موسكو تتهم واشنطن ولندن بتنسيق الهجمات الأوكرانية في البحر الأسود

لائحة عقوبات روسية جديدة تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين في بريطانيا

TT

موسكو تتهم واشنطن ولندن بتنسيق الهجمات الأوكرانية في البحر الأسود

صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية لقصفٍ براجمات الصواريخ في موقع غير محدد في أوكرانيا (وزارة الدفاع الروسية - أ.ف.ب)
صورة وزّعتها وزارة الدفاع الروسية لقصفٍ براجمات الصواريخ في موقع غير محدد في أوكرانيا (وزارة الدفاع الروسية - أ.ف.ب)

صعّدت موسكو لهجة اتهاماتها ضد لندن وواشنطن بالانخراط في الحرب الأوكرانية، بعد مرور يوم واحد على إعلان مسؤولين روس أن بلادهم تقترب من «المواجهة المباشرة» مع حلف شمال الأطلسي (الناتو). وأعلنت الخارجية الروسية أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية نسّقت بشكل مباشر هجمات على الأسطول الروسي في شبه جزيرة القرم، في حين نشرت وسائل إعلام قريبة من الكرملين تفاصيل عن تنشيط تحركات أنظمة المراقبة والرصد الغربية في البحر الأسود.

اتهامات بتورط عسكري مباشر

وفي امتداد لحملة موسكو القوية على الغرب، بعد الإعلان أخيراً عن تزويد أوكرانيا بشحنة من دبابات أميركية من طراز «ابرامز»، وجّهت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، اتهامات مباشرة إلى لندن وواشنطن بتنسيق الهجمات الأوكرانية التي تركزت في الأسابيع الأخيرة على شبه جزيرة القرم. وكان نائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف قال الثلاثاء: إن «الخيارات تتقلص أمام موسكو، والوضع ينزلق أكثر نحو مواجهة مباشرة مع حلف الأطلسي»، متعهداً بالانتصار على التكتل الذي وصفه بأنه «مثل محور هتلر».

ماريا زاخاروفا (وزارة الخارجية الروسية - إكس)

وقالت زاخاروفا، اليوم (الأربعاء): إن تنفيذ الهجوم الأوكراني على قيادة أسطول البحر الأسود الروسي في مدينة سيفاستوبول حصل بـ«تنسيق وثيق مع خبراء أميركيين وبريطانيين». وأضافت خلال تقديمها إيجازاً صحافياً أنه «في 22 سبتمبر (أيلول) تعرّضت سيفاستوبول للهجوم مرة أخرى، وليس هناك أدنى شك في أن الهجوم تم التخطيط له مسبقاً باستخدام وسائل الاستخبارات الغربية، ومعدات الأقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع التابعة لدول (الناتو)، وتم تنفيذه بتحريض وتنسيق وثيق مع أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية».

وكانت كييف شنّت هجوماً صاروخياً قوياً على مقر الأسطول الروسي أسفر عن تدمير أجزاء منه.

وتزامنت الاتهامات الروسية الجديدة مع نشر وسائل إعلام قريبة من الكرملين معطيات عن تنشيط تحركات وسائل الاستطلاع والتجسس الغربية في البحر الأسود. وأفادت أرقام نُسبت إلى منصة «فلايت رادار» المتخصصة، بأن الأميركيين مع حلفائهم في «الناتو» ضاعفوا عدد طلعات الاستطلاع الجوي في محيط منطقة القرم ثلاث مرات.

جنود أوكرانيون يستعدون للمشاركة في العمليات العسكرية ضد القوات الروسية في إقليم دونيتسك أمس الثلاثاء (أ.ف.ب)

تصعيد النشاط التجسسي لـ«الناتو»

ووفق المعطيات ذاتها، نفّذت طائرات الاستطلاع الأميركية والطائرات من دون طيار الاستراتيجية، بالإضافة إلى طائرات الاستطلاع التابعة لدول «الناتو»، 21 رحلة جوية في منطقة شبه جزيرة القرم خلال الأسبوع من 18 إلى 24 سبتمبر. وقد غطت تحركات طائرات التجسس البريطانية منطقة الساحل الشرقي لرومانيا، بينما حلّقت طائرات الاستطلاع الاستراتيجي الأميركية فوق الجزء الأوسط والشرقي من البحر الأسود.

وتؤكد معلومات الموقع أن معظم هذه الطلعات الجوية (16 من أصل 21) قامت بها طائرات أميركية.

وتشير المعطيات الروسية إلى أنه بالمقارنة مع الوضع في مطلع العام، فقد ارتفعت وتيرة التحركات الغربية في البحر الأسود من طلعة واحدة في المتوسط أسبوعياً إلى عشرات الطلعات شهرياً. وتزامن هذا النشاط مع تنشيط الهجمات الأوكرانية على شبه جزيرة القرم.

وأفادت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية بأنه «قبل يوم من الضربة التي استهدفت مقر أسطول البحر الأسود، والتي نفذتها القوات الأوكرانية باستخدام صواريخ كروز، ارتفع نشاط الطلعات الاستطلاعية للطائرات الأميركية وحلفائها بشكل ملحوظ».

في الوقت ذاته، نقلت الوكالة عن رئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني» التابعة لوزارة الدفاع إيغور كوروتشينكو، أن الأميركيين أقاموا منظومة استطلاع ضاربة في منطقة البحر الأسود تشارك مباشرة في الأعمال القتالية ضد روسيا.

وشدد كوروتشينكو على أن مسيّرات «غلوبال هوك» الجوية الأميركية التي تحلّق فوق المياه المحايدة للبحر الأسود، سوف تصبح هدفاً مشروعاً للدفاع الجوي الروسي، ورأى أن «تدمير حتى واحدة منها سيقلل من خطر الهجمات الأوكرانية على شبه جزيرة القرم».

قائد أسطول البحر الأسود الروسي الذي قالت أوكرانيا إنها قتلته بالقصف على مقر الأسطول في شبه جزيرة القرم... لكنه ظهر اليوم حياً في فيديو وزّعته الخدمة الإعلامية لأسطول البحر الأسود الروسي (رويترز)

عقوبات ضد لندن

تزامن الحديث الروسي عن تكثيف التدخل الغربي المباشر في الحرب، مع تصعيد جديد ضد لندن. وأعلنت الخارجية الروسية الأربعاء عن إدراج 23 شخصاً من بريطانيا على لائحة العقوبات الروسية بسبب انخراطهم بشكل مباشر في الحرب إلى جانب أوكرانيا.

ووفقاً للقرار الذي نُشر نصه على المنصة الإلكترونية للوزارة، فقد حظرت موسكو دخول 23 بريطانياً إلى روسيا واتخذت ضدهم إجراءات.

وأشار القرار الروسي إلى أنه «مع تزايد انخراط لندن في الدورة المناهضة لروسيا (...) تم اتخاذ قرار بتوسيع قائمة العقوبات الروسية لتشمل ممثلين عن المؤسسة العسكرية السياسية والهيئة الصحافية والمجتمع العلمي في بريطانيا».

وضمت القائمة المحدثة رئيس أركان الدفاع في القوات المسلحة أنتوني راداكين الذي تقول موسكو: إنه يُشرف على تدريب مقاتلي القوات المسلحة الأوكرانية على الأراضي البريطانية، ورئيسة لجنة الاستخبارات المشتركة الحكومية، مادلين أليساندري، التي تشارك في صياغة استراتيجية لندن في الاتجاه الأوكراني، وكذلك رئيسة مجلس إدارة شركة «بي إيه إي سيستمز» الدفاعية كريسيدا هوغ.

كما تنطبق القيود الجديدة على موظفي المراكز النفسية البريطانية «المشاركين في جمع وتحليل المعلومات لمكافحة روسيا». وتشمل هذه المؤسسات المعهد الملكي للدراسات الدفاعية، ومؤسسة هنري جاكسون، ومعهد سيفيتاس للأبحاث.

وأشارت وزارة الخارجية الروسية، في قرارها، إلى أن «العمل على توسيع قائمة العقوبات رداً على تصرفات لندن العدائية سوف يستمر».

تحمل كلبها معها أمام منزل متضرر بفعل القتال في إقليم دونيتسك اليوم الأربعاء (رويترز)

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا فرضتا أوائل الشهر الحالي عقوبات على 11 روسياً متهمين بشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية خلال جائحة «كوفيد - 19». شملت اللائحة أشخاصاً متهمين بالمسؤولية عن ابتزاز ما لا يقل عن 180 مليون دولار في جميع أنحاء العالم وما لا يقل عن 27 مليون جنيه إسترليني من 149 ضحية في المملكة المتحدة، وفقاً للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة. ونص قرار العقوبات ضدهم على منعهم من دخول البلاد وتجميد أصولهم.

هجوم على خيرسون وتقدم في خاركيف

ميدانياً، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن أن وحداتها الصاروخية نفذت هجوماً قوياً قبل يومين.

وقالت الوزارة في بيان: إن الجيش «وجّه في 25 سبتمبر ضربة بصواريخ عالية الدقة ضد مستودعات للأسلحة والذخيرة تابع للقوات الأوكرانية في منطقة كيسيليوفكا بمقاطعة خيرسون». وأسفرت الضربة الصاروخية، وفقاً لمعطيات الوزارة، عن انفجارات واندلاع النيران في 12 مستودع ذخيرة وتدميرها.

مسعفون في منزل أُصيب بالقصف في منطقة تسيطر عليها روسيا بإقليم دونيتسك اليوم الأربعاء (رويترز)

وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن هذه المستودعات كانت تحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف طن من الذخيرة والقذائف من مختلف العيارات.

وتقع قرية كيسيليوفكا، على الضفة اليمنى لنهر الدنيبر، شمال غرب مدينة خيرسون، بالقرب من الطريق السريعة المؤدية إلى نيكولاييف.

في غضون ذلك، تحدث مسؤولون عسكريون روس عن إحراز تقدم ميداني مباشر على عدد من المحاور. خصوصاً في إقليم خاركيف (شرق). وقال رئيس الإدارة العسكرية المدنية الذي عيّنته موسكو في المنطقة فيتالي غانشيف: إن القوات الروسية «تقدمت بشكل جيد» في الآونة الأخيرة وحصلت على موطئ قدم في معاقل كانت تابعة للقوات الأوكرانية في السابق في منطقة خاركيف.

وزاد: «لقد تقدم مقاتلونا بشكل جيد للغاية (...) العدو يجلب المزيد والمزيد من الاحتياطيات الجديدة ويبدي مقاومة شرسة. إنهم يعانون بالفعل من خسائر فادحة للغاية».

ووفقاً لغانشيف، اتخذ الجيش الروسي مواقع «ملائمة استراتيجياً لمزيد من التقدم».

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أعلن في اجتماع عسكري الثلاثاء، أن القوات المسلحة الروسية نجحت في توسيع منطقة السيطرة بالقرب من سينكوفكا وبتروبافلوفكا في منطقة كوبيانسك في محيط خاركيف.


مقالات ذات صلة

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

اتهمت أوكرانيا روسيا بأنها قصفت السبت بواسطة مسيّرة سفينة شحن تركية في البحر الأسود على متنها 11 مواطناً تركياً، وذلك غداة ضربة جوية روسية

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز) play-circle

برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

من المقرر أن يلتقي المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين في برلين

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

زيلينسكي: بدء سريان عقوبات ضد نحو 700 سفينة «تستخدمها روسيا لتمويل الحرب»

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم (السبت) بدء سريان العقوبات التي فرضتها بلاده ضد نحو 700 سفينة تقول إن روسيا تستخدمها لتمويل الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال تجمع في ماونت بوكونو بولاية بنسلفانيا 9 ديسمبر (د.ب.أ)

استراتيجية ترمب للأمن القومي تهدد تحالفات واشنطن التاريخية

يتناقض رفض الرئيس دونالد ترمب الانخراط في «حروب أبدية» مع التصعيد الكبير الذي يمارسه على فنزويلا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بوتين ترحيبه بجهود ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يترحيبه بالحوار الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام مع أوكرانيا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ألمانيا: إحباط مخطط بـ«دوافع إسلاموية» لمهاجمة سوق لعيد الميلاد

زوار في سوق لعيد الميلاد ببرلين (أ.ف.ب)
زوار في سوق لعيد الميلاد ببرلين (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا: إحباط مخطط بـ«دوافع إسلاموية» لمهاجمة سوق لعيد الميلاد

زوار في سوق لعيد الميلاد ببرلين (أ.ف.ب)
زوار في سوق لعيد الميلاد ببرلين (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الألمانية، السبت، أنها ألقت القبض على 5 رجال للاشتباه بتورطهم في مخطط بـ«دوافع إسلاموية» لاقتحام سوق لعيد الميلاد بسيارة؛ بهدف قتل وإصابة روادها.

وأفاد بيان للشرطة ومكتب الادعاء العام، بأنه تم اعتقال مصري و3 مغاربة وسوري، الجمعة، على خلفية التخطيط لتنفيذ الهجوم في ولاية بافاريا في جنوب ألمانيا.

وذكر البيان أن المصري البالغ 56 عاماً دعا في أحد المساجد لتنفيذ هجوم على سوق في منطقة دينغولفينغ-لانداو «باستخدام سيارة بهدف قتل أو إصابة أكبر عدد ممكن من الناس»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضاف أن المغاربة الذين تراوحت أعمارهم بين 22 و30 عاماً، وافقوا على تنفيذ الهجوم، وشجَّعهم السوري البالغ 37 عاماً.

ويشتبه الادعاء حالياً في وجود «دافع إسلاموي» وراء الهجوم. ومثل جميع المشتبه بهم أمام قاضٍ، السبت، وهم لا يزالون قيد الاحتجاز.

كانت صحيفة «بيلد» واسعة الانتشار قد نشرت تقريراً عن القضية في وقت سابق.

ويُعتقد أن عمليات الاعتقال جرت، الجمعة، قبل أن يُعرض الرجال على قاضي التحقيق، السبت.

ورفعت السلطات الألمانية حالة التأهب تحسباً لهجمات على أسواق عيد الميلاد، بعد هجوم بسيارة العام الماضي على سوق في مدينة ماغديبورغ، أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة المئات.


كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
TT

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

اتهمت أوكرانيا روسيا بأنها قصفت، السبت، بواسطة مسيّرة سفينة شحن تركية في البحر الأسود على متنها 11 مواطناً تركياً، وذلك غداة ضربة جوية روسية قالت كييف إنها ألحقت أضراراً بسفينة نقل تركية أخرى قرب ميناء أوديسا.

وقالت البحرية الأوكرانية، في بيان، إن ضربة السبت لم تسفر عن جرحى وأصابت في البحر السفينة «فيفا» فيما كانت تنقل زيت دوار الشمس إلى مصر، موضحة أن السفينة واصلت طريقها إلى وجهتها المحددة.

وأضافت أن السفينة كانت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأوكرانيا، لكن خارج مدى الدفاعات الجوية الأوكرانية.

واتهمت البحرية روسيا بانتهاك القوانين البحرية «بشكل سافر».

وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالهجوم، متعهداً الرد عليه.

وقال زيلينسكي في مداخلته المسائية: «كان ذلك اعتداء على الأمن الغذائي»، عادّاً «استهداف هذه السفن، التي لا علاقة لها بالحرب، تحدياً مباشراً من روسيا للعالم أجمع. وسنعمل مع شركائنا لتحديد كيفية الرد على ذلك. وسيكون هناك رد بالتأكيد».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وفي وقت سابق السبت، حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من تحويل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، بعد سلسلة ضربات في الأسابيع الأخيرة.

والجمعة، ألحقت غارة جوية روسية أضراراً بسفينة تركية قرب أوديسا في منطقة البحر الأسود، على ما أعلنت كييف والشركة المشغلة للسفينة، الجمعة.

وجاء الهجوم بعد ساعات من طرح إردوغان القضية شخصياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة في تركمانستان.

وخلال الأسابيع الماضية، استهدفت هجمات عدة ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود، بعضها نُفّذ بمسيّرات وأعلنت كييف المسؤولية عنها.


برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
TT

برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)

في مشهد يعكس التوتر المتصاعد في شرق أوروبا والتحديات المعقدة التي تواجه جهود إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، تتوجه الأنظار إلى العاصمة الألمانية برلين مع نهاية الأسبوع الحالي وبداية الأسبوع المقبل. يأتي ذلك في أعقاب إلغاء اجتماع باريس الذي كان مقرراً السبت.

ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي يقود المفاوضات بشأن خطة السلام الأميركية، بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين رفيعي المستوى، بما في ذلك المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. هذه القمة تأتي في ظل ضغط أميركي متزايد لوضع حد للقتال قبل نهاية العام، الأمر الذي يضعه البيت الأبيض في مقدمة أولوياته.

الرئيسان ترمب وبوتين خلال «قمة ألاسكا» في 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وقال مصدر بالحكومة الألمانية، السبت، إن بلاده ستستضيف وفوداً أميركية وأوكرانية خلال مطلع الأسبوع لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وذلك قبل قمة الاثنين في برلين. وقال المصدر، كما نقلت عنه «رويترز»، عندما سئل عن الاجتماعات: «تجري في برلين مطلع هذا الأسبوع محادثات بشأن وقف محتمل لإطلاق النار في أوكرانيا بين مستشاري السياسة الخارجية من الولايات المتحدة وأوكرانيا وغيرهما». ولم يدل المسؤول الحكومي بأي تفاصيل إضافية حول التوقيت الدقيق لمحادثات ويتكوف أو بشأن الصيغ التي ستجري على أساسها الاجتماعات أو المشاركين فيها.

الأوروبيون يطالبون بضمانات أمنية أميركية

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، عملت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أو ما يعرف بمجموعة الترويكا الأوروبية، على تنقيح المقترحات الأميركية التي دعت في مسودة تم الكشف عنها الشهر الماضي إلى تنازل كييف عن مزيد من الأراضي والتخلي عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وفرض قيود على عدد أفراد الجيش الأوكراني.

وكان الرئيس الأوكراني خطط للسفر إلى العاصمة الألمانية للقاء حلفائه الأوروبيين، في إطار الجهود المحيطة بالخطة الأميركية التي جرى الكشف عنها قبل شهر تقريباً.

ووفقاً لكييف، فإنّ المفاوضات عالقة بشكل خاص على القضايا المرتبطة بالأراضي، في ظل مطالبة الولايات المتحدة للأوكرانيين بتنازلات كبيرة بشأنها.

الرئيسان الأميركي والأوكراني خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

ومساء الجمعة أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الأوروبيين والأوكرانيين يطالبون الأميركيين بأن يقدموا «ضمانات أمنية» قبل أي تفاوض حول الأراضي في شرق أوكرانيا المحتل من الروس. وقال مستشار للرئيس الفرنسي إن «المطلوب شفافية كاملة بشأن الضمانات الأمنية التي يمكن للأوروبيين والأميركيين تقديمها للأوكرانيين قبل أي تعديلات تطول قضايا الأراضي المتنازع عليها». وأوضح أن «ما ينتظره الأوروبيون من الأميركيين... قد يشبه ما نسميه +البند الخامس+ (في ميثاق حلف شمال الأطلسي)، أي ضمانة أميركية بالنسبة إلى من يشاركون في تحالف الراغبين»، مؤكداً أن هذا الضمان الأميركي يجب أن يبعث برسالة واضحة للروس بأنهم «إذا كانوا يخططون لمهاجمة أوكرانيا مرة أخرى، فسيتعين عليهم مواجهة ليس فقط الأوروبيين والأوكرانيين ولكن أيضاً الأميركيين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومساعده يوري أوشاكوف خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

كما نفى موافقة الأوكرانيين على أي تنازلات إقليمية في مناقشاتهم مع واشنطن، وذلك في أعقاب تقارير صحافية أشارت إلى أنهم منفتحون على نزع السلاح من الأراضي التي لا يزالون يسيطرون عليها ويطالب الروس بضمها. وقال: «لم يبرم الأوكرانيون أي صفقة بشأن الأراضي، ولا يفكرون في إبرام صفقة بشأن الأراضي اليوم، ولا يفكرون في إنشاء منطقة منزوعة السلاح».

أرضية مشتركة

لكن بدا أن ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي، يؤيد هذه الفكرة، إذ صرح لصحيفة «لوموند» الفرنسية بأنه «سيتعين وجود منطقة منزوعة السلاح على جانبي خط المواجهة»، وأن جزءاً من الأراضي «سيظل للأسف تحت الاحتلال الفعلي من جانب روسيا». وأقر المستشار الفرنسي بأن المحادثة التي جرت الأربعاء بين إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي دونالد ترمب كانت «صعبة» من هذه الناحية، مشيراً إلى «اختلافات» مع الأميركيين حول «كيفية تنظيم تسلسل الأحداث في الأيام والأسابيع المقبلة».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي مع المستشار الألماني ميرتس (أ.ف.ب)

وأكدت الرئاسة الفرنسية مجدداً ضرورة أن يتفق الأميركيون أولاً مع الأوروبيين والأوكرانيين على تقديم مقترحات سلام مشتركة قبل أي مفاوضات مع روسيا. وأشار المستشار الرئاسي إلى أن «هذه الأرضية المشتركة يجب أن تجمع الأوكرانيين والأميركيين والأوروبيين. ويجب أن تتيح لنا، معاً، تقديم عرض تفاوض، وعرض سلام متين ودائم، يحترم القانون الدولي ومصالح أوكرانيا السيادية». وأكدت الرئاسة الفرنسية أن «الأمر سيكون متروكاً للأميركيين لممارسة نفوذهم وموهبتهم لإقناع الروس بأن هذا الخيار الموحد، الأرضية الأوروبية الأوكرانية الأميركية المشتركة، هو الخيار الذي يُبنى عليه السلام». في هذا السياق، لم يقرر إيمانويل ماكرون بعد ما إذا كان سيحضر اجتماع القادة الأوروبيين المقرر عقده الاثنين في برلين. واكتفى قصر الإليزيه بالقول إنه «قد تُعقد اجتماعات الأسبوع المقبل في أوروبا، وبرلين خيار ممتاز. لكن رئيس الجمهورية لم يتخذ بعد قراراً».

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)

ضغوط أميركية وتحديات أوكرانية

يؤكد قرار واشنطن إرسال ويتكوف، ومعه صهر الرئيس جاريد كوشنر، ضرورة الإسراع في ردم الخلافات بين كييف وواشنطن. ورفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة تقديم تفاصيل بشأن بند رئيسي في اقتراح السلام الأميركي. ويدعو هذا البند إلى إنشاء منطقة اقتصادية حرة في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، الذي تريد موسكو أن تتخلى كييف عنه بالكامل. وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن فريق ترمب المفاوض كان غامضاً في تحديد تفاصيل من سيسيطر على الأمن بموجب اقتراح ترمب للمنطقة. وقال ترمب: «إنه وضع معقد للغاية، لكنه سينجح. ويريد الكثير من الناس أن يروا نجاحه».

بوتين ومستشاره للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف (يسار) والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (يمين) (أ.ب)

كما كشف المسؤولون الأوكرانيون عن أن المقترح الأميركي يفرض سقفاً على حجم الجيش الأوكراني يبلغ نحو 800 ألف جندي، وهو حجمه الحالي تقريباً، ويزيل أي إشارة إلى رفض «الآيديولوجية النازية» من مسودة سابقة. وفي المقابل، قدمت كييف مقترحاً مضاداً من 20 نقطة، لا يتوقع أن تقبله روسيا، يطالب بضمانات أمنية قانونية صارمة ضد أي عدوان روسي مستقبلي، على أن تحافظ أوكرانيا على الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، كما يصر على حق أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وإزاء هذا التناقض في مواقف الطرفين، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استيائه من المفاوضات، وتأكيده أنه لن يرسل مسؤولاً إلا «إذا شعر بأن من الممكن إحراز تقدم»، مع إشارته إلى أنه «سئم من الاجتماعات لمجرد عقدها». وفي مكالمة متوترة، طلب ترمب من قادة أوروبا الضغط على زيلينسكي لقبول الخطة الأميركية، قائلاً إن أوكرانيا «تخسر الحرب».

الشكوك الدبلوماسية

ماكرون وزيلينسكي يوقعان «رسالة النوايا» في قاعدة فيلاكوبيله الجوية جنوب باريس وبموجبها تحصل كييف على 100 طائرة من طراز رافال (إ.ب.أ)

على الرغم من التقييم القاتم الذي تتبناه الإدارة الأميركية حول خسارة أوكرانيا للحرب، نقلت صحف أميركية عدة عن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، اللواء كيريلو بودانوف، قوله إنه يرى أن القوات الأوكرانية «تحافظ على الخط» وأن الجبهة «مستقرة نسبياً» وأن اختراقها «صعب للغاية»، مع إقراره بأن الجبهة «تتحرك بشكل ديناميكي ولكن يمكن السيطرة عليه»، وهي «ليست انهياراً».

وتواجه أوكرانيا تحديات جمة، أبرزها نقص القوات والأعتدة، خاصة مع تفوق روسيا في تجنيد الجنود (حيث سجلت أكثر من 400 ألف مجند هذا العام وفقاً لبودانوف) وحصولها على دعم كبير من القذائف المدفعية، حيث يسهم توريد كوريا الشمالية بنحو 40 في المائة من قذائف روسيا المدفعية. كما حققت روسيا تقدماً في حرب الطائرات المسيَّرة. ويبقى التحدي الأكبر لكييف هو الصمود وسط تراجع الدعم العسكري الغربي.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

في خضم هذا المشهد الميداني المعقد، تسيطر الشكوك على الشارع الأوكراني بشأن نجاح المفاوضات. فبعد سنوات من القتال، أصبح الأوكرانيون يركزون أكثر على كيفية العيش في ظل انقطاعات الكهرباء المنتظمة نتيجة القصف الروسي، أكثر من اهتمامهم بـ«نقاط» خطة السلام. وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» يقول العديد من الأوكرانيين إنهم يرون في «الازدحام الدبلوماسي» الأميركي مجرد «رقصة» يؤديها قادتهم لتجنب تخلي إدارة ترمب عنهم كلياً، مع قناعتهم بأن روسيا لا تهتم باتفاق.

ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين أوكرانيين أن استراتيجية كييف حالياً هي «ألا تقول لا مباشرة لترمب أو ممثليه، مع الاستمرار في الدفاع عن مصالح أوكرانيا نقطة تلو الأخرى». ويواجه زيلينسكي مهمة شبه مستحيلة: إظهار استعداده للتفاوض، على الرغم من يقينه باستحالة إبرام صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يسعى إلى «إخضاع أوكرانيا بالكامل».

تصعيد روسي ورد أوكراني

تتزامن هذه التحركات الدبلوماسية المضغوطة مع تصعيد عسكري روسي كبير على الأرض. فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ «ضربة واسعة النطاق» على منشآت الطاقة والصناعة العسكرية الأوكرانية باستخدام أسلحة، من بينها صواريخ «كينجال» فرط صوتية. زعمت موسكو أن الهجوم يأتي رداً على «هجمات إرهابية أوكرانية على أهداف مدنية».

وقد ألحقت الضربات الليلية الروسية أضراراً بأكثر من 10 مرافق مدنية، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف الأشخاص في سبع مناطق، لا سيما في مدينة أوديسا الساحلية. وندد زيلينسكي بالهجمات، مؤكداً أنها لا تدل بأي شكل على «سعي لإنهاء الحرب»، بل تهدف إلى «تدمير دولتنا وإلحاق أقصى قدر من المعاناة بشعبنا»، مجدداً الدعوة لتكثيف الضغط على روسيا وتعزيز الدفاعات الجوية والقوات على الجبهات.

رفع عقوبات عن بيلاروسيا

أعلنت الولايات المتحدة، السبت، أنها تعتزم رفع العقوبات المفروضة على البوتاس من بيلاروسيا، في أحدث مؤشر على حدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن ومينسك، التي تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الغرب. والتقى المبعوث الأميركي الخاص إلى بيلاروس، جون كول، رئيس البلاد ألكسندر لوكاشينكو، لإجراء محادثات في العاصمة مينسك، يومي الجمعة والسبت. يشار إلى أن مينسك حليف وثيق لروسيا، وقد واجهت عزلة غربية وعقوبات على مدار سنوات. ولطالما فرضت دول غربية عقوبات على بيلاروس بسبب قمع مينسك لحقوق الإنسان، وأيضاً لأنها سمحت لموسكو باستخدام أراضيها في غزو أراضي أوكرانيا عام 2022.

ومن جانب آخر، اتفق الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، على تجميد أصول البنك المركزي الروسي المودعة في أوروبا إلى أجل غير مسمى، في خطوة تزيل عقبة كبرى أمام استخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. وتتمثل الخطوة الأولى، التي وافقت عليها دول الاتحاد الأوروبي، الجمعة، في تجميد 210 مليارات يورو (246 مليار دولار) من الأصول السيادية الروسية كلما اقتضت الحاجة، بدلاً من التصويت كل ستة أشهر على تمديد التجميد.