تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بالإعداد لشن هجوم وشيك على محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب أوكرانيا في كارثة قد تنشر التلوث الإشعاعي على مساحة كبيرة من أوروبا، كونها أكبر منشأة نووية في القارة وتحتوي على ستة مفاعلات. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن جهاز استخباراته تلقى معلومات «تفيد بأن الجيش الروسي وضع أشياء تشبه المتفجرات على أسطح العديد من وحدات المفاعل».
وبدوره حذر الكرملين الأربعاء من «عمل تخريبي» أوكراني محتمل تكون تداعياته «كارثية» على المحطة. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين إن تبعات أي تخريب للمحطة النووية قد تكون كارثية.
وقال بيسكوف، كما نقلت عنه «رويترز»: «الوضع يشوبه حالة من التوتر الشديد لأن هناك بالفعل تهديدا بنوع من التخريب من جانب نظام كييف، وقد يسفر ذلك عن عواقب قد تكون كارثية». وتابع قائلا: «أوضح نظام كييف مرارا استعداده لفعل أي شيء، لذلك يُجرى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتصدي لهذا التهديد». ولم يقدم دليلا يدعم تأكيد وجود تهديد أوكراني.
واتّهم مستشار وكالة روساتوم النووية الروسية رينات كارشا كييف بالتخطيط لشنّ هجوم على المنشأة. وقال كارشا في تصريح للتلفزيون الروسي: «اليوم تلقّينا معلومات أنا مخوّل لإعلانها... في الخامس من يوليو (تمّوز)، ليلاً، تحت جنح الظلام، سيحاول الجيش الأوكراني مهاجمة محطة زابوريجيا للطاقة النووية». واتّهم أوكرانيا بالتخطيط لاستخدام أسلحة عالية الدقّة، مضيفا «في عتمة الظلام في ليلة الخامس من يوليو، سيحاول الجيش الأوكراني الهجوم على محطة زابوريجيا باستخدام معدات توجيه طويلة المدى وطائرات مسيرة». ولم يقدم أي دليل يدعم هذا الزعم.
جاء في بيان للرئيس الأوكراني إثر محادثة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «نبّهت إيمانويل ماكرون إلى أن قوات الاحتلال تعدّ لاستفزازات خطيرة في محطة زابوريجيا»، وأضاف «اتّفقنا على إبقاء الوضع تحت السيطرة القصوى مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وفي مداخلته المسائية قال زيلينسكي، كما نقلت عنه فرنس برس، إن روسيا «ثبّتت أغراضا أشبه بالمتفجرات» في المنشأة، وفق معلومات استخبارية. وتابع «ربّما لمحاكاة هجوم على المنشأة. ربّما لديهم سيناريو آخر. لكن في كل الأحوال العالم يرى ذلك». وأضاف «الإشعاع تهديد للجميع في العالم».
وكان الجيش الأوكراني قد حذّر في وقت سابق الثلاثاء من «احتمال التحضير لعملية استفزازية على أراضي محطة زابوريجيا للطاقة في المستقبل القريب». وأشار إلى «أغراض خارجية أشبه بعبوات ناسفة وضعت على السقف الخارجي للمفاعلين الثالث والرابع» في الموقع. ولفت الجيش إلى أنّ «تفجيرها لا يفترض أن يلحق أضراراً بوحدات الطاقة لكنّه قد يوحي بتعرّضها للضرب من الجانب الأوكراني»، مشيراً إلى أنّ موسكو قد «تعمد إلى عملية تضليل بهذا الصدد».
استولت قوات روسية على محطة زابوريجيا في الأيام التالية للغزو الروسي للدولة المجاورة في فبراير (شباط) 2022 منذ سيطرة القوات الروسية، ويوجه كل طرف أصابع الاتهام للطرف الآخر باستمرار ضرب مناطق محيطة بالمحطة والمخاطرة بإحداث كارثة نووية كبرى.
وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ أكثر من عام للتوصل إلى اتفاق لضمان أن تكون منطقة المحطة النووية منزوعة السلاح والتقليل من مخاطر وقوع حوادث نووية محتملة.
وزار المدير العام للوكالة الذرية رفائيل غروسي المحطة ثلاث مرات منذ استيلاء روسيا عليها لكنه فشل في التوصل إلى اتفاق للحفاظ على سلامة المحطة من القصف.
وانتقد ميخايلو بودولياك المستشار السياسي للرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية على خلفية تعامله مع الوضع الحرج للمحطة. وقال بودولياك: «هذا الرجل غير كفء على الإطلاق في إدارة الخطر الرئيسي»، في إشارة إلى رفائيل غروسي. وقال بودولياك للتلفزيون الأوكراني مساء الثلاثاء، كما نقلت عنه فرنس برس، إن الوكالة «لديها نفوذ» على روسيا. وأضاف أن ممارسة ضغط على شركة روساتوم كان يمكن أن يؤدي لانسحاب روسي والتطهير من الألغام. وتحدث بودولياك عن «عرض هزلي» وأشار إلى غروسي بأنه «ذلك الشخص الهزلي».
وقال غروسي في فيينا مساء أمس الثلاثاء إن محطة زابوريجيا فقدت مجددا صلتها بخط الطاقة الرئيسي الخارجي، وبذلك تعتمد على الإمدادات البديلة المخزنة من خلال خط أقل قوة. وقالت الوكالة: «لم يتضح على الفور سبب انقطاع الكهرباء أو إلى متى سوف يستمر ذلك». وأضافت أن هناك حاجة للكهرباء، على سبيل المثال، لضخ مياه تبريد للمحطة.
وأوضح غروسي «هذه المرة تمكنت المحطة من تجنب خسارة كاملة لجميع إمدادات الكهرباء الخارجية، وهو ما حدث بالفعل عدة مرات خلال الصراع، ولكن آخر انقطاع لخط الكهرباء يوضح مجددا الوضع غير المستقر لسلامة النووية في المحطة».