سلوفاكيا: انتخابات على تماس مع حرب أوكرانيا

منافسة محتدمة بين يساريين مؤيدين لروسيا وليبراليين موالين للغرب

صندوق اقتراع قبيل فتح المراكز أمام الناخبين السبت (رويترز)
صندوق اقتراع قبيل فتح المراكز أمام الناخبين السبت (رويترز)
TT

سلوفاكيا: انتخابات على تماس مع حرب أوكرانيا

صندوق اقتراع قبيل فتح المراكز أمام الناخبين السبت (رويترز)
صندوق اقتراع قبيل فتح المراكز أمام الناخبين السبت (رويترز)

أدلى الناخبون في سلوفاكيا، البلد العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بأصواتهم، السبت، في انتخابات برلمانية مرصودة أوروبيا وأطلسيا، إذ تشهد منافسة محتدمة بين رئيس الوزراء السابق اليساري، روبرت فيتسو، الذي تعهد وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا المجاورة، والليبراليين المؤيدين للغرب.

وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي النهائية أن الحزبين المتنافسين متقاربان. ويحظى كل منهما بتأييد نحو 20 في المائة من الناخبين. ومن المتوقع أن يحصل الفائز على أول فرصة لمحاولة تشكيل حكومة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال، التي تدير البلاد، البالغ عدد سكانها 5.5 مليون نسمة، منذ مايو (أيار) الماضي.

لوحة إعلانية انتخابية لرئيس الوزراء السابق اليساري روبرت فيتسو في أحد شوارع براتيسلافا الجمعة (رويترز)

وستغلق مكاتب الاقتراع، في هذه الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في الثامنة مساء بتوقيت غرينتش. ويتوقع أن تبدأ النتائج الأولية في الظهور بعد إقفال المراكز، على أن تعلن النتائج الرسمية صباح الأحد.

وقالت وكالة «رويترز» إن حكومة بقيادة روبرت فيتسو، زعيم حزب «اتجاه-الديمقراطية الاجتماعية السلوفاكي» اليساري، ستعني انضمام سلوفاكيا إلى المجر، في تحد لتوافق دول الاتحاد الأوروبي على دعم أوكرانيا، في وقت يتطلع فيه التكتل إلى الحفاظ على وحدته في معارضة الغزو الروسي.

كما أنها ستزيد عدد الدول الشيوعية السابقة في الشرق، التي تديرها حكومات تعادي علنا الليبرالية، إلى جانب حزب «القانون والعدالة» القومي البولندي، الذي يخوض أيضا انتخابات الشهر المقبل، لكن بولندا لا تزال مؤيدة لأوكرانيا.

أما حكومة بقيادة حزب «سلوفاكيا التقدمية» فستجعل البلاد تواصل نهجها الحالي في السياسة الخارجية، مع الحفاظ على الدعم القوي لأوكرانيا، ووضع الدولة في معسكر ليبرالي ومؤيد للاندماج في الاتحاد الأوروبي بشأن مسائل مثل تصويت الأغلبية لانتهاج سياسات مرنة وصديقة للبيئة.

الليبرالي ميخال شيمتشكا زعيم حزب «سلوفاكيا التقدمية» يدلي بصوته مع شريكته وابنته في مركز اقتراع في براتيسلافا السبت (أ.ف.ب)

وقال ميخال شيمتشكا، زعيم حزب «سلوفاكيا التقدمية» وهو أيضا نائب رئيس البرلمان الأوروبي، بعد الإدلاء بصوته في العاصمة براتيسلافا: «الأمر الآن متروك للناخبين... آمل أن تواصل أي حكومة تأتي بها هذه الانتخابات دعم أوكرانيا».

في المقابل، نشر اليساري روبرت فيتسو تسجيلا مصورا على «فيسبوك» يظهر فيه وهو يدلي بصوته برفقة والدته، قائلا إنه يأمل في أن ينتصر «الحس السليم» في الانتخابات، حتى تخلو سلوفاكيا «من الهواة والمخطئين المفتقدين للخبرة الذين يدخلوننا في مغامرات مثل الهجرة والحرب».

وخلال الحملة الانتخابية التي تخللتها مشاحنات بين المرشحين، وجّه فيتسو انتقادات لاذعة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ومجتمع الميم. كما رفض أي مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.

وقال المحلل السياسي غريغوري ميسينزيكوف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «هذه الانتخابات ستكون ف

رئيسة سلوفاكيا زوزانا كابوتوفا تتحدث لصحافيين بعد الإدلاء بصوتها السبت (د.ب.أ)

اصلة لناحية التوجه المستقبلي لبلادنا في مجال السياسة الخارجية، الدفاع والأمن، لكن أيضا (...) لأجل مستقبل الديمقراطية».

ومن غير المتوقع أن يفوز الحزب الذي يتزعمه فيتسو، ولا الحزب الذي يتزعمه شيمتشكا، بالأغلبية، ما يعني أن من المرجح أن تعتمد الحكومة المستقبلية على نتائج أكثر من ستة أحزاب صغيرة، تتنوع بين التيارات الليبرالية واليمينية المتطرفة، ولتشكيل ائتلاف يتيح انتزاع الغالبية في البرلمان المكوّن من 150 نائبا.

وكانت الرئيسة السلوفاكية، زوزانا كابوتوفا، أكدت أنها ستكلف الفائز في الانتخابات تشكيل الحكومة المقبلة.

ومن المتوقع أن يأتي حزب «هلاس» (صوت) المنتمي لتيار يسار الوسط بزعامة بيتر بليغريني، وهو عضو سابق في حزب «اتجاه-الديمقراطية الاجتماعية السلوفاكي» وتولى رئاسة الوزراء بين 2018 و2020، في المركز الثالث وربما يكون صانع الملوك. وأبقى خياراته مفتوحة لكنه قال الأسبوع الماضي إن حزبه يميل إلى فيتسو.

واستغل فيتسو حالة السخط من ائتلاف يمين الوسط المتشاحن، الذي انهارت حكومته العام الماضي ما عجل بهذه الانتخابات قبل نحو ستة أشهر من موعدها.

زعيم حزب «هلاس» (صوت) بيتر بليغريني يدلي بصوته السبت (إ.ب.أ)

وقالت «رويترز» إن آراء فيتسو المؤيدة لروسيا توافقت مع المزاج العام في المجتمع السلوفاكي، الذي طالما كان يميل نسبيا إلى روسيا. وساعدت في إذكاء هذه المشاعر الروايات المؤيدة لروسيا والمعلومات المضللة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال خبير علم الاجتماع ميخال فازيتشكا: «استفاد فيتسو من كل ذلك القلق الناتج عن جائحة كورونا وحرب أوكرانيا ومن الغضب المنتشر في سلوفاكيا في السنوات الثلاث الماضية».

وتعهد فيتسو بوقف الإمدادات العسكرية لأوكرانيا والسعي من أجل محادثات السلام. وهذا نهج قريب من سياسة الرئيس المجري فيكتور أوربان، لكن ترفضه أوكرانيا وحلفاؤها الذين يقولون إن هذا سيؤدي فقط إلى مساعدة روسيا.

صورة وزعتها الرئاسة الأوكرانية السبت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح وزير دفاع سلوفاكيا مارتن سكلينا في كييف الجمعة (أ.ف.ب)

كما انتقد العقوبات المفروضة على موسكو ودافع عن حق النقض للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

لكن فيتسو كان أيضا زعيما ينتهج سياسة براغماتية في الماضي، لذا يرى دبلوماسيون ومحللون أجانب أنه يمكن أن يروض تحوله في السياسة الخارجية.

وتعاني سلوفاكيا من أكبر عجز في الموازنة بمنطقة اليورو بنحو سبعة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقال محللون ودبلوماسيون أيضا إن البلاد في حاجة ماسة إلى تمويل التحديث والتعافي من الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن أي حكومة ستفكر جيدا قبل الدخول في صراع مع بروكسل حول قضايا مثل سيادة القانون.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

أوروبا المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

قال ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية، إن روسيا تقوم ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا، وذلك خلال قمة دولية في كمبوديا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد لقائهما في أثينا الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أمين عام «الناتو»: الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» في دعمه أوكرانيا

قال الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الثلاثاء، إن الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» لدعم أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا أضرار في موقع هجوم صاروخي روسي ضرب مبنى إدارياً لبنك متوقف عن العمل جنوب غربي أوكرانيا 25 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

روسيا تستهدف البنية التحتية الأوكرانية بأكبر هجوم مسيّرات منذ بدء الحرب

قال مسؤولون أوكرانيون، الثلاثاء، إن القوات الروسية شنّت أكبر هجوم لها على الإطلاق بطائرات مسيّرة على أوكرانيا الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

كشف تقرير صحافي أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على عدة شركات صينية يُزعم أنها ساعدت شركات روسية في تطوير طائرات مسيرة هجومية تم استخدامها ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين (أرشيفية - رويترز)

مدير المخابرات الروسية: نرغب في «سلام راسخ وطويل الأمد» في أوكرانيا

قال مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية إن بلاده تعارض تجميد الصراع في أوكرانيا؛ لأن موسكو بحاجة إلى «سلام راسخ وطويل الأمد».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقوم روسيا ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا على ما أفاد به ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية خلال قمة دولية في سيام ريب في كمبوديا.

وقال أولكسندر ريابتسيف إن موسكو نشرت «هذه العبوات الناسفة في مدن ومزارع ومحطات نقل عام»، مؤكداً أنها تهدد مناطق يقيم فيها نحو 6 ملايين أوكراني، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت كييف قد أعلنت في وقت سابق، الثلاثاء، أنّها ستتخلّى عن التزاماتها في إطار اتفاق أوتاوا، بتدمير ما تبقى من مخزونها البالغ نحو 6 ملايين لغم مضاد للأفراد ورثتها من الحقبة السوفياتية.

وفي هذا الإطار، قال ممثل آخر لوزارة الدفاع الأوكرانية وهو يفيني كيفشيك، خلال المؤتمر نفسه: «للأسف، ليس من الممكن تنفيذ هذا الالتزام في الوقت الحالي».

وأضاف أنّ «العدوان الضخم وغير المبرّر من قبل الاتحاد الروسي على أوكرانيا أدى إلى إدخال تعديلات على خطط تدمير المخزون».

ولم يشر كيفشيك في خطابه إلى العرض الأميركي بتزويد كييف بألغام مضادة للأفراد والذي كان المقصود منه وفقاً لواشنطن إبطاء تقدّم قوات موسكو في شرق أوكرانيا.

ولم يحدّد حجم المخزون الأوكراني، غير أنّه أشار إلى أنّه من بين 6 ملايين لغم أرضي موجود منذ حقبة الاتحاد السوفياتي، تمّ «تدمير أكثر من 2.5 مليون لغم بالكامل».