

حرب غزة تهز المؤسسات الأوروبية

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصغية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب... الجمعة (د.ب.أ)
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مصغية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب... الجمعة (د.ب.أ)

تهدد الحرب في غزّة بتفاقم الأزمة داخل المؤسسات الأوروبية؛ بسبب التباين الواضح في المواقف من الرد الإسرائيلي وعدم التنسيق، بل والتضارب أحياناً، في تصريحات كبار المسؤولين حول عدم التزام إسرائيل قواعد الحرب، وانتهاكها أحكام القانون الإنساني الدولي في استهدافها المدنيين وقطع الخدمات الحيوية عنهم.

مسؤول أوروبي رفيع المستوى قال لـ«الشرق الأوسط» إن التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، في إسرائيل (مساء الجمعة) أقرب ما تكون إلى «المزايدة... وغير مسؤولة».

وكانت فون دير لاين، التي زارت إسرائيل بمعية رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا متسولا، قد صرّحت بعد لقائها الإسرائيلي إسحق هرتزوغ، بالقول: «ليس من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها فحسب، بل من واجبها أن تحمي مواطنيها وتدافع عنهم».

وامتنعت فون دير لاين عن انتقاد الإنذار، الذي وجهته الحكومة الإسرائيلية لنصف سكان القطاع، لإخلاء منازلهم في غضون 24 ساعة، ولم تطالب بفتح معبر آمن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين تحت القصف.

وأكّدت مصادر دبلوماسية مطلعة أن الصمت الذي التزمته رئيسة المفوضية من التطورات المتسارعة في غزة منذ نهاية الأسبوع الماضي، وتصريحاتها الأخيرة خلال زيارتها إسرائيل، أثارت توتراً داخل فريق المفوضين، وفي المؤسسات الأوروبية الأخرى التي، إلى جانب تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، نبّهت إلى ضرورة احترام القانون الدولي وقوانين الحرب.

وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا باربوك تستمع إلى نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين... الجمعة (د.ب.أ)

وكان مفوّض إدارة الأزمات والمساعدة الإنسانية، جانيز لينارشيك، قد نشر على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي أن حصار غزّة ينتهك أحكام القانون الدولي، بعد أن كان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، جوزيب بوريل، قد أدلى بتصريحات مشابهة يوم الثلاثاء الماضي.

بينما استغرب مسؤولون أوروبيون موقف رئيسة المفوضية، أشاروا إلى أن حتى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحدث في تصريحاته الأخيرة عن ضرورة احترام مبدأ «النسبية» في الرد الإسرائيلي.

كما يتضارب موقف فون دير لاين مع تصريحات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين طالبوا باحترام القانون الإنساني الدولي، وضمان وصول إمدادات المياه والغذاء والكهرباء إلى القطاع، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

وكانت وزيرة الخارجية الألمانية، آنالينا باربوك، دعت أيضاً خلال زيارتها إسرائيل، يوم الجمعة، إلى حماية السكان المدنيين، وتوفير الخدمات الأساسية لهم «لأن هذا ما يميّزنا عن الإرهابيين»، على حد قولها.

الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي في بكين... السبت (أ.ب)

وذكرت المصادر، التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أن موقف رئيسة المفوضية من الحصار المفروض على غزة، والقصف العشوائي الذي تتعرّض له، يتعارض مع الموقف الذي اتخذته عندما حاصر الجيش الروسي مدينة ماريوبول في أوكرانيا، مشيرة إلى أن هذا الموقف من شأنه إضعاف الدور الأوروبي في المنطقة، فضلاً عن أنه يأتي ليزيد من تجاوزها صلاحيات السياسة الخارجية المنوطة بالممثل الأعلى جوزيب بوريل.

ومن بكين، رأى بوريل (الجمعة) أن الإنذار الذي وجهته إسرائيل إلى سكان غزة «غير واقعي على الإطلاق». وقال إن الحرب الدائرة في غزة يمكن أن تعيد خلط الأوراق الجيوسياسية، وأنها احتلّت حيّزاً مهماً من محادثاته مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي.

وقال بوريل إن المعلومات، التي وردته من بعثة الاتحاد الأوروبي في غزة، تفيد بأن عدداً كبيراً من السكان، فضلاً عن المرضى في المستشفيات والجرحى، والذين لجأوا إلى مراكز العناية والمدارس، لا مكان لهم يذهبون إليه، أو وسيلة لنقلهم خارج القطاع.

وأضاف بوريل، في تصريحات إلى وسائل الإعلام: «بالتأكيد، ثمّة جوانب في الرد الإسرائيلي تنتهك أحكام القانون الدولي... وهذه هي المرة الثالثة التي أكرر فيها مثل هذا الكلام، الذي قاله أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة، ولا أفهم كيف يمكن لأحد أن يقول إن الرد لا يجب أن يحترم القانون الدولي... من واجبنا أن نكرر هذا الكلام، ونصرّ ونضغط كي لا تُقطع إمدادات المياه والخدمات الأساسية عن السكان المدنيين... قلنا ذلك في حالة أوكرانيا، ونكرره هنا، مع إدانتنا بأشد العبارات اعتداءات (حماس)، وكل ما قامت به». وتابع بوريل: «إنها المرة الرابعة في حياتي التي أشهد فيها حرباً على غزة، وهذا يدلّ على أن الأسرة الدولية قد نسيت المشكلة الفلسطينية. إسرائيل كانت منصرفة إلى إقامة السلام مع العرب وتركت جانباً المشكلة الفلسطينية، لكن السلام يجب أن يبنى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وعسى أن يكون ما حصل بمثابة نداء إلى الأسرة الدولية كي تحاول الاستجابة».


مقالات ذات صلة

كايا كالاس: واشنطن لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا

أوروبا الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ، 14 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

كايا كالاس: واشنطن لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الولايات المتحدة لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

«فايننشال تايمز»: بوتين يعرض وقف غزو أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع ترمب

نقلت صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم الثلاثاء، عن مصادر مطلعة، القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض وقف غزوه لأوكرانيا عند خطوط المواجهة الحالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (إ.ب.أ)

روبيو لن يحضر محادثات سلام أوكرانيا في لندن

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس اليوم الثلاثاء إن وزير الخارجية ماركو روبيو لن يحضر محادثات في لندن بشأن الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف 22 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي: أرغب في لقاء ترمب خلال مراسم جنازة البابا في الفاتيكان

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إنّه يرغب في لقاء نظيره الأميركي دونالد ترمب خلال مراسم جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان السبت.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض خلال زيارة الثاني واشنطن يوم 28 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

جولة جديدة من محادثات أوكرانيا في لندن استكمالاً لـ«لقاء باريس»

تبدأ الأربعاء في لندن جولة جديدة من المحادثات بشأن أوكرانيا، استكمالاً لـ«لقاء باريس»، مع استباق الكرملين لها وتحذيره من التسرع بشأن إمكانية وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو - لندن)

أربعة جرحى بانفجار مستودع ذخيرة في روسيا

تصاعد الدخان وألسنة اللهب فوق ساحة تدريب عسكرية عقب انفجار في منطقة كيروفسكه بشبه جزيرة القرم 19 يوليو 2023 (رويترز)
تصاعد الدخان وألسنة اللهب فوق ساحة تدريب عسكرية عقب انفجار في منطقة كيروفسكه بشبه جزيرة القرم 19 يوليو 2023 (رويترز)
TT

أربعة جرحى بانفجار مستودع ذخيرة في روسيا

تصاعد الدخان وألسنة اللهب فوق ساحة تدريب عسكرية عقب انفجار في منطقة كيروفسكه بشبه جزيرة القرم 19 يوليو 2023 (رويترز)
تصاعد الدخان وألسنة اللهب فوق ساحة تدريب عسكرية عقب انفجار في منطقة كيروفسكه بشبه جزيرة القرم 19 يوليو 2023 (رويترز)

سقط أربعة جرحى في انفجار وقع في مستودع ذخيرة في منطقة فلاديمير في شرق روسيا، على ما أفاد الجيش الذي أرجع الحادث إلى عدم التزام معايير السلامة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، بسبب (اندلاع) حريق في محيط قاعدة عسكرية في منطقة فلاديمير، انفجرت ذخائر مخزّنة في مستودع. وأضافت: «وفقاً للمعلومات الأولية... السبب وراء الحريق هو مخالفة قواعد السلامة خلال العمل بمواد متفجّرة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت الوزارة إلى أنّ عناصر إطفاء تابعين للجيش ووزارة الطوارئ أُرسلوا إلى المكان.

من جانبها، أشارت النيابة العامة في منطقة فلاديمير إلى أنّ الانفجار وقع بالقرب من بلدة بارسوفو على مسافة نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي موسكو.

وكتب حاكم المنطقة ألكسندر أفديف في منشور عبر تطبيق «تلغرام» مساء الثلاثاء، أن أربعة أشخاص أصيبوا في الحادث، أدخل اثنان منهم المستشفى.

وأشار إلى إجلاء نحو 450 شخصاً من بلدات مجاورة وأُعلنت حالة الطوارئ في كيرجاتش حيث تقع بارسوفو.

وتظهر مقاطع مصورة لم يتم التحقق من صحتها نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كرة نار ضخمة في الجو مع دوي انفجار قوي تلاه تصاعد أعمدة دخان.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الحادث و«سيتمّ تقديم المسؤولين المذنبين إلى العدالة».

وتشهد مستودعات الذخائر حرائق وانفجارات بشكل متكرّر في أنحاء مختلفة من روسيا، خصوصاًمن جراء عدم الالتزام بقواعد السلامة أو بسبب الحالة المتداعية لمخزونات الأسلحة ومواقع التخزين.

ومنذ بدء الهجوم الروسي الواسع النطاق على أوكرانيا في عام 2022، أعلن الجيش الأوكراني مسؤوليته مرّات عدّة عن ضربات على مستودعات ذخائر في روسيا.