بوتين ولوكاشينكو وقديروف... لماذا تثير صحة هؤلاء القادة الكثير من الشائعات؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يلتقي برئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف بالقرب من موسكو بروسيا في 31 أغسطس 2019 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يلتقي برئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف بالقرب من موسكو بروسيا في 31 أغسطس 2019 (رويترز)
TT

بوتين ولوكاشينكو وقديروف... لماذا تثير صحة هؤلاء القادة الكثير من الشائعات؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يلتقي برئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف بالقرب من موسكو بروسيا في 31 أغسطس 2019 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يلتقي برئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف بالقرب من موسكو بروسيا في 31 أغسطس 2019 (رويترز)

طالت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة صحةَ الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، والقائد الشيشاني رمضان قديروف. هذا النوع من الشائعات هو في الواقع ليس أمراً جديداً عندما يتعلق الأمر ببوتين وحلفائه، ويعود لتقليد نظام مغلق قائم على السرية، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

وبحسب بعض المراقبين، فإن رمضان قديروف يشارف على الموت. يوم الجمعة 15 سبتمبر (أيلول)، أشارت مصادر من داخل الاغتراب الشيشاني، أكدتها المخابرات الأوكرانية، إلى أن الزعيم الشيشاني كان في غيبوبة، وهو في حالة صحية «خطيرة». وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، ردد العديد من مستخدمي الإنترنت هذه الشائعات المستمرة، مبررين ذلك بدخوله المفترض إلى إحدى العيادات الطبية في موسكو، ووجود العديد من السيارات المسجلة في الشيشان أمام هذا المستشفى نفسه.

رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف يحضر اجتماعاً مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في موسكو بروسيا في 27 أبريل 2023 (رويترز)

وفي نهاية هذا الأسبوع، أعلن زعيم المعارضة الشيشانية في المنفى عن وفاة قديروف الحليف المخلص لفلاديمير بوتين. ومع ذلك، لا يوجد حالياً أي دليل ملموس لدعم هذه الأطروحات، وفق التقرير. وفي مقطع فيديو نُشر يوم الأحد، سخر قديروف، حيث ظهر بوجه منتفخ بشكل واضح، من هذه التصريحات، دون إمكانية تحديد تاريخ الفيديو المنشور.

تقليد روسي وسوفياتي طويل

اعتبر التقرير أن هذا النوع من الشائعات هو في الواقع ليس بالجديد عندما يتعلق الأمر بحلفاء بوتين. في بداية شهر مايو (أيار)، كانت صحة الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بالفعل في قلب التكهنات، عندما بدا ضعيفاً ويده ملفوفة بضمادة، خلال احتفالات «يوم النصر» على ألمانيا النازية. وفي بعض الأحيان يكون فلاديمير بوتين نفسه موضوعاً للشائعات، حيث يشتبه البعض في إصابته بالسرطان. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوف أن الرئيس الروسي سيموت «في مدة وجيزة».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعاً حول القضايا الاقتصادية عبر رابط فيديو في موسكو بروسيا في 25 يوليو 2023 (رويترز)

لكن كل واحد من هذه الأحداث لا يستند أبداً إلى أي شيء آخر غير التكهنات، التي يغذيها «نظام مغلق، يعمل على السرية» (في روسيا أو بيلاروسيا)، يقول أندريه كوزوفوي، أستاذ التاريخ الروسي والسوفياتي في جامعة ليل في فرنسا. فبحسب هذا المؤرخ، عرفت روسيا القيصرية هذا النظام (المغلق المحاط بالسرية)، منذ بدايات القرن السابع عشر.

واكتسبت التكهنات حول الحياة الخاصة للقادة الروس أهمية خاصة منذ بداية الحقبة السوفياتية. يؤكد أندريه كوزوفوي: «عندما مرض لينين، انتشرت الشائعات بسرعة». لكن في ذلك الوقت، ظلت تلك الشائعات محصورة في حدود الاتحاد السوفياتي. فقط مع مرض الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف سوف يتم «تدويل هذا الشائعات»، وستجذب اهتمام الغرب، كما هو الحال اليوم مع بوتين أو لوكاشينكو أو قديروف.

الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (وسط) يحضر عرضاً عسكرياً في يوم النصر الذي يصادف الذكرى الـ78 للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية في الساحة الحمراء بوسط موسكو في روسيا يوم 9 مايو 2023 (رويترز)

الإنكار التام أو الصبر

واليوم، يتم الإبقاء على تقليد السرية من قبل بوتين وحلفائه، قادة «الأنظمة القائمة على حكم شخصية كاريزماتية»، تحلل تاتيانا كاستويفا جان، مديرة مركز روسيا وأوراسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري). وتضيف المتخصصة في العلوم السياسية: «إن شرعية سلطة هؤلاء القادة تعتمد على إيمان الناس والنخب بصفاتهم القيادية الاستثنائية، والتي تعتبر ضرورية للحكم». ومسألة صحتهم هي في قلب هذا التصور، والمعارضة تعرف ذلك. ومن خلال بث شائعات حول احتمال إصابة أحد هؤلاء القادة بمرض، فإنه يتم «تقويض هذه القناعة وتضعف شرعيتهم».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو يحضران اجتماعاً في سانت بطرسبرغ بروسيا في 23 يوليو 2023 (رويترز)

وأمام هذه الظاهرة، فإن أمام الذين تطالهم الشائعات خياران؛ فمن ناحية، يمكنهم الإنكار التام، كما فعل قديروف في مقطع الفيديو الخاص به، «لكن الناس لا يثقون بهذه الصور التي يمكن التلاعب بها»، تؤكد تاتيانا كاستويفا - جان. ومن ناحية أخرى، يعتمدون الصبر والصمت، بحيث تُترك الإشاعات تمر، ويمنح الزعيم نفسه الوقت لتحويلها لصالحه، أو يتم انتظار الزعيم حتى يتعافى (في حال مرضه) لتقديمه للجمهور معافى، بطريقة لا جدال فيها».

ويقول أرنو دوبيان، مدير المرصد الفرنسي - الروسي في موسكو، إنه لا ينبغي التقليل من أهمية «عمليات التضليل التي تنفذها أوكرانيا ويدعمها الغرب»، وخاصة في أوقات الحرب.


مقالات ذات صلة

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك طفل يعاني من التوحد (أرشيفية - رويترز)

جين مسؤول عن نمو الدماغ ربما يكون على صلة بمرض التوحد

من المعروف علمياً أن تحديد سبب التوحد أمر صعب، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى أنه عبارة عن مجموعة معقدة من اضطرابات النمو، وليس حالة واحدة.

صحتك السمنة مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية-أ.ف.ب)

منظمة الصحة: أدوية إنقاص الوزن قد تساعد في القضاء على السمنة

قالت منظمة الصحة العالمية، هذا الأسبوع، إن فئة جديدة من أدوية إنقاص الوزن، طوّرتها شركتا نوفو نورديسك وإيلي ليلي، «تفتح الباب أمام إمكانية إنهاء وباء السمنة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق العزلة المعتدلة تشمل أنشطة مثل قراءة كتاب في مقهى (جامعة ريدنج)

«العزلة المعتدلة» قد تعزّز الصحة العامة

كشفت دراسة أميركية أن «العزلة المعتدلة» قد تعزّز الصحة العامة عبر استعادة الطاقة والمساعدة على بناء الروابط الاجتماعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

TT

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

واتهمت موسكو كييف بالوقوف خلف هجوم أمس (السبت)، الذي أصاب مبنى شاهقاً في المدينة الواقعة على نحو ألف كيلومتر من الحدود الروسية - الأوكرانية. وأظهرت لقطات فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، مُسيَّرةً واحدةً على الأقل ترتطم بالمبنى الزجاجي الفخم؛ ما تسبب في اندلاع كرة لهب ضخمة. ولم تعلن السلطات سقوط ضحايا.

تظهر الأضرار التي لحقت بالمجمع السكني الروسي المسمى «لازورني نيبيسا» أو «السماء الزرقاء» في قازان عقب هجمات طائرات أوكرانية من دون طيار (أ.ب)

وقال بوتين في كلمة متلفزة: «أياً كان، ومهما حاولوا التدمير، فسيواجهون دماراً مضاعفاً، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا».

وكان بوتين يتوجَّه بالكلام إلى رئيس جمهورية تتارستان؛ حيث تقع قازان، وذلك عبر تقنية الاتصال بالفيديو، خلال حفل تدشين طريق.

وكانت الضربة على قازان الأحدث في سلسلة من الهجمات الجوية المتصاعدة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي تقترب من إتمام عامها الثالث.

وسبق لبوتين أن توعَّد باستهداف العاصمة الأوكرانية بصواريخ فرط صوتية، رداً على الهجمات التي تستهدف بلاده.

وفي سياق آخر، قال الرئيس الروسي، اليوم (الأحد)، إن الصاروخ الفرط صوتي «أوريشنيك» علامة فارقة في تاريخ مجال صناعة الصواريخ الفضائية، مؤكداً أنه لم يوجد مثله من قبل. وأضاف بوتين، خلال مقابلة اليوم (الأحد) مع الإعلامي الروسي بافل زاروبين على قناة «روسيا 1» أن «الصاروخ (أوريشنيك) ليس إنجاز العام فحسب، لكنه إنجاز تاريخي وعلامة فارقة في تاريخ صناعة الصواريخ والفضاء، ولم يتم إنتاج أي شيء مثله من قبل، ولم يتم إنتاج أي أسلحة مماثلة على الإطلاق»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال بوتين إنه منخرط بشكل عميق فيما يخصُّ تطوير وتصنيع هذا الصاروخ، ويعدّ ذلك جزءاً من عمله. وبخصوص استخدام «أوريشنيك» في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أشار بوتين إلى أن «هناك وجهات نظر مختلفة داخل وزارة الدفاع الروسية بخصوص تصنيع وتجربة الصاروخ، وقررت أولاً تخصيص الموارد المالية لتصنيعه، وثانياً اتفقت مع الفريق الذي رأى أهمية تجربته في ظروف الحرب على أرض الواقع».

رأي بوتين من «الحرب العالمية الثالثة»

وقال بوتين إن خصوم روسيا يمكنهم تصعيد الموقف ضدها، إذا أرادوا ذلك، مؤكداً أن روسيا سترد على جميع التحديات. وأضاف بوتين: «إننا نرى ما يفعله خصومنا الحاليون، وهم يصعِّدون الموقف. إذا كانوا يريدون ذلك فلندعهم يفعلونه، فلندعهم يصعِّدون أكثر. سنرد دائماً على أي تحدٍ»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية». وقال بوتين: «عندما يسمع خصومنا الحاليون وشركاؤنا المحتملون ذلك، ويفهمونه ويدركونه، عندئذٍ سيفهمون أنه من الضروري البحث عن حلول توافقية». وأضاف بوتين، رداً على سؤال عمّا إذا كان العالم مقبلاً على حرب عالمية ثالثة، أنه «لا داعي لتخويف أحد، ومع ذلك فهناك مخاطر كثيرة ومتزايدة».

سيطرة على قريتين شرق أوكرانيا

كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية أن ضرباتها ضد منشآت للطاقة في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية، تأتي رداً على هجمات أوكرانية ضد الأراضي الروسية، تُستخدَم خلالها صواريخ أو أسلحة غربية.

وأتت تصريحات بوتين في يوم أعلنت فيه روسيا أنها سيطرت على قريتين جديدتين في شرق أوكرانيا؛ حيث تواصل منذ أشهر تحقيق تقدم تدريجي.

وأفادت وزارة الدفاع عبر «تلغرام» بأن قواتها «حرّرت» قريتي لوزوفا في شمال شرقي منطقة خاركيف، وكراسنوي (المسمَّاة سونتسيفا في أوكرانيا)، القريبتين من مدينة كوراخوفي في منطقة دونيتسك.

وباتت قوات موسكو تطوِّق المدينة بشكل شبه كامل، حسب الوزارة. وسيكون سقوط كوراخوفي مكسباً مهماً لموسكو في محاولتها السيطرة على دونيتسك كلها.

صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر المباني السكنية والإدارية المتضررة والمدمرة بسبب الضربات العسكرية الروسية المستمرة في بلدة توريتسك (رويترز)

وسرَّعت روسيا من تقدمها في شرق أوكرانيا خلال الأشهر الماضية، في مسعى للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة، قبل تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهماته رسمياً، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ووعد الجمهوري ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل سريع، من دون أن يعرض خططاً واضحة لذلك. من جهتها، تخشى كييف تراجع المساعدات العسكرية الأميركية، بعد تولي ترمب منصبه، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت موسكو أن قواتها سيطرت على أكثر من 190 تجمعاً سكانياً أوكرانياً هذه السنة، في ظل معاناة كييف للحفاظ على خطوط انتشارها، في ظل نقص العتاد والذخيرة.