توسيع الاتحاد الأوروبي... مسار وعر وعراقيل كثيرة

توسعة الاتحاد... الطبق الرئيسي على مائدة القمة الأوروبية في غرناطة

صورة تذكارية لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في طليطلة بإسبانيا يوم 31 أغسطس الماضي (أ.ب)
صورة تذكارية لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في طليطلة بإسبانيا يوم 31 أغسطس الماضي (أ.ب)
TT

توسيع الاتحاد الأوروبي... مسار وعر وعراقيل كثيرة

صورة تذكارية لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في طليطلة بإسبانيا يوم 31 أغسطس الماضي (أ.ب)
صورة تذكارية لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في طليطلة بإسبانيا يوم 31 أغسطس الماضي (أ.ب)

اقترح رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، مؤخراً أن يكون الاتحاد الأوروبي جاهزاً في عام 2030 لزيادة عدد أعضائه، وذلك للمرة الثامنة منذ تأسيسه، والأولى منذ التوسعة الأخيرة عندما انضمت إليه كرواتيا قبل عشر سنوات. تلك كانت المرة الأولى التي يحدد فيها مسؤول أوروبي رفيع تاريخاً للتوسعة المرتقبة، أو موعداً لاتفاق الطرفين، أي البلدان الأعضاء حالياً والدول المرشحة، على توسعة حدود الاتحاد في مسار يُجمع المعنيون به على وعورته وكثرة العراقيل التي تفصل عن الوصول إلى نهايته.

وستكون توسعة الاتحاد الطبق الرئيسي على مائدة القمة الأوروبية التي ستتوّج بها إسبانيا رئاستها الدورية في مدينة غرناطة الشهر المقبل، لكن هذا الملف يتقدم الهواجس والاهتمامات الأوروبية منذ فترة طويلة.

والواقع أن رئيس المجلس الأوروبي لا يملك الصلاحية ليتخذ، وحده، مثل هذا القرار الأساسي، خصوصاً أنه سبق أن قال بنفسه إن الأمر لا يقتصر على تحديد جدول زمني للتوسع، بل يقتضي استيفاء الشروط اللازمة من لدن الدول المرشحة، وأن تكون الدول الأعضاء جاهزة للموافقة على زيادة عدد أعضاء النادي الأوروبي (27 دولة). وتقول مصادر مطلعة إن تصريحات رئيس المجلس لم تكن على مزاج المفوضية التي يعتري الفتور علاقته برئيستها أورسولا فون دير لاين. وقد سارعت الناطقة باسم المفوضية، دتانا سبينانت، إلى القول إن موعد عام 2030 لتوسعة الاتحاد ليس موضع توافق بين المؤسسات الأوروبية المعنية. وأضافت: «التوسعة عملية قائمة على الكفاءة، ويجب أن تبقى هكذا»، مشيرةً إلى أنه ينبغي التركيز على التعاون الوثيق مع الدول المرشحة لاستكمال جهوزيتها من أجل الانضمام إلى الاتحاد.

مسؤول السياسة الخارجية والشؤون الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في طليطلة بإسبانيا يوم 31 أغسطس الماضي (رويترز)

وليس سراً أن رئيس المجلس قد استبق بتصريحه الخطاب السنوي الذي ستلقيه فون دير لاين، الأسبوع المقبل، أمام البرلمان في ستراسبورغ حول حالة الاتحاد. لكن بمعزل عن المماحكات التي باتت تقليدية بين المؤسسات الأوروبية الكبرى، يشكّل تصريح ميشال لفتة تجاه الدول المرشحة، وبخاصة دول البلقان التي ينتظر بعضها منذ 20 عاماً على أبواب الاتحاد، والتي أعربت مراراً عن إحباطها وخيبتها من بطء عملية الانضمام، خصوصاً وهي تراقب كيف أن أوكرانيا توشك أن تتقدم عليها.

الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي

ثمانية هي البلدان المرشحة في الوقت الراهن، منها خمس تقع في منطقة البلقان الغربية: ألبانيا، والبوسنة والهرسك، ومقدونيا الشمالية، والجبل الأسود وصربيا، إضافةً إلى تركيا التي يراوح ترشيحها مكانه منذ سنوات من غير أن تبدو علامات حول احتمال تنشيطه، ثم أوكرانيا ومولدافيا، وهما دولتان ترشحتا العام الماضي، وجورجيا وكوسوفو، وهما في طور الاستعداد لتقديم ترشيحهما.

والترشح لعضوية الاتحاد الأوروبي يقتضي إجماع الدول الأعضاء في المجلس، ويشترط على الدولة المرشحة احترام القيم الديمقراطية الملحوظة في المادة الثانية من المعاهدة التأسيسية للاتحاد (كرامة الإنسان – الحرية - المساواة والديمقراطية - سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان بما فيها حقوق الذين ينتمون إلى الأقليات). إضافةً إلى ذلك، على البلد المرشح استيفاء المعايير التي وُضعت في قمة كوبنهاغن عام 1993، وهي وجود مؤسسات مستقرة تضمن سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات، فضلاً عن مجموعة من المعايير الاقتصادية، مثل اعتماد نظام الاقتصاد الحر، والقدرة على مواجهة الضغوط التنافسية وقوى السوق داخل الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، يجب على البلدان الأعضاء أن تعلن عن استعدادها وقدرتها على استيعاب التوسعة، الأمر الذي كان السبب الرئيسي وراء الإبطاء في عملية قبول انضمام الأعضاء الجدد. وبعد الموافقة على طلبات الترشيح، بالإجماع، تبدأ عملية الانضمام التي تدوم عادةً لسنوات، وذلك لكونها مسألة سياسية في الدرجة الأولى، كما يُستدلّ من ترشيح تركيا المجمّد منذ عام 2005.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تطمح بلاده لعضوية الاتحاد الأوروبي خلال لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في أثينا باليونان يوم 21 أغسطس الماضي (أ.ب)

حرب أوكرانيا

لا شك أن الحرب الدائرة في أوكرانيا هي التي أعطت عملية التوسعة زخماً جديداً، لكن السؤال الأساس يبقى هو ذاته: هل الاتحاد الأوروبي قادر على استيعاب دفعة جديدة من الأعضاء؟ ثمة شكوك كثيرة في ذلك.

الفيتو الذي وضعه بعض الدول الأعضاء في السنوات الأخيرة، مثل بولندا والمجر (هنغاريا) وسلوفاكيا، لعرقلة مبادرات أوروبية أساسية بدافع الحفاظ على المصالح الوطنية، أظهر بوضوح ضرورة إجراء إصلاحات عميقة في آلية اتخاذ القرار داخل الاتحاد الذي يطمح إلى لعب دور طليعي على الصعيد الجيوسياسي، لكنه يعاني من بطء شديد عند اتخاذ القرارات الأساسية التي ما زالت تقتضي إجماع الدول الأعضاء.

ومن اللافت أنه بعد ساعات من التصريح الذي أدلى به شارل ميشال، حول موعد التوسعة الجديدة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو عرّاب ميشال، إن التقدّم في معالجة القضايا الأساسية صعب جداً بين 27 عضواً، وإن ذلك لن يكون أسهل مع زيادة العدد إلى 35، ليضيف: «لعله من المستحسن أن نقبل بفكرة اتحاد أوروبي بسرعات مختلفة». يجدر التذكير هنا بأن ماكرون كان الذي اقترح فكرة إنشاء «المجموعة السياسية الأوروبية» كمنتدى للتنسيق السياسي بين 44 دولة، في محاولةٍ لتجاوز موضوع التوسعة الجديدة للاتحاد.

وثمة مبادرة تقودها ألمانيا، مدعومة من فرنسا وإسبانيا، لاستبدال بقاعدة الإجماع عند اتخاذ القرارات الأساسية في مجال السياسة الخارجية والأمن المشترك، قاعدة الأغلبية داخل المجلس، لكن من غير المساس بأحكام المعاهدات الأساسية خشية الصعود السريع للمد الشعبوي الذي قد يجعل الدواء أسوأ من الداء.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تسعى دبلوماسياً إلى تصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً في أوروبا

شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ) play-circle 03:14

إسرائيل تسعى دبلوماسياً إلى تصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً في أوروبا

أصدرت إسرائيل تعليمات لبعثاتها الدبلوماسية في أوروبا بالسعي إلى تصنيف جماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران باليمن تنظيماً إرهابياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة الاثنين، بعد أن أظهرت بيانات أميركية تباطؤ التضخم بأكثر من المتوقع؛ مما أنعش الآمال في مزيد من تيسير السياسات النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

عَدَّ رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، اليوم الأحد، أن روسيا تشكل «تهديداً دائماً وخطراً» للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي (إعلام تركي)

الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا لتنفيذ إصلاحات لنيل عضويته

كرّر الاتحاد الأوروبي مطالبة تركيا باستيفاء المعايير المؤهلة للحصول على عضويته، ولا سيما مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعبير وسيادة القانون.

الاقتصاد ترمب يلقي تصريحاً في مار-إيه-لاجو في بالم بيتش، فلوريدا، 16 ديسمبر 2024 (رويترز)

ترمب يهدد أوروبا... زيادة شراء النفط والغاز الأميركي أو مواجهة الرسوم

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إن الاتحاد الأوروبي قد يواجه فرض رسوم جمركية إذا لم يسع لتقليص العجز التجاري المتزايد مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

في رسالة عيد الميلاد... الملك تشارلز يشكر الفريق الطبي على رعايتهم له ولكيت (فيديو)

ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)
ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)
TT

في رسالة عيد الميلاد... الملك تشارلز يشكر الفريق الطبي على رعايتهم له ولكيت (فيديو)

ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)
ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)

وجّه الملك تشارلز الشكر إلى الأطباء الذين تولوا رعايته ورعاية زوجة ابنه كيت، أثناء تلقيهما العلاج من السرطان هذا العام، وذلك في رسالة بمناسبة عيد الميلاد، أشار فيها أيضاً إلى الصراعات العالمية وأعمال الشغب التي وقعت في بريطانيا خلال الصيف.

وفي ثالث بثّ تلفزيوني بمناسبة عيد الميلاد منذ توليه العرش، تحدث تشارلز بنبرة عاطفية غير معتادة في الرسالة الملكية الموسمية، وهو تقليد يعود تاريخه إلى كلمة إذاعية ألقاها جورج الخامس في عام 1932.

عاشت العائلة المالكة عاماً صادماً بعد أن قال قصر بكنغهام، في فبراير (شباط)، إن الرجل البالغ من العمر (76 عاماً) جرى تشخيصه بنوع غير محدد من السرطان تم اكتشافه في الاختبارات بعد تدخل طبي لعلاج تضخم في البروستاتا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وفي غضون شهر، قالت كيت، زوجة ابنه وريث العرش الأمير ويليام، إنها تخضع لعلاج كيميائي وقائي من السرطان، الذي انتهى في سبتمبر (أيلول). وقال ويليام إن العام كان صعباً للغاية على العائلة.

وقال تشارلز، الذي أصبح ملكاً في 2022 بعد وفاة الملكة إليزابيث: «نمر جميعاً بنوع من المعاناة في مرحلة ما من حياتنا، سواء أكانت نفسية أم جسدية».

وكانت كلماته مصحوبة بلقطات من زيارة قام بها لمركز لعلاج السرطان عند عودته إلى أداء مهامه في أبريل (نيسان)، إضافة إلى لقطات لكيت بعد عودتها إلى مهامها.

وقال تشارلز: «من وجهة نظر شخصية، أقدم خالص شكري من القلب للأطباء والممرضات الذين دعموني ودعموا عائلتي هذا العام خلال حالة عدم اليقين والقلق من المرض، ومنحونا القوة والرعاية والراحة التي كنا في حاجة إليها».

وقال مصدر في القصر، الأسبوع الماضي، إن علاج الملك يتقدم بشكل جيد، وسيستمر خلال العام المقبل.

كما أشار تشارلز إلى الصراعات الجارية. ‬وقال: «في يوم عيد الميلاد، لا يسعنا إلا أن نفكر في أولئك الذين تشكل التبعات المدمرة للصراع في الشرق الأوسط ووسط أوروبا وأفريقيا وأماكن أخرى تهديداً يومياً لحياتهم وسبل عيشهم».