الاتحاد الأوروبي يعطي إشارة الانطلاق نحو توسعة تاريخية

فون دير لاين حثّت على تسريع آلية ضمّ الأعضاء الجدد

جانب من جلسة البرلمان الأوروبي الأربعاء (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان الأوروبي الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعطي إشارة الانطلاق نحو توسعة تاريخية

جانب من جلسة البرلمان الأوروبي الأربعاء (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان الأوروبي الأربعاء (أ.ف.ب)

باشر الاتحاد الأوروبي التحضير لخطوة تاريخية من شأنها أن تطلق المسار الذي سيجعل منه النادي الأكثر تنوعاً واتساعاً في العالم، والذي ينتظر أن تكون له تداعيات تتجاوز تلك التي خلّفها سقوط الستار الحديدي أو نهاية الحرب الباردة.

هذا ما أعلنته رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، أمام البرلمان الأوروبي، حيث أكدّت أن الاتحاد الذي اختمرت فكرة تأسيسه فوق رماد الحرب العالمية الثانية، سوف يلبّي نداء التاريخ ويبدأ توسعة جديدة لعضويته تحتضن عند اكتمالها ما يزيد على نصف مليار نسمة.

وبخلاف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي كان قد حدد عام 2030 موعداً لهذه التوسعة في تصريحات له منذ أيام، لم تحدد فون دير لاين تاريخاً لنهاية هذا المسار المتعثر منذ سنوات لأسباب كثيرة. لكنها دافعت بقوة عن ضرورة تسريعه، من غير انتظار تعديل المعاهدات المؤسِّسة للاتحاد، لإنجاز المرحلة الأولى التي يُنتظر أن تنضمّ فيها دول البلقان وأوكرانيا ومولدافيا، مشيرةً إلى أن هذا التعديل يمكن إجراؤه بعد انضمام هذه الدول، مؤكدة أن مستقبل القارة الأوروبية «تحدده القرارات التي سنتخذها اليوم».

تباين عميق

ويقول مسؤولون معنيّون بهذا الملفّ الشائك الذي ما زال مصدر تباين عميق بين الدول الأعضاء، إن الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا وضعت الاتحاد أمام مرآة مَواطن ضعفه وخريطته الجيوسياسية الملتبسة، وإن قطار التوسعة بات جاهزاً للانطلاق، رغم أنه ليس من الواضح حتى الآن من سيحمل على متنه إلى المحطة المقبلة وبأي صيغة أو شروط.

كانت ألمانيا قد دعت مؤخراً إلى الاقتداء بمسار التوسعة الكبرى الأخيرة التي ضمّت 13 عضواً في عام 2004، وتبعتها فرنسا بكثير من التردد والحذر بعد ممانعة صريحة استمرت سنوات.

رئيسة المفوضية الأوروبية تخاطب أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء (إ.ب.أ)

ولم تكشف فون دير لاين في خطابها السنوي أمام البرلمان الأوروبي عن نياتها بشأن تجديد ولايتها التي تنتهي العام المقبل، لكنها أشارت بوضوح إلى رغبتها في أن تلعب دوراً موجّهاً لهذه العملية الحاسمة. وكانت فون دير لاين قد أعلنت في خطاب تسلم مهامها بعد تعيينها في عام 2019 أن طموحها الأول هو قيادة الاتحاد الأوروبي نحو توسعة جيوسياسية، تعدها أساسية لضمان الأمن والمصالح الاستراتيجية للبلدان الأعضاء. وقالت: «أزفّ الوقت كي تعود أوروبا إلى موقع الصدارة وتمسك بقرارتها المصيرية».

وللمترددين إزاء التوسعة الجديدة والداعين إلى تعميق الصيغة الاتحادية قبل الانتقال إلى التوسعة، قالت رئيسة المفوضية: «كانوا على خطأ أولئك الذين قالوا إن التوسعة الأخيرة ستكون على حساب فاعلية المؤسسات. والمسألة ليست مفاضلة بين توسعة الاتحاد وترسيخ مؤسساته، لأن كل توسعة رافقتها عملية موازية لتعميق الاندماج السياسي، والتوسعة المقبلة يجب أن تكون محفزاً للتقدم نحو إنجاز المشروع الأوروبي».

معايير الترشح

العنوان الوحيد الذي تتوافق حوله الآراء في النادي الأوروبي، هو أن التوسعة يجب أن تحتكم إلى مبدأ كفاءات الدول المرشحة واستيفائها الشروط التي تنصّ عليها المعاهدات. لكن في نهاية المطاف، يبقى القرار النهائي رهن الإرادة والاعتبارات السياسية، كما تبيّن من حالة أوكرانيا التي قدّمت ترشيحها منذ عام فقط، ومن المفترض أن تكمل 7 عمليات إصلاحية كبرى قبل أن تبدأ مرحلة المحادثات الممهدة للانضمام، التي بدورها تمهّد بعد نهايتها لمرحلة أخرى من التعديلات.

نواب في البرلمان الأوروبي يناقشون التعديلات المقترحة على معاهدات الاتحاد في ستراسبورغ الأربعاء (إ.ب.أ)

لكنّ التعديلات التي تقتضيها عملية التوسعة تشمل أيضاً الدول الأعضاء والمؤسسات الأوروبية التي تحتاج هي أيضاً لإصلاحات تمكِّنها من استيعاب الشركاء الجدد، مثل النظام المعقد لوضع الميزانية وتوزيع الأعباء وحصص المساعدات، أو نظام التصويت الذي يخضع لقاعدة الإجماع ويشكّل عقبة كبيرة لاتخاذ القرارات الأساسية في المجلس. ومن المنتظر أن يكون موضوع هذه الإصلاحات الداخلية في مؤسسات الاتحاد الطبق الرئيسي على مائدة القمة المقبلة، في مدينة غرناطة بعد أسابيع تحت الرئاسة الدورية الإسبانية.

3 محاور

حدّدت فون دير لاين ثلاثة محاور رئيسية لهذا الفصل السياسي الحاسم: التوسعة، والميثاق الأخضر، وسياسة الهجرة. وحضّت الدول الأعضاء على الإسراع في إنجاز الملفّات العالقة، وبخاصة ملف الهجرة الذي ما زال يتعثّر منذ سنوات ويثير خلافات عميقة أحياناً بين الدول الأعضاء. ودعت إلى الاقتداء بنموذج الاتفاق الموقَّع مع تونس لإدارة تدفقات الهجرة، وتوفير الموارد اللازمة لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد.

لكن العام المتبقي من ولاية فون دير لاين لن يكون خالياً من العقبات، حتى داخل أسرتها السياسية الأوروبية في الحزب الشعبي الذي يرأسه مواطنها مانفريد ويبير، والذي يعارض الكثير من الإجراءات البيئية التي تفاخر بها رئيسة المفوضية، ويحمّلها مسؤولية إثارة غضب المزارعين وصعود شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة.


مقالات ذات صلة

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

أوروبا المقر الرئيسي للشركة الأميركية «بايوجين» (Biogen) في ماساتشوستس التي ساهمت في ابتكار دواء «ليكيمبي» مع شركة «إيساي» اليابانية (أ.ب)

أوروبا ترفض دواء لألزهايمر وافقت عليه أميركا بسبب أعراضه الجانبية

اتخذت وكالة الأدوية الأوروبية أمس (الجمعة) قراراً برفض دواء لداء ألزهايمر في الاتحاد الأوروبي؛ لأنه غير آمن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي (د.ب.أ)

بوريل: قرار إسرائيل تجريم الأونروا «هراء»

حثّ جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إسرائيل على إبطال قرارها تجريم وكالة «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (د.ب.أ)

بوريل: المجر لن تستضيف اجتماع وزراء الخارجية

قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس (الاثنين)، إن المجر لن تستضيف اجتماع وزراء خارجية الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية (أ.ب)

بوريل يقاطع اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بودابست

أعلن جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الاثنين، مقاطعة الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المزمع.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

القضاء الفرنسي حَفظَ قضية ضبط أسلحة في منزل آلان ديلون

الممثل الفرنسي آلان ديلون (رويترز)
الممثل الفرنسي آلان ديلون (رويترز)
TT

القضاء الفرنسي حَفظَ قضية ضبط أسلحة في منزل آلان ديلون

الممثل الفرنسي آلان ديلون (رويترز)
الممثل الفرنسي آلان ديلون (رويترز)

حَفظَ القضاء الفرنسي قضية ضبط 72 قطعة سلاح ناري في منزل الممثل آلان ديلون، أحد آخر عمالقة السينما الفرنسية، وكفَّ التعقبات في شأنها، على ما أعلنت النيابة العامة، الجمعة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

واتُخذ هذا القرار من دون التمكن من سماع إفادة النجم البالغ 88 عاماً «نظراً إلى ضعفه»، و«بناءً على رأي طبي»، فيما أشارت النيابة العامة إلى إصدار «أمر بإتلاف كل الأسلحة النارية والذخيرة».

وعثر المحققون على ترسانة كاملة خلال دهمهم منزل ديلون، تضم 72 قطعة سلاح، معظمها من الفئتين: «أ» (بعض الأسلحة النارية والمواد الحربية)، و«ب» (الأسلحة المستخدمة في الرماية الرياضية وتلك المستخدمة في حالات الخطر المهني)، وأكثر من ثلاثة آلاف طلقة ذخيرة.

كذلك لاحظوا وجود منصة للرماية في العقار التابع لمنزل الممثل الذي يهوى جمع الأسلحة النارية.

وأوضحت النيابة العامة، في بيان، أن التحقيق أظهر أن الممثل «لم يسبق أن صرّح للشرطة عن هذه الأسلحة ولم يطلب الترخيص بحيازتها».

وأضافت أن إفادات أبناء النجم والعاملين لديه بيّنت «أن هذه الأسلحة النارية كانت تُستخدَم من مختلف أفراد الأسرة لغرض الترفيه، في منصة الرماية بالعقار».

وشرحت النيابة العامة أن شهادات عدة أفادت بأن «ديلون اشترى هذه الأسلحة وكان يحتفظ بها منذ سنوات، بل طرح بعضها في مزاد علني عام 2014».

وطرح ديلون في هذا المزاد مجموعته التي كانت تضم 76 قطعة، من بندقية «وينتشستر» التي استخدمت في مسلسل «وانتد: ديد أور ألايف» Wanted: Dead or Alive وقدمها إليه الممثل الأميركي ستيف ماكوين، ومنها مسدس من فيلم «ريد صن Red Sun».

وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وُضع الممثل الذي يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية وأصيب بجلطة دماغية عام 2019 تحت «القوامة المعززة على عاجز».

وسبق أن وُضع في يناير (كانون الثاني) تحت الحماية القضائية مع تعيين وكيل قضائي لمعاونته فيما يتعلق «بمتابعته طبياً»، وسط نزاع إعلامي وقضائي محتدم بين أبنائه الثلاثة، أنتوني وأنوشكا وآلان فابيان.