نواب أوروبيون يريدون تحقيقاً دولياً في مأساة غرق سفينة للمهاجرين قبالة اليونان

سفينة المهاجرين التي غرقت قبالة سواحل اليونان (رويترز)
سفينة المهاجرين التي غرقت قبالة سواحل اليونان (رويترز)
TT

نواب أوروبيون يريدون تحقيقاً دولياً في مأساة غرق سفينة للمهاجرين قبالة اليونان

سفينة المهاجرين التي غرقت قبالة سواحل اليونان (رويترز)
سفينة المهاجرين التي غرقت قبالة سواحل اليونان (رويترز)

دفع نواب أوروبيون، اليوم الخميس، باتّجاه إجراء تحقيق مستقل في غرق سفينة كانت تقلّ مهاجرين قبالة سواحل اليونان، في كارثة يعتقد أن المئات قضوا فيها، واصفين التحقيق الداخلي اليوناني بأنه غير كاف.

ويرمي الموقف الذي لقي تأييد وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، إلى تسليط الضوء على حادثة يونيو (حزيران) حين غرقت سفينة محمّلة بما يتخطى قدرتها الاستيعابية خلال توجّهها من شمال أفريقيا إلى أوروبا.

وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون، أمام اللجنة البرلمانية الأوروبية: «هناك ربما 600 شخص» قضوا غرقاً و«نحو» 110 أشخاص تم إنقاذهم، بناء على معلومات وفّرتها السلطات اليونانية.

وأوضحت أن سفينة الصيد كان يستخدمها على ما يبدو مهرّبون مصريون أبحروا بها فارغة من مصر لنقل ما يصل إلى 750 شخصاً من ليبيا نحو أوروبا عبر البحر المتوسط، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأشارت إلى أن السفينة ضاقت بالمهاجرين الذين توزّعوا في أنحائها وفق المبالغ التي دفعوها، فتم «تكديس» باكستانيين في القسم السفلي والنساء والأطفال في القسم الأوسط، فيما أتيح «للمحظيين» البقاء في الأعلى.

وتم إرسال طائرة مزوّدة بكمية محدودة من الوقود ومن ثم مسيّرة للتحليق فوق السفينة، وفق ما أبلغ رئيس الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل «فرونتكس» هانز ليتينز اللجنة البرلمانية الأوروبية نفسها. والمسيّرة التي ابتعدت عن الموقع لمراقبة سفينة أخرى للمهاجرين على بعد ساعتين، عادت لتجد أن «السفينة غرقت».

وقال ليتينز: «عرضنا المساعدة، لكن أي استجابة لم ترد من السلطات اليونانية».

وقال عدد من الناجين إن جهاز خفر السواحل اليوناني تسبب بالكارثة بعدما ربط عناصره السفينة المنجرفة بحبل، ومن ثم انطلقوا بسرعة كبيرة.

لكن الحكومة اليونانية تنفي ذلك، وقد فتحت تحقيقين؛ الأول بحق مهرّبين تحمّلهم مسؤولية الكارثة، والثاني بحق خفر السواحل وتحديداً طريقة تعاملهم مع الواقعة.

وقالت النائبة الأوروبية بريجيت سيبل التي ترأست جلسة الاستماع في البرلمان الأوروبي إن «خطورة» المأساة تتطلب «تحقيقاً دولياً مستقلاً وشفافاً». ودعت اللجنة اليونان والمفوضية الأوروبية إلى إجراء تحقيق «على نحو عاجل»؛ للنظر في ما اتّخذه خفر السواحل اليونانيون و«فرونتكس» من خطوات على صلة بالالتزامات الدولية لجهة البحث والإنقاذ.

وشدّدت صوفي إينت فيلد، العضو في اللجنة البرلمانية الأوروبية، على أنه «من السذاجة القول إن السلطات اليونانية ستتولى هذا الأمر ويمكننا الوثوق بها».

ناجون من غرق السفينة (رويترز)

وتتّهم منظمات غير حكومية وجمعيات خيرية على غرار «أوكسفام» الاتحاد الأوروبي الذي ينظر حالياً في سبل تسريع عودة طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، بتطبيق سياسة «أوروبا الحصن».

وشدّد رئيس وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية مايكل أوفلاهرتي أمام اللجنة البرلمانية على ضرورة إجراء «تحقيق فعلي» لكشف ملابسات غرق سفينة المهاجرين قبالة اليونان.

وأشار إلى رصد «مشكلة» في كيفية تطبيق دول في الاتحاد الأوروبي «تفاهماً ينطوي على صرامة مفرطة» في تحديد الشروط التي يتعين توافرها لدفع هذه البلدان إلى إطلاق عمليات إنقاذ بحرية تلبية لموجباتهم الدولية.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

فجّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 في المائة من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.

إيلينا لاسكوني (52 عاماً) التي ستخوض الجولة الثانية في أثناء إدلائها بصوتها الأحد (إ.ب.أ)

وتراجع رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو الذي كان المرشح الأوفر حظاً، إلى المركز الثالث، بفارق نحو ألف صوت فقط عن لاسكوني (19.15 في المائة).

وحقّق جورجيسكو هذه النتيجة المفاجئة بعد أن أطلق حملة عبر تطبيق «تيك توك» ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحقّقت انتشاراً واسعاً خلال الأيام الماضية.

وعلّق جورجيسكو، الأحد، بالقول: «هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية».

وكان من المتوقع أن يبلغ الجولة الثانية جورج سيميون (38 عاماً)، زعيم تحالف اليمين المتطرف من أجل وحدة الرومانيين (أور)، لكنه حلّ رابعاً بـ13.87 في المائة من الأصوات. وهنّأ خصمه، معرباً عن سعادته بأن «سيادياً» سيترشح للجولة الثانية.

رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو يلقي خطاباً وهو محاط بكبار المسؤولين في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

وعوّل سيميون المعجب بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على خطاباته القومية، للاستفادة من غضب مواطنيه الذين يعانون الفقر بسبب التضخم القياسي.

كما أراد أن يُظهر نفسه معتدلاً؛ لكن ذلك «انعكس عليه سلباً بين الأكثر تطرفاً»، وفق ما قاله المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تصويت مناهض للنظام

وأشار المحلل بيرفوليسكو إلى أن «اليمين المتطرف هو الفائز الأكبر في هذه الانتخابات»؛ إذ نال أكثر من ثلث الأصوات، متوقعاً أن تنعكس هذه النتائج لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل. لكن حصول ذلك يؤشّر إلى مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف.

جورج سيميون (38 عاماً) زعيم تحالف اليمين المتطرف يتحدّث للإعلام في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

ويحكم الديمقراطيون الاشتراكيون، ورثة الحزب الشيوعي القديم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، حالياً في ائتلاف مع الليبراليين من حزب التحرير الوطني الذي هُزم مرشحه أيضاً.

وبات الرومانيون يعوّلون على المرشحين المناهضين للنظام، في ظل صعود الحركات المحافظة المتشددة في أوروبا، بعد عقد من حكم الليبرالي كلاوس يوهانيس، وهو من أشد المؤيدين لكييف. وتراجعت شعبيته لا سيما بسبب رحلاته المكلفة إلى الخارج المموّلة بالمال العام. ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في رومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبات لهذه الدولة الواقعة على حدود أوكرانيا دور استراتيجي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث ينتشر على أراضيها أكثر من 5 آلاف جندي من حلف «الناتو»، وتشكّل ممراً لعبور الحبوب الأوكرانية.

وتُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا المجاورتين. ويشغل رئيس الجمهورية منصباً فخرياً إلى حد كبير، لكنه يتمتع بسلطة معنوية ونفوذ في السياسة الخارجية. وتباينت المواقف حيال هذه النتائج في شوارع بوخارست، الاثنين. ورأى البعض فيها مفاجأة سارّة، مثل المتقاعدة ماريا شيس (70 عاماً) التي عدّت أن جورجيسكو «يبدو رجلاً نزيهاً وجاداً ووطنياً وقادراً على إحداث التغيير». وأوضحت أنها أُعجبت بمقاطع الفيديو التي نشرها على «تيك توك» مشيراً فيها إلى موقفه من الحرب في أوكرانيا وتعهّده بـ«السلام والهدوء». وأضافت: «انتهى الخنوع للغرب، وليُفسح المجال لمزيد من الاعتزاز والكرامة».

في المقابل، أعرب آخرون، مثل أليكس تودوز، وهو صاحب شركة إنشاءات، عن «الحزن وخيبة الأمل أمام هذا التصويت المؤيّد لروسيا بعد سنوات عدة في تكتلات أوروبية أطلسية». وعدّ أنه بمثابة تصويت ضد الأحزاب التقليدية التي لحقت بها حملة «تضليل» على الشبكات الاجتماعية أكثر من كونه موقفاً مؤيداً لـ«الكرملين». وحول الجولة الثانية، فقد أعرب عن خشيته من أن «الرومانيين ليسوا مستعدين لانتخاب امرأة (لاسكوني)»؛ لصد اليمين المتطرف في هذا البلد؛ حيث لا تزال النعرات الذكورية راسخة.