ألمانيا تشدد مراقبة حدودها مع بولندا والتشيك بعد ارتفاع أعداد المهاجرين

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
TT

ألمانيا تشدد مراقبة حدودها مع بولندا والتشيك بعد ارتفاع أعداد المهاجرين

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (د.ب.أ)

أعلنت ألمانيا، (الأربعاء)، أنها ستشدد مراقبة حدودها مع بولندا والجمهورية التشيكية في محاولة لوقف ازدياد الهجرة غير الشرعية، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في مؤتمر صحافي إن «الشرطة الفيدرالية ستنفذ إجراءات إضافية مرنة ومحددة على طرق تهريب البشر» على طول حدودها الشرقية.

وتسبب ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين في إشعال الجدل مجددا في ألمانيا، والضغط على حكومة المستشار أولاف شولتس. كما أثار توترات مع دول مجاورة أوروبية تواجه تدفقاً مماثلاً لطالبي اللجوء.

وقالت فيزر إن الضوابط الجديدة ستُطبق «هذا الأسبوع» لتعزيز قوات الدورية في المنطقة الحدودية. وأضافت «هدفي ممارسة أقصى ضغط على المهربين وحماية الناس».

زادت ألمانيا عدد أفراد الشرطة المكلفين عمليات بحث في المنطقة الحدودية في الأشهر القليلة الماضية مع بدء ارتفاع أعداد المهاجرين.

بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) هذا العام سجلت الشرطة الفيدرالية 70,753 حالة دخول غير قانونية إلى ألمانيا، بزيادة بنسبة 60 في المائة تقريباً مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي.

وارتفعت أعداد طلبات اللجوء أيضا بنحو 77 في المائة، مسجلة أكثر من 204,000 طلب، وفق المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين.

وكانت فيزر قد أشارت مؤخراً إلى احتمال تطبيق ضوابط ثابتة على الحدود مع بولندا والجمهورية التشيكية، على غرار الإجراء المطبق على طول الحدود بين ألمانيا والنمسا.

وجميع تلك الدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وفي فضاء شنغن المفتوح.

ولا يُسمح بفرض ضوابط حدودية في منطقة شنغن إلا في ظروف استثنائية، ويتعين إبلاغ الاتحاد الأوروبي بالإجراء قبل تطبيقه.

جدل أوروبي

قالت فيزر إنها «لا تستبعد» فرض ضوابط ثابتة في المستقبل إذا لم تثبت الإجراءات الجديدة فاعلية كافية.

لكن لن يكون من الضروري إبلاغ الاتحاد الأوروبي بالضوابط المؤقتة، وفق فيزر.

وكانت قد حصلت على الضوء الأخضر اللازم من نظيرها التشيكي وقالت إنها تأمل في الحصول على الموافقة نفسها من بولندا خلال اجتماع لوزراء الداخلية الأوروبيين في بروكسل الخميس الماضي.

وستكون الهجرة في مقدمة جدول المباحثات في وقت تختلف الدول الأعضاء بشأن من يتحمل مسؤولية الواصلين الجدد، وكيفية ضبط حدود الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل.

وقالت فيزر: «أنا متفائلة جدا بالتوصل إلى اتفاق قريبا، لأن جميع المعنيين يدركون مدى أهمية الحل الأوروبي».

ويأتي النقاش بدفع خاص من إيطاليا التي تسجل ارتفاعاً في عدد الواصلين إلى سواحلها على متن قوارب من سواحل شمال أفريقيا.

والعلاقة بين ألمانيا وحكومة رئيس الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني شهدت توتراً بسبب قضية المهاجرين.

وانتقدت روما ألمانيا لدعمها أنشطة سفن إنقاذ المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط. وبدورها علقت برلين اتفاقية لاستقبال مهاجرين من إيطاليا.

ذكريات أزمة

في ألمانيا أعاد العدد المتزايد للمهاجرين إلى الأذهان ذكريات أزمة المهاجرين في 2015، عندما تدفق عشرات آلاف الأشخاص إلى البلاد. آنذاك أبقت المستشارة أنجيلا ميركل الحدود مفتوحة، ودعت السلطات إلى إدارة تدفق اللاجئين ومعظمهم من سوريا والعراق. ورغم أن الزيادة في أعداد المهاجرين لم تقترب من الذروة التي سُجلت في 2015، فإنها أعادت إثارة الجدل حول الهجرة في ألمانيا.

وعلى غلافها الأخير، تساءلت مجلة «شبيغل» الإخبارية الألمانية: «هل يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى؟»، مرددة صرخة ميركل في ذروة أزمة عام 2015.

وقال وزير المالية كريستيان ليندنر أمام البوندستاغ (مجلس النواب)، إن ألمانيا «فقدت السيطرة جزئياً على دخول» البلاد خلال أزمة 2015، مضيفاً أنها لا تستطيع تحمل تكرار لذلك.

وبالإضافة إلى الضوابط التي أعلنت عنها فيزل مؤخرا، عرض ليندنر تخصيص 500 مسؤول جمركي لتعزيز أمن الحدود.

وتضغط المعارضة أيضاً على حكومة شولتس لوضع حد لهذه المسألة.

ودعا مايكل كريتشمر رئيس حكومة ولاية ساكسونيا الأحد، إلى استجابة فورية تشمل فرض ضوابط ثابتة. وقال كريتشمر، عضو حزب المحافظين المعارض، إن «الوضع مأساوي».

وتقع ولاية ساكسونيا على حدود كل من بولندا والجمهورية التشيكية.



ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
TT

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)
المستشار أولاف شولتس وافق على تنظيم الانتخابات التشريعية في فبراير المقبل (رويترز)

بعد أيام من الضوضاء التي عاشتها ألمانيا إثر الانهيار المفاجئ لحكومتها الائتلافية، وإصرار المستشار أولاف شولتس على الاستمرار بقيادة حكومة أقلية حتى نهاية مارس (آذار)، خضع أخيراً لضغوط المعارضة، ووافق على انتخابات مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل.

ويستعد شولتس لطرح الثقة في حكومته في 16 ديسمبر (كانون الأول)، وهي خطوة ضرورية قانونياً تمهد للدعوة لانتخابات مبكرة. ومن المتوقع أن يخسر التصويت، بعد أن خسرت الحكومة أكثريتها إثر طرد المستشار لوزير ماليته كريستيان ليندنر، وانسحاب وزراء آخرين منتمين جميعاً للحزب «الليبرالي»، الذي يُشكّل مع الحزب «الاشتراكي» بزعامة شولتس، وحزب «الخضر» الائتلاف الحاكم.

المستشار الألماني أولاف شولتس متحدثاً في فعالية ببرلين غداة إقالته وزير المالية وإعلانه طرح الثقة بحكومته (د.ب.أ)

وكشف فريدريش ميرتس زعيم الحزب «الديمقراطي المسيحي»، الذي يستعد لخلافة شولتس ليصبح مستشار ألمانيا المقبل، عن استعداد حزبه لخوض الانتخابات المبكرة التي كانت مجدولة أصلاً لنهاية سبتمبر (أيلول). وقال: «نحن مستعدون، وفي أفضل حال». وتحدث خلال ظهور له في منتدى في برلين، عن خطط يعد لها حزبه، من بينها تخفيض الإعانات المالية عن العاطلين عن العمل، وهي إعانات رفعتها حكومة شولتس، وعرضتها لكثير من الانتقادات.

وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر (أ.ب)

ورغم أن السنوات الثلاث الماضية من عمر الحكومة الائتلافية شابتها خلافات كثيرة بين الأحزاب المشاركة في الحكومة، فإن هذه المرة كان الخلاف كبيراً، وتسبب في انهيار الائتلاف الهش. واختلف المستشار مع وزير ماليته حول ميزانية العام المقبل التي لم تتمكن الأحزاب الثلاثة من الاتفاق عليها. وفيها يتفق حزب شولتس «الاشتراكي»، مع حزب «الخضر» حول السياسات الضريبية والاجتماعية لقيادة البلاد، وكان الحزب «الليبرالي» وهو حزب يميني وسطي، غالباً ما يصطدم مع الحزبين الآخرين حول السياسات المالية.

ورفض ليندنر مساعي شولتس، وحزب «الخضر» لزيادة النفقات الاجتماعية مقابل رفع الضرائب على الشركات، وسعى لتخفيض تلك الضرائب، وحتى تخفيض المعاشات التقاعدية تجنباً لزيادة الديْن العام.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتس (رويترز)

ويحظر الدستور الألماني الاستدانة إلا في الحالات الطارئة. وقد ارتفع سقف الديْن العام في ألمانيا منذ تسلم حكومة شولتس مهامها نهاية عام 2021، أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها وباء «كورونا»، وثانياً بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا، والتضخم والغلاء اللذين ضربا ألمانيا. وأراد ليندنر تخفيض المعاشات التقاعدية لتمويل الحرب في أوكرانيا، ولكن شولتس عدّ ذلك خطاً أحمر وطرد وزير ماليته. وعدّ البعض الخلاف الذي حدث بين ليندنر وشولتس متعمداً، بسبب تدني شعبية حزبه بشكل كبير منذ دخوله الحكومة.

البرلمان الألماني - البوندستاغ (أ.ف.ب)

وتشير استطلاعات رأي إلى أن الحزب «الليبرالي» لن يدخل حتى البرلمان في الانتخابات المقبلة، بسبب انخفاض نسبة التأييد له إلى ما دون 5 في المائة، وهي عتبة الدخول للبرلمان. ولكن هذا الانسحاب الذي وصفه البعض بـ«التكتيكي» من الحكومة، قد يرفع حظوظ الحزب «الليبرالي» مرة جديدة، خصوصاً أن مستوى الرضا عن حكومة شولتس منخفض إلى درجات قياسية.

وليندنر نفسه عبّر عن استعداده للعودة للحكومة بعد الانتخابات المقبلة ضمن حكومة يديرها الحزب «المسيحي الديمقراطي» وزعيمه ميرتس الذي يحل في الطليعة بحسب الاستطلاعات، ويحصل على نسبة تزيد على الـ32 في المائة. وحتى ميرتس عبّر عن انفتاحه للتحالف مع الليبراليين، وإعادة ليندنر نفسه وزيراً للمالية. وتعد السياسة المالية للحزبين «الليبرالي»، و«المسيحي الديمقراطي» قريبة من بعضها، وهي سياسة محافظة تعتمدها الأحزاب اليمينية الوسطية.

زعيم حزب المعارضة «المسيحي الديمقراطي» فريدريش ميرتس الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات المقبلة (إ.ب.أ)

وقال ليندنر بُعيد إعلان الاتفاق على تاريخ جديد للانتخابات، إن هدف حزبه تحقيق 10 في المائة من نسبة الأصوات في الانتخابات المقبلة، مضيفاً خلال مشاركته في منتدى ببرلين، أن «السباق لمنصب المستشار انتهى، ومن شبه المؤكد أن فريدريش ميرتس هو المستشار المقبل».

وبالفعل، حتى الآن تشير الاستطلاعات إلى أن الحزب «المسيحي الديمقراطي» الذي تنتمي إليه المستشارة السابق أنجيلا ميركل، وكان قد خرج من السلطة معها قبل ثلاث سنوات، هو الحزب الأول وبفارق كبير. وفي المرتبة الثانية يحل حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بنسبة تأييد تصل إلى 18 في المائة، وبعده الحزب «الاشتراكي» بنسبة تأييد تصل إلى 16 في المائة. وفي الماضي، قادت ميركل ثلاث حكومات ائتلافية من أصل أربع كان الحزب «الاشتراكي» شريكها فيها. ولكن هذه المرة يبدو أن ميرتس يخطط للتحالف مع الليبراليين، ولكن سيتعين أولاً الحصول على أصوات كافية لدخول البرلمان.

المستشار الألماني أولاف شولتس في مكتبه يتحدث عبر الجوال قبيل إقالته وزير ماليته (أ.ف.ب)

ويرفض ميرتس وكل الأحزاب السياسية الأخرى، التحالف مع «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف رغم حلوله ثانياً في استطلاعات الرأي، ما يعني أنه قد يصبح حزب المعارضة الأكبر داخل البرلمان في الانتخابات المقبلة.

وانهارت حكومة شولتس في اليوم الذي صدرت فيه نتائج الانتخابات الأميركية، وأُعلن فوز دونالد ترمب بالرئاسة. ورغم أن التسريبات من داخل حزب شولتس كانت تشير إلى أن فوز ترمب قد يوحد الحكومة ويدفعها لتخطي خلافات بهدف الاستعداد لولاية ترمب، فإن العكس حدث. وشجع الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير المنتمي للحزب «الاشتراكي» على السرعة لتخطي الأزمة السياسية، وإعادة الاستقرار لألمانيا، وهو يجري مشاورات لا تتوقف مع الأحزاب منذ انهيار الحكومة. ويتعين عليه الآن تأييد تاريخ 23 فبراير موعداً للانتخابات المقبلة، ولكن ذلك يعد خطوة شكلية.

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

ويرى محللون أن تقليص فترة عدم اليقين في ألمانيا ضرورية لكي تتيح للحكومة المقبلة أن تستعد للتعامل مع إدارة ترمب، خصوصاً في الملفات الشائكة، وتحديداً ملف أوكرانيا. ويؤيد حزب ميرتس دعماً أكبر لأوكرانيا من شولتس، وهو يؤيد كذلك انضمامها لحلف الناتو، على عكس شولتس الذي يرى أن الأفضل أن تبقى حيادية.