تقرير: ما الدور الذي ستلعبه «فاغنر» في بيلاروسيا؟

صورة مأخوذة من فيديو يظهر قائد ميليشيا «فاغنر» يفغيني بريغوجين يلقي ببيان وهو يقف إلى جانب مقاتلي مجموعته في مكان غير محدد في أوكرانيا في 5 مايو 2023 (رويترز)
صورة مأخوذة من فيديو يظهر قائد ميليشيا «فاغنر» يفغيني بريغوجين يلقي ببيان وهو يقف إلى جانب مقاتلي مجموعته في مكان غير محدد في أوكرانيا في 5 مايو 2023 (رويترز)
TT

تقرير: ما الدور الذي ستلعبه «فاغنر» في بيلاروسيا؟

صورة مأخوذة من فيديو يظهر قائد ميليشيا «فاغنر» يفغيني بريغوجين يلقي ببيان وهو يقف إلى جانب مقاتلي مجموعته في مكان غير محدد في أوكرانيا في 5 مايو 2023 (رويترز)
صورة مأخوذة من فيديو يظهر قائد ميليشيا «فاغنر» يفغيني بريغوجين يلقي ببيان وهو يقف إلى جانب مقاتلي مجموعته في مكان غير محدد في أوكرانيا في 5 مايو 2023 (رويترز)

أمام يفغيني بريغوجين قائد ميليشيا فاغنر، وأمير الحرب السابق الذي وصل منفياً إلى بيلاروسيا الثلاثاء عقاباً على تمرده ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدوار محتملة في منفاه، وفق تقرير نشرته أمس (الأربعاء) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

فما الأدوار التي قد يلعبها يفغيني بريغوجين على رأس «فاغنر» في بيلاروسيا؟

 

مساعدة وتدريب الجيش البيلاروسي

رغم أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أكد أن ميليشيا «فاغنر» لن تكون قادرة على فتح مراكز تجنيد على أراضيها، فإنه يمكن استخدامها في الواقع لدعم الجيش النظامي البيلاروسي، بمهارات استشارية وتدريبية. وهذا ما أشارت إليه التصريحات الأخيرة للوكاشينكو، الذي أشاد بالجودة الفائقة والقوة القتالية لـ«فاغنر».

 

حارس لنظام ألكسندر لوكاشينكو؟

يرى أرنو دوبيان مدير المرصد الفرنسي الروسي، أنه يمكن للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو «أن تكون له مصلحة شخصية في وصول فاغنر إلى بلاده»، وأن يجعل «فاغنر» حارسه الرئاسي الجديد. ولا يستبعد الاختصاصي إمكانية أن يصبح لوكاشينكو الراعي الحصري أو الجزئي لشركة «فاغنر».

ولكن بعد ذلك ستنشأ مسألة الثقة. إذ يقول بافيل سلونكين، الدبلوماسي السابق والمتخصص في الشأن البيلاروسي في «مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» (ECFR): «يفضل الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أن يكون لديه رجال يسيطر عليهم: لست متأكداً من أنه يستطيع الوثوق بمرتزقة». بالمقابل، هل سيوافق رئيس «فاغنر» يفغيني بريغوجين على أن يكون «خاضعاً» لسلطة ما؟ فرغم أن «بريغوجين يدين ببقائه إلى لوكاشينكو ما يجعل لديه شكلاً من أشكال الولاء له»، وفق الاختصاصي أرنو دوبيان، فإنه مع ذلك، «من الصعب تخيل أن يقبل بريغوجين الذي أظهر دائماً حرية الكلام والتحرك، أن يتم التحكم فيه».

 

منع واحتواء التمرد البيلاروسي المحتمل؟

إذا كان على ميليشيا «فاغنر» توفير الأمن الرئاسي البيلاروسي، فقد يتعين عليها أيضاً أن تلعب دوراً في مكافحة التمرد المحتمل ضد نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي أدت إعادة انتخابه المتنازع عليها في عام 2020 إلى تعبئة داخلية ضخمة ضد نظام حكمه، وقد تمكن لوكاشينكو بمساعدة من موسكو من الاحتفاظ بحكم هش.

ويمكن أيضاً قمع حركات المعارضة البيلاروسية بقسوة من قبل مقاتلي «فاغنر».

كما أن وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا يقلق الجار البولندي الذي أعلن الثلاثاء، عبر الرئيس أندريه دودا، عن «إشارات سلبية للغاية» بسبب وصول «فاغنر» إلى بيلاروسيا. وأشار التقرير إلى أن مقاتلي «فاغنر» قد يستقرون في منطقة غرودنو البيلاروسية المتاخمة لبولندا. ويحذر بافيل سلونكين المتخصص في الشأن البيلاروسي من أن مقاتلي فاغنر «سيصبحون بالتالي قوة ردع ضد دول الناتو».

 

نزول نحو كييف؟

عن احتمال أن تستهدف ميليشيا فاغنر العاصمة الأوكرانية كييف انطلاقاً من الأراضي البيلاروسية، يقول بافيل سلونكين: «هذا ليس مستحيلاً، لكنه بعيد الاحتمال»، إذ يجب على «فاغنر» أن تجمع قوات كبيرة لهجومها، وليس هذا هو الحال في الوقت الحالي، خاصة أن الجيش الروسي النظامي (وعدده أضعاف عدد مقاتلي فاغنر) الذي كان متجهاً نحو كييف، هُزم في الأشهر الأولى من الحرب (العام الماضي) رغم أن الأوكرانيين لم يكونوا قد تلقوا بعد المعدات الغربية بكميات كبيرة، ولم يكونوا قد تخضرموا في الحرب.

ولفت التقرير إلى أن شمال أوكرانيا، الملغم والمحروس جيداً، سيقدم مقاومة شرسة ضد «فاغنر». ويضيف بافيل سلونكين: «يمكن لتحركات فاغنر، مع ذلك، أن تجبر الجيش الأوكراني على سحب جزء من قواته المستعدة للهجوم المضاد (في شرق أوكرانيا)، ما يخفف من الضغط الأوكراني على الجيش الروسي النظامي على الجبهة».

 

هل ينتقم بريغوجين من بوتين ويعود إلى روسيا؟

عد التقرير أن الانتقام يمكن أن يستمر في تحريك يفغيني بريغوجين. بحشد القوات، وإعادة التجهيز، قد يشن غارة بريغوجين جديدة ضد موسكو، للقضاء نهائياً على منافسيه داخل القيادة العسكرية الروسية. ولكن وفق الدبلوماسي والمتخصص في الشأن البيلاروسي بافيل سلونكين فإن «كلا من مينسك وموسكو لن تسمح بذلك». ويقول مدير المرصد الفرنسي الروسي أرنو دوبيان في هذا الإطار: «إنه أمر بعيد الاحتمال ومستبعد أكثر من هجوم لفاغنر على كييف». في الواقع، «سيحرص الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو على مراوغة بريغوجين، لتجنب زعزعة استقرار روسيا جارته وحليفته الرئيسية، لكن أيضاً حتى لا ينقلب عليه».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

أوروبا بريطانيا تفرض 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين لديهم صلات بمجموعة فاغنر (رويترز)

بريطانيا تصدر عقوبات جديدة على صلة بـ«فاغنر» الروسية

قالت الحكومة البريطانية، اليوم (الخميس)، إنها فرضت 46 عقوبة جديدة على روسيا بما في ذلك على مواطنين على صلة بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عناصر من القوات التركية تتولى تدريب قوات ليبية (وزارة الدفاع التركية)

​تقارير أممية تكشف عن تورط تركيا في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

كشفت تقارير للأمم المتحدة عن تورط شركة «سادات للاستشارات الدفاعية الدولية» التركية في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا وتجنيد آلاف المرتزقة السوريين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

قتلى وجرحى في هجوم للجيش المالي على مواقع للطوارق قرب بلدة جزائرية

القصف يدلّ على تصاعد التوتر منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو إلغاء «اتفاق السلام»، مطالباً الجزائر بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمالي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
خاص معمّر القذافي (رويترز)

خاص «تركة القذافي»... ليبيا منقسمة وعملية سياسية ميتة

تغيَّرت ليبيا كثيراً منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. فشل الليبيون في إقامة نظام جديد أفضل منه. ولكن من هم المتنافسون على تركة القذافي؟

كميل الطويل (لندن)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)
المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

فجّر المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو، الاثنين، مفاجأة مدوية بتصدّره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حسب النتائج شبه النهائية، وسينافس سياسية مغمورة في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وبعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات، حصل كالين جورجيسكو (62 عاماً) المنتمي إلى اليمين المتطرف، والمعارض لمنح أوكرانيا المجاورة مساعدات والمناهض لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على 22.94 في المائة من الأصوات، متقدماً على إيلينا لاسكوني (52 عاماً)، وهي رئيسة بلدية مدينة صغيرة تترأس حزباً من اليمين الوسط وحلّت في المركز الثاني بـ19.17 في المائة من الأصوات في الانتخابات التي أُجريت، الأحد.

إيلينا لاسكوني (52 عاماً) التي ستخوض الجولة الثانية في أثناء إدلائها بصوتها الأحد (إ.ب.أ)

وتراجع رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو الذي كان المرشح الأوفر حظاً، إلى المركز الثالث، بفارق نحو ألف صوت فقط عن لاسكوني (19.15 في المائة).

وحقّق جورجيسكو هذه النتيجة المفاجئة بعد أن أطلق حملة عبر تطبيق «تيك توك» ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحقّقت انتشاراً واسعاً خلال الأيام الماضية.

وعلّق جورجيسكو، الأحد، بالقول: «هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية».

وكان من المتوقع أن يبلغ الجولة الثانية جورج سيميون (38 عاماً)، زعيم تحالف اليمين المتطرف من أجل وحدة الرومانيين (أور)، لكنه حلّ رابعاً بـ13.87 في المائة من الأصوات. وهنّأ خصمه، معرباً عن سعادته بأن «سيادياً» سيترشح للجولة الثانية.

رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا مارسيل شيولاكو يلقي خطاباً وهو محاط بكبار المسؤولين في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

وعوّل سيميون المعجب بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، على خطاباته القومية، للاستفادة من غضب مواطنيه الذين يعانون الفقر بسبب التضخم القياسي.

كما أراد أن يُظهر نفسه معتدلاً؛ لكن ذلك «انعكس عليه سلباً بين الأكثر تطرفاً»، وفق ما قاله المحلل السياسي كريستيان بيرفوليسكو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تصويت مناهض للنظام

وأشار المحلل بيرفوليسكو إلى أن «اليمين المتطرف هو الفائز الأكبر في هذه الانتخابات»؛ إذ نال أكثر من ثلث الأصوات، متوقعاً أن تنعكس هذه النتائج لصالح اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد المقبل. لكن حصول ذلك يؤشّر إلى مفاوضات صعبة لتشكيل ائتلاف.

جورج سيميون (38 عاماً) زعيم تحالف اليمين المتطرف يتحدّث للإعلام في بوخارست الأحد (إ.ب.أ)

ويحكم الديمقراطيون الاشتراكيون، ورثة الحزب الشيوعي القديم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، حالياً في ائتلاف مع الليبراليين من حزب التحرير الوطني الذي هُزم مرشحه أيضاً.

وبات الرومانيون يعوّلون على المرشحين المناهضين للنظام، في ظل صعود الحركات المحافظة المتشددة في أوروبا، بعد عقد من حكم الليبرالي كلاوس يوهانيس، وهو من أشد المؤيدين لكييف. وتراجعت شعبيته لا سيما بسبب رحلاته المكلفة إلى الخارج المموّلة بالمال العام. ويرى خبراء أن اليمين المتطرف استفاد من مناخ اجتماعي وجيوسياسي متوتر في رومانيا المنضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبات لهذه الدولة الواقعة على حدود أوكرانيا دور استراتيجي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث ينتشر على أراضيها أكثر من 5 آلاف جندي من حلف «الناتو»، وتشكّل ممراً لعبور الحبوب الأوكرانية.

وتُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا المجاورتين. ويشغل رئيس الجمهورية منصباً فخرياً إلى حد كبير، لكنه يتمتع بسلطة معنوية ونفوذ في السياسة الخارجية. وتباينت المواقف حيال هذه النتائج في شوارع بوخارست، الاثنين. ورأى البعض فيها مفاجأة سارّة، مثل المتقاعدة ماريا شيس (70 عاماً) التي عدّت أن جورجيسكو «يبدو رجلاً نزيهاً وجاداً ووطنياً وقادراً على إحداث التغيير». وأوضحت أنها أُعجبت بمقاطع الفيديو التي نشرها على «تيك توك» مشيراً فيها إلى موقفه من الحرب في أوكرانيا وتعهّده بـ«السلام والهدوء». وأضافت: «انتهى الخنوع للغرب، وليُفسح المجال لمزيد من الاعتزاز والكرامة».

في المقابل، أعرب آخرون، مثل أليكس تودوز، وهو صاحب شركة إنشاءات، عن «الحزن وخيبة الأمل أمام هذا التصويت المؤيّد لروسيا بعد سنوات عدة في تكتلات أوروبية أطلسية». وعدّ أنه بمثابة تصويت ضد الأحزاب التقليدية التي لحقت بها حملة «تضليل» على الشبكات الاجتماعية أكثر من كونه موقفاً مؤيداً لـ«الكرملين». وحول الجولة الثانية، فقد أعرب عن خشيته من أن «الرومانيين ليسوا مستعدين لانتخاب امرأة (لاسكوني)»؛ لصد اليمين المتطرف في هذا البلد؛ حيث لا تزال النعرات الذكورية راسخة.