نقطة التوازن الفرنسية... تنديد بـ«حماس» ودعوة لدولة فلسطينية

شاب شيشاني الأصل يقتل أستاذاً ويصيب اثنين آخرين بجروح في مدينة أراس

ماكرون لدى وصوله إلى مدرسة غامبيا الثانوية في مجدين أراس بعد عملية قتل مدرس وإصابة اثنين آخرين بجروح الجمعة (أ.ف.ب)
ماكرون لدى وصوله إلى مدرسة غامبيا الثانوية في مجدين أراس بعد عملية قتل مدرس وإصابة اثنين آخرين بجروح الجمعة (أ.ف.ب)
TT

نقطة التوازن الفرنسية... تنديد بـ«حماس» ودعوة لدولة فلسطينية

ماكرون لدى وصوله إلى مدرسة غامبيا الثانوية في مجدين أراس بعد عملية قتل مدرس وإصابة اثنين آخرين بجروح الجمعة (أ.ف.ب)
ماكرون لدى وصوله إلى مدرسة غامبيا الثانوية في مجدين أراس بعد عملية قتل مدرس وإصابة اثنين آخرين بجروح الجمعة (أ.ف.ب)

حملت الكلمة التي وجهها الرئيس إيمانويل ماكرون، ليل الخميس - الجمعة، إلى الفرنسيين مجموعة من الرسائل، تشدد إحداها - وهي بالتأكيد الرئيسية - على الدعوة إلى المحافظة على وحدة فرنسا «كأمة وجمهورية باعتبار أن وحدتنا سوف تحمينا من التجاوزات والانحرافات وكل الأحقاد».

وبحسب ماكرون، فإن «واجب الدولة الأول المحافظة على أمن المواطنين، ومنع أي تفلت في الكلام أو حصول أعمال معادية للسامية أو أي استهداف، وأنا أعي القلق أو حتى الخوف الذي يمس بعضكم. ولكن ما أود قوله هو أن الجمهورية موجودة لحمايتكم، وأنها ستكون من غير شفقة إزاء من يبث الأحقاد».

ولأن كلمة ماكرون الرئيسية كانت موجهة للجالية اليهودية في فرنسا، فإنه سعى إلى طمأنة اليهود والمسلمين معاً، بقوله: «أنا أعي الخوف الذي يعتري مواطنينا من الطائفة اليهودية من أن اندلاع العنف هناك، العنف المعادي للسامية أن يشكل الذريعة لخطاب وإهانات وأعمال تستهدفهم. كذلك أعي القلق الذي يلم بمواطنينا من المسلمين الذين يتخوفون من أن يتغلب الخلط (بينهم وبين الإرهاب) على العقلانية، ولذا نحن نجاهد اليوم وسنجاهد دوماً حتى لا يشعر أي شخص بالخوف على التراب الفرنسي».

رجال شرطة وخبراء جنائيون أمام المدرسة حيث جرت عملية الطعن في مدينة أراس الجمعة (أ.ف.ب)

منذ اندلاع حرب غزة، دأبت السلطات الفرنسية على التحذير من تبعاتها على الداخل الفرنسي، على شاكلة أعمال إرهابية كالتي عرفتها فرنسا في عام 2015 وما بعده.

وفي اليوم التالي لكلمة ماكرون، شهدت مدينة أراس الواقعة شمال باريس، أول عملية إرهابية قام بها مواطن شيشاني، عمره 20 عاماً واسمه محمد موغوشكوف، هاجم بسكين مدرسة وقتل أستاذ اللغة الفرنسية وأصاب بجروح شخصين آخرين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية أن موغوشكوف الذي وصل إلى فرنسا في عام 2008، يحمل الجنسية الروسية، وكان موضع رقابة من قبل المخابرات الداخلية، وهو مسجل على لائحة الأشخاص الذين يمثلون تهديداً للأمن في فرنسا.

وأفاد شهود من المدرسة المعنية بأن الأخير صاح «الله أكبر»، قبل أن يهاجم الأشخاص الذين كانوا في باحة المدرسة الثانوية ويشتبك معهم، ويتجه بعدها نحو أستاذ اللغة الفرنسية الذي أصابه بجراح مميتة. ولاحقاً، نجح رجال الأمن في توقيفه وفي القبض على شقيق له كان قريباً من مدرسة أخرى في المدينة نفسها.

وصول شرطة مكافحة الشغب إلى مدينة أراس عقب عملية الطعن الجمعة (أ.ف.ب)

وأعلنت النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب على الأثر فتح تحقيق في قضية قتل على ارتباط بمخطط إرهابي، وتحقيق في محاولة قتل على ارتباط بمخطط إرهابي وتشكيل عصابة إجرامية إرهابية. وعهد بالتحقيقين إلى قسم مكافحة الإرهاب في المديرية الوطنية للشرطة الجنائية والمديرية العامة للأمن الداخلي، بحسب النيابة العامة.

وتذكر هذه الحادثة بما حصل قبل 3 سنوات عندما قتل مواطن شيشاني صامويل باتي، أستاذ التاريخ في مدرسة ثانوية بمدينة كونفلان سانت هونورين، وجز رأسه، الأمر الذي أثار موجة من الغضب على المستوى الوطني.

ولا شك أن الحادثة ستطرح أسئلة حول فاعلية الأجهزة الأمنية التي كانت تراقب القاتل منذ الصيف الماضي، وتسجل مخابراته الهاتفية وترصد تحركاته. إلا أنها أفادت بأن «لا شيء في اتصالاته الهاتفية كان يشي بأنه سيعمد إلى ارتكاب فعلته».

فرنسية ترفع علم فلسطين خلال مظاهرة للمطالبة برفع الأجور بباريس الجمعة (أ.ف.ب)

وسارع الرئيس ماكرون إلى الانتقال إلى مدينة أراس لمعاينة مكان الحادث، فيما علقت رئيسة مجلس النواب يائيل براون - بيفيه أعمال المجلس، عادّة أن «الرعب فعل فعله».

وضربت القوى الأمنية طوقاً حول المدرسة ونقل عن نقابتين للمعلمين، أن القاتل الذي ألقي القبض عليه «تلميذ سابق» في المدرسة. وبينت مقاطع فيديو أن وصوله مسلحاً إلى باحة المدرسة أثار ذعر التلامذة.

ومنذ بداية عام 2015، التي شهدت كثيراً من العمليات الإرهابية على الأراضي الفرنسية، أبرزها عملية «مسرح الباتاكلان» بباريس، في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، سقط في فرنسا 260 قتيلاً وعدة مئات من الجرحى، ما يعني أن عملية الجمعة، ستثير مخاوف الفرنسيين من أن تكون بلادهم على عتبة موجة جديدة من الإرهاب مرتبطة بتطورات حرب غزة.

مظاهرة غير مرخصة تأييداً لفلسطين في باريس الخميس (أ.ف.ب)

موقف ماكرون

في كلمته المتلفزة للفرنسيين التي دامت 10 دقائق، استخدم ماكرون أشد العبارات للتنديد بما قامت به «حماس» صبيحة السبت الماضي، مشدداً على وقوف فرنسا إلى جانب إسرائيل.

وقال إن «فرنسا تدين بأقسى الشدة الأعمال الرهيبة (التي قامت بها حماس). ولنكن واضحين: إن حماس حركة إرهابية وتريد تدمير إسرائيل وموت شعبها... الحرب ليست بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إنها حرب تقوم بها مجموعات إرهابية ضد أمة ومجتمع وقيم ديمقراطية».

لكن بالمقابل، لم يعمد ماكرون إلى إدانة الضربات التي تسددها «القيم الديمقراطية» للمدنيين في غزة والحصار الذي تفرضه على القطاع وحرمانه من المياه والكهرباء والغذاء والطاقة، وإجبار مئات الآلاف على الرحيل عن مدنهم ومنازلهم. كما أنه لم يطالب بوضع حد للأعمال العسكرية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. ولم يفُتْ ماكرون التذكير بأنه «لا مبرر أبداً للإرهاب»، وأن «من حق إسرائيل الدفاع عن النفس» وأن فرنسا «تدعمه في ردها المشروع على الهجمات الإرهابية».

ورغم هذا الموقف المطلق إلى جانب تل أبيب، حرص ماكرون على التنبيه إلى أن «القضاء على المجموعات الإرهابية يجب أن يتم بعمليات مستهدفة مع عدم المساس بالمدنيين، لأن هذا هو واجب الديمقراطيات». وبعد أن ذكر ماكرون بالاتصالات الواسعة التي أجراها مع قادة من الشرق الأوسط ومع الجانبين الأميركي والأوروبي، شدد على أنه «ليس من الممكن تقبل تواصل حرب لا نهاية لها في منطقة الشرق الأوسط، وأن الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تحل مكان البحث عن السلام»، مضيفاً أن محدداته معروفة «وهي توفير الضمانات الضرورية لأمن إسرائيل وقيام دولة فلسطينية، لأن هذا يمثل النهج الذي تدافع عنه فرنسا باستمرار وسنواصل السير على هديه».

ونبه الرئيس الفرنسي من «يخلطون بين القضية الفلسطينية وتبرير الإرهاب» بأنهم «يرتكبون خطأ مثلثاً: أخلاقياً، سياسياً واستراتيجياً». ووفق خلاصته، فإن باريس «المتسلحة بثبات بوضوح رؤيتها وثبات (مواقفها) تتحمل مسؤولية السعي إلى السلام والحوار، وهي ستواصل ذلك».

وذكر الرئيس الفرنسي أن بلاده تسعى مع شركائها لعدم تمدد الحرب، مشيراً بالاسم إلى لبنان. وتوجه إلى مواطنيه قائلاً: «لنبقَ متحدين من أجل أن نحمل رسالة أمن وسلام للشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا عنصرا أمن يقتادان منفذ هجوم الطعن في زولينغن إلى التحقيق (د.ب.أ)

حملة تفتيش جديدة للشرطة الألمانية على خلفية هجوم إرهابي

على خلفية الهجوم الإرهابي الذي وقع أخيراً في مدينة زولينغن الألمانية، أجرت الشرطة مرة أخرى حملة تفتيش في إحدى المناطق بالمدينة. وقالت مصادر أمنية، إن قوات…

«الشرق الأوسط» (برلين)
الخليج الملتقى سيشهد على مدى 3 أيام أوراقاً علمية وحلقات نقاش بمشاركة عربية ودولية (الشرق الأوسط)

الرياض تستضيف ملتقى حول الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية

بدأت في الرياض، الثلاثاء، أعمال «الملتقى الثاني لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية: التركيز على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

غازي الحارثي (الرياض)
شمال افريقيا عربات عسكرية في واغادوغو (أرشيفية رويترز)

بعد «هجوم باماكو»... عواصم دول الساحل تعيش حالة طوارئ غير معلنة

أعلنت سلطات بوركينا فاسو أن سيارات الإسعاف والمركبات الدبلوماسية وعربات نقل الموتى، ستخضع للتفتيش في العاصمة واغادوغو خشية استغلالها لشن هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي صورة أرشيفية للقيادي بـ«حزب الله» إبراهيم عقيل بالزي العسكري وزعها «الإعلام الحربي» (أ.ف.ب)

إسرائيل تغتال المطلوبين لواشنطن في تفجيرات بيروت قبل 40 عاماً

مغنية وعقيل تتهمهما الولايات المتحدة بالضلوع في تفجيرات إرهابية استهدفت القوات متعددة الجنسيات في لبنان والسفارة الأميركية في بيروت عام 1983.

نذير رضا (بيروت)

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
TT

صيف 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق في جنوب شرقي أوروبا

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في أوروبا (أرشيفية - رويترز)

أفاد تقييم أولي لخدمة «كوبرنيكوس» للتغير المناخي، التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية هذا الصيف في منطقة جنوب شرقي أوروبا.

وأشارت خدمة «كوبرنيكوس»، الخميس، إلى أن السكان في المنطقة تعرضوا لـ«إجهاد حراري شديد» -وصلت درجة الحرارة القصوى المحسوسة اليومية إلى 32 درجة مئوية على الأقل- على مدار 66 يوماً بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب).

وكان هذا العدد هو الأكبر من الأيام حتى الآن، والتي شهدت مثل هذا الإجهاد الحراري في جنوب شرقي أوروبا، حيث بلغ المتوسط 29 يوماً.

وأضافت خدمة «كوبرنيكوس» أن المناطق في جنوب شرقي أوروبا وفي فينوسكانديا -شبه الجزيرة التي تشمل الدول الإسكندنافية وفنلندا وشبه جزيرة كولا التابعة لروسيا- سجلت درجات حرارة قياسية.

لكن، في شمال غربي أوروبا، كان متوسط درجات الحرارة في الفترة من يونيو إلى أغسطس قريبة من المتوسط أو أقل منه.

وأفادت النتائج الأولية بأن البحر المتوسط وصل أيضاً إلى أعلى مستوى قياسي؛ حيث بلغ متوسط درجة الحرارة على سطح الماء في كامل حوض البحر 28.45 درجة مئوية في 13 أغسطس.

وقالت سامانثا بورجيس، نائبة مدير خدمة «كوبرنيكوس»: «إن درجات الحرارة القصوى في مناطق مثل جنوب شرقي أوروبا تؤثر على سلامة الأوروبيين، حيث يعاني المواطنون في هذه المنطقة من إجهاد حراري أكثر من أي وقت مضى».

وكان هناك أيضاً تباين صارخ في هطول الأمطار بين مختلف المناطق في أوروبا.

وسجلت معظم مناطق القارة -خصوصاً منطقة الجنوب الشرقي- أعداداً أقل من المتوسط من الأيام الممطرة.

وفي مناطق أخرى، منها شمال المملكة المتحدة وفينوسكانديا ودول البلطيق، كان هناك ما يصل إلى 20 يوماً ممطراً أكثر من المتوسط.

وكانت مستويات المياه في أكثر من ثلث الأنهار الأوروبية (35 في المائة) -خصوصاً في جنوب شرقي أوروبا- منخفضة للغاية. وعلى النقيض، كانت مستويات المياه في الأنهار في أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى مرتفعة بشكل استثنائي في هذا الوقت من العام.