«سي آي إيه» ترجّح انتقام بوتين من بريغوجين لاحقاً

تمرد «فاغنر» أظهر «تصدعات» في حكمه ويثير قلق المحيطين به

صورة وزعتها وزارة الدفاع البيلاروسية لعمليات التدريب مع عناصر «فاغنر» (أ.ب)
صورة وزعتها وزارة الدفاع البيلاروسية لعمليات التدريب مع عناصر «فاغنر» (أ.ب)
TT

«سي آي إيه» ترجّح انتقام بوتين من بريغوجين لاحقاً

صورة وزعتها وزارة الدفاع البيلاروسية لعمليات التدريب مع عناصر «فاغنر» (أ.ب)
صورة وزعتها وزارة الدفاع البيلاروسية لعمليات التدريب مع عناصر «فاغنر» (أ.ب)

أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز، أن الانتفاضة التي شهدتها روسيا الشهر الماضي أضرت بصورة الرئيس فلاديمير بوتين كحاكم قوي، مرجحاً أن يسعى الأخير إلى الانتقام من قائد مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية يفغيني بريغوجين الذي قاد التمرد ضده.

بوتين خرج من تمرد «فاغنر» ضعيفاً (أ.ب)

وكان بيرنز يتحدث في منتدى «آسبن» للأمن في كولورادو؛ إذ أفاد بأن انتفاضة «فاغنر» في 23 يونيو (حزيران) الماضي و24 منه «كشفت عن نقاط ضعف كبيرة في النظام الذي بناه بوتين»، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية والعسكرية وصناع القرار في البلاد يبدو أنهم كانوا «على غير هدى» لمدة 36 ساعة.

ورأى أن التمرد هدّد الصورة التي سعى بوتين إلى تقديمها على أنه «حكم النظام» في روسيا. وبدلاً من ذلك، وإن لفترة وجيزة، كانت قوات «فاغنر» تتقدم نحو موسكو من دون مقاومة. وأضاف أنه بالنسبة إلى الروس الذين اعتادوا رؤية بوتين في السلطة، كان السؤال: هل الإمبراطور ليس لديه ملابس؟ أو على الأقل: لماذا يريد وقتاً طويلاً حتى يرتدي ملابسه؟».

رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين (أ.ب)

وزاد بيرنز، أنه بالنسبة للنخبة في موسكو، فإن هذه الواقعة أحيت أسئلة ظهرت منذ غزو أوكرانيا «حول حكم بوتين، وفي شأن انفصاله النسبي عن الأحداث، وحول تردده».

وإذ أشار إلى الترتيب الغامض الذي كان يفترض استيعاب قوات «فاغنر» في الجيش الروسي، قال بيرنز: إن «الأمر الأكثر لفتاً للنظر في حدث خلال ذلك اليوم هو أن بوتين أُجبر على توقيع صفقة مع متعهد الطعام السابق» في الكرملين، في إشارة إلى مهنة بريغوجين السابقة كمزود طعام للمدارس الرسمية وكذلك الكرملين. وأضاف أن التمرد يمثل «الهجوم الأكثر مباشرة على الدولة الروسية خلال 23 عاماً من حكم فلاديمير بوتين».

ورأى أن بوتين ينتظر «محاولاً كسب الوقت وهو يفكر في ما يجب القيام به مع (فاغنر)، وماذا يفعل مع بريغوجين نفسه». وزاد أن بوتين «يكره صورة أنه يبالغ في رد فعله (...) يحاول تسوية الأمور».

صورة وزّعتها وزارة الدفاع البيلاروسية لعناصر من جيشها مع عناصر «فاغنر» (أ.ب)

ورجّح بيرنز أيضاً أن يسعى بوتين إلى «تهميش بريغوجين تدريجاً مع الإبقاء على جماعة (فاغنر)»؛ إذ يرى أن المجموعات شبه العسكرية «أداة مفيدة، بما في ذلك في أفريقيا والشرق الأوسط». وأضاف: «ما سيحاول القيام به هو فصل بريغوجين وتقويضه مع الحفاظ على ما هو ذو قيمة بالنسبة له».

لكن بيرنز، وهو دبلوماسي محترف وسفير سابق لدى روسيا، قال: إن بوتين بصفته «رسول الثأر المطلق (...) يعتقد عموماً أن الانتقام طبق يُقدم بارداً»، سيلاحق بريغوجين بشكل شبه مؤكد عندما يحين الوقت المناسب. وأضاف: «سأندهش إذا نجا بريغوجين من المزيد من الانتقام بسبب هذا»؛ ولذلك «لو كنت بريغوجين لما طردت متذوق طعامي». ورجّح أن يكون بريغوجين موجوداً في بيلاروسيا بعدما أمضى بعض الوقت في روسيا. وقال: «تحرك قليلاً. أعتقد أنه كان في مينسك أخيراً. لست متأكداً من أن لديه أي خطط للتقاعد في ضواحي مينسك (...) أمضى بعض الوقت في روسيا أيضاً».

المعسكر القريب من قرية تسيل في بلاروسيا حيث تقيم قوات «فاغنر» (إ.ب.أ)

وقال خبراء عسكريون في بريطانيا، اليوم (الجمعة)، في التحديث اليومي بشأن حرب أوكرانيا: إن ما يصل إلى 20 ألف مقاتل جنّدتهم مجموعة «فاغنر» من السجون الروسية للمشاركة في الحرب في أوكرانيا لقوا حتفهم خلال أشهر قليلة. وتم تجنيد 40 ألف رجل، على الأقل، في إطار برنامج التجنيد المعروف باسم «المشروع كيه»، وفقاً للتقرير الاستخباراتي اليومي الذي نشرته وزارة الدفاع في لندن. وذكر التقرير أن السجناء السابقين جعلوا السيطرة على مدينة باخموت المحاصرة بشرقي أوكرانيا ممكناً. وأضاف التحديث أنه رغم ذلك؛ نظراً لمعدل القتلى والجرحى، كانت السيطرة على باخموت أيضاً «إحدى الوقائع الأكثر دموية في التاريخ العسكري الحديث». وأوضح الخبراء أن السجناء السابقين الباقين ربما يكملون مدة خدمتهم الإجبارية مع «فاغنر» لينالوا حريتهم.

قوات «فاغنر» تنسحب من منطقة تابعة للجيش الروسي في روستوف (رويترز)

وتشير تقديرات بريطانية إلى أن عدداً كبيراً من المدانين الذين صدر عفو بحقهم سيبقون في الخدمة لدى «فاغنر». ويواصل الجيش الروسي برنامج التجنيد حالياً.

وخلال التمرد، نشر بريغوجين مقطع فيديو ينتقد فيه كبار الضباط العسكريين، وبينهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو والجنرال الروسي الكبير فاليري غراسيموف، ومبررات الكرملين لغزو أوكرانيا، في ما وصفه بيرنز بأنه «أكثر لائحة اتهام قاسية لمنطق بوتين للحرب، وسلوك الحرب، والفساد في جوهر نظام بوتين، والتي سمعتها من روسي أو غير روسي». وعدّ أن هناك صلة بين ساحة المعركة في أوكرانيا والأحداث في روسيا. وإذا تقدم الأوكرانيون في ساحة المعركة «أعتقد أن ما سيفعله ذلك هو دفع المزيد من الروس في النخبة وخارج النخبة إلى الاهتمام بنقد بريغوجين للحرب أيضاً».

ورداً على سؤال حول خطر لجوء بوتين إلى الأسلحة النووية في الحرب، قال: إن «خطاب النظام الروسي مثير للقلق ولكن لا توجد أي إشارة إلى أن موسكو تتحرك لاستخدام ترسانتها». وأوضح أن «قعقعة السيوف النووية التي قام بها بوتين ومن حوله غير مسؤولة إلى حد كبير»، مضيفاً أنه «ليس أمراً يمكن أن نتعامل معه باستخفاف (...) نحن نراقب الأمور بعناية شديدة، لكننا لا نرى استعدادات فورية ملموسة لاستخدام الأسلحة النووية».

وكرر بيرنز التعليقات التي صدرت في منتدى «آسبن» أيضاً لوزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بأن التمرد في روسيا كشف عن «تصدعات» في نظام بوتين. وهناك مزاعم بأن الجنرال الروسي الكبير سيرغي سوروفيكين ربما كان على علم بخطط بريغوجين للتمرد. ولم يشاهد سوروفيكين في الأماكن العامة منذ أسابيع. وقال بيرنز: «لا أعتقد أنه يتمتع بالكثير من الحرية الآن».


مقالات ذات صلة

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

أوروبا جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

يرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بأسره بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتين الجوية (ألمانيا))
آسيا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون يراجع إحدى الخطط القتالية خلال زيارته لأحد معسكرات الجيش (وكالة أنباء كوريا الشمالية)

أميركا تحذر من اكتساب كوريا الشمالية خبرة من مشاركتها القتال في أوكرانيا

حذرت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، من أن كوريا الشمالية تستفيد من مشاركة قواتها في القتال إلى جانب روسيا ضد أوكرانيا وقالت إنها تكتسب خبرة تجعلها «أكثر قدرة».

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

بولندا تتعهّد منح المسؤولين الإسرائيليين «حرية» الوصول إلى «أوشفيتز»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

بولندا تتعهّد منح المسؤولين الإسرائيليين «حرية» الوصول إلى «أوشفيتز»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قالت الحكومة البولندية، الخميس، إنها ستمنح المسؤولين الإسرائيليين الراغبين في حضور الذكرى السنوية الثمانين لتحرير أوشفيتز - بيركيناو «حرية الوصول» إلى المعسكر النازي السابق، وذلك رغم مذكرة توقيف صادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وجاء في قرار وقّعه رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن بولندا «ستمنح وصولاً حراً وآمناً إلى هذه الاحتفالات والمشاركة فيها لأرفع ممثلي دولة إسرائيل».

كان مساعد كبير للرئيس البولندي قال، الخميس، إن الرئيس طلب من الحكومة ضمان ألا يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخوف من أن يعتقل بموجب مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية إذا اختار أن يحضر مراسم إحياء الذكرى الثمانين لتحرير المعتقلين من معسكر (أوشفيتز) النازي، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر (تشرين الثاني) مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، والقيادي بـ«حركة حماس» إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.

وأفادت وكالة «بلومبرغ»، الأربعاء، بأن الرئيس البولندي أندريه دودا بعث برسالة إلى رئيس الوزراء دونالد توسك يطالبه فيها بأن تضمن بولندا تمكن نتنياهو من حضور مراسم إحياء ذكرى أوشفيتز في 27 يناير (كانون الثاني) «دون عوائق»؛ نظراً لطبيعة الحدث الاستثنائية.

وأكدت مديرة مكتب دودا لوكالة الأنباء البولندية الرسمية (باب)، الخميس، أن الرئيس بعث بهذه الرسالة.

وقالت: «في رأي الرئيس، هناك مسألة واحدة... تحديداً لأن الأمر يتعلق بمعسكر أوشفيتز، يجب أن تتاح فرصة المشاركة في هذا الحدث الاستثنائي لكل شخص من إسرائيل، وكل ممثل لسلطات ذلك البلد».

ورداً على سؤال من قناة «تي في بي إنفو» الإخبارية المملوكة للدولة عما إذا كان نتنياهو يستطيع الاعتماد على ضمان من بولندا بعدم اعتقاله، قال نائب رئيس الوزراء كشيشتوف جافكوفسكي: «هذا الأمر ليس مطروحاً، لأن السيد نتنياهو لن يأتي إلى أوروبا».

وأحجم متحدث باسم نتنياهو عن التعليق. ولم يقل نتنياهو ما إذا كان سيشارك في الحدث. وكان قد حضر فعاليات سابقة في أوشفيتز.

ولقي أكثر من 1.1 مليون شخص، معظمهم من اليهود، حتفهم في غرف غاز أو بسبب الجوع والبرد والمرض في معسكر أوشفيتز، الذي أنشأته ألمانيا النازية في بولندا المحتلة خلال الحرب العالمية الثانية.

ويعتقد أن النازيين قتلوا أكثر من ثلاثة ملايين من أصل 3.2 مليون يهودي في بولندا بما يمثل نحو نصف عدد اليهود الذين قُتلوا في المحرقة (الهولوكوست).